Перейти к основному содержанию

"لقد تميز الرئيس الشهيد محمد عبد العزيز برجاحة العقل وبعد النظر والعمق في الطرح والتحليل الموضوعي والاتزان" (الوزير الأول)

Submitted on

ولاية الداخلة 09 يوليو 2016 (واص) – أكد الوزير الأول ، عضو الأمانة الوطنية السيد عبد القادر الطالب عمر ان الرئيس الراحل الشهيد محمد عبد العزيز تميز برجاحة العقل وبعد النظر والعمق في الطرح والتحليل الموضوعي والاتزان.  
وأضاف عبد القادر الطالب في كلمته التأبينية في الحفل الذي نظمته الأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو على روح الشهيد محمد عبد العزيز في المؤتمر الاستثنائي الذي اختتم أشغاله اليوم بولاية الداخلة أن الشهيد يمتاز "بالكاريزما وقوة الشخصية والنضج الانفعالي، والنزاهة الفكرية، وعمق الرؤية، فسخر كل هذه الخصال والمزايا المحمودة في خدمة الشعب والوطن ،كما كانت تحذوه الثقة في النصر ومحاربة اليأس .
نص الكلمة
بسم الله الرحمن الرحيم
    قال تعالى:( كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) صدق الله العظيم. آل عمران الآية 185.
 لا شيء أصعب علينا من فقدان عزيز لنا، إذ لاتوجد كلمات للتعبير عما بداخلنا، ولا يسعنا سوى أن نرضى بقضاء الله وقدره.
     تمر اليوم  40 يوما على فراق الشهيد: محمد عبد العزيز، وهي فترة الحداد المقررة ،والتي رغم انقضائها وتعاقب الزمن من بعدها فإنه سيظل في الأنفس باقيا، وستبقى ذكراه مخلدة ومآثره في العقول والوجدان ،طيلة فترة حياته التي طبعها بمناقبه الرفيعة وعطاءاته اللامحدودة حتى آخر رمق من حياته وانتقاله إلى دار القرار، فإن كان الوداع والفراق جسميا، فإنه باق فينا روحيا وفكريا ومسلكيا.
   ما زالت صورتك البهية أمام أعيننا وكأنك لم ترحل، نشعر بروحك الطاهرة النقية تطوف هذا المكان، وصدى صوتك الذي يزرع الامل، وطيف يديك المفتوحتين لاحتضان الجميع كعادتك، مازال كل ذلك حاضراً فينا بقوة وسيبقى.
      ماذا عسانا أن نقول في البداية ـ والحديث ذو شجون ـ في حق الشهيد الراحل محمد عبد العزيز، خاصة وقد تسابق المعزون والمؤبنون من كل حدب وصوب ،وتعددت صور الرثاء والتأبين والعزاء وتسامت في تبيان المناقب والتمجيد في أرقى صوره ،كما قال الشاعر :
       ما ذا أقول ...وقد قال المحبونا                     ما طاب في الذكر تمجيدا وتأبينا
        إن استجماع واستحضار فضائل ومناقب الشهيد أمر جلل وشأن عظيم،ذلك أن الفقيد جامع للفضائل والمحامد الخلقية والفكرية،لقد حباه الله بطاقات وقدرات متميزة أرتقت به إلى قمة المجد وذرى العمل والعطاء والتضحية،لقد تمكن الشهيد من ترجمة النظريات إلى أفعال والأخلاقيات إلى سلوكيات وارسى لنفسه ولغيره مدرسة ونهجا سليما لمن أراد أن يعمل لدينه ووطنه وقضيته، ومما عرف عنه من صفات شخصية تميز بها، مستوحاة كلها من إيمانه الراسخ بالله، منها: الصبر، التواضع مع القوة، الحلم، العفو مع الحزم، الاحتاكم للشورى الدائمة وعدم الاستبداد بالرأي، تأسيا بقول الله في حق نبيه :( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فأعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين )صدق الله العظيم،آل عمران،الآية:158.
      لقد تميز الرئيس الشهيد برجاحة العقل وبعد النظر والعمق في الطرح والتحليل الموضوعي والاتزان
والكاريزما وقوة الشخصية والنضج الانفعالي، والنزاهة الفكرية، وعمق الرؤية، فسخر كل هذه الخصال والمزايا المحمودة في خدمة الشعب والوطن ،كما كانت تحذوه الثقة في النصر ومحاربة اليأس، وزرع الأمل الدائم لمحاربة القنوط ،المواساة وتقديم التعازي للجميع، صفات تحلى بها شهيدنا ورئيسنا هذا القائد الشهم الذي عاش واقفا كالطود لا يتزحزح ولايلين، ومات واقفا شامخا كما يموت الرجال الأبطال. لقد استحوذت القضية الوطنية على قلبه ووجدانه وعقله، فكرس لها وقته كل وقته وجهده كل جهده ،حتى آخر رمق في حياته.
       لقد تميز الرئيس الشهيد بالشجاعة في محاربة العدو والتخطيط والتميز في القيادة العسكرية وتوجيه الضربات القاتلة في مواقع قوة العدو، كما تحلى بالقدرة على الإقناع وتقديم الحجة في العمل الدبلوماسي وإقناع الآخرين بعدالة القضية الوطنية، التي عمل على إبقائها حاضرة بقوة على الساحة الدولية رغم العراقيل المتكررة والمتواصلة لمسلسل السلام من طرف المحتل المغربي، وذلك بإبداع الأساليب النضالية واعتماد أوراق أخرى للمقاومة السلمية والبرامج الثقافية والرياضية بإسهام وتعبئة الحركة التضامنية، كما شكلت الدبلوماسية الرسمية والشعبية، نماذج ظلت القضية حية ومتجددة من خلالها.
       إذا كانت هذه بعض الصفات الدائمة للشهيد الراحل الرئيس محمد عبد العزيز، فإنه من الجدير التنويه بالسياسات العامة التي رسمها وانتهجها في إدارته للحركة والدولة، وفي صدارة ذلك الحرص على الوحدة الوطنية، والإسراع في سد الثغرات على أي مستوى للحفاظ على الانسجام، كما أولى عناية فائقة لملفات الشباب والطلبة والنساء والدعوة لإشراك هذه الفئات في العمل بما يفضي لتفعيل المؤسسات لتأخذ أدوارها ولتضطلع بالصلاحيات بما يخدم التكامل بينها، كما شكل العمل المنتج وتشجيع روح التطوع ديدنه والمبادرة بقيادته والمشاركة الشخصية الفاعلة فيه .
         وسعيا منه لضمان التواصل حرص رحمه الله على تدريب وتكوين وتأهيل الشباب ومدهم بمختلف المعارف والخبرات باعتباره الضمانة الحقيقية لمستقبل الثورة حيث ظلت الأجيال تتخرج سنويا من المدارس العسكرية والمدنية والجامعات والمعاهد بمختلف دول العالم تضخ دماء متجددة في مؤسسات الحركة والدولة وتشحنها بأسباب الديمومة والاستمرار.
     لقد ظل الحرص على جمع أسباب الصمود شغله الشاغل بتوفير الوسائل الضرورية للحياة، من خلال المؤسسات المختصة المتعددة التي تقدم الخدمات المختلفة للمواطن في جوانبها الإدارية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، لقد رحل عنا ومقومات الدولة الصحراوية قائمة بكامل سلطاتها وأجهزتها: التنفيذية والتشريعية والقضائية ،إلى جانب المجالس الأخرى، كما توسعت خريطة انتشار التمثيل الدبلوماسي عبر كافة القارات، وتمددت فروع جالياتنا في الخارج، وترسخ وجود القوة العسكرية الضاربة من خلا ل جيش التحرير الشعبي الصحراوي ونواحيه بالأراضي المحررة ،إلى جانب رعايته الدائمة لنضالات جماهيرنا بالأرض المحتلة وجنوب المغرب والمواقع الجامعية ومتابعتها الدقيقة ساعة بساعة لتتكامل مع نضالا ت الشعب الصحراوي في مختلف تواجداته.يتعزز كل ذلك بقرارات دولية تؤكد حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال واعترافات بالجمهورية وأكثر من ذلك  بالجبهة الشعبية كممثل وحيد وشرعي للشعب الصحراوي رغم الموارد البشرية والمادية والإعلامية التي يسخرها العدو لمواجهتنا في كل هذه الجبهات.
      وبهذا فإن الشهيد القائد الرمز رحل عنا وترك لنا ـ بهذه العوامل مجتمعة ـ ضمانات للنصر  لا يمكن حصرها، نورد منها على سبيل الذكر : تجربة قوية في الميدان العسكري والدبلوماسي،وفي المقاومة السلمية وترك لنا النظم والقوانين التي تضمن للجبهة الانتقال والتحول والتكيف مع الظروف والأوضاع والقدرة على استيعاب الصدمات والخروج من الأزمات.
إن فاجعة رحيله كانت أحد الأسباب التي عمقت اللحمة الوطنية، وأبانت عن الوطنية الراسخة في أعماق كل الصحراويين، الذين هبوا جميعاً، ومن مختلف مواقع تواجدهم، بتلقائية وعفوية على قلب واحد ملؤه التقدير والإكبار والعرفان لدوره المميز ومقامه الرفيع، وأظهرت التضامن الواسع والتجاوب المنقطع النظير تقديرا لمكانته المرموقة، ولكفاح الشعب الصحراوي وقضيته العادلة على مستوى مختلف قارات العالم وشعوبه، ولازالت الردود تترى تباعا: من مختلف قارات العالم وفي مقدمتها إفريقيا إنها مناسبة مواتية لنثمن أيما تثمين ما أبانت عنه الجزائر على أعلى المستويات واشملها وأعمقها من تجاوب ومواساة، وموريتانيا: قيادة وشعبا،وكذا دول الجوار، وأمريكا اللاتينية، والمنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة والحركة التضامنية الواسعة ومختلف وسائل الإعلام الدولية والمنظمات الحقوقية وغيرها.
       لقد خدم الشهيد الراحل القضية حيا، وخدمها وهو ينتقل إلى الرفيق الأعلى في سموق  وتسامي إلى مثواه الأخير بالأراضي المحررة أين سيظل يزعزع النظام المغربي ويقض مضاجعه لما يمثله من رمزية وإرتباط  للصحراويين بأرضهم وتشبثهم بالدفاع عنها.
     ها هو يغادرنا قائدا عظيما قدم النموذج الفذ للمجاهد الذي إرتدى كفنه عباءة للقيادة وظل بحق مشروع شهادة وتقدم  الناس إلى واجبه ،فأحبه الناس حيا وبكوه شهيدا ثم جعلوه في ضمائرهم نموذجا وقدوة.،لقد رحل عنا متمثلا  قول الشاعر:
      سأحمل روحي على راحتي                 وألقي بها في مهاوي الردى
      فإما حياة تسر الصديق                    وإما ممات يغيظ العــــــــــــدى
      ودعنا بعد أن أدى الأمانة ،واستنفذ جهده وعمره في التضحية والجهاد ولسان حاله يقول:
       تقتضي البطولة أن نمد جسومنا            جسرا فقل لرفاقنا أن يعبروا
       شاءت الأقدار أن تظل في الأعمار بقية من بعده، ونسأل الله أن يعيننا على أن نكون خير خلف لخير سلف ،وقد ترك لنا هذا الرصيد الحافل وما يمليه ذلك من مسؤوليات جسيمة، إنه رصيد يملي علينا الوفاء لهذا التاريخ الناصع الذي ينبغي الحفاظ عليه وتنميته وتمجيده، بما يعنيه ذلك من إخلاص للخط الذي رسمه الراحل وقوافل شهداء الثورة، وفي مقدمتهم شهيد الحرية والكرامة :الولي مصطفى السيد الذي مرت علينا منذ فترة الذكرى الأربعين لرحيله رحمه الله وجميع شهدائنا في كل وقت، وهي مناسبة لتمجيد التاريخ، واستحضار المآثر التي رصعت مسيرة الشعب الصحراوي منذ ذلك اليوم الذي أصبح مميزا بيوم الشهداء إذ باستشهاده كمفجر للثورة ترك لنا مآثر حافلة بالمكاسب في تلك المرحلة الحساسة من عمر الحركة والدولة وما يميزها من ظروف صعبة عمقها رحيله المبكر، ولكن مثاله هون تجاوز تلك الصعاب وأعطانا الحوافز للاستمرار، كما هو الشأن بالنسبة للزعيم المؤسس للمنظمة الطليعية لتحرير الصحراء ،ومفجر انتفاضة الزملة الفقيد محمد سيد إبراهيم بصيري،الذي كان مثالا في العطاء والتضحية والإبداع في نشر الوعي وزرع الروح الوطنية ،هذا الفقيد الذي نترحم عليه أيضاً بالمناسبة التي نؤبن فيها رئيسنا وقائدنا الشهيد محمد عبد العزيز ونسأل الله جل في علاه أن يتغمدهم جميعا في جنات الفردوس مع قوافل الشهداء البررة من أبناء هذا الشعب المعطاء.
      لقد ظل رغم المرض الذي الم به يتابع ويوجه ويصدر التعليمات إلى آخر رمق من حياته، إن خير ما نقوله في هذا المقام للشهيد الهمام بعد أربعين يوم من وداعه: نم قرير العين هادئ البال يا سيد الرجال، فللثورة أبناء وبنات من شعب أبي مقدام"وأجيال تتلاحق على هذه القضية حتى إنتزاع النصر "كما قلت في إحدى خطاباتك التاريخية، لقد ثابرت وصبرت حتى تراءت لك تباشير النصر  حقيقة مشهدية تترجمها الدولة المؤسساتية التي لا  تزول بزوال الرجال.
       إني رأيت في الأيام تجربة                 للصبر عاقبة محمـــــودة الأثر
       وقل من جد في أمر يحاوله              واستصحب الصبر إلا  فاز بالظفر
   ولعله من جميل الصدف وجليل الفرص تزامن انعقاد مؤتمر الشهيد وتمام أربعينيته التي نؤبنه في نهايتها بعد تتويج المؤتمر بالنجاح في تحقيق الأهداف المرجوة منه، والتي جسدت بحق تطلعات  شعبنا  المكافح وكل  الحلفاء والأصدقاء في العالم، لننطلق بعزيمة فولاذية على نفس الدرب الذي اختطه الشهيد وقوافل الشهداء البررة ،وكلنا: قوة ،تصميم وإرادة لفرض الاستقلال والسيادة.
      في الأخير لا نقول لأنفسنا وللعائلة الصغيرة في رثاء شهيد وفقيد الشعب الصحراوي والمحبين للسلم والعدالة والحرية من أحرار العالم قاطبة، إلا ما أمرنا به المولى جل جلا له في محكم تنزيله (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) صدق الله العظيم،الآ ية:23 من سورة الأحزاب.
 نم قرير العين أيها الصادق المخلص، يا ذا النفس المطمئنة، فإذا كان الله قد قضى أن تترجل الآن فسيحمل الراية اليوم وغداً فرسان أوفياء للعهد، مستكملين الدرب،درب الحرية والاستقلال.
ومسك الختام هذا الدعاء لك ولكل شهيد من شهدائنا البررة: اللهم أرحمه رحمة واسعة، وأدخله فسيح جناتك، اللهم أغفر له وأرحمه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله وبدله دارا خيرا من داره وأهلا  خيرا من أهله، اللهم أغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. اللهم انزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.ا للهم نور قبره، يمن كتابه ويسر حسابه وثقل بالحسنات ميزانه، اللهم أفسح له في قبره مد بصره وافرش له فراشا من الجنة،(وكل شهدائنا أجمعين). آمين يارب العالمين.
       المجد والخلود والعزة لشهداء القضية الوطنية،والخزي والعار والشنار للأعداء وللمتخاذلين والخونة الأنذال،و لا نامت أعين الجبناء.
قوة تصميم وإرادة لفرض الاستقلال والسيادة. (واص)
090/105