كامبالا (أوغندا) 10 يناير 2022 (وأص)- نشرت اليوم الإثنين المجلة الأوغندية "نيو فيجن" مقالا مطولا للدبلوماسي الصحراوي السفير لدى دولة أوغندا السيد حمادي البشير، بعنوان "الإتحاد الأفريقي وعضوية المملكة المغربية، هل حان وقت الندم على هذا القرار؟".
وذكر المقال بخروج المملكة المغربية من منظمة الوحدة الافريقية انذاك طواعية، وذلك احتجاجا على عضوية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وهي عضو مؤسس للمنظمة القارية. كما تطرق الى الحملة الشعواء التي قادها المغرب سنة 2016 من أجل الرجوع الى المنظمة القارية والتي كان قد صرح بأنه لا يشرفه الإنضمام إليها.
وفيما يلي نص المقال:
"في سنة 2016 قام المغرب بحملة شعواء وهجمة غير مسبوقة تجاه القارة الأفريقية التي كثيرا ما يفتخر بأنه لا يشرفه الإنتماء إليها وأن علاقاته مع أوروبا أفضل له وأكثر إيجابية، وبدأ الملك المغربي بنفسه زيارات ماراطونية شملت العديد من الدول من مختلف أقاليم القارة وقع فيها العديد من المعاهدات وأعطى الكثير من الوعود التي لم يتم تنفيذها من أجل حشد الدعم لإنضمامه للمنظمة القارية الإتحاد الأفريقي التي غادرها بإرادته في ثمانينيات القرن الماضي إحتجاجا على عضوية الجمهورية الصحراوية، وهو ما تم مع بداية سنة 2017 حين عاد إلى حضن المنظمة دون تغير في سبب المغادرة، وجلس جنبا إلى جنب مع العضو المؤسس الجمهورية الصحراوية التي يحتل بشكل غير قانوني ومخالف لميثاق الإتحاد أجزاءا من ترابها الوطني.
قبل قبول عضوية المغرب في المنظمة القارية إحتدم نقاش ساخن بين الدول الأعضاء كاد أن يعصف بوحدة الإتحاد، قسم من الدول تطالب بالتمسك بمبادئ الميثاق وترك المملكة المغربية خارج المنظمة إلى أن تحترم حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، ومجموعة أخرى – يبدو أنها لا تعرف طبيعة النظام المغربي التوسعية- ألحت على قبول عضويته متحججة بأنه سيكون أكثر إيجابية داخل العائلة الأفريقية. وقد ظهرت مؤخرا وثائق رسمية توثق الرشاوى والإغراءات التي قدمها المغرب للعديد من الدول الأفريقية مقابل التصويت على عضويته في المنظمة.
قوبلت عضوية المغرب بالكثير من الحفاوة والترحيب في قاعة القمة الأفريقية، وفي خطابه أمام قمة القادة الأفارقة قدم الملك المغربي (القمة الوحيدة التي شارك فيها) بنفسه الكثير من الشعارات الفارغة والوعود الكاذبة متسترا على الخفايا الفعلية وراء العودة للمنظمة، وبعد مدة قصيرة ظهرت النوايا الحقيقية والأهداف الخبيثة التي كان يضمرها نظام المخزن المغربي ويعمل على تحقيقها من داخل قبة الإتحاد الأفريقي والتي لم تكن سوى محاولات يائسة للتأثير على عضوية الدولة الصحراوية وتفكيك إجماع المنظمة على التشبث بقيم القارة ومبادئ الميثاق وصيانة حق الشعوب في الحرية والكرامة.
أشهر قليلة بعد عضوية المملكة المغربية في الإتحاد الأفريقي، قرر مجلس السلم والأمن في المنظمة إستدعاء الدولتين العضوين الجمهورية الصحراوية والمغرب لمناقشة خلافاتهما أمام الهيئة وإيجاد حل ينهي خرق المغرب للميثاق الأفريقي وإنسحابه من الأراضي التي يحتلها بالقوة من تراب الجمهورية الصحراوية وهو ما ينص عليه مخطط التسوية الأفريقي الأممي سنة 1988 والذي وافق عليه الطرفان وعرقله المغرب لمدة أكثر من ثلاثة عقود. حضرت الجمهورية الصحراوية وغابت المملكة المغربية دون تقديم أسباب.
في قمة الشراكة الأفريقية مع اليابان المنعقدة في العاصمة الموزمبيقية مابوتو في صيف 2017 إضطر الأمن الموزمبيقي لإبعاد الوفد المغربي برئاسة وزير الخارجية ناصر بوزيطة عن بوابات قاعة المؤتمر حيث سعى بالقوة لمنع وفد الجمهورية الصحراوية من المشاركة في خرق سافر لقوانين وإجراءات المنظمة التي تكفل الحق السيادي لجميع الأعضاء، وقدم بذلك صورة بشعة عن أخلاق أفريقيا أمام الحضور الياباني الذي كان ينظر بدهشة وتعجب للمناوشات والمشادات والملاسنات وقلة حياء الوفد المغربي، وكان المشهد يشبه عراك في أدغال القارة وليس لقاءا دبلوماسيا مع قارة تحترم نفسها.
منذ إنضمامه سنة 2017 إلى العائلة الأفريقية قام النظام المغربي بالدوس على ميثاق الإتحاد في كل تصرفاته، وأستدرج بعض الدول الأفريقية لتشاركه هذا الخرق السافر من خلال فتح قنصليات شكلية في المدن التي يحتلها من الجمهورية الصحراوية وهو ما يتنافى ويتعارض بشكل صارخ مع مبادئ القارة التي تدعو جميع الدول الأعضاء إلى إحترام سيادة بعضها بعضا، فلم يكتفي النظام المغربي التوسعي في خرقه منفردا لقيم المنظمة بل جر معه العديد من الدول الأعضاء ليوقعها عمدا في تكسير روح الإتحاد.
مع نهاية العام 2020 أقدمت المملكة المغربية على نسف كل ما تبقى لها من مصداقية، ورمت عرض الحائط بكل قيم ومبادئ الإتحاد الذي سعت بكل السبل الشرعية وغير الشرعية للإنضمام إليها من خلال خرقها السافر والمعلن وبقوة السلاح لإتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته مع الجمهورية الصحراوية بإشراف أفريقي أممي سنة 1991 مسببة بذلك إندلاع الحرب من جديد في شمال غرب القارة، وضاعفت من إنتهاكات حقوق الشعب الصحراوي، وقتلت القوات المغربية العشرات من المدنيين، وأستمرت في نهب ثروات الإقليم، ومنعت المراقبين الأفريقيين والدوليين من دخوله.
الآن إتضح جليا أن سعي المغرب للإنضمام إلى العائلة الأفريقية لم يكن من أجل مصلحة القارة، ولا سعيا لإستباب السلم فيها، ولا محاولة للنهوض بها سياسيا ولا تنمويا، ومن خلال التصرفات المشينة التي أقدم عليها ولا يزال يثبت النظام المغربي لمجموعة الدول التي نادت بمنحه العضوية أنها كانت على خطأ، وأن من طالبوا برفضه كانوا على صواب.
كل ما قامت به المملكة المغربية من خروقات فاضحة لجوهر وروح الميثاق الأفريقي يبين أن المنظمة ستندم على إتخاذ قرار غير مدروس ومنح للمغرب عضوية غير مستحقة. من المنتظر أن تنعقد قمة الإتحاد الأفريقي هذا العام مع بداية شهر فبرائر وهي فرصة للتكفير عن الذنب من طرف القارة ووقف تعنت المغرب الذي لا مبرر له، وإرغامه على إحترام مبادئ ومواثيق المنظمة وتمكين الجمهورية الصحراوية من إستكمال تصفية الإستعمار المغربي منها."
090/110 وأص