Перейти к основному содержанию

نص خطاب رئيس الجمهورية الأمين العام لجبهة البوليساريو بمناسبة الذكرى الأربعين لإعلان الجمهورية

Submitted on

الشهيد الحافظ 26 فبراير 2016 ( واص ) - وجه رئيس الجمهورية الأمين العام لجبهة البوليساريو السيد محمد عبد العزيز ، مساء اليوم الجمعة خطابا بمناسبة الذكرى الأربعين لإعلان الجمهورية ، جاء فيه :

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الإخوة والأخوات

تنقضي اليوم أربعون عاماَ على تأسيس الجمهورية الصحراوية، ولا بد في المستهل أن نتوقف وقفة ترحم وإجلال وتقدير على روح مؤسس الدولة الصحراوية، شهيد الحرية والكرامة، الرمز الخالد، الولي مصطفى السيد.

فإعلان الدولة الصحراوية هو تتويج لتضحيات شعبنا عبر العصور ومقاومته التي قادها أبطال أمثال محمد سيد إبراهيم بصيري، وامتدت في مسيرة مظفرة منذ إعلان الكفاح المسلح، قدم خلالها الشعب الصحراوي التضحيات الجسام وقوافل من الشهيدات والشهداء البررة.

 

لقد كانت ظروف النشأة والتأسيس غاية في الصعوبة والتعقيد، حيث كان على الصحراويين اتخاذ قرار حاسم وعاجل في مواجهة مؤامرة دنيئة قادتها سلطات الاستعمار الإسباني، بالتعاون مع نظام الاحتلال المغربي، من خلال اتفاقيات مدريد اللصوصية التي كانت ترمي إلى القضاء على شعب بأكمله ومصادرة وطنه وحقه في الوجود والاستقلال.

 

وهكذا شكل إعلان الدولة الصحراوية نقطة تحول جذرية في كفاح الشعب الصحراوي، حيث جسدت، بعد إعلان الوحدة الوطنية، اختياراً مشروعاً لا رجعة فيه بإقامة الكيان الوطني المستقل، الجامع لكل الصحراويات وكل الصحراويين، أينما تواجدوا، لتنطلق مسيرة دولة فتية فريدة من نوعها، وُلدت من رحم المعاناة والتضحيات والصمود، وترعرعت وتطورت في خضم حرب تحريرية ضروس.

 

وبخطوات ثابتة، عززت الدولة الصحراوية بنياتها التنظيمية والإدارية، السياسية والدبلوماسية، ومؤسساتها التنفيذية والقضائية والتشريعية، وأقامت النظم الكفيلة بضمان أهم الخدمات، بالتركيز على الصحة والتعليم والتكوين، والتوفير المنتظم لاحتياجات المواطنين الأساسية.

 

وفي ظل استراتيجية واضحة لجبهة البوليساريو، ترتكز على بناء الإنسان أولاً، كعامل حاسم في معركة مصيرية تجمع بين التحرير والبناء، حرصت الدولة الصحراوية على بناء مجتمع عصري متفتح، يؤمن بمثل الحرية والديمقراطية والمساواة. وفيما تحتل المرأة الصحراوية مكانة ريادية ومتميزة داخل المجتمع وفي مختلف المؤسسات وقطاعات التسيير الحيوية، ظل الشباب عنواناً مركزياً في سياسات وبرامج الدولة الصحراوية، على الرغم من ظروف الحرب ومحدودية الإمكانيات.

 

وتعزز الحضور الميداني لمؤسسات وهيئات الدولة الصحراوية التي تمارس سيادتها على أراضيها المحررة وتدير باقتدار مخيمات اللاجئين الصحراويين، بالمكانة الدبلوماسية المستحقة، بعد أن اعترفت بها أكثر من ثمانين دولة في العالم، وأصبحت عضواً مؤسساً كامل الحقوق في المنظمة القارية الإفريقية، الاتحاد الإفريقي.

 

بعد أربعين عاماً من تأسيسها، ها هي الدولة الصحراوية تستوفي اليوم كل شروط العضوية في الهيئات والمنظمات الدولية. وإننا لنوجه نداء في هذا العيد الأربعين إلى كل دول العالم من أجل المسارعة إلى الاعتراف بالجمهورية الصحراوية، ودعم عضويتها في الأمم المتحدة، إحقاقاً للحق ودعماً للسلام واستكمالاً لتصفية الاستعمار من القارة الإفريقية.

سيكون ذلك قراراً سليماً وحكيماً، لأن الدولة الصحراوية المستقلة الكاملة السيادة على ترابها الوطني هي عامل اعتدال وتوازن واستقرار في المنطقة وستكون، بنهجها الديمقراطي المنفتح وشعبها الواعي والمسالم، صلة وصل وقوة تماسك والتحام بين شعوب وبلدان المنطقة.

 

وبهذه المناسبة، نبعث برسالة أخوة إلى الشعب المغربي الشقيق وحكومته، وندعوه لنعمل معاً للإسراع بتنظيم استفتاء حر، نزيه وشفاف للشعب الصحراوي، حددت الأمم المتحدة لوائح المشاركين فيه. ونؤكد للشعب المغربي الشقيق وحكومته بأن قيام الدولة الصحراوية على هذا الأساس القانوني العادل سيكون في صالح المغرب وصالح السلام وحسن الجوار، إذ سيجد في الدولة الصحراوية ذلك الجار الطيب الصادق المتسامح، البعيد عن نزعة الثأر والانتقام، المستعد لتقاسم كل ما يملك مع جيرانه، في ظل الاحترام المتبادل لسيادة بلدان المنطقة وشعوبها.

 

الإخوة والأخوات،

إن التطورات الأخيرة في قضية الصحراء الغربية تؤكد، مع الأسف، غياب الإرادة الصادقة لدى دولة الاحتلال المغربي في التوجه نحو حل عادل وشامل للنزاع الصحراوي المغربي.

هناك الحصار العسكري والأمني المغربي الخانق للأراضي الصحراوية المحتلة، والتضييق على نشطاء حقوق الإنسان والطرد الممنهج للمراقبين الدوليين المستقلين، حتى يتسنى لدولة الاحتلال المضي في انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان ونهبها المكثف للثروات الطبيعية الصحراوية، وشنها لحملات القمع الوحشي والاعتقال الظالم ضد المدنيين الصحراويين العزل، لمجرد مطالبتهم بتطبيق ميثاق وقرارات الأمم المتحدة في بلد لم يتمتع بعد بحق تقرير المصير.

 

وإضافة إلى التصريحات والممارسات الاستفزازية التصعيدية المعهودة لقوى الاستعمار، على غرار زيارته للأراضي المحتلة من الجمهورية الصحراوية وإطلاقه للتهديدات في كل الاتجاهات، فإن ملك المغرب يسعى اليوم لفرض منطق التوسع والعدوان والغطرسة والاستهتار والاحتقار والأمر الواقع على المجتمع الدولي بأكمله.

ليس هناك أي تفسير آخر لمحاولاته المستمرة لمنع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم لمتحدة، السيد كريستوفر روس، من أداء مهامه والدخول إلى الصحراء الغربية، منطقة عمله الرئيسية، بل والعرقلة المكشوفة لزيارة الأمين العام نفسه إلى المنطقة، والسعي إلى تحديد موعدها ومسارها وهدفها، بعيداً عن المهام والمسؤوليات المعروفة للهيئة الأممية وأمينها العام، بما في ذلك السعي لفرض الجمود والسلبية في تقاريره وفي قرارات مجلس الأمن الدولي.

 

إنه لمن المؤسف أن نجد أطرافاً دولية فاعلة تساهم بشكل مخجل في تشجيع دولة الاحتلال المغربي على المضي في التعنت والعرقلة. وإذا كنا ندين مجدداً مساعي منتدى كرانس مونتانا لإقامة طبعة جديدة في مدينة الداخلة المحتلة، كانتهاك سافر للقانون الدولي، فإننا ننتظر موقفاً شجاعاً وحاسماً من فرنسا الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان للتخلي عن حماية العدوان والاحتلال المغربي ودفع المغرب إلى الانخراط الفعلي في جهود الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء تقرير المصير، وبالتالي خلق مناخ ملائم لتعاون وثيق بين شعوب وبلدان المنطقة، يحقق المصالح المشتركة بين أوروبا وشمال إفريقيا.

 

لا يمكن للعالم أن يبقى مكتوف الأيدي أمام ممارسات استعمارية في القرن الواحد والعشرين، تقوم بها دولة احتلال عسكري مغربي لا شرعي، قوامها التوسع والعدوان والاعتداء على الجيران وإغراق المنطقة بالمخدرات، كأكبر منتج ومصدر لمخدر القنب الهندي في العالم، وبالتالي المساهمة الحاسمة في دعم وتشجيع عصابات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية وتهديد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

 

سيكون من العار على الأمم المتحدة خاصة، ومكونات المجتمع الدولي عامة، ألا تسارع إلى اتخاذ الخطوات الملموسة والعقوبات اللازمة ضد دولة الاحتلال المغربي من أجل التعجيل بتطبيق مقتضيات الشرعية الدولية، وخاصة قيام المينورسو، في أسرع الآجال، بمهمتها الرئيسية، تنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي، وتمكينها من آلية لحماية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية ومراقبتها والتقرير عنها.

 

الإخوة والأخوات،

نحتفل بالذكرى الأربعين لقيام الدولة الصحراوية في ظل النجاح الكبير للمؤتمر الرابع عشر للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، وأجواء الحماس والاندفاع والاستعداد لمزيد من النضال والتضحيات والصمود، والتحديات الكبرى التي حددها في المرحلة المقبلة من كفاحنا، والتي تشمل جوانب أساسية، مثل البناء التنظيمي وجيش التحرير الشعبي الصحراوي والمقاومة السلمية وجبهات الخارج والإعلام والثقافة وحقوق الإنسان والجوانب القانونية وآليات التسيير والرقابة ودور المرأة والشباب.

 

وإن المشاركة الجماهيرية الواسعة لكل مكونات شعبنا، من مختلف الأعمار والمستويات، في الأراضي المحتلة وجنوب المغرب، في مخيمات العزة والكرامة والأراضي المحررة والريف والجاليات، بهذا الكم وهذا الزخم، كل من موقعه، في هذا اليوم الوطني الخالد، يعكس إرادة راسخة وإصراراً قاطعاً على المضي في كنف الوحدة الوطنية والإجماع والالتفاف حول الممثل الشرعي الوحيد للشعب الصحراوي، جبهة البوليساريو، حتى استكمال النصر والتحرير والاستقلال.

 

وهذه مناسبة لنتقدم بتحية التقدير والإجلال إلى جماهير شعبنا المنتفضة ضد الاحتلال المغربي، إلى كل مناضلات ومناضلي انتفاضة الاستقلال في العيون والسمارة والداخلة وبوجدور وفي آسا واقليميم والطنطان ولقصابي والزاك وامحاميد الغزلان وإيفني وغيرها وفي المواقع الجامعية داخل المغرب. هذه الجماهير البطلة التي لا تفتأ تصنع كل يوم ملحمة جديدة من الصمود والمقاومة السلمية، سلاحها العلم الوطني الصحراوي وشعارها التحرير واستفتاء تقرير المصير والاستقلال وطرد الاحتلال. وفي وقت نطالب فيه بالكشف عن مصير أكثر من 651 مفقوداً صحراوياً لدى الدولة المغربية، وإزالة الجريمة ضد الإنسانية التي يمثلها جدار الاحتلال المغربي، نتوجه بالتحية إلى معتقلي اقديم إيزيك وامبارك الداودي وكل المعتقلين السياسيين الصحراويين في السجون المغربية، مطالبين بإنهاء حالة الاعتقال المغربي الظالم بحقهم جميعاً.

 

الإخوة والأخوات،

في مثل هذا اليوم العظيم، نستحضر بكل تقدير واعتزاز مواقف الأشقاء والأصدقاء والحلفاء في العالم مع كفاح شعبنا ودعمهم لخياراته المشروعة. وفي مقدمة هؤلاء، نتوجه بتحية الإجلال والعرفان إلى الجزائر الشقيقة، بقيادة فخامة الرئيس المجاهد عبد العزيز بوتفليقة، شعباً وحكومة. تحية إلى هذا البلد العظيم الذي لم يتردد في اتخاذ موقفه المشرف، المنسجم مع مبادئ ثورة نوفمبر المجيدة وميثاق وقرارات الأمم المتحدة، وتبنى القضية الصحراوية بكل شفافية ووضوح، مثلما تبنى القضية الفلسطينية وكل قضايا التحرير في العالم. تحية إلى الشعب الجزائري الكريم المضياف الذي ما انفك يرسم صور التضامن والمؤازرة، بعد أن سارع إلى احتضان الآلاف من اللاجئين الصحراويين الفارين من محاولة إبادة حقيقية، بالتقتيل الهمجي الجماعي، بما في ذلك باستخدام القوات الملكية المغربية لقنابل النابالم والفوسفور الأبيض، المحرمة دولياً، ضد هؤلاء العزل.

 

كما نحيي بحرارة الشقيقة موريتانيا، ونعتز بعلاقات الأخوة والصداقة والجوار والمصير المشترك التي تربط بلدينا وشعبينا الشقيقين، ونسجل الدور الهام لموريتانيا في التصدي للمخاطر التي تتهدد المنطقة عموماً، واستعدادنا الدائم للتعاون الوثيق معها ومع كل الجيران لتحقيق أعلى درجات الأمن والسلم والاستقرار.

 

تحية إلى أفريقيا العظيمة، قارة الثورات وحركات التحرير، التي لم تتردد هي الأخرى في احتضان الجمهورية الصحراوية في منظمتها القارية، في رفض صريح للعدوان المغربي على بلد إفريقي شقيق. إننا نحيي التزام الاتحاد الإفريقي بالدفاع عن القضية الصحراوية، ونسجل رفضه وإدانته للممارسات الاستعمارية المغربية، ونطالبه بمزيد من الانخراط، كشريك للأمم المتحدة، في استكمال تطبيق المخطط الأممي الإفريقي لسنة 1991.

ونحن نحيي الحركة التضامنية في كل قارات العالم، فإننا نتوجه إلى الاتحاد الأوروبي من أجل اتخاذ خطوات عملية ملموسة تنسجم مع مبادئه، والضغط على دولة الاحتلال المغربي تجاه تنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي، والامتناع فوراً عن المساهمة اللا قانونية واللا أخلاقية في نهب الثروات الطبيعية الصحراوية، بإلغاء كل اتفاق مع المملكة المغربية يمس أراضي الصحراء الغربية أو مياهها الإقليمية.

 

إننا معتزون بعلاقات الصداقة والجوار والتاريخ والثقافة التي تجمعنا بالشعوب الإسبانية، والتي ترسم لوحة تضامنية رائعة وشاملة، وتنتظر معنا أن تتحمل الدولة الإسبانية كامل مسؤوليتها السياسية والأخلاقية تجاه تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير والاستقلال، باعتبارها قانونياً القوة المستعمرة والمديرة للصحراء الغربية.

 

الإخوة والأخوات،

ونحن إذ نجدد عهد الوفاء للشهداء الأبرار ونحيي مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي الأبطال المرابطين في الميدان، على أهبة الاستعداد لمواجهة كل الاحتمالات والتحديات، فإننا نذكر بأن لائحة المجد والتضحية والشهادة ستبقى مفتوحة طالما لم نبلغ هدفنا العادل والأسمى في الحرية والاستقلال، وخاصة إذا ما فرضت علينا المملكة المغربية، كما فعلت سنة 1975، امتشاق بندقية الكفاح المسلح المشروع.

 

فالشعب الصحراوي في كل مواقع تواجده حسم أمره واتخذ قراره الذي لا رجعة فيه. الصحراويات والصحراويون متشبثون باختيارهم ومتمسكون بدولتهم، التي تشكل اليوم مبعث فخر واعتزاز وإحساس صادق وعميق بانتماء وطني، يتعزز مع مرور الزمن، إلى كيان مستقل، إلى هوية ناظمة، إلى ثقافة متميزة، إلى خيمة واحدة شاملة. فلا مستقبل ولا وجود للصحراويين إلا في وطنهم الحر المستقل، الدولة الصحراوية السيدة على كامل ترابها الوطني. وقوة، تصميم وإرادة لفرض الاستقلال والسيادة، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

 

( واص ) 090/500/100