Перейти к основному содержанию

انتفاضة الاستقلال الصحراوية المباركة ، استمرار لملحمة الزملة التاريخية ( واص )

Submitted on

الشهيد الحافظ 21 ماي 2014 ( واص )- تحل اليوم على الشعب الصحراوي الذكرى التاسعة لانتفاضة الاستقلال المباركة التي اندلعت في 21 ماي 2005 بالمناطق الصحراوية المحتلة ، ومنذ ذلك التاريخ لم تتوقف ولم تخبو زادها الجماهير المتطلعة لغد أفضل وهدفها تحقيق مطالب الشعب الصحراوي في الحرية والاستقلال

 

 

وبالعودة إلى تاريخ الانتفاضات الصحراوية ، فإن انتفاضة الاستقلال المباركة ماهي إلا امتداد لوعي صحراوي متجذر في النفوس لايرضى بغير الحرية بديلا، فكانت انتافضة الزملة التاريخية ضد المستعمر الإسباني في 17 يونيو 1970 بقيادة الفقيد محمد سيد إبراهيم بصيري الذي كان من ضحاياها حيث اعتقل وظل مصيره مجهولا حتى اليوم ، تلتها انتفاضة الطنطان 1972 التي وجدت هي الأخرى قمعا عنيفا من المستعمر ، حيث اعتقل العشرات من المواطنين الصحراويين من مختلف الأعمار والأجناس، كما عذب وشرد الكثير ، إلا أن ذلك لم يثن هذا الشعب عن نضاله وكفاحه المرير من أجل حقه ، وبالتالي تنظيمه وتأطيره تحت ممثل شرعي وحيد أسس في 10 ماي 1973 " الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب".

 

 

وبعد تأسيس "البوليساريو" بعشرة أيام فقط كانت بداية شرارة الكفاح المسلح ضد جحافل الاستعمار الإسباني 20 ماي 1973 عندما خرج المناضلون الصحراويون في عملية مسلحة قوامها وعتادها مقارنة بما يملكه العدو آنذاك هو فقط معنويات الشعب المرتفعة والإيمان بعدالة القضية وضرورة رفع الحيف والظلم الذي يجسده المستعمر.

 

 

وبعد اقتناع إسبانيا أنها لن تستطيع مقاومة وإرادة الشعب الصحراوي، خرجت بعد عملية خبيثة جسدتها "اتفاقية مدريد المشؤومة" لتدخل في عملية تسليم واستلام مع النظام الملكي المغربي والنظام الموريتاني آنذاك... ليدخل الشعب الصحراوي مأساة جديدة ومعاناة كابدها منذ الوهلة الأولى لقدوم المحتل المغربي 31 أكتوبر 1975 حيث جلب هذا الأخير كل أنواع البغض والحقد، ومارس كل أنواع الإنتهاكات والخروقات السافرة لحقوق الإنسان الصحراوي.

 

 

 وانطلاقا من كل ماسبق يمكن فهم هذه الانتفاضة على أنها انعكاس طبيعي لصمود وإصرار وتحدي الإنسان الصحراوي خاصة، والشعب الصحراوي عامة، وتجسيد واقعي على رقعة الميدان لنفسية وسلوك وممارسة هذا الإنسان وهذا الشعب، وتجسيد للمبادئ والثوابت الوطنية التي حملها منذ عقود على كاهله واختزنها كل صحراوي داخل وجدانه.

 

 

 منذ انطلاق شرارة المقاومة السلمية والشعب الصحراوي يواصل إبداع أرقى صور الملاحم والبطولات من خلال مواصلة انتفاضته السلمية المباركة، ويبدو من خلال معايشة الأوضاع بالمناطق المحتلة وجنوب المغرب والمواقع الجامعية المغربية ، أن الجماهير الصحراوية عازمة كل العزم على مواصلة هذا النهج حتى تحقيق الأهداف المرجوة، والدليل على ذلك استمرار الانتفاضة دون انقطاع أو مهادنة أو تراجع، رغم حجم القمع والتنكيل الذي وصل حتى حدود إزهاق الأرواح ، والملاحظ في هذه الحركية الجديدة هو امتدادها لتشمل كل أماكن تواجد الصحراويين إضافة إلى انخراط الجميع في تأجيج فصولها، من كل الفاعلين من حقوقيين ومعتقلين وطلبة وتلاميذ ومعطلين وعمال، ومن كافة الفئات من نساء وشباب وأطفال وكهول، وكذلك بكل المناطق من مناطق محتلة ومحررة وجنوب المغرب والمواقع الجامعية وبمخيمات العزة والكرامة والريف الوطني والجاليات.

 

 

وقد عرفت هذه الانتفاضة بدورها ، محطات متنوعة ومسارا متطورا يدل على مستوى حجم الوعي الجماعي الذي ارتقت له الجماهير الصحراوية، ففي البدء كانت الانتفاضة متفجرة بالشوارع بالعاصمة العيون المحتلة وما فتئت أن انتقلت إلى المواقع الجامعية، ومن ثم إلى كافة المدن الصحراوية، والجاليات بالخارج، وقد جوبهت بحملات قمعية خطيرة من طرف أجهزة الدولة المغربية، لكن الأمر انتقل إلى ساحات أخرى ورقعات أوسع، فانضم التلاميذ إلى الساحة وأسسوا لبداية النضال من داخل المؤسسات التعليمية والمعاهد والمراكز، بل انتقلت الشرارة لتصل إلى أسوار المدارس الابتدائية، وجوبهت هي الأخرى بنفس السلوكيات القمعية القذرة.

 

 

كما أن الجماهير عملت على تصعيد النضال بالتدريج من خلال البداية التي اقتصرت على الوقفات الاحتجاجية وصولا بعد ذلك إلى رفع الأعلام الوطنية التي أصبحت شرطا مهما في خانة صناعة أي حدث وطني، وحافظت الجماهير الصحراوية على هذا المكسب ، وأصبح رفع الأعلام أو تعليقها على السطوح وأعمدة الكهرباء، تقليدا دائما تصبح المناطق المحتلة وتمسي عليه.

 

 

لقد توالت الانتفاضات تلو الانتفاضات، فجاءت انتفاضة 1987 التي شهدت اختطافات بالجملة وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان الصحراوي الأعزل فوق أرضه المسلوبة ، ذنبه الوحيد في ذلك أنه خرج في مظاهرات سلمية لاستقبال "البعثة الأممية لتقصي الحقائق في الصحراء الغربية" أثناء زيارتها للإقليم، كما كانت للشعب الصحراوي وقفة مع انتفاضة أخرى هي انتفاضة 1992 التي انطلقت شرارتها في 24 سبتمبر 1992 من "آسا"، هذه الانتفاضة كانت دليلا قاطعا على وحدة وصلابة الشعب الصحراوي في مواجهة الإحتلال، وعلى إثرها قامت سلطات الإحتلال بتعزيز المنطقة بأجهزة أمنية تفوق سكان المدينة بالأضعاف المضاعفة، حيث قامت هذه الأجهزة اللعينة بمواجهة المنتفضين المتظاهرين، واعتقال العديد من رواد هذه الملحمة البطولية ممن عانوا السجون والمعتقلات السرية ب"انزكان" المغربية وغيرها من المعتقلات الرهيبة. لتعقبها مباشرة انتفاضة 1993 التي شهدت نوعا جديدا من الغطرسة المخزنية المغربية، حيث تمت محاكمة مجموعة من الشباب الصحراوي بينهم قاصرون ، حوكموا محاكمة عسكرية، رغم أنهم مدنيون طلاب في الإعداديات والثانويات ولاعلاقة لهم بالعسكر لا من قريب أو بعيد.

 

وهذه المجموعة هي المعروفة لدى الرأي العام ب"مجموعة الستة" التي كان من ضمنها الشابة الصحراوية المرحومة "كلثوم أحمد لعبيد الونات" التي راحت فيما بعد ضحية حادث سير مفبرك في الطريق الرابطة بين "طانطان" و "السمارة" المحتلة .

 

 

وأمام إصرار الدولة المغربية على تعنتها ومماطلاتها لم يجد الشعب الصحراوي الأعزل من حل أمام صمت العالم إلا أن يواصل نضاله السلمي الحضاري وخوض الإنتفاضات المتتالية مواصلة للدرب حيث اعتصم مرة أخرى السكان الصحراويون بمنطقة "لمسيد" ضواحي "الطنطان" في انتفاضة 1997 اعتصاما دام أربعة أشهر تدخلت خلاله قوات القمع المغربية بمختلف فصائلها بعنف شديد ضد المعتصمين يومي 25 و 26 فبراير 1998 لفض وقمع الإعتصام، إلا أن الأبطال الصحراويين أصروا على الحيلولة دون ذلك، مما نتج عنه صدامات قوية بينهم وبين أجهزة القمع المغربية، سقط جراءها العديد ما بين مصاب ومعتقل في صفوف الصحراويين ممن بصموا في السجل الذهبي لتاريخ نضال الشعب الصحراوي المكافح .

 

 

ولم يمض الكثير من الوقت حتى ضربت الجماهير الصحراوية موعدا جديدا مع انتفاضة 1999 المجيدة هذه الإنتفاضة التي خرجت فيها كل شرائح المجتمع الصحراوي لتظهر لملك المغرب حديث النشأة "محمد السادس" أنها موجودة ودائما في مواكبة مستمرة للأحداث ورفض تام لكل أنواع الظلم والطغيان، حيث تميزت الإنتفاضة هذه المرة في سابقة من نوعها بتجنيد السلطات المغربية لمليشياة من المستوطنين المغاربة إلى جانبها لقمع المتظاهرين الصحراويين وترهيبهم والتنكيل بهم ، ونتج عن ذلك اعتقال واختطاف وتعذيب العشرات من الصحراويين وتقديمهم للمحاكمات الصورية.

 

وبعد كل تلك الانتفاضات المتتالية والقمع المغربي الوحشي لها ، ارتفع وعي الجماهير الصحراوية على طرفي جدار العار المغربي ؛ فالصمود والوحدة التي طبعت مخيمات اللاجئين الصحراويين ، والإصرار والعزيمة التي تحلى بها المناضلون الصحراويون بالمناطق المحتلة ووجنوب المغرب وبالمواقع الجامعية المغربية وبالمهجر والريف الوطني ، كل تلك الجهود أثمرت فعلا راقيا من المقاومة السلمية انطلق في الحادي والعشرين ماي 2005 وظل متوهجا على طول وعرض تواجد المواطن الصحراوي الغيور على وطنه والمكتوي بنار الاحتلال المغربي ، فأعلنها انتفاضة سلمية حضارية راقية غير مرتبطة بزمان ولا مكان ، مستمرة حتى تحقيق مطالب الشعب الصحراوي ، شارك فيها الكبير والصغير ، الذكر والأنثى ، اللاجئ والسجين ، المهجر والمُسْتعْمَرْ ، نحو هدف واحد ولا محيد عنه للشعب الصحراوي الأبي ، ألا وهو الاستقلال الوطني على كامل تراب الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.

 

( واص ) 090/100