Перейти к основному содержанию

ممثل الجبهة بالأمم المتحدة: "اتفاقية مدريد" ليس لها أي أثر قانوني على الوضع الدولي للصحراء الغربية 

Submitted on
ممثل الجبهة بالأمم المتحدة: "اتفاقية مدريد" ليس لها أي أثر قانوني على الوضع الدولي للصحراء الغربية 

نيويورك (الأمم المتحدة)، 16 نوفمبر 2024 (واص) – بمناسبة مرور تسعة وأربعين عاماً على توقيع "اتفاقية مدريد"، كتب الدكتور سيدي محمد عمار، عضو الأمانة الوطنية، ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو، مقالاً يبين فيه موقف الأمم المتحدة من الاتفاقية المذكورة في ظل تأكيد المنظمة الدولية على الوضع الدولي للصحراء الغربية كقضية تصفية استعمار. 

وفيما يلي نص المقال الذي توصلت وكالة الأنباء الصحراوية بنسخة منه:

"اتفاقية مدريد" ليس لها أي أثر قانوني على الوضع الدولي للصحراء الغربية 

لقد مرت تسعة وأربعون عاماً منذ أن وقعت إسبانيا "اتفاقية ثلاثية" مع موريتانيا والمغرب بشأن إدارة الصحراء الغربية في تجاهل تام لدعوات الأمم المتحدة المتكررة لإنهاء الاستعمار في الإقليم تماشيا مع قرار الجمعية العامة 1514 (د-15) حول إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة لعام 1960. 

إن هذه الاتفاقية ("إعلان مبادئ مدريد")، التي وقعت في مدريد في 14 نوفمبر 1975، لاغية وباطلة لأنها أبرمت في انتهاك لالتزامات إسبانيا نفسها كدولة قائمة بإدارة الصحراء الغربية ولحق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال. 

تدعي دولة الاحتلال المغربية دائماً أن عملية إنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية قد "تمت تسويتها نهائياً" بموجب قرار الجمعية العامة 3458 "ب" (د-30)  المؤرخ 10 ديسمبر 1975 الذي "أحاطت فيه علماً" ب "اتفاقية مدريد". كما يستخدم المسؤولون الإسبان الرسالة الموجهة من ممثل إسبانيا الدائم لدى الأمم المتحدة إلى الأمين العام للأمم المتحدة في 26 فبراير 1976 لتبرير إبرامهم للاتفاقية المذكورة. 

من الحقائق الثابتة أن الجمعية العامة للأمم المتحدة لم "تصادق" قط على "اتفاقية مدريد" ولم تعترف أبداً بأن الاتفاقية قد أثرت على الوضع الدولي للصحراء الغربية كإقليم خاضع لعميلة تصفية الاستعمار، وهو الوضع المترتب عن إدراج الإقليم في قائمة الأقاليم التي ينطبق عليها إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة من قبل اللجنة الخاصة المعنية بإنهاء الاستعمار (لجنة الأربعة والعشرون) في عام 1963.

وعلى وجه الخصوص، فإن الرأي القانوني الذي أصدره نائب الأمين العام للشؤون القانونية، المستشار القانوني، في 29 يناير 2002، بناء على طلب مجلس الأمن الدولي، واضح تماماً بشأن هذه المسألة. ففي رأيه القانوني، أكد المستشار القانوني، هانس كوريل، أن "اتفاقية مدريد لم تنقل السيادة على الإقليم، كما أنها لم تمنح أياً من الموقعين وضع الدولة القائمة بالإدارة—وهو وضع لم يكن بإمكان إسبانيا وحدها أن تنقله من جانب واحد. ولم يؤثر نقل السلطة الإدارية على الإقليم إلى المغرب وموريتانيا في عام 1975 على الوضع الدولي للصحراء الغربية بوصفها إقليماً غير محكوم ذاتياً".

وفي العديد من قرارات الجمعية العامة، بما فيها القرار 78/81 المؤرخ 7 ديسمبر 2023، أكدت الجمعية العامة من جديد أنه "في غياب قرار من الجمعية العامة نفسها بأن إقليماً غير محكوم ذاتياً قد نال قدراً كاملاً من الحكم الذاتي بموجب الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة، ينبغي للدولة المعنية القائمة بالإدارة أن تواصل إحالة المعلومات بموجب المادة 73 (ه) من الميثاق فيما يتعلق بذلك الإقليم". 

ولم تتخذ الجمعية العامة قط أي قرار بهذا الشأن في حالة الصحراء الغربية. وبهذا المعنى، تظل إسبانيا هي الدولة القائمة بإدارة الصحراء الغربية بالمعنى المقصود في الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة، مع جميع المسؤوليات التي ينطوي عليها هذا الوضع من حيث ما لإسبانيا من "أمانة مقدسة" تجاه الإقليم وشعبه إلى أن يمارس حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.  

وقد أكدت هذه الحقيقة العدالة الإسبانية نفسها. ففي 4 يوليو 2014، قضت الدائرة الجنائية للمحكمة الوطنية الإسبانية العليا بأن إسبانيا، بحكم القانون وإن لم تكن بحكم الواقع، لا تزال الدولة القائمة بإدارة إقليم الصحراء الغربية، وعلى هذا النحو، وإلى أن تكتمل عملية إنهاء الاستعمار، تقع على عاتقها الالتزامات المنصوص عليها في المادتين 73 و 74 من ميثاق الأمم المتحدة. 

واسترشاداً بميثاق الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة، ولا سيما القرار 2625 (1970) بشأن "إعلان مبادئ القانون الدولي المتصلة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة"، أكدت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي في حكمها الصادر في 21 ديسمبر 2016 أن الصحراء الغربية تحتفظ "بوضع منفصل ومتميز" بموجب مبدأ تقرير المصير فيما يتعلق بأي دولة أخرى، بما في ذلك المملكة المغربية. 

إن استمرار الجمعية العامة وهيئاتها الفرعية في معالجة قضية الصحراء الغربية كمسألة تصفية استعمار بالمعنى المقصود في الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة يعني أن "اتفاقية مدريد" ومحاولات دولة الاحتلال المغربية المستمرة، وبكل الوسائل، لترسيخ احتلالها غير الشرعي لأجزاء من الصحراء الغربية ليس لها أي تأثير قانوني على الإطلاق على الوضع الدولي للصحراء الغربية. 

فقد أكد الأمين العام للأمم المتحدة مراراً وتكراراً في تقاريره المتتالية حول الصحراء الغربية، بما في ذلك تقريره المقدم إلى الدورة الأخيرة للجمعية العامة، أن لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار (اللجنة الرابعة) التابعة للجمعية العامة واللجنة الخاصة المعنية بحالة تنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة تعالجان قضية الصحراء الغربية كمسألة تصفية استعمار. وهي الحقيقة التي كرسها قرار اللجنة الرابعة الأخير حول الصحراء الغربية المؤرخ 17 أكتوبر 2024.

كما سبقت الإشارة، عادة ما يذكر المسؤولون الإسبان مضمون الرسالة التي أرسلها الممثل الدائم لإسبانيا لدى الأمم المتحدة، خايمي دي بينييس، إلى الأمين العام للأمم المتحدة في 26 فبراير 1976 والتي اعتبرت فيها إسبانيا نفسها من ذلك الوقت فصاعداً في حل من كل مسؤولية ذات طابع دولي فيما يتعلق بإدارة الصحراء الغربية. ومع ذلك، فإن ما لا يذكره المسؤولون الإسبان دائما هو أن نفس الرسالة سجلت ما يلي: "إن إنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية سيتوج عندما يتم التعبير عن رأي السكان الصحراويين بشكل صحيح". 

السؤال الرئيسي الذي يجب على المسؤولين الإسبان الإجابة عليه هو: هل تم بالفعل التعبير عن رأي الشعب الصحراوي "بشكل صحيح" لإنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية؟ في ضوء كل ما سبق، من الواضح جداً أن الإجابة بالنفي. ولذلك، فإن جميع الذين يزعمون أن "اتفاقية مدريد" قد أثرت، قانونياً أو غير ذلك، على الوضع الدولي للصحراء الغربية الذي تعتمده الأمم المتحدة ليس لديهم أي حجة تثبت مواقفهم، باستثناء ربما ايمانهم بمنطق "القوة تصنع الحق" الذي يتناقض كليةً مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الذي يقوم عليه النظام الدولي القائم.   

وكخلاصة، يمكن التأكيد على أنه طالما لم تعترف الجمعية العامة للأمم المتحدة بتطبيق القرار 1514 (د-15) في إنهاء الاستعمار في الإقليم، فإن الصحراء الغربية، بالنسبة للأمم المتحدة، تظل بكل معنى الكلمة إقليماً في انتظار تصفية الاستعمار منه على أساس ممارسة الشعب الصحراوي لحقه غير القابل للتصرف ولا للمساومة ولا للتقادم في تقرير المصير والاستقلال. 

ويقع على عاتق جميع الدول واجب الامتناع عن أي أعمال أو تدابير، مهما كانت طبيعتها، من شأنها تقويض الوضع الدولي للصحراء الغربية أو حرمان شعبها من حقه في تقرير المصير، وهو الحق الذي يشكل قاعدة قطعية من قواعد القانون الدولي ملزمة لجميع الدول، كما أكدت على ذلك محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري الصادر في 19 يوليو 2024.

الدكتور سيدي محمد عمار
ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو.(واص)