الرباط (المغرب) 23 ديسمبر 2021 (واص)ـ أكد الإعلامي المغربي علي لهروشي، في مقال مطول نشرته جريدة الخبر الجزائرية اليوم في ملف خاص بالمغرب والتطبيع، على أن خروج أبناء الشعب المغربي للشارع ضد التطبيع وللمطالبة بالعديد من حقوقهم، وعدم استقرار الأوضاع في المغرب، هو نتيجة موضوعية وتاريخية سببها أن النظام العلوي هو صنيعة فرنسية وصهيونية فرضت على الشعب المغربي.
“إن عدم استقرار المغرب وخروج شعبه إلى الشارع للانتفاضة والتعبير عن غضبه وسخطه بين فينة وأخرى، تتحكم فيه أسباب موضوعية وتاريخية إن صح التعبير جوهرها أن الحكم العلوي السائد قد فُرض على الشعب المغربي من قبل قوى استعمارية خارجية بما فيها الصهاينة” يقول الكاتب في مقاله الذي عنونه ب: “المغرب من جيل المقاومة إلى جيل الماسونية”.
وذكر الكاتب في هذا السياق بأن “الظروف القاسية والمجاعة التي عرفها المغرب في مطلع القرن التاسع عشر قد أدت بالشعب المغربي إلى الانتفاضة المسلحة بهدف القضاء النهائي على الحكم العلوي بالمغرب، لكن العلويين الخونة وضعوا المغرب وشعبه بشبه المزاد العلني أمام القوى الاستعمارية مقابل حماية العرش العلوي، وهو ما حدث سنة 1912 عندما وقع السلطان المدعو المولى حفيظ معاهدة الحماية الفرنسية، ترتب عن ذلك احتلال المغرب وفرض العرش العلوي وردع الحركات التحررية المسلحة، مما انعكس على الجانب السياسي برمته الذي لا ينفصل عما هو حزبي، ونقابي، وجمعوي، وإعلامي، ومؤسساتي”.
وفي هذا السياق أضاف أن المغرب عرف نتيجة لهذا الواقع المفروض “خمسة أجيال على الشكل التالي: جيل المقاومين، أي الذين واجهوا الحكم العلوي وحُماته من حلفائه الفرنسيين والإسبان عبر المقاومة المسلحة ما بين 1912 حتى 1958، ثم جيل الإصلاحيين مابين 1958 حتى سنة 1994، تلاه جيل المساومين بزعامة المسمى عبد الرحمن اليوسفي الذي استقال من وظائفه السياسية بعد صدور نتائج الانتخابات التشريعية عام 1993 احتجاجا على ما وقع فيها من تلاعب وتزوير وتقسيم كعكة البرلمان المغربي كالعادة بين الأعيان، والخُدام، والخونة، والمتزلفين، حيث فر إلى فرنسا في سبتمبر1993 ثم عاد للمغرب بضغط فرنسي” ليعود ويقبل لعب دور مخفف الصدمات بتحمله مسؤولية رئاسة الحكومة سنة 1998 وحتى 2002.
أما الجيل الحاكم الحالي، حسب الكاتب، فهو “جيل الإنتهازيين الذي شكل ما يسمى بالإسلاميين الذين امتصوا بدورهم غضب الشعب، وتم توريطهم في فضيحة التطبيع مع الكيان الصهيوني الإسرائيلي، وشرعنة الاتجار والاستثمار في المخدرات، وما إلى ذلك من فواحش تتناقض مع منطلقاتهم الإيديولوجية. وسيخلفهم بعد ذلك انتهازيون آخرون من أحفاد الأعيان، والخونة من الماسونيين الذين سينفذون مخططات التطبيع مع أشقائهم الصهاينة”.
ونتيجة لذلك، يرى الكاتب علي لهروشي أن “الفساد بكل أشكاله هو الضامن الوحيد لبقاء الحكم العلوي على العرش بالمغرب، فبعد فساد العائلة الملكية التي احترفت النهب، والسرقة، والابتزاز واستنزاف الخيرات الطبيعية، والأموال العامة للشعب المغربي، إذ فرض العلويون إبان خروج الحماية الفرنسية على المستثمرين والشركات الإنتاجية تسديد نسبة 51 في المائة من الأرباح للقصر حتى صار الأمير عبد الله الأخ الشقيق للحسن الثاني قائد تلك المهمة يسمى لدى المستثمرين بالسيد "مسيو 51" كما ورد في كتاب "جمهورية صاحب الجلالة" الصادر باللغة الفرنسية للكاتب والصحفي المغربي عمر بروكسي، فصار الفساد بمثابة العمود الفقري لجسم المغرب ليعم كل المؤسسات المالية، والاقتصادية، والتجارية، والسياسية، والقضائية، والتشريعية، والتنفيذية، وهذا ما كرسه الديكتاتور محمد السادس الذي لم ينج بدوره من انتقادات حلفائه الفرنسيين عبر إصدارهم كتابا باللغة الفرنسية تحت عنوان "الملك المفترس" الذي عرى عن فضائح العائلة الملكية”.
بل أن الكاتب يرى أن الاقتصاد المغربي قد بني “أساسا على الرشوة، والتزوير، والتهرب الضريبي، وتحويلات المهاجرين، ومداخيل المخدرات، والسياحة الجنسية، والقروض الأجنبية، والتسول للدول الغنية. فيما تسهر المؤسسات التنفيذية، والتشريعية، والقضائية على تزكية هذا الفساد وتنفيذ الأوامر التي تتلقاها من القصر الملكي. وهو ما أثر سلبا على الوضع الاجتماعي للإنسان المغربي حيث انتشار الجريمة، والبنايات العشوائية، والبطالة، وظاهرة التسول، والفقر المدقع، وأطفال الشوارع، والمشردين، وماسحي الأحذية، والدعارة، والشذوذ الجنسي. مما جعل المغرب يحتل الرتب الأخيرة في مختلف المجالات بما فيها مجال التنمية، والنزاهة، واحترام حقوق الإنسان”.
وأشار علي لهروشي أن نظام المخزن العلوي يمارس كافة أشكال الضغط على المواطنين المغاربة، بمختلف فئاتهم/ معتبرا أن “غرض الديكتاتورية العلوية وراء ذلك الضغط هو تكميم الأفواه، وإرهاب الإنسان المغربي عبر إصدار أحكام جاهزة جائرة في حقه، وتطبيق قانون الغاب داخل محاكم متآكلة منخورة، متسخة وفاسدة، تفوح منها رائحة الظلم، والقهر، والرشوة، والمحسوبية، والزبونية، والقبلية، والعرقية. محاكم مسيرة من قبل السماسرة والمجرمين ومنفذي أوامر وتوجيهات الديكتاتورية المبنية على القمع والترهيب، واستغلال معاناة المغربي، بأساليب لا تختلف عن أساليب عصر السيبة، حيث يُجرد المرء من حقوقه، ومن ممتلكاته، ويحاكم البريء بتهم هو براء منها براءة الذئب من دم يوسف، فيما يتمتع اللصوص، والخونة، والمجرمون، والقتلة والمتزلفون بالحرية والبراءة، إذ لا ينطبق على القضاء المغربي سوى ما قاله الرسول في اليهود "إذا أجرم الشريف تركوه، وإذا أجرم الوضيع أقاموا عليه الحد”.
أما في ما يخص تطبيع نظام المخزن مع الكيان الصهيوني، فيرى علي لهروشي أن “تورط الديكتاتورية العلوية في إخراج التطبيع مع الكيان الإسرائيلي من سريته إلى علانيته قد يُعد بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس، وهو ما يؤشر على نهاية الحكم العلوي الملكي بالمغرب بالرغم من الحماية الصهيونية الإسرائيلية له، فقد جلبت فضيحة وزلة التطبيع الكثير من ردود الأفعال والرفض الشعبي المغربي لهذه الجريمة الشنعاء”.
لهذا، يواصل الكاتب في مقاله “لجأت الديكتاتورية العلوية، وأعوانها، وأزلامها، وعبيدها إلى محاولتهم اليائسة المتجلية في تبريرهم لهذه الفضيحة، والجريمة باستعمالهم الصحراء الغربية كمبرر للتطبيع بالتطبيل لخرافة "اعتراف أمريكا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، مقابل التطبيع مع الكيان الصهيوني الإسرائيلي"، علما أن هذه الديكتاتورية اللاوطنية، اللاديمقراطية واللاشعبية لا يهمها لا الوطن، ولا الصحراء، ولا فلسطين، ولا القدس أكثر مما يهمها البقاء على العرش عبر خيانتها للشعب المغربي وارتمائها بين أحضان الصهاينة الإسرائيليين”.
وفي ختام مقاله رأى الكاتب المغربي المقيم في هولندا أن الشعب المغربي قد تأكد “بالملموس أنه ليس بين القنافد أملس، وأن الحق يُنتزع ولا يُعطى، وأن القضاء النهائي على الافعى المسمومة القاتلة يكمن في دغدغة رأسها وليس في بتر جزء منها، لذا فالشعب قد بدأ يستجمع قواه من جديد، ويستفيق من سباته العميق لمواجهة جيل الماسونيين، حيث لا بديل أمامه سوى الخروج للشارع للانتفاضة بكل الأشكال المتاحة، والمطالبة باسقاط الحكم العلوي الماسوني ووضع حد لتمادي الديكتاتورية في غطرستها وجبروتها، ثم إنقاذ المغرب من أيادي الماسونية الصهيونية”.
وجدير بالذكر أن جريدة الخبر الجزائرية قد نشرت في عهددها لنهار اليوم الخميس ملفا متكاملا عن التطبيع المغربي، وعن مقاومة الشعبين المغربي والصحراوي للنظام العلوي الذي أثبتت مسيرته خلال العقود الأخيرة أنه صنيعة وخادم مطيع لأجندات استعمارية مشبوهة، كشفت عن وجهها القبيح مؤخرا من خلال فصل التطبيع المهين الذي أقامه مع الكيان الصهيوني على حساب شعوب المنطقة وأمنها واستقرارها. (واص)
090/500/60 (واص)