بروكسل ( بلجيكا ) 25 سبتمبر 2017 (واص) - حذر أعضاء من البرلمان الأوروبي ، مفوضية الاتحاد الأوروبي من مخالفة حكم محكمة العدل الأوروبية وخرق المبادئ الأساسية للقانون الدولي فيما يخص الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب الذي يحاول إضفاء الشرعية على المنتجات القادمة من إقليم الصحراء الغربية.
وأكد النواب فلورنت مارسيليسي ، بوديل فاليرو ، باربرا لوشبيهلر ، باسكال دوراند ، بارت ستايس ومارغريت أوكن ، أن المفوضية والدول الأعضاء سعوا إلى إيجاد حل يتواءم والحكم مع إرضاء شريكهم المغربي وبعبارة أخرى بدأ الاتحاد الأوروبي في محاولة وهمية للتمسك بالقانون الأوروبي مع الاستمرار في دعم انتهاك القانون الدولي.
وأوضح النواب أن قرار محكمة العدل الأوروبية الصادر في ديسمبر 2016 ، أكد أن المغرب ليس له سيادة على الصحراء الغربية ووضع نهاية ل16 سنة من التطبيق غير القانوني للاتفاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب فيما يتعلق بذلك الإقليم.
وأفاد المعنيون أن حكم المحكمة أعقبته أشهر من التشويش والخلط من المفوضية وعلى نحو متزايد وفضولي أعضاء من البرلمان الأوروبي ؛ أين قرر المجلس الأوروبي تجاهل أعلى سلطة قضائية أوروبية وأن يعيد التفاوض مع المملكة المغربية وهي مجرد إضافة إلى الاتفاق الحالي بين الاتحاد الأوروبي والمغرب الذي يمتد إلى الصحراء الغربية.
وأبرز النواب أنه على ما يبدو فإن الخطة الكبرى التي وضعتها المفوضية وأقرتها جميع الدول الأعضاء ال 28 للتفاوض اعتمدت في 29 ماي 2017 ستتضمن تحويل الممارسة الفعلية في الماضي إلى استيعاب المنتجات (النهب) من الصحراء الغربية مع المغاربة - وهي الممارسة التي أسقطتها المحكمة - إلى قانون بحكم القانون وإذا تأكد ذلك فإن هذا يعني أساسا ازدراء المفوضية الكامل للأعمال التجارية المعتادة للاتحاد الأوروبي في الصحراء الغربية.
وعلى النقيض من المحادثات الجارية التي كانت مخبأة عن التدقيق العام فإن أمر المحكمة بشأن هذه المسألة واضح جدا ؛ فالصحراء الغربية منفصلة ومتميزة عن المملكة المغربية ويجب اعتبارها طرفا ثالثا في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب ويعني هذا من الناحية العملية أن موافقة شعب الصحراء الغربية مطلوبة لأي نشاط اقتصادي يتعلق بأراضيه وموارده الطبيعية وأنه ليس لأي كيان مغربي القدرة السيادية على التعبير عن تلك الموافقة.
ويعتقد المرء أن متطلبات المحكمة لا تترك مجالا للمناورة ومع ذلك يبدو أن المفوضية تطبق درجة عالية من الإبداع في المفاوضات كما يتبين من عدة ردود على الأسئلة البرلمانية الأخيرة التي طرحها إيكو (حزب الخضر الإسباني) على الحكومة الإسبانية ووفقا لهذه الأخيرة فإن هذه المفاوضات تسعى فقط لإشراك الأشخاص المعنيين بالاتفاق دون الحاجة إلى أي موافقة صريحة صاغها الشعب الصحراوي وعلاوة على ذلك يبدو أن المفاوضات تجري فقط بين المغرب قوة الاحتلال، والاتحاد الأوروبي دون أي حوار مع جبهة بوليساريو الممثل الرسمي للشعب الصحراوي المعترف به من قبل الأمم المتحدة.
وأبرز أعضاء البرلمان الأوروبي ، أنه من المذهل أن نرى كيف تتعارض المفوضية مع موقفها العام أمام المحكمة ؛ وفي الواقع ذكرت المفوضية أثناء الإجراءات أن تطبيق الاتفاقات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب على الصحراء الغربية "يمكن أن يفسر على أنه انتهاك لحق شعبه في تقرير المصير وبالتالي يؤثر على الحالة القانونية لذلك الإقليم لأنه يعطي درجة للشرعية لمطالبة المملكة المغربية بالسيادة " ومع ذلك وبعد بضعة أشهر تقوم المفوضية بنقض ما استنكرته في المحكمة ، ومن الواضح أن المجلس والمفوضية ينظران الآن إلى أن إغراء الحكومة المغربية -التي لم تدخر جهدا لتذكير الاتحاد الأوروبي بدورها في بوابة الهجرة على حدودها الجنوبية- لها الأسبقية على قيمة كلمتها وخارجها المتمثلة في دعم الحكم الأوروبي من القانون.
وذكر النواب الأوروبيون بأن الصحراء الغربية خضعت لعملية هائلة من الهندسة الديموغرافية على مدى أكثر من 40 عاما من الاحتلال ، ومحادثات المفوضية لن يكون لها وزن أمام محكمة القانون والتاريخ لأن الكيان الوحيد الذي يحق له أن يعطي موافقته سيظل الشعب الصحراوي ، وعلاوة على ذلك فإن الادعاء بأن التجارة مع الإقليم سوف تعود بالفائدة على السكان المحليين تفسد ببساطة حقيقة أن المستفيدين من استغلال الموارد المحلية هم أصحاب المشاريع المغاربة المؤثرون الذين يديرون الشركات الموجهة للتصدير، والمستوطنون والموظفون المغاربة.
ومع ذلك وبعيدا عن هذه الممارسة في الدبلوماسية المارقة تكمن مسألة مذهلة أخرى: إجراء المفوضية لمفاوضات تجارية متهورة وفي حالة فريدة من نوعها يمكن القول إن المفوضية قد اشتركت في المفاوضات بشأن الصحراء الغربية دون أي تقييم مسبق للأثر أو أرقام تجارية أساسية ، وفي الواقع يبدو أن المفوضية ليس لديها على الإطلاق أي بيانات تجارية (على نحو ما أكده رسميا المكتب الإحصائي للجماعات الأوروبية والعديد من الدول الأعضاء بما في ذلك إسبانيا) كما أنها لا تستطيع أن تبين ما هي المنتجات التي ستدخل إلى الاتحاد الأوروبي على أساس تعريفة تفضيلية ، وفي رده على المفوضية التجارية للبرلمان الأوروبي صرح المفوض مالم ستروم بأن حجم التجارة من الصحراء الغربية إلى الاتحاد الأوروبي بلغ "7000 يورو فقط" في عام 2016 ما لم يكن هذا عرضا للازدراء الكلي للمشرع وقد اعترف المفوض أن الملف هو مجرد لعبة حمقاء.
ويبرز النواب الأوروبيون ، أنه في ظل هذه الظروف ستواجه الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي الذين سيصوتون على نتيجة المفاوضات آلاما لتقييم مدى دفاع المفوضية عن مصالح مستهلكيها ومنتجينا بأنهم قد قاموا بالتصويت نيابة عنهم.
ومن خلال إضفاء الشرعية على الاستغلال المغربي المستمر للموارد الطبيعية للصحراء الغربية يبدو أن الاتحاد الأوروبي قد بدأ في عملية التفاوض التجاري التي تتعارض مباشرة مع حكم محكمة العدل الأوروبية وتنتهك المبادئ الأساسية للقانون الدولي وتطبيع احتلال غير قانوني والذي لا تعترف به دولة واحدة عضو في الأمم المتحدة بما في ذلك الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي 28 وغني عن القول أن التزام الاتحاد الأوروبي المعلن بدعم جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة (المتوقفة منذ أكثر من عقد) هي خواتم جوفاء في الممارسة العملية عندما يدعم عمليا أحد أطراف الصراع ويسمح لطرف واحد بزيادة ترسيخ سيطرته على الإقليم من جهة أخرى.
فبدلا من العمل كصانعي سياسات مسؤولين وملتزمين بالقانون ، يعملون على إزالة حقيقة صعبة من أمام أبصارهم وهي أولا أن الصحراء الغربية قد ضمتها المملكة المغربية بصورة غير مشروعة وثانيا أن الصراع الاستعماري لم تحسمه الأمم المتحدة وأن التواطؤ في استغلال الموارد الطبيعية المسروقة من شعبها مخطئ قانونيا ومنافٍ للأخلاق من الناحية الأخلاقية وثالثا أنه لا يمكن تجاهل أحكام محكمة العدل الأوروبية ؛ ومن الواضح أن أيا من هذه الحقائق الصعبة لا يمكن حله ببساطة وقد آن الأوان لأن تواجه المفوضية والدول الأعضاء واقعا يحترم القانون الأوروبي والقانون الدولي وأن يتصرف بصورة بناءة من أجل التوصل إلى حل مستدام ومنصف لهذا الصراع الذي طال أمده والذي سيسمح للشعب الصحراوي منذ فترة طويلة بإعادة التوحيد والتمتع بحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير وإزالة الشوكة الجيوسياسية التي تعيق العلاقات الأوروبية المتوسطية.
( واص ) 090/100