Aller au contenu principal

الصحراء الغربية لا تزال قضية تصفية استعمار لدى الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي (وزارة الخارجية)

Submitted on

الشهيد الحافظ 23 يونيو 2018 (واص) أكدت وزارة الخارجية الصحراوية في مذكرة لها، أن الصحراء الغربية بالنسبة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي حالة استعمار يجب إخضاعها لعقيدة وممارسات الأمم المتحدة المتعلقة بتصفية الاستعمار، يمر حلها عبر ممارسة الشعب الصحراوي لحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال من خلال استفتاء حر ونزيه وديمقراطي تحت إشراف المنظمتين.
لقد سبق للمغرب نفسه أن اعترف بحق شعب الصحراء الغربية ليس فقط في تقرير المصير بل أيضا في الاستقلال قبل أن يشرع في غزوه واحتلاله للصحراء الغربية في 1975، كما قبل أيضا خطة التسوية التي وضعتها الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية على أساس خيار استقلال الصحراء الغربية، تذكر وزارة الخارجية.
إن إدارة المغرب لظهره لاحقا واحتلاله العسكري القائم وضمه غير الشرعي لأجزاء من أراضي الجمهورية الصحراوية يشكل انتهاكا صارخا للمبادئ الأساسية المنصوص عليها في القانون التأسيسي للاتحاد الافريقي بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصرـ؛ (ب) احترام الحدود القائمة إبان الاستقلال، و (و) حظر استخدام القوة أو التهديد بإستخدامها ضد الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الافريقي (المادة 4)، يضيف ذات المصدر.
واعتبرت الخارجية الصحراوية، إن احتلال المغرب الذي طال أجزاء من الجمهورية الصحراوية لم يؤد فقط إلى الإنتهاك الدائم لمبدأين من المبادئ الأساسية التي تقوم عليها المنظومة الدولية القائمة؛ وهما حق الشعوب في تقرير المصير وعدم جواز حيازة الأراضي بالقوة، ولكن أدى أيضا إلى تهديدات مستمرة ومتزايدة للسلم والأمن الإقليميين.
ودعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأسره أن يتحملا مسؤولياتهما وأن يبعثا برسالة قوية إلى المغرب مفادها أن حق الشعوب غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال لا يمكن أن يكون رهينة إلى الأبد لتعنت دولة محتلة أخفقت مرارا في الوفاء بإلتزاماتها الدولية.
 فيما يلي النص الكامل لمذكرة وزارة الخارجية حول الوضع في الصحراء الغربية:
 
مذكرة حول قضية الصحراء الغربية
يونيو 2018
أولاـ مـقــدمــة:
1ـ تقع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في شمال غرب أفريقيا، وتبلغ مساحتها 266.000 كيلومترا مربعا. يحدها المغرب من الشمال، والجزائر من الشمال الشرقي، وموريتانيا من الشرق والجنوب. وتطل على المحيط الأطلسي بساحلٍ طوله 1200 كيلومتر. وقد تم إعلان الجمهورية الصحراوية الديمقراطية في 27 فبراير 1976، بعاصمتها المؤقتة، بير لحلو.
2ـ عاش الصحراويون كمجتمع مستقل في فترة ما قبل الاستعمار، وأوجدوا نظامهم الإجتماعي والسياسي الخاص بهم كما أوجدوا أشكال التعبير الثقافي التي شكلت، عبر القرون، تميزهم كشعبٍ مستقل ومتسامح ومحب للحرية والسلام.
3. وتعتبر الصحراء الغربية آخر حالة تصفية إستعمار في إفريقيا، حيث تم إدراجها في جدول أعمال الأمم المتحدة منذ عام 1963 عندما وُضع الإقليم، المعروف آنذاك باسم الصحراء الإسبانية، على قائمة الأمم المتحدة للأقاليم غير المتمتعة بالإستقلال الذاتي تحت البند الحادي عشر (XI)من ميثاق الأمم المتحدة. وقد كان إدراج الصحراء الغربية في قائمة تلك الأقاليم التي تعرضت شعوبها، في ذلك الوقت، للهيمنة الاستعمارية الأجنبية، بمثابة إعتراف بالشعب الصحراوي كشعبٍ مُستعمَر، وبالتالي إعترافا بحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال. ولهذا السبب، ظلت الجمعية العامة للأمم المتحدة تدعو باستمرار إلى ممارسة الشعب الصحراوي لهذا الحق وفقاً لقرار الجمعية العامة 1514 (XV) لسنة 1960،الذي تضمن إعلان منح الإستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة.
 4ـ وفي مواجهة تكتيكات المماطلة التي انتهجتها إسبانيا القوة الاستعمارية للإقليم آنذاك من أجل عرقلة عملية إنهاء الاستعمار في الإقليم، وهي العملية التي طالما دعت إليها الأمم المتحدة، واصل الصحراويون مقاومتهم السلمية للوجود الاستعماري. ورغم أن السلطات الاستعمارية قد سحقت بوحشية أول حركة وطنية صحراوية في 17 يونيو 1970، إلا أن ذلك مهد الطريق أمام تأسيس جبهة البوليساريو في 10/05/1973 كحركة تحرير،اتخذت من الكفاح المسلح نهجا لتحقيق الاستقلال عن الهيمنة الاستعمارية. وبالفعل استطاعت الجبهة الحصول على التأييد الفوري والشامل في أوساط الصحراويين، وعلى اعتراف الأمم المتحدة بها في وقت لاحق كممثل شرعي ووحيد للشعب الصحراوي.
 5ـ وباﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ الضغط المتزايد للمقاومة المسلحة ﻟﺠﺒﻬﺔ اﻟﺒﻮﻟﻴﺴـﺎرﻳﻮ والدﻋـﻮات المتكررة للأمم المتحدة لإنهاء اﻻﺳـﺘﻌﻤﺎر في اﻹﻗﻠﻴـﻢ، إلا أن إﺳـﺒﺎﻧﻴﺎ انتظرت حتى أغسطس 1974 لتعلن عن استعدادها ﻟﺘﻨﻈﻴـﻢ اﺳـﺘﻔﺘﺎء لتقرير المصير في الصحراء الغربية بداية 1975. وفي الفترة من 8 مايو إلى 14 يونيو 1975، أجرت بعثة لتقصي الحقائق تابعة للجنة 24 بقيادة سفير كوت ديفوار لدى الأمم المتحدة، سيمون آكي، بجولة في المنطقة، حيث أكدت في تقريرها أن هناك إجماعا كبيرا بين الشعب الصحراوي على مسألة الإستقلال وعلى الرفض التام للمطالب الإقليمية لكل من المغرب وموريتانيا من جهة، وعلى أن جبهة البوليساريو هي القوة السياسية المسيطرة في الإقليم وتحظى بدعمٍ غير مسبوق في أوساط الصحراويين من جهة أخرى.
6ـ وبالرغم من ذلك، فقدتم قطع الطريق وبشكل عنيف أمام مسار عملية تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية حين قام المغرب بغزو وإحتلال أجزاء من البلد بالقوة في 31 أكتوبر 1975 في إنتهاك صارخ لإلتزاماته بتطبيق ميثاقي الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية، وفي تجاهلٍ تام للرأي الإستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 16 أكتوبر 1975الذي يؤكد بشكل لا لبس فيه على ما يلي:
[إن المواد والمعلومات المقدمة إليها (المحكمة) لا تثبت وجود أية روابط للسيادة الإقليمية بين إقليم الصحراء الغربية والمملكة المغربية أو الكيان الموريتاني، وبالتالي فإن المحكمة لم تجد روابط قانونية ذات طبيعة قد تؤثر على تطبيق لائحة الجمعية العامة 1514 (XV) في تصفية الإستعمار من الصحراء الغربية، وعلى وجه الخصوص، على مبدأ تقرير المصير من خلال التعبير الحر والحقيقي عن إرادة شعب الإقليم].
7ـ وفي هذا الصدد، ينبغي التأكيد على أن تحرك المغرب لغزو الصحراء الغربية كان مدفوعاً بالدرجة الأولى بالإيديولوجية التوسعية لما يُسمى بـ "المغرب الكبير" وبالمزاعم الإقليمية التي طالب المغرب بها جميع جيرانه فيما بعد بناءً على مزاعم تاريخية مزيفة. فبعد إثارتها من حزب الاستقلال المغربي المتشدد أواخر الخمسينات، بُعيد حصول المغرب على استقلاله عام 1956، تبنى النظام الملكي المغربي هذه الأيديولوجية مباشرة كركيزة أساسية لسياسته الداخلية والإقليمية. وهكذا ادعى النظام الملكي المغربي بأن الصحراء الإسبانية آنذاك، وموريتانيا كلها، وجزءً كبيرا من غرب الجزائر،وسانت لويس في السنغال، وجزءً كبيرا من شمال مالي أيضا (بما في ذلك تمبكتو) تعود جميعها تاريخيا للمغرب. ومن المعروف أن المغرب انتظر تسع سنوات قبل أن يعترف بموريتانيا كدولة مستقلة، وأنه حاول أن يحتل بالقوة جزءًا من غرب الصحراء الجزائرية في 1963.
8 –وقد كان التحرك المغربي العنيف مدفوعا أيضا بأزمة ثقة محلية منذ أن واجه حُكم ملك المغرب الحسن الثاني تحدياً كبيرا تمثل في إنقلابين عسكريين في يوليو 1971 وأغسطس1972. وبالرغم من أن الملك نجا من المحاولتين، إلا أن الإستياء المتصاعد في البلاد، لا سيما داخل الجيش، جعل الوضع أكثر صعوبة بالنسبة للنظام الملكي. وبغض النظر عن اهتمام المغرب المتزايد بالموارد الطبيعية الوفيرة للصحراء الغربية، وعن اللعبة الجيوسياسية في الحرب الباردة آنذاك، فإن حاجة المملكة الملحة إلى مخرج لأزمته االشرعية ومشاكله االداخلية المتنامية هي السبب الحقيقي وراء تحرك المغرب لغزو واحتلال الصحراء الغربية.
9ـ وتماشيا مع لائحة الجمعية العامة 2625 (XXV) التي تنص على أن "تعتبر أية حيازة لإقليم عن طريق التهديد أو إستخدام القوة، أمرا غير قانوني"، لم تعترف الأمم المتحدة قط بشرعية ضم المغرب لأجزاءٍ من الصحراء الغربية، الشيء الذي ينطبق أيضا على موقف منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي حاليا) بشأن هذه المسألة. وعلاوة على ذلك، فإن الرأي القانوني لمستشار الأمم المتحدة للشؤون القانونية الصادر عام 2002 يؤكد بوضوح بأن المغرب لا يمارس أية سيادة أو سلطة إدارية على الصحراء الغربية. كما أكد الرأي القانوني الصادر في 2015 من قبل مكتب المستشار القانوني لمفوضية الاتحاد الإفريقي[1]على أن "بما أن الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية عضو مؤسس للإتحاد الافريقي، فيجب على جميع الدول الأعضاء في الإتحاد الافريقي الأخذ بعين الإعتبار مبادئ وأهداف الإتحاد الافريقي وخاصة ما تعلق بضرورة الدفاع عن سيادة وإستقلال إقليم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية". نفس هذا الرأي القانوني أكد بأن "المغرب ليس قوة مديرة لإقليم الصحراء الغربية طبقا للبند 73 من ميثاق الأمم المتحدة، وليس لديه السيادة على الصحراء الغربية وعليه فإن قضية الصحراء الغربية تبقى قضية تصفية استعمار معلقة وبالتالي يجب حلها تماشيا مع لائحة الجمعية العامة للأمم المتحدة 1514 (XV)".
10ـوبشكل أكثر وضوحا، استنكرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بشدة، في اللائحة 37/34 الصادرة في 21 نوفمبر 1979 واللائحة19/35الصادرة في 11 نوفمبر 1980تفاقم الوضع الناجم عن ”إستمرار إحتلال الصحراء الغربية من طرف المغرب“. وبالتالي فإن كل ما سبق، يفسر حقيقة أنه لا توجد اليوم دولة واحدة أو منظمة إقليمية أو دولية في العالم تعترف بمزاعم السيادة والاحتلال المغربي لأجزاءٍ من الصحراء الغربية. وكما ذكر الأمين العام في الفقرة 37 من تقريره الصادر في 19 أبريل 2006 فإنه "لا توجد أية دولة عضو في الأمم المتحدة تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية".
11ـ ومع ذلك، فمن الأهمية بمكان التأكيد على أن المغرب اعترف في واقع الأمر بحق شعب الصحراء الغربية ليس فقط في تقرير المصير بل وفي الاستقلال أيضا قبل أن يبدأ غزوه وإحتلاله غير المشروع للإقليم عام 1975.
12ـ وفي هذا الإطار، قال مندوب المغرب لدى اللجنة الخاصة بتصفية الإستعمار للجمعية العامة للأمم المتحدة (لجنة 24)،الداي ولد سيدي بابا، في 7 يونيو 1966: "أطالب باستقلال الصحراء الغربية في أقرب وقت ممكن، ويجب أن يكون إستقلالا حقيقيا، حتى يمكننا الخروج من المأزق الحالي"[2]. كما أعلن وزير الخارجية المغربي محمد الشرقاوي في الدورة الحادية والعشرين للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في 13 أكتوبر 1966بأن "المغرب يدعم إستقلالا حقيقيا للصحراء الغربية يضع مستقبل المنطقة في أيدي أبنائها الذين سيقررون مصيرهم من منطلق الحرية"[3].
13 –من جهته قال الملك الراحل الحسن الثاني، ملك المغرب، في مؤتمر صحفي عقد في 30 يوليو 1970 ما يلي: ”بدلا من الاستمرار في المطالبة بإقليم الصحراء، سأقدم الطلب المحدد بإجراء إستشارة شعبية تضمن بأن تكون النتيجة الأولى هي مغادرة غير الأفارقة،وتسمح لشعب الصحراء بالإختيار بين العيش تحت الرعاية المغربية أو تحت رعايتهم الخاصة أو تحت أيةرعاية أخرى"[4].
علاوة على ذلك، وخلال إجتماع مجلس وزراء منظمة الوحدة الأفريقية المنعقد بالرباط (المغرب) من 5 إلى 12 يونيو 1972، عمل المغرب بفعالية من أجل إعتماد القرار(XIX)CM / Res. 272 الذي دعا إسبانيا،القوة المديرة للصحراء الغربية، لتمكين سكان هذا الإقليم من "ممارسة حقهم في تقرير المصير والاستقلال دون تأخير وبما يتفق مع ميثاق الأمم المتحدة".
 
ثانياـ مساعي وساطة منظمة الوحدة الافريقيةوجهود التسوية
14ـ لطالما شكل الإلتزام الرسمي بتصفية الاستعمار التام من الأقاليم الأفريقية الواقعة تحت الاحتلال الأجنبي على أساس حق الشعوب المستعمرة غير القابل للتصرف في تقرير المصير، وكذا إحترام الحدود القائمة عند الاستقلال الوطني، المبادئ التوجيهية لموقف منظمة الوحدة الأفريقية، وخلفها الاتحاد الأفريقي، فيما يتعلق بمسألة الصحراء الغربية.
15ـفي هذا السياق، اعتمد مجلس وزراء منظمة الوحدة الأفريقية المنعقد في دورته العادية السابعة بأديس أبابا من 31 أكتوبر إلى 4 نوفمبر 1966القرار CM 82 (VII) Resحول الأقاليم الواقعة تحت الهيمنة الأسبانية. وأخذا بعين الإعتبار المادة 2 من ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية التي تنص على القضاء على جميع أشكال الاستعمار من القارة كأحد الأهداف الرئيسية للمنظمة، أعرب المجلس عن دعمه الكامل لجميع الجهود الرامية إلى التحرير الفوري وغير المشروط لجميع الأراضي الأفريقية الواقعة تحت السيطرة الإسبانية(إيفني، والصحراء الإسبانية، وغينيا الاستوائية، وفرناندو بو)، وناشد إسبانيا الشروع وبجدية في عملية تمنح الحرية والاستقلال لكل هذه الأقاليم، كما دعاها للإمتناع عن أية خطوة قد تخلق فيها وضعا يهدد السلام والأمن في أفريقيا.
16ـ وجدد مجلس الوزراء تأكيد نفس الموقف في دورته العادية التاسعة عشرة التي عُقدت بالرباط (المغرب) من 5 إلى 12 يونيو 1972، حيث اعتمد فيها القرارCM/Res.272(XIX) المتعلق بالتدابير الخاصة التي يتعين إعتمادها بشأن تصفية الاستعمار والكفاح ضد الأبارتايد والتمييز العنصري. وفيما يتعلق بالصحراء الإسبانية، أعرب المجلس عن تضامنه مع شعب الصحراء الرازح تحت الهيمنة الإسبانية داعيا إسبانيا من جديد إلى خلق جو حر وديمقراطي يمكن شعب الإقليم من ممارسة حقه في تقرير المصير والاستقلال دون تأخير وفقا لميثاق الأمم المتحدة. والجدير بالذكر أن القرارCM/Res.272(XIX)، الذي تم اعتماده بالإجماع وبالتصويت الإيجابي للمغرب، أيد حق شعب الصحراء الإسبانية ليس فقط في تقرير المصير بل وفي الاستقلال أيضا.
17ـ إن التكاليف الضخمة التي تكبدها المغرب خلال سنوات الحرب جعلت الملك الحسن الثاني يدرك إستحالة الانتصار العسكري في الصحراء الغربية. وفي محاولة لوقف تقدم جيش التحرير الشعبي الصحراوي، ولوقف تزايد الإنجازات الديبلوماسية التي حققتها الجمهورية الصحراوية في أفريقيا وفي أماكن أخرى، فكر الملك الحسن الثاني مجبرا ـ وإن كان لأسباب تكتيكية ـ في إمكانية تنظيم إستفتاءٍ لتقرير المصير في الصحراء الغربية كوسيلة للخروج من النزاع المسلح.
 
ثالثا. الموقف الإفريقي المشترك حول قضية الصحراء الغربية
18. نتيجة لنجاح المقاومة العسكرية والديبلوماسية الصحراوية ضد الجيوش الغازية، أنشأت القمة الخامسة عشرة لمنظمة الوحدة الأفريقية المنعقدة بالخرطوم (السودان) في يوليو 1978 لجنة من رؤساء الدول خاصة بالصحراء الغربية يترأسها الرئيس التنفيذي تحت التمرين لمنظمة الوحدة الأفريقية من عام 1978 إلى عام 1984 (تاريخ انسحاب المغرب رسميا من منظمة الوحدة الأفريقية). عقدت هذه اللجنة أكثر من 10 جلسات بين عامي 1978 و 1983. اُعيد تسميتها لتصبح لجنة التنفيذ لرؤساء الدول المعنية بالصحراء الغربية.
19ـ في دورتها العادية الثامنة عشرة المنعقدة في نيروبي (كينيا) من 24 إلى 27 يونيو 1981، درس مؤتمر رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الأفريقية تقرير الأمين العام وتقارير الدورتين الخامسة والسادسة للجنة الخاصة لرؤساء الدول في الصحراء الغربة، ولاحظ الإلتزام الرسمي الذي تعهد بموجبه الملك الحسن الثاني بقبول تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية لتمكين سكان ذلك الإقليم من ممارسة حقهم في تقرير المصير بالإضافة إلى إلتزامه بالتعاون مع اللجنة المذكورة في البحث عن حل عادل وسلمي و دائم. وهكذا تبنى مؤتمر منظمة الوحدة الأفريقية اللائحة AHR/Res.103(XVIII) بشأن الصحراء الغربية التي نصت على إنشاء لجنة للتنفيذ مكونة من الرؤساء ذات صلاحيات كاملة للعمل مع الأمم المتحدة واتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان ممارسة سكان الصحراء الغربية لتقرير المصير من خلال إستفتاء حر ونزيه.
20ـ بالرغم من إلتزام المغرب المبكر، قبل منظمة الوحدة الأفريقية عام 1981، بالسماح بتنظيم الإستفتاء واحترام نتائجه، فقد أصبح من الواضح أن نواياه لم تكن صادقة وأنه كان يريد فقط ربح مزيدٍ من الوقت. بعد قبول عضوية الجمهورية الصحراوية في منظمة الوحدة الأفريقية سنة 1982، تبنت جمعية المنظمة القرار AHG/Res.104 (XIX)حول الصحراء الغربية في يونيو 1983. هذا القرار حث أطراف النزاع؛ المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، على الدخول في مفاوضات مباشرة بهدف التوصل إلى وقف إطلاق النار وخلق الظروف الملائمة لتنظيم إستفتاءٍ سلمي وعادل لتقرير مصير شعب الصحراء الغربية بعيدا عن أية قيود إدارية أو عسكرية وبرعاية منظمة الوحدة الأفريقية والأمم المتحدة. في الواقع كان لهذا القرار دورا محوريا في إرساء أسس جهود الأمم المتحدة الهادفة إلى تصفية الإستعمار من الصحراء الغربية.
 
رابعا. جهود التسوية الأممية
 21ـلقد كان لقرار منظمة الوحدة الأفريقية AHG/Res.104 (XIX)دورا محوريا وأساسيا في إرساء أسس جهود الأمم المتحدة الهادفة إلى تصفية الإستعمار من الصحراء الغربية.
في 2 ديسمبر 1985، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع القرار 40/50بناءً على مشروع قدمه وفد السنغال نيابة عن الدول الافريقية. هذا القرار، الذي عكس مضمون فقرات القرار AHG/Res.104 (XIX)بأكمله،طالب طرفي النزاع بـ (أ) الشروع في مفاوضات مباشرة من أجل التوصل إلى (ب) وقف إطلاق النار والإتفاق على (ج) صيغة لتنظيم إستفتاءٍ حر وعادل لتقرير مصير شعب الصحراء الغربية.
القرار AHG Res 104 (XIX) بشأن الصحراء الغربية ، جمعية رؤساء الدول والحكومات ، التاسع عشر الدورة العادية ، 6 إلى 12 يونيو 1983 ، أديس أبابا ، إثيوبيا. 6 القرار A / RES / 40/50 ، الذي اعتمدته الجمعية العامة في 2 ديسمبر 1985 ، الجلسة العامة 99 ، مسألة الصحراء الغربية.
 -22 في إطار قرار الجمعية العامة 50/40، بدأ رئيس منظمة الوحدة الأفريقية والأمين العام للأمم المتحدة عام 1986 وساطة مشتركة بهدف الحصول على موافقة طرفي النزاع على خطة تسوية يكون هدفها الرئيسي تمكين شعب الصحراء الغربية من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال بشروط مقبولة من طرفه، وبالتالي من طرف المجتمع الدولي. وهكذا، أعدت الأمم المتحدة بالإشتراك مع منظمة الوحدة الأفريقية خطة للتسوية قبلها الطرفان؛ جبهة البوليساريو والمغرب، في 30 أغسطس 1988 وتبنتها قرارات مجلس الأمن الدولي 658 (1990)، و690 (1991).
23ـ تنص خطة التسوية على بدء سريان مفعول وقف إطلاق النار، يليها "تنظيم إستفتاءٍ بدون أية قيود عسكرية أو إدارية لتمكين شعب الصحراء الغربية من ممارسة حقه في تقرير المصير بالإختيار بين الاستقلال أو الاندماج مع المغرب"[الفقرة 1. S18.2130/ يونيو 1990].
ومن أجل تحقيق هذه الغاية، أنشأ مجلس الأمن الدولي بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) وتم نشرها في الإقليم للإشراف على وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ يوم 6 سبتمبر 1991 وكذا الإشراف على تنظيم الإﺳـﺘﻔﺘﺎء في تاريخ محدد لا يتجاوز فبراير 1992 وفقا للجدول الزمني الذي تبنته لائحة مجلس الأمن الدولي رقم 690 (1991).
24. في سبتمبر 1997، ألتزم المغرب نفسه مرة أخرى بالتمسك بإستفتاء تقرير المصير والخيارات التي إتفق عليها الطرفان من قبل، وخاصة خيارات الاستقلال أوالإندماج. ألزم نفسه بذلك حين وقــَّـع إتفاقيات هيوستن التي تفاوض عليها الطرفان برعاية وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر كمبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية. ومع ذلك، إستمر المغرب في زرع العراقيل مما أدى إلى توقف بالعملية الإستفتائية برمتها وخاصة عندما أعلن على الملأ معارضته لخطة التسوية الأممية وفكرتها الأساسية القائمة على تنظيم إستفتاءٍ لتقرير مصير الشعب الصحراوي التي سبق له وأن قبلها. وفي نوفمبر 2002، أعلن ملك المغربي من جانب واحد أن الاستفتاء المنصوص عليه في خطة التسوية بالأممية "عفا عليه الزمن" لأنه لن يكون قابل للتطبيق من الناحية العملية.
25ـ للدفاع عن موقفه، إحتج المغرب، ولا يزال يحتج، بأن الاستفتاء في الصحراء الغربية غير قابل للتطبيق من الناحية العملية بسبب "الخلافات الجوهرية" حول معايير أهلية من يحق لهم التصويت في الاستفتاء. من المعروف جيدا أنه قد تم تحديد ـ وبشكل واضح ـ الهيئة الانتخابية التي يحق لها التصويت في خطة التسوية الأممية الأفريقية وفي الترتيبات اللاحقة التي وافق عليها المغرب رسميا وطواعية. والحقيقة هي أن المغرب جعل مسألة المصوتين تبدو وكأنها عائق ـ أمام العملية الإستفتائية برمتها ـ لا يمكن تجاوزه لإخفاء تخوفه من المضي قدما في عملية إستفتائية لا يضمن الفوز فيها.
26ـ هناك أيضا حجة واسعة الإنتشار تروج لأنه لا يمكن تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية لأن النتيجة ستكون "محصلتها صفر"أو "الفائز يحصل كل شيء". الجدير بالذكر بأن خياري الاستفتاء (الاستقلال أو الإنضمام) قد قبلهما الطرفان وأيدهما مجلس الأمن الدولي.
إن كون المغرب قد قرر التراجع عن إلتزاماته خوفا من خسارة التصويت لا يمكن أن تكون حجة مقنعة لإلغاء عملية الإستفتاء برمتها. إلى جانب ذلك، فإن إستفتاء تيمور الشرقية اﻟﺬي قام على خياري "اﻟﻘﺒﻮل واﻟﺮﻓﺾ"يمكن توصيفه أيضا ضمن هذا المنطق كلعبة محصلتها.
ومع ذلك، فلم تمنع مقاربة "الفائز يحصل كل شيء" من إجراء التصويت.
في النهاية، كان الفائز الوحيد هو شعب تيمور الشرقية الذي إستعاد حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير عندما رفض مقترح الحكم الذاتي الخاص داخل اندونيسيا في إستشارة حرة وديمقراطية بإشراف دولي.
27ـ في الواقع، فإن مناورة المغرب وما لحقها من تغيير جوهري ناجمة عن إدراكه التام بأن شعب الصحراء الغربية سيصوت للاستقلال في أي إستفتاء حر وديمقراطي. هذه هي الحقيقة التي لا يمكن إنكارها بالحديث عن بعض القضايا التقنية والإجرائية. في أغسطس 2004 ، قال جيمس بيكر في مقابلة مع أحد البرامج الإذاعية العمومية (PBS)أن المغرب يصبح في كل مرة أكثر عصبية كلما اقتربت الأمم المتحدة من تنظيم الاستفتاء: "كلما اقتربنا، كلما زاد بالتوتر، أعتقد بأن المغاربة قلقون بشأن إمكانية خسارة الاستفتاء".
28ـبعد رفض المغرب لخطة التسوية الأممية الأفريقية عام 1991، ولخطة بيكر عام 2003 ، تبنى مجلس الأمن القرار 1754 (2007) في 30أبريل 2007 الذي دعا فيه كلا الطرفين؛ البوليساريو والمغرب، إلى "الدخول في مفاوضات بدون شروط مسبقة وبحسن نية للتوصل إلىحل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين يضمن تقرير مصير شعب الصحراء الغربية".
29ـتماشيا مع اللائحة 1754 وما تلاها من قرارات مجلس الأمن،تم عقد أربع جولات من المفاوضات المباشرة وتسع جولات غير مباشرة بين الطرفين برعاية الأمم المتحدة كان آخرها في 11 مارس 2012 بنيويورك. هذه المفاوضات لم تحقق أي تقدم جوهري بسبب إصرار المغرب على حل يتعارض مع ممارسة الشعب الصحراوي لحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير
كما سبق وأن طالبت بذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
30ـبعد رفضه لخطط السلام وجهود التسوية الأممية المتلاحقة، ما زال المغرب لم يُبـدِ رغبة في الدخول بجدية في مفاوضاتٍ بإشراف الأمم المتحدة تهدف أساسا للتوصل إلى ﺣﻞ ﺳﻴﺎﺳﻲ يقبله الطرفان وﻳضمن للشعب الصحراوي حقه في تقرير المصير. في غضون ذلك، يستمر المغرب في جهوده الرامية إلى تقويض مصداقية وسبب جود بعثة الأمم المتحدة للإستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) التي لم تُـنشأ إلا لتنظيم إستفتاءٍ حر وعادل لتقرير المصير في الصحراء الغربية.
31ـ في مارس 2016 ، قام المغرب بطرد المكون المدني في بعثة المينورسو مما أثر بشكل كبير على قدرة البعثة على تنفيذ مهمتها. وفي أغسطس 2016 ، حاول أيضًا من جانب واحد تغيير الوضع القائم في الإقليم من خلال شق طريق عبر جدار العار في منطقة الكركارات في إنتهاك صارخ لشروط وقف إطلاق النار المتفق عليه عام 1991 وللإتفاق العسكري رقم 1 لعام 1997. وأمام تقاعس الأمم المتحدة، إضطرت الجمهورية الصحراوية للرد على تلك الخطوة الخطيرة والإستفزازية وممارسة حقها في السيادة على أراضيها المحررة.
32ـ بعد إعلانه عن نيته في العمل على إستئناف عملية التفاوض بين طرفي النزاع
بديناميكية وروح جديدة، عين الأمين العام للأمم المتحدة في أغسطس 2017السيد هورست كولر، الرئيس الألماني الأسبق، مبعوثا شخصيا له إلى الصحراء الغربية خلفا للسفير الأمريكي كريستوفر روس. جبهة البوليساريو رحبت على الفور بهذا التعيين، وجددت إستعدادها للتعاون معه في مهمته التي تهدف إلى التوصل لحل سلمي ودائم يضمن لشعب الصحراء الغربية الحق في تقرير المصير، كما تعاطت مع دعوته بإيجابية كمحطة في جولة المشاورات التي أجراها مع الطرفين والدولتين المجاورتين؛ الجزائر وموريتانيا.
 
خامساـ مساعي الإتحاد الأفريقي:
33ـ تمسك الاتحاد الأفريقي على مر السنين بنفس الموقف الذي اعتمده سلفه، منظمة الوحدة الأفريقية فيما يتعلق بمسألة الصحراء الغربية من حيث إعادة التأكيد على الحق غير القابل للتصرف للشعب الصحراوي في تقرير المصير وضرورة تنفيذه.
 
34ـ وقد تعهدت قمة الاتحاد الإفريقي، في خطة العمل التي إعتمدتها في دورتها الخاصة المتعلقة بالبت في النزاعات وتسويتها في أفريقيا المنعقدة في طرابلس (ليبيا) في 31 أغسطس 2009، بدعم الجهود المبذولة من طرف الأمم المتحدة لتجاوز الإنسداد الحاصل في القضية وفي القرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن الدولي حول الصحراء الغربية، كما دعت إلى تكثيف الجهود من أجل إجراء استفتاءٍ لتمكين الشعب الصحراوي من إختيار مستقبله بحرية.
35ـ وتبنت القمة في دورتها العادية التاسعة عشرة المنعقدة بأديس أبابا في 15 و16 يوليو 2012 تقرير مجلس السلم والأمن حول أنشطته وحول حالة السلم والأمن في أفريقيا. وفيما يتعلق بالصحراء الغربية، جددت القمة دعوة الاتحاد الأفريقي لمجلس الأمن الأممي لاتباع نهج أكثر ديناميكية تجاه الصراع، داعية إياه على وجه الخصوص للسعي إلى تهيئة الظروف التي تمكن شعب الصحراء الغربية من ممارسة حقه في تقرير المصير بما يتماشى مع الشرعية الدولية وقرارات الاتحاد الأفريقي ذات الصلة.
36ـ وفي يونيو 2014، وفي إطار تنفيذ المقررات ذات الصلة الصادرة عن أجهزة صنع سياسة الاتحاد الإفريقي، عين رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي الرئيس الموزمبيقي الأسبق، جواكيم شيصانو، مبعوثًا خاصًا للصحراء الغربية، وعهد إليه بمهمة إجراء مشاورات مع مجلس الأمن الدولي والأمانة العامة للأمم المتحدة بشأن أفضل السبل التي يمكن للاتحاد الأفريقي من خلالها دعم الجهود الدولية لإيجاد حل للصراع على أساس الشرعية الدولية.
37ـ وتعبيرا عن قلق الاتحاد الأفريقي العميق إزاء التأخير في إنهاء تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، تبنى مجلس السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي قرارا بشأن الصحراء الغربية في 27 مارس 2015، حيث أعاد هذا القرار التأكيد على التزام الاتحاد الأفريقي بالمشاركة الفعالة في البحث عن حل عاجل وعادل لنزاع الصحراء الغربية، آخر مستعمرة في إفريقيا. ولتحقيق ذلك، اقترح خطوات عملية تمثلت في إحياء اللجنة المخصصة لرؤساء الدول والحكومات بشأن الصحراء الغربية، وإنشاء مجموعة اتصال دولية حول الصحراء الغربية، والمراجعة الدورية للوضع في الإقليم.
علاوة على ذلك، حث القرار المذكور مجلس الأمن الدولي على اتخاذ جميع القرارات اللازمة لضمان التقدم في البحث عن حل للصراع في الصحراء الغربية، كما دعاه لمنح بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الإستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) صلاحية مراقبة حقوق الإنسان ومسألة الاستغلال غير الشرعي للموارد الطبيعية للإقليم.
38ـ وفي يونيو 2015، تبنى مؤتمر الاتحاد الإفريقي قرارًا[5] دعا فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة لتحديد موعد لإجراء استفتاء لتقرير المصير لشعب الصحراء الغربية، ولحماية الصحراء الغربية باعتبارها إقليما غير متمتع بالحكمالذاتي من أي عمل قد يهدده، كما حث مجلس الأمن الدولي على الاضطلاع الكاملبمسؤولياته والتعامل الجاد مع قضايا احترام حقوق الإنسان والاستغلال غير الشرعي للموارد الطبيعية للإقليم. وتم التأكيد على نفس الموقف في قمة الاتحاد الأفريقي المنعقدة في 2016[6].
39ـ كان يتوقع أن يساهم انضمام المغرب، كدولة عضو في الاتحاد الإفريقي في يناير 2017 بعد توقيعه وتصديقه على القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، في إيجاد حل سريع ودائم لقضية تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، وبدلا من ذلك، استمر المغرب في احتلاله العسكري غير القانوني لأجزاء من أراضي الجمهورية الصحراوية وهو ما يمثل انتهاكا صارخا للمبادئ الأساسية الواردة في القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر: ب)ـ إحترام الحدود القائمة إبان الاستقلال، و ج)ـ حظر استخدام القوة أو التهديد باستخدامها ضد أية دولة أخرى عضو في الاتحاد الأفريقي (المادة 4).
40ـمن جهة أخرى، تبنت الدورة العادية الثلاثين لمؤتمر الاتحاد الأفريقي المنعقدة بأديس أبابا (إثيوبيا) في 28 و 29 يناير 2018 قرارا[7] عبرت فيه عن دعمها لإعادة إطلاق عملية التفاوض بين الجمهورية الصحراوية والمغرب بهدف التوصل إلى حل دائم يتوافق مع نص وروح مقررات منظمة الوحدة الأفريقية/الاتحاد الأفريقي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، كما جدد المؤتمر دعوته للدولتين العضوتين للإنخراط، دون شروط مسبقة، في محادثات مباشرة وجادة بإشراف الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة لإجراء إستفتاء حرٍ ونزيه لشعب الصحراء الغربية. المؤتمر طلب من المغرب أيضا، بصفته دولة عضو في الاتحاد الأفريقي، السماح لبعثة مراقبي الاتحاد الأفريقي بالعودة إلى الصحراء الغربية والسماح كذلك بمراقبة مستقلة لحقوق الإنسان في الإقليم.
41ـ ومع ذلك، استمر المغرب في تحديه لقرارات الاتحاد الأفريقي ومحاولاته المتكررة لشل المساهمة المعتبرة للاتحاد الأفريقي في عملية السلام في آخر مستعمرة في إفريقيا. وحتى هذا التاريخ، لا يزال المغرب يعارض بشدة أي تدخل من جانب الاتحاد الأفريقي في عملية السلام في الصحراء الغربية ويرفض عودة بعثة المراقبة التابعة للاتحاد الأفريقي إلى الإقليم، وهو ما يذكرنا بالبيان الذي أدلى به السفير المغربي لدى الأمم المتحدة في 30 أبريل 2015 عندما وصف انخراط الاتحاد الأفريقي ب"المُسمِّم". وكما أكد الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره الأخير المقدم إلى مجلس الأمن في 29 مارس 2018، فقد أبلغ المغرب الأمم المتحدة رسميًا بـ "معارضته المطلقة لأية مشاركة للاتحاد الأفريقي في العملية السياسية" في الصحراء الغربية، وأكد أيضا أن المغرب لم يسمح لبعثة مراقبي الاتحاد الأفريقي بالعودة إلى الإقليم واستئناف تعاونها مع بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية.
42ـ ومن المهم التأكيد على أن موقف المغرب من مشاركة الاتحاد الأفريقي في مسألة الصحراء الغربية لا يستند إلى الحقائق ولا إلى أي أساس قانوني. ففيما يتعلق بالحقائق، ينبغي التذكير أن المغرب قد قبل رسمياً مقترحات التسوية عام 1988 التي نصت على إجراء الاستفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة بالتعاون مع منظمة الوحدة الأفريقية. ولهذا السبب، لايزال الاتحاد الأفريقي ممثلاً على الأرض كجزء من بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية. علاوة على ذلك، لم يعارض المغرب أبدا قرارات مجلس الأمن التي تدعو إلى تنظيم الاستفتاء والإشراف عليه من قبل الأمم المتحدة بالتعاون مع منظمة الوحدة الأفريقية.
43ـ أما فيما يخص الشق القانوني، فالاتحاد الأفريقي (كما كان الحال عليه بالنسبة لمنظمة الوحدة الأفريقية) شريك كامل للأمم المتحدة في تنفيذ خطة التسوية الأممية-الأفريقية التي قبلها المغرب نفسه في 1988، ويبقى الضامن لهذه الخطة بالشراكة مع الأمم المتحدة. ضف إلى ذلك، أن الاتحاد الأفريقي منظمة إقليمية تلعب دوراً محوريا في الحفاظ على السلم والأمن في القارة وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، الذي ينص على الدور الحاسم للمنظمات الإقليمية في حفظ السلم والأمن الدوليين (الفصل الثامن). وتنص المادة 54 من ميثاق الأمم المتحدة وعلى وجه الخصوص على أن يبقى المجلس "دائما على إطلاع تام بالأنشطة التي تمت أو التي سيتم القيام بها" من قبل المنظمات الإقليمية "من أجل الحفاظ على السلم والأمن الدوليين".
44ـ علاوة على ذلك، وفي إطار الاضطلاع بمسؤوليته عن السلم والأمن في أفريقيا تماشيا مع القانون التأسيسي للاتحاد وميثاق الأمم المتحدة، يتعاون الاتحاد الأفريقي بشكل وثيق مع مجلس الأمن الدولي في جميع الأمور المتعلقة بالسلم والأمن في القارة، وعلى هذا الأساس يتصرف الاتحاد فيما يتعلق بالصحراء الغربية، وبالتالي لا يملك المغرب أي أساس قانوني لمعارضة تدخله في هذه القضية.
45ـ ولذلك، فإن المعارضة المغربية لأي تدخل من جانب الاتحاد الإفريقي في التسوية السلمية للنزاع في الصحراء الغربية، هي نتيجة لموقف ذي دوافع سياسية ولايستند على الحقائق أو على الأسس القانونية. ومع ذلك، يواصل المغرب محاولاته لتقويض التعاون بين الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في حالة الصحراء الغربية معتمدا في ذلك ـ مع الأسف ـ على الدعم الفرنسي الثابت كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي.
 
سادساـانتهاكات حقوق الإنسان ونهب الثروات الطبيعية للإقليم
46ـ على مدى السنوات الـ 27 الماضية، لم يُقـْـدم المغرب فقط على عرقلة استفتاء تقرير المصير الذي أقرته الأمم المتحدة، والمفاوضات التي رعتها الأمم المتحدة بين طرفي النزاع، بل أقدم على تنفيذ سياسات توسعية دائمة تهدف إلى تغيير الوضع الراهن في أجزاء من الجمهورية الصحراوية الواقعة تحت إحتلاله العسكري غير القانوني، والتي لا تعترف الأمم المتحدة بأية سيادة أو سلطة قضائية مغربية عليها. وتشمل هذه الممارسات، على سبيل المثال لا الحصر، تعزيز الوجود العسكري المغربي، وإجراء الانتخابات وتنظيم المؤتمرات من قبيل منتدى كرانس مونتانا في الأراضي المحتلة من الصحراء الغربية، ونقل آلاف المستوطنين المغاربة إلى الإقليم لتغيير طبيعته الديموغرافية وتشكيلته الإدارية.
47ـ وفي هذا الصدد، يرتكب المغرب منذ احتلاله للصحراء الغربية في 31 أكتوبر 1975 انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان ضد المدنيين الصحراويين في الأجزاء المحتلة من الإقليم.
وعلى غرار السياسات القمعية والتمييزية التي انتهجها نظام الميز العنصري في جنوب أفريقيا، تبنى المغرب سياسة ممنهجة وشوفينية وإبادة جماعية في الأراضي الصحراوية المحتلة هدفها ليس فقط احتلال الأرض بالقوة بل أيضا إبادة شعب الإقليم بشتى الوسائل. وتشمل انتهاكات حقوق الإنسان التي مارستها السلطات المغربية اختفاء نشطاء صحراويين في مجال حقوق الإنسان، وتعذيب سجناء الرأي، والاحتجاز التعسفي، ووحشية الشرطة، والتخويف، والإعدام خارج نطاق القضاء. ولا تزال الأراضي المحتلة بأكملها تحت حصار عسكري وتعتيم إعلامي شامل، في حين تمنع السلطات المغربية المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام الدولية والمراقبين من دخول الإقليم. هذه الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان وثَّقتها العديد من منظمات حقوق الإنسان الدولية والأفريقية وأوردها الأمين العام في تقاريره عن الصحراء الغربية.
48ـ ونتيجة لانشغاله بشأن وضعية حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة من الجمهورية الصحراوية، تبنى المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، في دورته العادية العشرين التي عقدت بأديس أبابا ما بين 23 و 27 يناير 2012 ، القرار (EX.CL/Dec.689 (XX بشأن التقارير الدورية التاسعة والعشرين والثلاثين والحادية والثلاثين الصادرة عن اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب فيما يتعلق بالوضعية في الصحراء الغربية. وطلب المجلس التنفيذي من اللجنة إرسال بعثة إلى الأراضي المحتلة من الجمهورية الصحراوية بهدف التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان وتقديم تقرير إلى الدورة العادية الموالية للمجلس التنفيذي في يناير 2013.
49ـ وفي مقابل رفض المغرب السماح لبعثة اللجنة الافريقية لحقوق الانسان والشعوب بزيارة الأراضي المحتلة من الجمهورية الصحراوية، تمكنت البعثة من زيارة مخيمات اللاجئين الصحراويين قرب تندوف جنوب غرب الجزائر وجزء من الأراضي المحررة في الفترة من 24 إلى 28 سبتمبر 2012. وفي تقريرها (EX.CL/796 (XXXIII)) المقدم إلى المجلس التنفيذي في دورته العادية الثالثة والعشرين، أوصت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بأن يضع الاتحاد الأفريقي مسألة تقرير المصير للصحراء الغربية كبند أساسي في جدول أعماله، وأن يوجه الجهود الدولية نحو حل القضية بشكل سريع وعادل لتحقيق تطلعات الشعب الصحراوي. كما حثت اللجنة الاتحاد الأفريقي على دعوة مجلس الأمن الدولي والانخراط معه لإدراج مراقبة انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة ضمن صلاحيات بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية.
50ـ من جهة أخرى، حثت السلطات الصحراوية بشكل متواصل مجلس الأمن على إنشاء مكون لحقوق الإنسان ضمن بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية بهدف حماية وضعية حقوق الإنسان للشعب الصحراوي ومراقبتها والتقرير عنها ما دام النزاع قائما. وأكدت بشكل خاص على أن المراقبة الدائمة والموضوعية لحقوق الإنسان لا يمكن إنجازها إلا من خلال بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية الشيء الذي من شأنه السماح بالاستجابة السريعة للحالات الطارئة ميدانيا، وتسهيل تقديم التقارير مباشرة إلى أعضاء الأمم المتحدة وفقا لالتزامات البعثة بموجب ميثاق الأمم المتحدة. ومع ذلك وبسبب معارضة فرنسا، لم يتمكن مجلس الأمن من اتخاذ أية تدابير ملموسة لتعزيز الشفافية وضمان إطلاعه بشكل أفضل على وضعية حقوق الإنسان ميدانيا في الصحراء الغربية.
51ـ يواصل المغرب استغلاله الجشع للموارد الطبيعية للصحراء الغربية بشكل غير قانوني بالتواطؤ، في الغالب، مع الكيانات الأجنبية في انتهاك صارخ للسيادة الدائمة للشعب الصحراوي على موارده الطبيعية. ومن المهم التأكيد على أن الرأي القانوني للاتحاد الإفريقي لعام 2015 أوضح أن الموارد الطبيعية للصحراء الغربية هي مِلكٌ للشعب الصحراوي، وأن المغرب ليس له الحق في استكشاف أواستغلال أي موارد طبيعية، متجددة أو غير متجددة، في الأراضي المحتلة من الصحراء الغربية، ولا إبرام إتفاقات/عقود مع أطراف ثالثة بشأن هذه الموارد.
52ـمن المهم أيضاً التذكير بالحكم التاريخي الذي أصدرته محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي في ديسمبر 2016الذي قضت فيه بأنه ـ وفقا لمبدأ تقرير المصير ـ لا يمكن أن يُدرج الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية، بأي شكل من الأشكال، الصحراء الغربية في علاقاتهما التجارية دون موافقة مسبقة من الشعب الصحراوي. وفي 27 فبراير 2018، أصدرت نفس المحكمة حكمًا آخر يثبت بشكل قاطع أن الصحراء الغربية ليست جزءًا من المغرب، وأن الاتفاقات المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لا يمكن تطبيقها على أراضي الصحراء الغربية أوعلى مياهها الإقليمية.
53ـوما يزال المغرب يقيم جدار العار الذي يمتد على طول 2700 كلم والمحمي بأكثر من 7 ملايين لغم مضاد للأفراد وللمركبات بالرغم من أن وقف إطلاق النار الذي تشرف عليه الأمم المتحدة في الصحراء الغربية ساري المفعول منذ أكثر من عقدين. إن القوة المدمرة للألغام الأرضية على طول الجدار تؤثر على المدنيين الصحراويين في كلا الجانبين وغالباً ما تتسبب في الإصابات وفي بتر أطراف الضحايا والوفايات بسبب الحوادث المتعلقة بالألغام الأرضية وبقايا الذخائر غير المتفجرة.
54ـ بالإضافة إلى ذلك، ووفقاً لوزارة الخارجية الأمريكية (INCSR 2017، المجلد 1)، يظل المغرب أكبر منتج ومُصدّر للقنب الهندي في العالم، حيث يتم تهريب أطنان من المخدرات المغربية كل يوم إلى المنطقة وخارجها لتصبح مصدراً رئيسيا لتمويل الجماعات الإرهابية العابرة للحدود التي تنشط في منطقة الساحل والصحراء. ويشكل تورط الجيش المغربي الموثق بشكل جيد في تهريب المخدرات والبشر عبر جدار العار، والذي راح ضحيته رعايا أفارقةتهديدًا متزايدًا للسلم والأمن الإقليميين.
 
سابعاـ الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية
55 ـ على الرغم من تحديات اللجوء والاحتلال، أقامت الجمهورية الصحراوية، الدولة العضو المؤسس للاتحاد الافريقي، مجتمعا حديثا يحرص على قيم العدالة الاجتماعية والديمقراطية والمساواة بين الجنسين والتسامح وسيادة القانون ويعززها. ويمكن للشعب الصحراوي أن يفتخر بحق بأنه أقام هذا المجتمع القائم على المساواة حيث يمكن لكل مواطن أن يشارك مشاركة كاملة في الشؤون العامة، وحيث تؤدي المرأة دورا أساسيا في جميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
56ـ كمااكتسبت الأراضي الصحراوية المحررة، التي تمارس عليها الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية السيادة الكاملة، أهمية متزايدة في السياسة العامة للحكومة الصحراوية التي تبذل جهودا كبيرة لتوفير البنية التحتية والأمن الضروريين للمواطنين الصحراويين الذين يعيشون في تلك المناطق.
57ـ وتبذل الجمهورية الصحراوية أيضا جهودا متواصلة بالتنسيق مع البلدان الصديقة والدول المجاورة لردع ومنع أية أنشطة غير مشروعة تتصل بالجريمة المنظمة دوليا وغيرها من التهديدات الأمنية. ونظرا للخبرة الكبيرة لقواتها العسكرية، فقد ساهمت الجمهورية الصحراوية بشكل فعال في تعزيز وتفعيل الهياكل الأمنية الاقليمية وفقا لإلتزاماتها كدولة عضو في الاتحاد الافريقي.
58ـ لقد عززت الجمهورية الصحراوية أيضا علاقاتها مع عدد كبير من الدول الصديقة في العالم لا سيما في أفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقه الكاريبي وآسيا وجنوب شرق المحيط الهادئ.
59ـ وبعد التخلص من الاحتلال المغربي للأجزاء المتبقية من ترابها الوطني، ستعمل الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية على تعزيز وتنويع علاقاتها مع جميع بلدان الاتحاد الافريقي وسائر أعضاء المجتمع الدولي تماشيا مع أهداف ومقاصد كل من القانون التأسيسي للاتحاد الافريقي وميثاق الأمم المتحدة. وستضع الجمهورية الصحراوية ضمن أولوياتها القصوى القيام بدور إيجابي في تقوية الاتحاد الافريقي وتعزيز الروابط الثقافية والسياسية والاقتصادية مع جميع البلدان والشعوب الافريقية، كما ستسعى لأن تكون عضوا فعالا في منطقة المغرب العربي.
60ـ بعد إستعادة الدولة الصحراوية سيطرتها على مواردها الطبيعية المغتصبة، فإنها ستسعى أيضا إلى إقامة علاقات تعاون وتبادل متعددة الجوانب مع جميع جيرانها دون إستثناء على أساس الاحترام المتبادل وحسن الجوار والتعاون من أجل تكامل إقليمي وقاري أشمل.
ثامناـ آخر التطورات
61ـ في 27 أبريل 2018، تبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قراره رقم 2414 (2018) الذي مدد بموجبه ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)لمدة ستة أشهر. إن مدة التجديد القصيرة، وتأكيد مجلس الأمن الدولي على إستئناف المفاوضات بين الطرفين بحسن نية ودون شروط مسبقة يمثلان رسالة واضحة وقوية إلى المغرب الذي ظل دائما يربط الدخول في المفاوضات بشروط مسبقة ويضع بإستمرار العراقيل أمام عملية السلام الأممية.
62ـلا تزال سلطات الجمهورية الصحراوية تأمل في أن يقدم مجلس الأمن هذه المرة دعمه الكامل للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، السيد هورست كوهلر، في جهوده الرامية إلى إعادة إطلاق عملية التفاوض وتحريكها نحو هدفها النهائي المتمثل في التوصل إلى حل سلمي وعادل ودائم لمسألة تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية وفقا لقرارات الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الافريقية/الاتحاد الافريقي ذات الصلة.
63ـ وتجدر الإشارة إلى أن المغرب قد استبق قرار مجلس الأمن الدولي 2414 (2018) بحملة إعلامية وديبلوماسية لم يسبق لها مثيل من المعلومات المضللة ذهبت إلى حد التهديد بالقيام بإجراءات عسكرية لضم الأراضي المحررة للجمهورية الصحراوية بالقوة. ومع ذلك، فقد اتضح بأن الحملة المغربية المحمومة لم تكن سوى حملة لذر الرماد في العيون صُممت عمدا لصرف انتباه مجلس الأمن الدولي عن القضايا الحقيقية الكامنة وراء المأزق الحالي الذي سببه المغرب نفسه. وعلاوة على ذلك، فندت الأمم المتحدة في مناسبتين مختلفتين، من خلال المتحدث بإسم الأمين العام،ادعاءات المغرب غير المؤسسة فيما يتعلق بوقف إطلاق النار الذي تشرف عليه الأمم المتحدة وبالوضعية الميدانية في الصحراء الغربية.
64ـ لقد جاء التصعيد المغربي الكلامي والعدواني أيضا على خلفية إعراب الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي للصحراء الغربية عن نيتهما الصادقة في استئناف عملية التفاوض بين الطرفين وفقا لما دعا إليه مجلس الأمن، إلا أن الموقف القوي الذي أعرب عنه الاتحاد الأفريقي مؤخرا فيما يتعلق بالحاجة الملحة لإجراء مفاوضات مباشرة بين الجمهورية الصحراوية والمغرب قد وجه ضربة كبيرة لمحاولات المغرب الرامية إلى شل إسهام افريقيا المعتبر في جهود السلام في آخر مستعمرة في القارة.إن هذا التصعيد يعود أيضا إلى النكسات التي تلقاها المغرب على يد محكمة العدل الأوروبية التي أصدرت مؤخرا حكمها ضد نهب المغرب غير المشروع للموارد الطبيعية للصحراء الغربية على غرار محكمة جنوب أفريقيا التي أكدت عدم قانونية تصدير ونقل المغرب للفوسفاط الصحراوي.
65ـ لم يكن التصعيد المغربي واستعراضه للقوة، في مجمله، إلا حلقة أخرى من حلقات سياسة الإبتزاز وسلوك التحدي، التي لم تواجَـه بعد وللأسف بالرد المطلوب والقوي من جانب مجلس الأمن الدولي. ويشمل ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، رفض المغرب لمراقبة حقوق الإنسان في إطار مهمة بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية(المينورسو)، وطرد المكون المدني للبعثة، بما في ذلك بعثة مراقبي الإتحاد الأفريقي، ومحاولة تغيير الوضع الراهن في منطقة الكركرات، وفرض حمل لوحات ترقيم مغربية على مركبات البعثة الأممية، إضافة إلى ختم جوازات سفر موظفي البعثة لدى دخولهم وخروجهم من وإلى الصحراء الغربية، وتحديه المستمر لسلطة بعثة المينورسو في نطاق مهمتها.
66ـ ويبدو أنه لم يطرأ أي تغيير يذكر بعد اتخاذ قرار مجلس الأمن 2414 (2018). وما يثير القلق الشديد هو أن المغرب كثف جهوده لتقويض اتفاق وقف إطلاق النار والإتفاق العسكري رقم1 اللذين يشكلان الركيزتين الأساسيتين لعملية السلام التي تقوم بها الأمم المتحدة، والحفاظ على الوضع القائم في الإقليم في إنتظار حل نهائي للصراع. ويصر المغرب على سياسة استعراض القوة من خلال ممارساته الميدانية والتصريحات العدوانية التي أدلي بها المسؤولون المغاربة لخلق جو لا يفضي إلى استئناف المفاوضات المباشرة بين الطرفين التي دعا إليها مجلس الأمن الدولي.
67ـ وفي غياب رد قوي من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على سياسات المغرب التوسعية في الصحراء الغربية، تواصل سلطة الإحتلال القائمة ممارساتها في منأى عن العقاب، وتحاولالتوسع بالقوة وبشكل غير قانوني لضم الأراضي المحررة من الجمهورية الصحراوية. ولا شك أن هذه الوضعية تعد تحدٍ للشرعية الدولية ولعقيدة الأمم المتحدة في تصفية الاستعمار، وقد تقوض في نهاية المطاف مصداقية الأمم المتحدة وسلطتها في التعامل مع مسألة الصحراء الغربية.وما زالت سلطة الاحتلال القائمة لا تدخر أي جهدا لتقويض حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال، ولجأت في ذلكـ إلى التلاعب المستمر والتضليل والابتزاز والترهيب من بين جملة أمور أخرى.
 
تاسعاـ الاستنتاجات
68 ـ ما زالت الصحراء الغربية بالنسبة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي حالة استعمار يجب إخضاعها لعقيدة وممارسات الأمم المتحدة المتعلقة بتصفية الاستعمار، وهو ما يعني أن للشعب الصحراوي حقا غير قابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال ينبغي ممارسته من خلال استفتاء حر ونزيه وديمقراطي.
69ـ لقد سبق للمغرب نفسه أن اعترف بحق شعب الصحراء الغربية ليس فقط في تقرير المصير بل أيضا في الاستقلال قبل أن يشرع في غزوه واحتلاله للصحراء الغربية في 1975، كما قبل أيضا خطة التسوية التي وضعتها الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية على أساس خيار استقلال الصحراء الغربية. إن إدارة المغرب لظهره لاحقا واحتلاله العسكري القائم وضمه غير الشرعي لأجزاء من أراضي الجمهورية الصحراوية يشكل انتهاكا صارخا للمبادئ الأساسية المنصوص عليها في القانون التأسيسي للاتحاد الافريقي بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصرـ؛ (ب) احترام الحدود القائمة إبان الاستقلال، و (و) حظر استخدام القوة أو التهديد بإستخدامها ضد الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الافريقي (المادة 4).
70ـ إن احتلال المغرب الذي طال لأجزاء من الجمهورية الصحراوية لم يؤد فقط إلى الإنتهاك الدائم لمبدئين من المبادئ  الأساسية التي تقوم عليها المنظومة الدولية القائمة؛ وهما حق الشعوب في تقرير المصير وعدم جواز حيازة الأراضي بالقوة، ولكن أدى أيضا إلى تهديدات مستمرة ومتزايدة للسلم والأمن الإقليميين. لذلك ينبغي على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأسره أن يتحملا مسؤولياتهما وأن يبعثا برسالة قوية إلى المغرب مفادها أن حق الشعوب غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال لا يمكن أن يكون رهينة إلى الأبد لتعنت دولة محتلة أخفقت مرارا في الوفاء بإلتزاماتها الدولية.
71ـ ومن الضروري أيضا أن يحاسب الاتحاد الافريقي وأجهزته المعنية المغرب على إنتهاكه المستمر للقانون التأسيسي للاتحاد الافريقي وتجاهله لقرارات الاتحاد الأفريقي ذات الصلة بشأن الصحراء الغربية. كما ينبغي عليه أيضا أن يستخدم سلطته لحث المغرب على المشاركة الجادة والبناءة في المفاوضات المباشرة مع الجمهورية الصحراوية وفقا لقرارات الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ذات الصلة، والكف عن اتخاذ أية إجراءات قد تزيد التوتر في المنطقة وتهدد الاستقرار والأمن.
72ـ وبصفته خليفة لمنظمة الوحدة الأفريقية التي كانت السباقة بعملية السلام في الصحراء الغربية، يظل الاتحاد الافريقي شريكا كاملا للأمم المتحدة وضامنا لتنفيذ خطة التسوية التي وضعتها الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية، كما ينبغي الاعتراف بمساهماته في عملية تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، آخر مستعمرة في افريقيا، وتنفيذها، بما في ذلك دعوته إلى تحديد موعد لإجراء إستفتاء تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية.
73ـ لذلك، من المهم أن تحدد الجمعية العامة للأمم المتحدة موعدا لإجراء استفتاء تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية لأن أي تأخير في تمكين الشعب الصحراويمن ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال لن يؤد إلا إلى تعقيد الوضع ميدانيا وإلى زعزعة إستقرار الوضع المضطرب أصلا في المنطقة.
74ـ إن إستكمال تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية من خلال ضمان حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال سيعطي بالتأكيد زخما إضافيا للجهود الجارية الرامية إلى مواجهة تحديات السلم والأمن في القارة، وسيكون أيضا نقطة إنطلاق هامة لتحقيق التكامل الإقليمي والقاري المنشود الذي لا غنى عنه بالنسبة لإفريقيا موحدة ومسالمة ومزدهرة.
 
 
--

[1]الرأيالقانوني حول "الشرعيةفي سياقا لقانون  الدولي،بمافي ذلك قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة  وقرارات منظمة الوحدة الأفريقية / الاتحادالأفريقي للإجراءات التي يُفترض أن تتخذها السلطات المغربية أ وأية دولة أخرى أو مجموعة من الدو ل أ و الشركات الأجنبية أو أي كيان آخرفي استكشاف  و / أواستغلال للموارد الطبيعية المتجددة وغيرالمتجددة أوأي نشاط اقتصادي آخرفي الصحراءالغربية "الصادرعن مكتب المستشارالقانوني لمديريةالشؤون القانونية لمفوضيةالاتحادالإفريقي عام 2015.

[2][1966]: A/PV.1441

[3][1966]: A/PV.1441

[4]Annuaire de l’Afrique du Nord, 1970, CNRS, Paris, 1971, 807.

[5]Decision Assembly/AU/Dec.583(XXV), Assembly of the Union, Twenty-Fifth Ordinary Session, 14 -15 June 2015, Johannesburg, South Africa.

[6]Decision Assembly/AU/Dec.598(XXVI), Assembly of the Union, Twenty-Sixth Ordinary Session, 30-31 January 2016, Addis Ababa, Ethiopia.

[7]Decision Assembly/AU/Dec.677(XXX), Assembly of the Union, Thirtieth Ordinary Session, 28 – 29 January 2018, Addis Ababa, Ethiopia.