الشهيد الحافظ، 29 ماي 2023 (واص) - عاقب الناخب الإسباني أمس 28 ماي بطريقة قصوى الحزب الاشتراكي الإسباني في الانتخابات البلدية والمحلية وهي الانتخابات التي تعتبر اختبارا وطنيا لرئيس الوزراء بيدرو سانتشيس قبل شهرين من الانتخابات التشريعية.
لقد شملت الانتخابات كل البلديات الـ 8131، أي 35,5 مليون ناخب، والحكومات المحلية في 12 من أصل 17 منطقة إسبانية ذات حكم ذاتي، بما يشمل حوالي 18,3 مليون ناخب لقد خسر الاشتراكيون جميع البلديات والحكومات المحلية وبالتالي يتخلى المواطنون الإسبان عن الحزب الاشتراكي العمالي ويصوتون لغريمه الحزب الشعبي الذي"” و " فالينسيا" ” و " سيفيا" وهي سابقة لم تعرفها هذه الانتخابات المحلية الإسبانية من قبل.
بهذه النتيجة الفضيحة كما وصفها الإعلام الإسباني التي حصدها " السانتشيسمو" أي التيار المغربي داخل الحزب الاشتراكي الإسباني بقدر ما تعكس لعنة الصحراويين التي حلت بهذا الحزب الذي تفسخ من قيمه وعقيدته اليسارية و من موقف اسبانيا التاريخي من النزاع الصحراوي، بقدر ما تظهر عمق وتجذر القضية الصحراوية في أوساط العامة من الشعب الإسباني التي تشكل أغلبية الجسم الانتخابي وأن هذه القضية معادلة لا يمكن القفز عليها او المتاجرة بها، و هذا ما عكسه البرلمان الإسباني بإجماع في أكثر من مناسبة فضلا عن مواقف كافة الأحزاب الإسبانية و النقابات و المجتمع المدني.
لقد أخطأ بيدرو سانشيز في استراتيجيته باعتماده على المخزن المغربي في ترتيب أوضاعه الداخلية وتهيئة نجاحاته المستقبلية أو هكذا أوهمه شيوخ الحزب المتقاعدين في المغرب ( فيليبي كونساليز، رودريك ثاباتيرو، أكيلار و بونو و آخرون) و تجاهل أن الشعب الإسباني مهدد في ديمقراطيته و استقراره و حتى في سيادته من طرف جار السوء المغربي الذي غزاه بالمهاجرين و المخدرات و التجسس بل بالإرهاب ولن ينسى الإسبان أحداث مدريد 2004 و وبرشلونة 2019 .
لقد أراد رئيس الوزراء الإسباني سانشيز والمصاب بنرجسية زائدة، أن يفوز بهده الانتخابات، بالارتكاز على خبرة نظام المخزن المغربي في التلاعب بأصوات الناخبين بعدما تأكد بأن الرأي الإسباني لن يغفر له انقلابه الخطير على الديمقراطية الإسبانية و على القانون الدولي وعلى إرادة الإسبانيين الداعمة لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، حيث حاول خلسة شراء الآلاف من أصوات الناخبين عبر البريد الشيء الذي أدى الى اعتقال أكثر من 20 شخصا منهم مرشحين من الحزب الاشتراكي حسب الشرطة، في كل من مدينة " مليلية" ومحافظات “المريا” و”هويلبا” و”ثامورا” و”اليكانتي” و وجهت أصبع الاتهام مباشرة الى المغرب. المغرب الذي جند كافة قنصلياته و ودادياته و توابعها، لحث الجالية المغربية للتصويت لصالح الحزب الاشتراكي و رفع شعار من “صوت لسانتشيز صوت لسيدنا ” و قد أكدت المخابرات الإسبانية أن المغرب ربما صرف أموالا باهظة في هذه الانتخابات حيث أعترف الموقوفون بأنهم يسلمون لكل ناخب ما بين 150 الى 200 أورو إذا صوت للحزب الاشتراكي مما يعتبر تدخلا مباشرة في الشؤون الداخلية الإسبانية الشيء الذي دفع مندوب حزب “فوكس” الى رفع القضية في البرلمان الأوروبي وهكذا كما يقول العرب ” إذا رافق الحوار الحمار علمه الشهيق و النهيق”
إن وطأة الهزيمة النكراء التي نزلت كالصاعقة على الاشتراكيين الإسبان وقوة الصفعة التي تلقاه زعيمهم سانشيز من الناخب الإسباني تضع حدا لغطرسة وعجرفة الحزب الاشتراكي العمالي وهرولته الى أحضان نظام المخزن المغربي ليجعل منه العشيق الحميم الذي لم يعلمه غير الغش و التزوير و شراء الذمم، كما أنها بداية لانهيار حكومة الاشتراكيين و خسارتها التشريعيات التي سارع سانشيز الى تقديمها لشهر يوليوز القادم عوض شهر ديسمبر كما كان مقررا مما يظهر أن سونامي المحليات جرف كل حسابات مهندسي استراتيجيات الاشتراكيين ولم يترك لهم أي مجال للمناورة.
إن الأكيد أن انتخابات أمس هي بمثابة ” بارومتر” سياسي مهم لقياس الرئاسيات القادمة وهكذا يحصد سانشيز سياسة وضع كل بيضه في السلة المغربية بخيانته للقضية الصحراوية ويتبخر معه أمل المخزن في اعتراف اسباني مزعوم بمغربية الصحراء كما تبخرت من قبل تغريدة الرئيس ترامب.
إننا لا نحسد حكومة الاشتراكيين الإسبان والمخزن المغربي على قصر زمن عشقهما الرومانسي فتلك لعنة الصحراويين التي ستبقى تنغس مضاجع كل متآمر ومعتدي على الشعب الصحراوي الصبور الطيب المسالم.
بقلم: الإعلامي والمدير السابق للإذاعة الوطنية محمد فاضل الهيط