Aller au contenu principal

رئيس الدولة يؤكد أن موقف فرنسا من القضية الصحراوية يكرس شعائر الذل و الاستعمار(نص الكلمة)

Submitted on

بومرداس 19 يوليو 2011 (واص) -أوضح رئيس الدولة الأمين العام لجبهة البوليساريوالسيد محمد عبد العزيز اليوم الثلاثاء ببومرداس الجزائرية "أن موقف فرنسا من قضية الصحراء الغربية " انتهاك لحقوق الإنسان"ويعد "سعيا مكشوفا لخلط الأوراق و تكريس شعائر الذل و الاستعمار"

 

 

 

وحذر رئيس الدولة في كلمة ألقاها بمناسبة اختتامالجامعة الصيفية الثانية لإطارات جبهة البوليساريو و الجمهورية العربية الصحراويةالديمقراطية أن "هذا الامر لن يؤدي إلا لمزيد من المعاناة و التوتر و اللاستقرار" في المنطقة.

وابرز الرئيس محمد عبد العزيز "ان الدفاع عن حقوق الإنسان واجب على الجميع كما هو حق للجميع، و لا يقبل أي استثناء أو انتقائية كالتي نشهدها اليوم في ممارسات بعض القوى العظمى التي تقيم الدنيا ولا تقعدها وترمي بكل ثقلها فتتدخل بشكل مباشر، سياسياً واقتصادياً، بل وحتى عسكرياً، في بقاع شتى من العالم، بينما تراها، في حالة الشعب الصحراوي المظلوم، تدوس عامدة متعمدة على كل تلك المبادئ والمثل التي تدعي الدفاع عنها.

وفيما يلي النص الكامل للكلمة

الإخوة والأخوات،

مع اختتام الطبعة الثانية من الجامعة الصيفية للإطارات الصحراوية، التي حملت هذه السنة اسم الشهيد سعيد دنبر، تحت شعار "المقاومة الشعبية مواجهة للاحتلال وطريق إلى الاستقلال"، في مدينة بومرداس الجزائرية المضيافة، لا مناص بداية من أن أتقدم، باسم حكومة وشعب الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وقيادة جبهة البوليساريو، بأسمى عبارات الشكر والتقدير والامتنان إلى كل الذين ساهموا، من قريب أو بعيد، في إنجاح هذا المنبر العلمي التثقيفي التكويني، والذين مثلتهم خير تمثيل اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، ومن خلالها إلى الجزائر العظيمة قاطبة، شعباً وحكومة، بقيادة فخامة الرئيس، أخينا المجاهد عبد العزيز بوتفليقة.

 

هذه الجزائر الشامخة التي طالما قدمت للبشرية دروساً سامية في الشهامة والكرامة والإباء وروح التضحية والوفاء للشهداء، استقطبت أنصار الحرية والمكافحين من أجل الانعتاق، وتشبثت بمواقفها المبدئية الراسخة، المنسجمة كامل الانسجام مع ميثاق وقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.

 

الإخوة والأخوات،

إننا نرى في العنوان الرئيسي الذي اختارته الجامعة الصيفية للإطارات الصحراوية هذه السنة، ألا وهو " المقاومة الشعبية مواجهة للاحتلال وطريق إلى الاستقلال" اختياراً موفقاً وحكيماً، يتماشى مع واقع المرحلة وضروراتها، في ظل ظروف جهوية ودولية تتسم بحراك كبير، له انعكاسات وتأثيرات في كامل المنطقة، في الوقت الذي يمكن أن يكون من شأنه الإسهام في التعجيل بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية.

 

إن المقاومة الشعبية هي الركيزة الأساسية التي قامت عليها الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، انطلاقاً من إيمانها المطلق بأن حرب التحرير تضمنها الجماهير.

 

ومفجر الثورة الصحراوية، الشيهد الولي مصطفى السيد، كان يدرك جيداً أن الشعب المنظم والواعي والموحد هو القوة الوحيدة القادرة على كسر جبروت وعنجهية الاستعمار، ولذلك فإن الفعل الوطني التحرري الصحراوي، بقيادة جبهة البوليساريو، ظل منصباً على العنصر البشري، كأولوية ملحة ودائمة، في معركة شرسة وغير متكافئة، عدة وعتاداً.

 

ولا شك أن ملحمة الصمود البطولية التي خاضها ويخوضها الشعب الصحراوي اليوم إنما تمتح من معين الإرادة الشعبية الراسخة التي لا تستطيع أية قوة في العالم أن تثنيها، طالما أنه لا حدود لطموحها إلا بتحقيق أهدافها الواضحة والمحددة في الحرية والكرامة وتقرير المصير والسيادة والاستقلال الوطني.

 

والكفاح المسلح، وانطلاقاً من كونه حقاً كرسته قرارات الأمم المتحدة للشعب الصحراوي، كوسيلة للدفاع عن النفس وانتزاع الحقوق المغتصبة، يبقى خياراً مشروعا وقائماً، نأمل ألا يقود إليه تعنت وتصلب الموقف المغربي، وبالتالي فهو جزء أصيل من المقاومة الشعبية من أجل الاستقلال، كفعل وطني شامل لمختلف أوجه النضال والكفاح، دبلوماسياً وإعلامياً ونقابياً وحقوقياً وغيرها من الجبهات.

 

ولم يكن من الغريب أن ينخرط في غمار هذه المعركة، بكل تجلياتها، جميع أفراد وفئات المجتمع الصحراوي، بلا استثناء، في تناغم وانسجام واتحاد واندفاع وحماس شعبي وطني فياض كان، ولا يزال، هو الذي يصنع الفرق الحاسم لصالح استمرار وديمومة وانتشار وشمولية فعل المقاومة وبالتالي بلوغ تلك الأهداف الوطنية السامية.

 

الإخوة والأخوات،

وقد جسدت انتفاضة الزملة التاريخية ضد الوجود الاستعماري الإسباني، بقيادة الشهيد محمد سيد إبراهيم بصيري، في 17 يونيو 1970، محطة ناصعة في التأسيس للمقاومة الوطنية في بعدها الشعبي الشامل وفي أسلوبها السلمي الحضاري الراقي الذي سارت عليه انتفاضات صحراوية متتالية ضد الاحتلال المغربي، وصولاً إلى انتفاضة الاستقلال المباركة التي اندلعت في 21 ماي 2005، و لا تزال فصولها متواصلة إلى اليوم.

 

وشكلت تلك الانتفاضة تحولاً نوعياً في المقاومة الشعبية من أجل الاستقلال، على مدار أكثر من ست سنوات، بطابعها النضالي السلمي، بالمظاهرات والوقفات والاعتصامات والإضرابات التي تنظمها جماهير الأرض المحتلة وجنوب المغرب ومواقع تواجد الجسم الصحراوي داخل المغرب، في الجامعات والمعاهد وغيرها.

 

وكامتداد للكفاح الوطني المشروع، بقيادة جبهة البوليساريو، حددت الانتفاضة جملة من المطالب، في مقدمتها إنهاء وضعية الاحتلال المغربي اللاشرعي للصحراء الغربية وتنظيم استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي واحترام الحريات الأساسية ووقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من طرف الدولة المغربية، والكف عن النهب الجشع للثروات الطبيعية الصحراوية وإزالة الجدار العسكري المغربي، الجريمة ضد الإنسانية، الفاصل بين العائلات الصحراوية.

 

وتلك المطالب بالتحديد هي التي أطرت ملحمة اقديم إيزيك التاريخية في 8 نوفمبر 2010، التي سجلت منعطفاً جديداً، ليس فقط في مسار كفاح الشعب الصحراوي، ولكن في تاريخ كفاح الشعوب عامة، والشعوب العربية خاصة، من أجل الانعتاق والحرية. وإنه لمبعث فخر واعتزاز أن يرى المراقبون والمفكرون والمحللون اليوم في ملحمة اقديم إيزيك شرارة جديدة ورمزاً للكفاح من أجل هذه القيم النبيلة، بما أبدعته من أساليب المقاومة الشعبية السلمية الراقية في مواجهة الاحتلال والعدوان والظلم والغطرسة.

 

لقد حققت تلك الملحمة نقلة نوعية جبارة تضاهي سنوات عديدة من مسيرة الكفاح الوطني الصحراوي، وأدت إلى رد فعل عدواني قمعي وحشي من طرف الحكومة المغربية، إلى درجة أن الخيمة الصحراوية، وإضافة إلى ما تمثله من هوية وطنية وثقافية واجتماعية أصيلة، أصبحت اليوم أيضاً رمزاً للمقاومة والثورة والتحرير، فتحولت إلى كابوس مرعب لدى سلطات الاحتلال المغربي، جعلها تسعى عبثاً إلى إزالتها من وجدان الصحراويين واجتثاثها من فضائها الطبيعي في الصحراء الغربية.

 

إننا لنقف اليوم وقفة إجلال وتقدير أمام بطلات وأبطال الانتفاضة البواسل، ونحيي الدور الريادي الشجاع الذي لعبه ويلعبه شباب ونساء الصحراء الغربية في صنع فصول تلك الملحمة، ونترحم على أرواح شهدائها البررة، من أمثال سعيد دنبر، الذي سميت عليه هذه الجامعة الصيفية، والذي لا يزال جثمانه لم يوارَ الثرى، نتيجة تعنت سلطات الاحتلال ورفضها كشف حقيقة عملية اغتياله الجبانة وتحمل مسؤوليتها الكاملة عنها.

 

كما نحيي تحية النضال والتضامن والمؤازرة أولئك المعتقلين السياسيين الصحراويين الأبطال، الذين أنهكتهم ممارسات التعذيب والترهيب وسلسلة الإضرابات عن الطعام التي خاضوها، رفضاً للمعاملة الحاطة من الكرامة البشرية التي يتعرضون لها يومياً، ولكنهم ظلوا متشبثين بمواقفهم الواضحة المعلنة، رغم ظلم الاعتقال التعسفي والتهم الملفقة والمحاكمات الصورية والأحكام الجائرة.

 

وهذه مناسبة نجدد فيها مطالبتنا للأمم المتحدة بضرورة تحمل كامل مسؤوليتها عن الإقليم التابع لها، في انتظار قيامها بمهمتها في تصفية الاستعمار منه، بالعمل العاجل، بكل الضغوط والعقوبات اللازمة، تجاه الحكومة المغربية، حتى يتم إطلاق سراح يحي محمد الحافظ إيعزة وجميع المعتقلين السياسيين الصحراويين والكشف عن مصير أكثر من 651 مفقوداً صحراوياً لدى الدولة المغربية.

 

الأخوة والأخوات،

إن الدفاع عن حقوق الإنسان واجب على الجميع كما هو حق للجميع، و لا يقبل أي استثناء أو انتقائية كالتي نشهدها اليوم في ممارسات بعض القوى العظمى التي تقيم الدنيا ولا تقعدها وترمي بكل ثقلها فتتدخل بشكل مباشر، سياسياً واقتصادياً، بل وحتى عسكرياً، في بقاع شتى من العالم، بينما تراها، في حالة الشعب الصحراوي المظلوم، تدوس عامدة متعمدة على كل تلك المبادئ والمثل التي تدعي الدفاع عنها.

 

يجب الحفاظ على الدفاع عن حقوق الإنسان ككل متكامل،  ولكننا نرى اليوم أطرافاً دولية تزعم أنها تدافع عن حقوق إنسانية هي، على أهميتها، منبثقة من حق أكبر منها و، في الوقت نفسه، تتجاهل وتنتهك، بشكل سافر ومفضوح، ذلك الحق الأكبر الأساسي الأول، ألا وهو الحق في تقرير المصير.

 

وفي الوقت الذي نحيي فيه المنتخبين الفرنسيين الذين حضروا وحاضروا في هذه الجامعة الصيفية، نقول لفرنسا بإن مثل ذلك السلوك هو بحد ذاته انتهاك لحقوق الإنسان وسعي مكشوف لخلط الأوراق والالتفاف على الحقيقة وتكريس واقع الظلم والاحتلال والاستعمار، وهو أمر لن يؤدي إلا إلى مزيد من المعاناة والتوتر واللا استقرار.

 

الإخوة والأخوات،

وفي هذا اليوم الذي تنطلق فيه جولة تفاوضية بين طرفي النزاع في الصحراء الغربية، جبهة البوليساريو والمملكة المغربية، لا تزال الحكومة المغربية ترفض تطبيق ميثاق وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالنزاع، ولا تزال تصر على الأطروحات الاستعمارية الأحادية الجانب، البعيدة كل البعد عن الخيار الديمقراطي الشفاف، بالرغم من الاستعداد الكامل الذي أبداه الطرف الصحراوي للتعاون البناء من أجل خلق المناخ السليم لإيجاد الحل الدائم القائم على احترام نتيجة استفتاء حر، عادل ونزيه لتقرير مصير الشعب الصحراوي.

 

وإننا لعلى ثقة بأن الشعب المغربي لا يمكن أن يشاطر الأفكار الشوفينية التوسعية التدميرية التي، مع الأسف الشديد، تبنتها الحكومة المغربية خلال العقود الماضية. ومن هنا، فنحن على ثقة أيضاً بأن مثل هذه الوضعية الشاذة، غير القانونية وغير الأخلاقية، لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، فنحن والشعب المغربي الشقيق نتقاسم نفس الأهداف في بلوغ الحرية والديمقراطية والسلام والاستقرار، مع جميع شعوب وبلدان المنطقة والعالم، وبناء اتحاد مغاربي على أسس واضحة من احترام إرادة الشعوب ومقتضيات الشرعية الدولية.

 

 

لا يمكن والحال هذه أن تكون لدى الشعب الصحراوي، بالمطلق، أية نية، معلنة أو مبيتة، للمساس أو الإضرار بمصالح شقيقه الشعب المغربي بل إن لديه، على العكس من ذلك تماماً، الرغبة الصادقة في التفهم الكامل لكل اهماماته وانشغالاته، في جميع المجالات.

 

ومن هنا، فإن قيام الجمهورية الصحراوية المستقلة، كتجسيد لخيار ديمقراطي حر وسيد للشعب الصحراوي، لن يكون إلا دعامة لتلك الأسس وتكريساً لخيار التعايش في إطار من الأخوة والصداقة والتعاون وحسن الجوار.

 

نحن نحيي تلك الأصوات المغربية التي ما فتئت تؤكد موقفها المنسجم مع ميثاق وقرارات الأمم المتحدة، والداعي إلى تطبيق مبدأ تقرير المصير للشعب الصحراوي، ونمد أيادينا لكل المغاربة، بمثقفيهم وسياسييهم ومواطنيهم عامة، حتى نضع حداً لنزيف عبثي لجهود وإمكانيات وطاقات الشعب المغربي التي تهدر في حرب ظالمة على شعب شقيق وجار ومسالم.

 

الإخوة والأخوات،

إننا ونحن نختتم هذه الطبعة الثانية من الجامعة الصيفية للإطارات الصحراوية في مدينة بومرداس المضيافة، على أرض الجزائر العظيمة، فإننا نسجل بارتياح ما مثلته وستمثله من إسهام جليل في تكوين إطارت الدولة الصحراوية، للحاضر كما للمستقبل، وما حفلت به من بديع العلم والمعرفة وما قدمته من محاضرات قيمة، على يد فطاحل العلم والفكر والنضال الذين تزخر بهم الجزائر الشقيقة.

 

وإذ نجدد الشكر العميق لهؤلاء جميعاً وللمنظمين وللمضيفين الكرام، فإننا نهنيء إطارات الدولة الصحراوية، الذين تقع عليهم مسؤولية الاستفادة والاستعانة بهذه المعارف القيمة لصقل خبراتهم وتجاربهم والمساهمة في بناء الدولة الصحراوية، وللقيام بدورهم الطلائعي في قيادة المقاومة الشعبية الصحراوية من أجل الاستقلال.

 

الصحراء الغربية لا يمكن أن تكون استثناء من قضايا تصفية الاستعمار، وتقرير المصير حق دولي مقدس غير قابل للتصرف، ولا يمكن للعالم، الذي احتضن اليوم جمهورية جنوب السودان، كما احتضن بالأمس القريب تيمور الشرقية وناميبيا، إلا أن يحتضن في القريب العاجل، إن شاء الله، الدولة الصحراوية المستقلة.

 

إن الشعب الصحراوي اليوم أكثر إيماناً وثقة  في النصر، وأكثر وحدة وتماسكاً والتفاقاً حول جبهة البوليساريو، وأكثر عزيمة وتصميماً على بلوغ أهدافه الوطنية، وتباشير النصر المؤزر الأكيد تلوح في الأفق، وقيام الدولة الصحراوية المستقلة السيدة على كامل ترابها الوطني حقيقة لا رجعة فيها.

 

عاشت المقاومة الشعبية الصحراوية من أجل الاستقلال

وكفاح شامل لفرض السيادة والاستقلال الكامل  (واص)

088/090 واص