باريس (فرنسا) 05 سبتمبر 2024 (واص)- انتقد الكاتب الفرنسي، جان بيار سيريني، تصريحات ماكرون الأخيرة الداعمة لاحتلال المغرب للصحراء الغربية، في مقال له نُشر يوم الثلاثاء على موقع أوريان 21 الذي يعنى بشؤون العالم العربي والشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن هذا الموقف مجرد انتهاك للشرعية الدولية ومناورة سياسوية خطرة لرئيس يعاني من نتائج الانتخابات التشريعية في فرنسا بعد فشله في الفوز بها.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أثار موجة من الانتقادات من أحزاب وشخصيات فرنسية وازنة بسبب تصريحاته الأخيرة حول الصحراء الغربية، أكد فيها أن "حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية"، مما اعتبرته جميع الأصوات المنتقدة قفزا على الشرعية الدولية، وخروجا عن الحياد الضروري الذي يمكن فرنسا من لعب دور إيجابي في حل هذا النزاع الذي تعتبر فرنسا إحدى مسبباته الرئيسية.
ووفقًا للمقال الذي يحمل عنوان: ” الصحراء الغربية. مناورة سياسوية وخطرة للرئيس ماكرون"، فإن ماكرون قد أقدم على هذه الخطوة لكسب تأييد اليمين الفرنسي واليمين المتطرف في ظل الانقسامات السياسية داخل الجمعية الوطنية الفرنسية، والتي عانى حزبه من نتائجها. ويأمل ماكرون أن يعزز موقفه من خلال استرضاء النواب الجمهوريين واليمين المتطرف، وذلك بهدف إنقاذ جزء من إرثه السياسي والاقتصادي، بما في ذلك إصلاح نظام التقاعد الأخير الذي يحاول فرضه على الشعب الفرنسي منذ سنوات.
وأشار سيريني إلى أن تصريحات ماكرون انتهاك لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي التي تنص على ضرورة استشارة الشعب الصحراوي وتمكينه من الحق في تقرير المصير.
وتساءل الكاتب عن تداعيات هذا الموقف الذي جاء في رسالة ماكرون إلى ملك المغرب يوم 30 جويلية الماضي، على الصعيدين الدبلوماسي والاقتصادي، معتبرا أنه رغم كل ما يقال حوله فلن يغير شيئا في واقع الحال بالصحراء الغربية.
وفي هذا السياق أكد الكاتب أن "الأمم المتحدة تبقى ملتزمة بتقرير مصير الصحراء، كما ردّد ذلك المتحدث باسمها في اليوم التالي لنشر الرسالة الرئاسية. أما على الصعيد الدبلوماسي، فإنه سيكون دائما بمقدور اثنين من أعضائه الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي، الصين وروسيا، معارضة أي تغيير في الموقف".
من جهة أخرى يرى كاتب المقال أن كل ما يهدف إليه ماكرون من خلال هذه التصريحات هو استرضاء اليمين واليمين المتطرف، للحصول على أصواتهما في البرلمان لفرض أجندته السياسية التي يحاول فرضها على الشعب الفرنسي منذ 2017.
وفي هذا السياق، يشير الكاتب إلى أن غاية ماكرون هي "دعم الشركات ومساهميها بقوة، حتى لو اقتضى ذلك كبح دولة الرفاهية - أو الاجتماعية - (المدارس والمستشفيات والميزانيات الاجتماعية) من خلال خفض إيراداتها وتقليص طموحاتها بشكل كبير. لقد أدان غالبية الناخبين هذه الخيارات، ولا يمكن للجمعية الوطنية المنقسمة إلى ثلاثة الاستمرار في هذه السياسة. ومع ذلك، يأمل قصر الإليزيه أن يضمن ما يشبه الأغلبية من خلال كسب دعم النواب الجمهوريين – وعددهم 47، يضاف إليهم 166 نائبًا من الفرق الثلاثة المشكلة لمجموعة “معاً من أجل الجمهورية”، وتفهم نواب اليمين المتطرف (126)، وبالتالي سيتمكن من إنقاذ الجزء الأكبر من إرثه الاقتصادي والمالي، ولا سيما إصلاح نظام التقاعد الأخير".
وبالتالي، يرى كاتب المقال أن ماكرون يضحي بمصالح الدولة الفرنسية الهائلة مع الجزائر من أجل هدف آني داخلي قد لا ينجح في تحقيقه، ويوجه بدلا من ذلك ضربة حقيقية للمصالح الفرنسية ولقوتها الناعمة في شمال أفريقيا، خاصة مع وجود لاعبين دوليين آخرين يحققون تقاربا أكبر مع الجزائر مثل الصين، وتركيا وايطاليا، في حين تبتعد باريس عن جارها الجنوبي الداعم الصلب للقضية الصحراوية، والرافض لأي محاولة مغربية أو أجنبية لفرض الأمر الواقع الاستعماري في المنطقة لما قد يشكله ذلك من خطر على أمن واستقرار دول شمال أفريقيا.
للإشارة جان بيار سيريني هو صحفي ومدير سابق لمجلة “لو نوفيل إيكونوميست” ورئيس تحرير سابق لمجلة “الإكسبريس”. له كتب عديدة حول مواضيع مختلفة منها المغرب العربي والخليج والطاقة وأرباب العمل والجمهورية الخامسة. (واص)
090/500/60 (واص)