نيويورك (الأمم المتحدة)، 29 ماي 2024 (واص) - أكد عضو الأمانة الوطنية، ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو، الدكتور سيدي محمد عمار، على أن الأمم المتحدة تواصل الاعتراف بحق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف وغير القابل للتقادم في تقرير المصير والاستقلال، وهو حق لا يمكن لأحد أن يسلبه من الشعب الصحراوي لأنه حق مُكتسب بفعل كفاح ومقاومة وتضحيات شعبنا الذي سيواصل الدفاع عن حقوقه وتطلعاته الوطنية بكل الوسائل المشروعة.
وجاء هذا التأكيد في المقابلة المطولة التي أجراها ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو مع الموقع الإسباني "الثورة الجديدة" التي قدم فيها نظرة مفصلة ومتعمقة على قضايا مهمة، بما في ذلك الوضع الحالي لعملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في الصحراء الغربية والديناميكيات الدولية المؤثرة والآفاق المستقبلية.
وبخصوص سؤال حول الوضع الراهن للمفاوضات بين طرفي النزاع، جبهة البوليساريو والمغرب، رد الدبلوماسي الصحراوي بأنه لا يمكن في الوقت الحالي الحديث عن مفاوضات بين طرفي النزاع لأن الجانب المغربي يرفض الدخول في مفاوضات تحت رعاية الأمين العام للأمم المتحدة دون شروط مسبقة وبحسن نية، كما يطالب بذلك مجلس الأمن الدولي. وهذا ما يظهر بوضوح أن دولة الاحتلال المغربية ليس لديها أي إرادة سياسية للتحرك نحو حل سلمي ودائم لإنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية.
وبشأن سؤال حول دور الأمم المتحدة والمينورسو بالتحديد في حل النزاع في الصحراء الغربية وما يجب القيام به للتوصل إلى حل عادل ودائم، شدد ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو على أن الأمم المتحدة، من خلال عملياتها للسلام، لا "تحل" النزاعات، ولكنها تتحمل المسؤولية السياسية عن اتخاذ القرارات التي يجب الامتثال لها، مثل القرارات التي يصدرها مجلس الأمن، فضلا عن واجب قيام أعضاء المنظمة بالوفاء بحسن نية بالتزاماتهم بموجب ميثاق الأمم المتحدة.
وفي هذا السياق، أشار إلى أن المغرب قد قبل، بمحض إرادته، خطة التسوية المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية، وبالتالي فهو ملزم بالامتثال بحسن نية لقرارات مجلس الأمن بشأن قضية الصحراء الغربية، بما في ذلك القرار 690 (1991)، الذي أنشأ المجلس بموجبه، وتحت سلطته، بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) وبولاية واضحة، أي إجراء استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي، دون قيود إدارية أو عسكرية.
وأضاف أنه من الواضح أن عجز المينورسو عن الوفاء بولايتها يرجع إلى التلازم بين عنصرين: أولاً، انعدام الإرادة السياسية من جانب دولة الاحتلال المغربية ومحاولاتها المستمرة لتقويض أساس ولاية المينورسو، وبالتالي منع إجراء استفتاء تقرير المصير لأنها على يقين من أن الشعب الصحراوي سيختار إعادة تأكيد خيار الاستقلال الوطني. ثانياً، تقاعس مجلس الأمن، بسبب تأثير بعض أعضائه الدائمين، وعدم اتخاذه لأي إجراء للرد بحزم على العرقلة المغربية وضمان التنفيذ الكامل لولاية المينورسو.
وأشار ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو إلى أن الشعب الصحراوي، في معركته الدبلوماسية في الأمم المتحدة، لا يواجه المغرب وأجهزته الدبلوماسية والدعائية فحسب، بل يواجه أيضا حلفاء دولة الاحتلال مثل فرنسا التي تواصل تقديم دعمها غير المشروط والدفاع عن المغرب في مجلس الأمن، كما أكد المسؤولون الفرنسيون أنفسهم. كل هذا، بالطبع، دون أن ننسى التحالفات الأخرى، القديمة والجديدة، التي تعتمد عليها دولة الاحتلال المغربية في حربها المعلنة ضد شعبنا.
وما زاد الطين بلة في الميدان، يضيف الدبلوماسي الصحراوي، هو أن المينورسو لا تزال كشاهد "أعمى" و"أبكم" و"أصم" إزاء الممارسات الاستعمارية والانتهاكات الخطيرة والمستمرة لحقوق الإنسان التي يرتكبها المغرب ضد الصحراويين في المناطق المحتلة، بالإضافة إلى القيود التي تفرضها دولة الاحتلال والتي تقوض الطابع الدولي للبعثة ومصداقيتها وحيادها كعملية سلام تابعة للأمم المتحدة.
وأكد في هذا الإطار على أنه بات من الضروري أن يُدرج مجلس الأمن عنصراً لحقوق الإنسان في ولاية المينورسو لأنه من غير المقبول أن تظل البعثة استثناء في وقت أصبح فيه تعزيز وحماية حقوق الإنسان أولوية في جميع عمليات الأمم المتحدة للسلام.
وبشأن ما يجب القيام به للتوصل إلى حل عادل ودائم، أكد ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو على أن المطلوب هو توفر أجهزة الأمم المتحدة ذات الصلة على الإرادة السياسية والتصميم على إنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية.
وفي هذا السياق، شدد على ضرورة أن تتوفر لدى مجلس الأمن الإرادة السياسية اللازمة لاستخدام جميع الأدوات الدبلوماسية وغيرها من الأدوات المتاحة له لتمكين المينورسو من الوفاء الكامل بولايتها من خلال تنظيم استفتاء يمارس فيه الشعب الصحراوي حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال بطريقة حرة وديمقراطية.
وبخصوص سؤال حول ما إذا كانت قيادة جبهة البوليساريو تفكر في إمكانية وقف الحرب، رد الدبلوماسي الصحراوي مؤكداً على أن جبهة البوليساريو لم تبدأ أي حرب، بل على العكس من ذلك، حيث لا يزال الشعب الصحراوي منذ عام 1975 ضحية لأعمال عدوانية مستمرة من قبل دولة الاحتلال المغربية، ولذلك اضطر شعبنا إلى الدفاع عن نفسه بكل الوسائل المشروعة، بما في ذلك الكفاح المسلح.
وفي هذا السياق، أشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تبنت القرار 2983 (د-27) في عام 1972 الذي أكدت فيه من جديد شرعية كفاح الشعوب المستعمَرة وكذا تضامنها ودعمها للشعب الصحراوي في كفاحه من أجل ممارسة حقه في تقرير المصير والاستقلال، ودعت جميع الدول إلى أن تقدم له كل المساعدة المعنوية والمادية اللازمة لهذا الكفاح.
وكدليل على التزامها بالسلام ولتهيئة الظروف اللازمة لتمكين شعبنا من ممارسة حقه في تقرير المصير والاستقلال، قررت جبهة البوليساريو "تعليق" الكفاح المسلح في عام 1991، مما مكن من دخول وقف إطلاق النار حيز النفاذ في 6 سبتمبر من نفس العام كجزء لا يتجزأ من خطة التسوية المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية. وبعبارة أخرى، أوقف الشعب الصحراوي كفاحه المسلح المشروع، المُعترف به في قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، مقابل إجراء استفتاء تقرير المصير.
ومع ذلك، يضيف الدبلوماسي الصحراوي، وبعد ما يقرب من ثلاثة عقود من الانتظار والصبر، انتهكت دولة الاحتلال المغربية اتفاق وقف إطلاق النار، مع الإفلات التام من العقاب، واحتلت المزيد من الأراضي الصحراوية في 13 نوفمبر 2020، مما أجبر الشعب الصحراوي على استئناف كفاحه المسلح دفاعاً عن النفس. وحظي قرار جبهة البوليساريو بتأييد ساحق في المؤتمر السادس عشر لجبهة البوليساريو في يناير 2023 الذي قرر تصعيد الكفاح المسلح.
وختاماً، شدد ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو على أن الشعب الصحراوي، بقيادة جبهة البوليساريو، قد راهن على خيار السلام وقدم كل التنازلات وكل التضحيات التي يمكن تخيلها بغية التوصل إلى حل سلمي ودائم لإنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية، ولكنه مصمم أكثر من أي وقت مضى على الدفاع بكل الوسائل المشروعة عن حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.(واص)