التفاريتي (الأراضي المحررة)، 15 ديسمبر 2019 (واص) - ألقى اليوم الأحد رئيس الجمهورية ، الأمين العام لجبهة البوليساريو السيد إبراهيم غالي كلمة افتتاح أشغال الندوة الوطنية التحضيرية للمؤتمر الـ 15 لجبهة البوليساريو .
وفيما يلي النص الكامل للكلمة :
مداخلة الأخ إبراهيم غالي، رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة، في افتتاح الندوة الوطنية التحضيرية للمؤتمر الخامس عشر للجبهة. تفاريتي المحررة، 15 ديسمبر 2019
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوات والإخوة،
لا بد في البداية من أن أرفع أحر التحية والتقدير إلى جيش التحرير الشعبي الصحراوي، ونحن في ضيافة الناحية العسكرية الثانية، فوق هذه الربوع المحررة، حيث تتجسد سيادة الدولة الصحراوية على ترابها الوطني.
نلتقي اليوم في أشغال الندوة الوطنية، كمحطة متقدمة من جلسات المؤتمر الخامس عشر للجبهة. إنها، دون شك، محطة في غاية الأهمية، بالنظر إلى ما هو منوط بها من دور محوري في تعميق النقاش حول جملة الوثائق التي أعدتها اللجنة الوطنية التحضيرية للمؤتمر، انطلاقاً من تقارير الندوات السياسية التي عقدت على مستوى كل نقاط تواجد الجسم الوطني الصحراوي.
ونحن نثمن عالياً مجهود اللجنة التحضيرية، نشيد أيما إشادة بالنجاح المشهود لهذه الندوات، وما شهدته من مشاركة وجدية ونتائج إيجابية. وهي مناسبة لنتوجه إليكم، ومن خلالكم إلى جميع مناضلي ومناضلات الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، بالتهنئة على روح المسؤولية والمساهمة الواعية في مختلف المراحل التحضيرية.
وإنكم جميعاً، كمؤتمرات ومؤتمرين، لتتحملون مسؤولية كبيرة ومهمة نبيلة،ألا وهي بلورة الأفكار والأراء والانشغالات التي عبرت عنها جماهير شعبنا، في كل مواقع تواجدها، في جملة الوثائق التي ستنبثق عن هذه الندوة الوطنية.
إن مثل هذا المجهود، الذي نثق كامل الثقة في قدرة المؤتمرات والمؤتمرين على القيام به على أحسن ما يرام، من شأنه أن يضفي على جلسات المؤتمر الخامس عشر السلاسة والدقة والفعالية، بما يضمن تحقيق النجاح المطلوب لهذا الاستحقاق الوطني.
الأخوات والإخوة،
نعقد هذه الندوة الوطنية في ظرف متميز بعديد التحديات، على مختلف الجبهات، وخاصة في ظل استمرار حالة الجمود في مسار الحل، نتيجة لسياسات التعنت والعرقلة التي تنتهجها دولة الاحتلال المغربي، بدعم مفضوح من الدولة الفرنسية.
بعد أكثر من ثمانية وعشرين سنة من وقف إطلاق النار بين الجيشين الصحراوي والمغربي دون تحقيق الهدف الرئيسي من ذلك، ألا وهو تنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي، تؤكد الجبهة الشعبية بأنه لا يمكن الاستمرار في التعاطي بنفس الطريقة مع مسعى الأمم المتحدة، ما لم يتحمل مجلس الأمن الدولي مسؤوليته والتزامه بتطبيق كامل البنود المحددة في خطة التسوية الأممية الإفريقية، التي صادق عليها سنة 1991.
ومن أهم رسائل المؤتمر الخامس عشر في هذا الصدد هي أنه سيكون محطة تحول حقيقية، يؤكد الشعب الصحراوي من خلالها أن لا شيء سيثنيه عن مواصلة كفاحه العادل، بكل الطرق المشروعة، حتى استكمال سيادته على كامل تراب الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.
كلها تحديات تتطلب من جميع مناضلات ومناضلي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب استنهاض الهمم وحشد الطاقات لتحقيق دفعة قوية في مسار بناء قوة ذاتية محترمة وقادرة على ضمان شروط النصر.
ولا شك أن الأمر يتطلب الوقوف، بالتقييم المتأني والتحليل الموضوعي، عند كل مناحي الفعل الوطني خلال الفترة بين المؤتمرين، بشكل خاص، وفي سياق حربنا التحريرية بشكل عام. ويجب أن يكون الهدف الأول من ذلك هو تثمين المكاسب والانجازات وتعزيز نقاط القوة والاستثمار فيها، و، في الوقت نفسه، تحديد مكامن الخلل والقصور، اللصيقة بكل تجربة إنسانية، لتجاوزها بمعالجة مدروسة وشاملة.
وإنه لمن المهم التنبيه إلى ضرورة القيام بمراجعة نقدية للتسيير على مختلف المستويات، لتحسين الأداء وتطوير مستوى الأداة ومن أجل تكييف الهيكلة لجعلها عملية، منسجمة وملائمة لظروف ومتطلبات واقعنا المتميز بخصوصيته، بالتركيز على تجميع القوة لضمان النجاعة. كل ذلك مع إيلاء العناية الكافية لسياسة بناء وتكوين الأطر، وتطوير صيغ الرقابة والتقييم، بما يعزز الفعالية ويضمن الإنصاف.
الأخوات والإخوة،
الشعب الصحراوي اليوم مطالب برفع التحدي والتصدي لمناورات العدو ومغالطاته، بتطوير تجربتنا المتميزة في التسيير وبناء مؤسسات الدولة، وترسيخ مكانتها كحقيقة وطنية وجهوية ودولية لا رجعة فيها، وكمعطاة لا يمكن إغفالها، وفاعل حاسم في استتباب السلم والأمن والاستقرار في كامل المنطقة.
هنا أيضاً، نحن مطالبون بأن نجعل من مؤتمرنا الخامس عشر، مؤتمر الشهيد البخاري أحمد باركلا، نقطة تحول نوعي، تنتقل بتنظيمنا الوطني الثوري إلى مرحلة جديدة، علينا أن نكون مستعدين لها، بكل ما تتطلبه من انسجام وعطاء وتغليب المصلحة الوطنية والترفع عن صغائر الأمور وتجاوز الذات، وجاهزين لكل ما تقتضيه من خلق وإبداع وتجديد.
كل هذا يستدعي منا التمسك والرجوع في كل وقت إلى أصلنا وطبيعتنا وعقيدتنا كحركة تحرير وطني، وتنظيم طلائعي وشعب مكافح، أول وأجل مبادئنا هي التضحية والشهادة، كأسمى تعابيرها.
إن حربنا هي حرب طويلة الأمد، حرب أجيال متلاحقة، تقتضي التواصل لضمان الاستمرارية، وقد حان الوقت لتحقيق تقدم ملموس في مجال التشبيب والتجديد. ومن هنا أصبح من الضروري التأسيس القانوني لتحديد العهدة بالنسبة للأمين العام للجبهة، وتحديد نسبة تجديد في الأمانة الوطنية خلال كل مؤتمر، وزيادة عدد النساء في الهيئة القيادية.
وفي هذا السياق دائماً، ينبغي التشبيب والتجديد في مجال التعيين في مختلف المهام والمسؤوليات، بما يراعي التكوين والتدرج والمواظبة والانتماء إلى المؤسسات الوطنية، وخاصة جيش التحرير الشعبي الصحراوي، الذي يجب أن يبقى، واليوم أكثر من أي وقت مضى، في طليعة الأولويات.
الأخوات والإخوة،
أجدد التحية إلى جماهير الشعب الصحراوي البطل في كل مواقع تواجدها، وأتوجه هنا بتحية خاصة إلى انتفاضة الاستقلال المباركة، وأنقل باسمكم جميعاً أقوى آيات المؤازرة والتضامن مع المناضلة محفوظة لفقير، التي نطالب بإطلاق سراحها فوراً، مع جميع الأسرى المدنيين الصحراويين في السجون المغربية، وفي مقدمتهم مجموعة اقديم إيزيك.
وانتهز المناسبة لأهنئ الأخت أمنتو حيدار على حصولها على جائزة نوبل للسلام البديلة، وإلى الأخت ليلى المختار، بحصولها على جائزة فايمار لحقوق الإنسان، مع نماذج ناصعة أخرى، تجسد نضالات المرأة الصحراوية ومكانتها الريادية في كفاح الشعب الصحراوي من أجل الحرية والاستقلال.
أوجه التحية مجدداً إلى جيش التحرير الشعبي الصحراوي، صانع الأمجاد وحامي الحمى، المرابط اليوم على العهد، الصامد في الجبهات، الملتزم بحماية سيادة الدولة الصحراوية والتصدي لمختلف المخاطر، وسياسات زعزعة الأمن والاستقرار التي تنتهجها دولة الاحتلال المغربي، بما في ذلك عبر التدفق المكثف للمخدرات ودعم وتشجيع عصابات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية.
كلي ثقة ويقين، أيتها المؤتمرات أيها المؤتمرون، في ما تتحلون به من وطنية وإخلاص وما يتوسمه فيكم مناضلات ومناضلي الجبهة الشعبية الذين انتدبوكم لهذه المهمة النبيلة. إن إنجاح الندوة الوطنية، ومن ثم إنجاح المؤتمر الخامس عشر للجبهة، يتطلب منا الفهم العميق لرهانات المرحلة وتحدياتها الجسيمة، والانطلاق في مجهود دؤوب وشامل، بمساهمة الجميع، رجالاً ونساءً، كل من موقعه، بقناعة وحماس وانضباط واستعداد للتضحية والعطاء، من أجل بناء قوة منظمة، مدربة، مهابة، حاضرة ومحسوسة في الميدان وجاهزة لتحمل المسؤولية والتعاطي مع كل الاحتمالات.
فالشعب الصحراوي اتخذ قراره حسم أمره، وها هو يمضي بإصرار وعناد، متشبثاً بعهد الشهداء، وسيصل لا محالة إلى تحقيق أهدافه النبيلة، وفي مقدمتها حقه في الاستقلال على كامل ترابه الوطني، على غرار كل الشعوب والبلدان المستعمرة.
أتمنى لهذه الندوة الوطنية كل التوفيق والنجاح،
كفاح، صمود وتضحية، لاستكمال سيادة الدولة الصحراوية. (واص)
بعثة " واص " إلى التفاريتي المحررة .