الشهيد الحافظ ، 08 يونيو 2020 (واص) - ألقى رئيس الجمهورية ، الأمين العام لجبهة البوليساريو السيد إبراهيم غالي كلمة خلال حفل تأبين على روح الراحل الشهيد أمحمد خداد موسى .
وفيما النص الكامل للكلمة :
نص الكلمة التي ألقاها الأخ إبراهيم غالي، رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة، خلال تأبين الشهيد امحمد خداد. مقر رئاسة الجمهورية، 08 يونيو 2020
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين،
الحضور الكريم
قُـدِّرَ لنا جميعاً، نحن الصحراويين، ونحمد الله ونشكره على ذلك، أن نسخر أنفسنا، بكل ما تعنيه الكلمة من معاني وقيم التضحية، في سبيل أداء واجب وطني سامٍ تجاه شعبنا ووطننا. ولم يخامرنا في يوم من الأيام أدنى شك في أنها ستكون مسيرة طويلة وشاقة، زادها أبناء وبنات شعبنا، الذين كان لهم الفضل في تأسيس هذا المشروع الوطني التاريخي. وها نحن على مشارف ولوج العقد الخامس من هذه المسيرة المظفرة، الزاخرة بالمكاسب والانتصارات ووحدة الصف، صاحبة السجل الحافل بأعلى درجات الإخلاص والوطنية وتعاقب الأجيال على درب الشهداء، مستنيرين بإرث راسخ من صلابة الإرادة والاستماتة على العهد حتى تحقيق النصر، بعون من الله. وقد سقط على هذا النهج الآلاف من خيرة أبناء شعبنا ومن قادته الذين لم يتوانوا في لحظة، مهما كانت الصعاب والعقبات، في أن يكونوا القدوة في العمل والتفاني والاستمرارية والتضحية. شهداء وشهيدات يخلدهم التاريخ ويحتفظ لهم شعبنا في ذاكرته الوطنية بما يليق بهم من عظيم التقدير وجليل الاحترام وفائق الاعتبار، وهم مصدر إلهام وفخر واعتزاز لكل أبناء شعبنا. اللائحة، أيها الإخوة، طويلة على هذا الدرب، ولا تزال مفتوحة.
بقلوب خاشعة ونفوس راضية بقضاء الله وقدره، يلتئم اليوم لقاؤنا التأبيني هذا لنترحم على روح الشهيد امحمد خداد، ونستحضر معاً بعضا من المآثر والمناقب والخصال الحميدة، والسيرة الزاخرة لهذا المناضل الذي أفنى حياته في سبيل عزة وكرامة وحرية شعبه ووطنه، ومضى معززاً مكرماً مبجلاً، على درب شهداء القضية الوطنية.
نحن إذن بصدد الحديث عن مناضل مخلص ومقاوم مستميت، انخرط مبكراً، من على مقاعد الدراسة، في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب.
لقد كان شعلة ملتهبة من الوطنية والحماس والالتزام، مؤدياً مهامه بانضباط ومسؤولية وتواضع ومثالية منقطعة النظير، وبحرص شديد على تقديم الأقصى من الجهود، وبلوغ الأفضل من النتائج.
وكان، رحمه الله، متميزاً في حدة الجدية والصرامة التي يسير بها الملفات الكثيرة والمتنوعة، المهمة والحساسة، التي تولاها عبر مسيرة طويلة وحافلة. وكان أخشى ما يخشاه هو تسجيل أي تقصير أو تراخٍ أو غفلة، فتراه لا يريد أن يترك أي مجال، مهما كان ضئيلاً، إلا وعمل على تدقيق ومراجعة أبسط تفاصيله، وإن كان يتقبل الملاحظة والنقد بصدر رحب وطيبة وتواضع واستعداد دائم لكل ما يقتضي الأمر من معالجة وتصحيح.
روح المناضل الملتزم وذهنية الإطار المنضبط هي التي ترك بها امحمد خداد الآثار الطيبة والنجاحات المشهودة في تلك المهام والمسؤوليات التي أسندت له، داخلياً وخارجياً، سواءكوالي أو كعضو في هيئة أركان جيش التحرير الشعبي الصحراوي، أوفي السفارات والبعثات الدبلوماسية، أو من خلال مهمته كرئيس للجنة الوطنية الصحراوية للاستفتاء ومنسق مع الأمم المتحدة، أو كعضو في الوفد الصحراوي المفاوض أو خلال قيادته، بكفاءة ومثابرة ونجاح،للمعركة القانونية القضائية، وخاصة على الساحة الأوروبية، وملفات حقوق الإنسان وغيرها.
كل ذلك مع الجهود الجبارة التي قام بها في عملية تحديد الهوية وتبادل الزيارات العائلية على جانبي جدار الاحتلال المغربي وتنظيم الإحصاء وقسم البطاقات والوطنية والجوازات، وجبهات عديدة أخرى، مثل قضايا الألغام والحملة الدولية لتفكيك الجدار واستكشاف الثروات الطبيعية والاتصال والتنسيق مع الشركات العالمية وغير ذلك كثير.
لا شك إذن أن الشعب الصحراوي قد فقد واحداً من رجالاته الأفذاذ، المخلصين الأوفياء لعهد الشهداء، من مناضلي الجبهة وقياداتها الذين تركوا بصماتهم المتميزة ومساهماتهم البناءة في كل جبهات الفعل الوطني، وما بدلوا تبديلاً.
ولم يبخل الشهيد امحمد خداد بتقديم النصح السديد والاستشارة النيرة، واضعاً نصب عينيه، قبل كل شيء، الوحدة والوطنية والإجماع والترفع عن الصغائر، متمتعاً بالفطنة واليقظة، ما يجعله يكشف سريعاً دسائس العدو ومناوراته، لينخرط في مواجهتها، في مقدمة الصفوف.
في هده المحطة، نقف وقفة تقدير وإجلال على أرواح كل شهداء القضية الوطنية البررة الكرام، من أمثال قائد الحركة الطليعية لتحرير الصحراء، الفقيد محمد سيد إبراهيم بصيري، وشهيد الحرية والكرامة، قائد الثورة الصحراوية، الولي مصطفى السيد، والرئيس الشهيد محمد عبد العزيز ، وصولاً إلى الشهيد امحمد خداد. ونحن على يقين كامل بأن تكريمهم لن يكتمل إلا ببلوغ تلك الأهداف السامية النبيلة التي ضحوا من أجلها جميعاً، في قيام الدولة الصحراوية المستقلة على كامل ترابها الوطني.
وهذه مناسبة لنجدد العهد على المضي على ذلك الدرب المستنير، مهما تطلب من تضحيات، واضعين نصب أعيننا اليوم قرارات وأولويات المؤتمر الخامس عشر للجبهة، مؤتمر الشهيد البخاري أحمد بارك الله.
رحم الله فقيد الشعب الصحراوي ، الأخ محمد خداد، وأسكنه فسيح جنانه، مع الشهداء والنبيين والصديقين، وحسن أولئك رفيقا، وألهم شعبه وذويه جميل الصبر والسلوان، إنه سميع مجيب، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
بسم الله الرحمن الرحيم(( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي )) صدق الله العظيم.
كفاح ، صمود وتضحية لاستكمال سيادة الدولة الصحراوية.