الشهيد الحافظ، 17 يونيو 2024 (واص) - يخلد الشعب الصحراوي اليوم الاثنين ذكرى انتفاضة الزملة التاريخية 17 يونيو 1970 التي شكلت منعطفا حاسما في تاريخ الشعب الصحراوي ونقطة تحول بارزة في كفاحه التحرري وتعبير صريح عن الرفض القاطع لكل اشكال الهيمنة الاستعمارية، حيث واجه المتظاهرون الصحراويون سلطات الاستعمار الاسباني بأسلوب راقي ومسالم، إلا ان هذه الاخيرة قررت التعامل مع الهبة الصحراوية المباركة بأسلوب وحشي وهمجي يندى له الجبين.
ففي مثل هذا اليوم من سنة 1970م اختار زعيم الحركة الطليعية الفقيد سيدي ابراهيم بصيري أن يكون العمل سلميا في هذه الانتفاضة، من خلال تقديم مذكرة تتضمن مطالب الحركة السلمية و خلق إجماع صحراوي وطني للتعجيل برحيل الاستعمار، حيث اتفق المناضلون الصحراويون على توجيه مذكرة عنوانها "رسالة مفتوحة من الشعب الصحراوي إلى الحاكم العام الاسباني في الصحراء الغربية" كتبها بصيري وسلمها أعضاء من الحركة يوم 17 يونيو 1970 الى الحاكم الاسباني في مدينة العيون.
و في هذا الاطار، أعلنت الحركة الطليعية لتحرير الصحراء الغربية، رفضها للمحاولات الإسبانية اعتبار الصحراء الغربية مقاطعة إسبانية؛ حيث تجمع الصحراويون في خيم مخصصة لمناقشة الطرح الصحراوي والانخراط في صفوف المنظمة، ومواجهة الدعايات والإغراءات الإسبانية بهدف جلب انتباه أكبر قدر من المواطنين علهم يلتحقون بمقر الاحتفال الخاص بهم في ساحة إفريقيا وسط مدينة العيون، إلا أنه لم يستجب لهم إلا القليل ممن ذهب إليهم مرغماً تحت تأثير الضغط أو التهديد.
ورفض الإسبان التفاوض مع الحركة وأصروا على إقامة احتفالاتهم وضرورة انضمام المحتجين إليهم، غير أن الفقيد بصيري ورفاقه رفضوا ذلك لتندلع في مساء 17 يونيو 1970 المواجهات التي استخدم فيها المستعمر الإسباني الذخيرة الحية والاعتقالات العشوائية بعدما تيقن من إصرار الصحراويين على مطالبهم المشروعة.
وقد نجم عن الحدث العديد من الإصابات في صفوف الصحراويين وحالات اعتقال، إلى جانب وقوع بصيري وأدخل السجن المركزي بمدينة العيون، ومنذ ذلك التاريخ بقي مصيره مجهولا رغم المحاولات الحثيثة المطالبة بالكشف عنه، إلا أن الدولة الإسبانية لا زالت تتكتم الى حد الساعة.
وتعتبر انتفاضة الزملة التاريخية محطة ناصعة ومتميزة في مسار طويل من المقاومة الصحراوية ضد مختلف أشكال الاستعمار والطغيان. ويكمن تميزها في أنها، من ناحية شكلت أول تمظهر سياسي منظم ومؤطر بوعي وطني صحراوي جامع ، ومن ناحية أخرى اعتبارها إيذاناً بالشروع في تحول جذري عميق في تاريخ الشعب الصحراوي والمنطقة توج بتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب في 10 ماي 1973 واندلاع الكفاح المسلح في 20 ماي 1973ضد الوجود الاستعماري في بلادنا.
ورغم القمع الوحشي الذي تعرض له المتظاهرون الصحراويون إلا أن انتفاضة الزملة, حققت هدفها الرئيسي الذي سهر عليه قائدها الفقيد سيدي ابراهيم بصيري ألا وهو خلق ديناميكية لا رجعة فيها في مسيرة الشعب الصحراوي نحو الحرية والاستقلال.
كما أن روح التحدي والصمود التي تسلحت بها جماهير انتفاضة الزملة هي نفسها التي تحذو اليوم جماهير شعبنا في كل مواقع تواجدها, وبشكل خاص جماهير انتفاضة الاستقلال التي تصنع كل حين ملحمة جديدة من النضال المستميت، لأجل تكريس حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال.
ويظل الفقيد سيد إبراهيم بصيري على رأس قائمة تضم المئات من المفقودين ومجهولي المصير واسرى الحرب الصحراويين في سجون الاحتلال المغربي. (واص)