الجزائر، 23 أكتوبر 2023 (واص) - تحتفل الأمم المتحدة غدا الثلاثاء بيومها العالمي، المصادف لدخول ميثاق المنظمة حيز التنفيذ عام 1945، في ظل تحديات كبيرة يواجهها العالم، أبرزها النزاعات المسلحة وانعدام السلام والاستقرار في عديد من دول المعمورة على غرار فلسطين المحتلة، التي يواجه أهلها عدوانا صهيونيا غير مسبوق، إلى جانب أزمة المناخ والتنمية وأزمات أخرى تستدعي التعجيل بإعادة إصلاح منظومة الهيئة الدولية من أجل عالم تسوده العدالة والمساواة والحقوق للجميع.
وبتصديق غالبية الموقعين على هذه الوثيقة التأسيسية، في 24 أكتوبر 1945 بمن فيهم الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن، ظهرت الأمم المتحدة رسميا على الساحة الدولية لتحقيق عديد من الأهداف المنشودة لدى البشرية جمعاء، وأهمها السلم والأمن والعدالة والمساواة.
وفي عام 1971، أوصت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الدول الأعضاء بالاحتفال بهذا اليوم، حيث تحتفي الدول الأعضاء بالجهود التي تبذلها المنظمة من أجل إحلال السلام العالمي.
واضافة الى الحفاظ على السلم والأمن، تعهدت الأمم المتحدة في ميثاق تأسيسها بالعمل على "انقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب"، وأكدت إيمانها ب"الحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وبالحقوق المتساوية للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها"، كما تعهدت ب"تحقيق العدالة و إحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي، والدفع بالرقي الاجتماعي قدما، ورفع مستوى الحياة في جو من الحرية".
ومن الأهداف الأخرى التي تبنتها المنظمة، تطوير علاقات ودية بين الدول على أساس احترام مبادئ الحقوق المتساوية وتقرير المصير للشعوب وتحقيق التعاون العالمي لحل المشكلات الدولية، واحترام وتعزيز حقوق الإنسان، وأن تكون الأمم المتحدة مركزا يمكن للبلدان من خلاله تنسيق تحركاتهم وأنشطتهم تجاه تحقيق هذه الغايات العديدة.
وقد أقر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في رسالة بمناسبة الذكرى الـ 78 لتأسيس هيئته، بوجود انقسامات في العلاقات الدولية، وحث دول العالم على نبذها وتحقيق الوحدة، قائلا في هذا السياق: "عالمنا منقسم، ويمكننا بل ويجب علينا أن نكون أمما متحدة".
وأبرز تطلع المنظمة وتصميمها على "التغلب على الانقسامات واستعادة العلاقات المتضررة وبناء السلام لفتح وجهات نظر جديدة وضمان العدالة والمساواة والتمكين للنساء والفتيات وتقديم مساعدة حيوية للمحتاجين والتمكين من خلال تنوعها من مواجهة التحديات التي لم تكن موجودة عندما تأسست المنظمة".
ومن ضمن التحديات التي اشار إليها غوتيريش، "أزمة المناخ التي تهدد وجودنا ذاته، فضلا عن مخاطر ووعود الذكاء الاصطناعي".
وشدد على أن "القيم والمبادئ التي توجه الأمم المتحدة خالدة ويجب أن نواصل تعزيز أساليب عملنا والتكيف مع حقائق القرن الحادي والعشرين"، داعيا الى "الالتزام ببناء مستقبل جدير باسم منظمتنا التي لا غنى عنها".
السلام في فلسطين والصحراء الغربية لايزال مفقودا
وتأتي الذكرى الـ 78 لتأسيس الأمم المتحدة، وهي أكبر منظمة عالمية دولية، تضم في عضويتها 193 دولة مستقلة وذات السيادة الكاملة على أراضيها في العالم، وسط استمرار غياب السلام، أحد أهم الاهداف التي تأسست من أجلها المنظمة، في عديد من دول المعمورة، على غرار فلسطين التي لا يزال شعبها يعاني من ويلات أبشع احتلال في العصر الحالي، وسط عجز الهيئة الاممية ومعها المجتمع الدولي على انهاء جرائم هذا الاحتلال التي تزداد شراسة في ظل غياب المساءلة.
فمنذ السابع من أكتوبر الجاري، يشن الكيان الصهيوني حرب ابادة حقيقية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية عبر استهداف المدنيين ومنازلهم والمستشفيات والمساجد والكنائس وفرق الاسعاف وتدمير شبه كلي للبنية التحتية وقطع الماء والكهرباء والغذاء والوقود وكل مقومات الحياة عن الفلسطينيين، في مسعى لفرض الاحتلال كأمر واقع وتجريد واقتلاع أصحاب الأرض الأصليين من أرضهم التاريخية، وسط صمود وثبات هذا الشعب.
ويحدث ذلك في ظل عجز تام للمجتمع الدولي وعلى رأسه الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي على ممارسة ضغط حقيقي على الاحتلال الصهيوني واجباره على الانصياع لقرارات الشرعية الدولية وميثاق الامم المتحدة، الهيئة الدولية الاولى المسؤولة والمكلفة بالحفاظ على السلم والامن في العالم، ووسط ازدواجية معايير مفضوحة وانحياز أمريكي وغربي رسمي واعلامي واضح، للكيان الصهيوني ولجرائمه المقترفة بحق الفلسطينيين.
وبالصحراء الغربية، آخر مستعمرة في افريقيا، ينتظر الصحراويون منذ أكثر من 30 سنة تنظيم استفتاء يسمح لهم بتقرير مصيرهم، وهو الاستفتاء الذي أقره مخطط التسوية الأممي-الافريقي في 1991، غير أن تقاعس المجتمع الدولي وسياسة الأمم المتحدة في إدارة النزاع بدلا من حله، يبقيان الشعب الصحراوي تحت وطأة الاحتلال المغربي منذ 1975.
وفضلا عن النزاعات المسلحة التي تشهدها عديد من الدول، يعد تغير المناخ، الذي أقرت 154 دولة بأنه "بشري المصدر", احدى الازمات الحادة التي يواجهها العالم نظرا لما خلفه من كوارث طبيعية تزايدت خلال السنوات الاخيرة بشكل خطير، اذ شهد كوكب الارض ارتفاعا قياسيا لدرجات الحرارة، فضلا عن أعاصير مدمرة أدت الى أزمة غذاء ونزوح غير مسبوق.
ورغم المؤتمرات والنقاشات والاتفاقيات المتوصل إليها بشأن الحد من الاحترار العالمي، لاتزال هذه الازمة تفرض نفسها بإلحاح، ما يستدعي تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ المتوصل إليها عام 1992 وتحديد سبل تنفيذ القرارات ذات الصلة.
ومع احتفال الأمم المتحدة بالذكرى الـ 78 لدخول ميثاقها حيز التنفيذ والتحديات الجمة التي يواجهها العالم، تتجدد المطالب الداعية الى ضرورة التعجيل بإدخال اصلاحات على المنظمة الأممية، وخاصة مجلسها الأمني. (واص).