الشهيد الحافظ 13 نوفمبر 2022 (واص) - ألقى رئيس الجمهورية الأمين العام للجبهة السيد إبراهيم غالي، كلمة خلال إشرافه على افتتاح أشغال الندوة الوطنية لسياسات الشباب، تطرق فيها إلى آخر تطورات القضية الصحراوية إقليميا ودوليا.
وفيما النص الكامل للكلمة :
كلمة الأخ إبراهيم غالي رئيس الجمهورية الأمين العام للجبهة أثناء افتتاح الندوة الوطنية الثالثة لسياسات الشباب
ولاية العيون، 13 نوفمبر 2022
بسم الله الرحمن الرحيم
أيتها الشابات أيها الشبان،
الأخوات والإخوة،
تنعقد هذه الندوة الوطنية الثالثة لسياسات الشباب في ظل ظروف استثنائية ومتميزة من كفاح شعبنا. ورغم ما حصل من تأخر، لأسباب موضوعية معروفة، ورغم الظروف الراهنة وما تتميز به من استثنائية، حيث أنها تنعقد في هذا اليومِ المتميزِ في تاريخِ شعبنا المكافح، يوم 13 نوفمبر، إضافة إلى اقتراب موعد انعقاد المؤتمر السادس عشر للجبهة، فقد كان لزاماً تنظيم هذه المحطة المتميزة. ولا تقتصر الدواعي على السياق العام لتنفيذ برنامج العمل الوطني الصادر عن المؤتمر الخامس عشر للجبهة، ولكن أيضاً وأساساً بالنظر إلى الأهمية القصوى والدائمة التي توليها الجبهة والدولة الصحراوية للشباب.
فمكانة الشباب في تجربة وتاريخ الثورة الصحراوية محفوظة، منتزعة بجدارة واستحقاق، لأن حضوره كان دائماً، قوياً وحاسماً منذ بداياتها الأولى. ويكفي أن نلقي نظرة على الرعيل الأول، من قادة ومؤسسين ومناضلات ومناضلين في محتلف تواجدات الجسم الصحراوي، لنجد ذلك الحضور الصارخ للشباب الذين سارعوا للانخراط في صفوف الجبهة، والتحقوا زرافات ووحداناً بكل مواقع الفعل والنضال، وقدموا قوافل من الشهداء البررة والمفقودين والمعتقلين والمعطوبين، وبرزوا حيثما حلوا بروح التضحية والعطاء والحماس الفياض والقدرة والفعالية، وخاصة في صفوف جيش التحرير الشعبي الصحراوي.
وإذ نترحم بالمناسبة على كل شهيدات وشهداء حرب التحرير الوطني، وفي مقدمتهم شهيد الحرية الكرامة، الولي مصطفى السيد، والرئيس الشهيد محمد عبد العزيز، ومن رحلوا على دربهم وما بدلوا تبديلاً، فإننا نتقدم بتحية تقديرٍ وعرفان لأبطال جيش التحرير الشعبي الصحراوي الأشاوسِ المرابطينَ على جبهة المواجهة المسلحة، وهم يدكون يوميا معاقل وتخندقات جنود الاحتلال المغربي على طول جدار الذل والعار.
وقد سعت الجبهة بكل ما أوتيت من إمكانيات وسبل إلى الإسراع في توفير فرص التعليم والتكوين للأطفال الصحراويين عامة، في الداخل كما في الخارج، في توجه استراتيجي قار، كانت له أروع النتائج، بحيث أن الدولة الصحراوية الفتية تحظى اليوم بنسبة جد مرتفعة من الخريجين في مختلف الاختصاصات، ناهيك عن تقليص الأمية إلى أبعد الحدود، وبالتالي تكوين جيل من الشباب المثقف الواعي الذي ساهم ويساهم اليوم باقتدار ومسؤولية في كل مناحي الفعل الوطني، وفي كل هيئات الجبهة ومؤسسات الدولة الصحراوية.
أيتها الشابات أيها الشبان،
الأخوات والإخوة،
الحضور الكريم،
منذ أن نسفت القوات الملكية المغربية اتفاق وقف إطلاق النار بين الجيشين الصحراوي والمغربي في 13 نوفمبر 2020، أعلن الشعب الصحراوي، بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، استئناف العمل العسكري المسلح، كحق مكرس في المواثيق الدولية للشعوب المستعمرة وكرد مشروع على سياسة العرقلة والتصعيد التي تنتهجها دولة الاحتلال المغربي.
إننا نحيي بحراراة الهبة الشعبية المتواصلة التي ترافقت مع هذا التطور الجديد، والتي كان الشباب الصحراوي علامتها الفارقة، وعكست إيماناً وتصميماً راسخاً على المضي على درب الكفاح والنضال والمقاومة والصمود والوفاء لعهد الشهداء حتى استكمال سيادة الدولة الصحراوية على كامل ترابها الوطني.
وقد امتد التجاوب إلى كل تواجدات الصحراويين، كما هو الحال في الأرض المحتلة وجنوب المغرب، حيث تتواصل فصول انتفاضة الاستقلال، رغم كل أساليب البطش والتنكيل والحصار، في مواجهة بطولية ورفض أبدي للاحتلال المغربي لبلادنا. ومن هنا فإننا نوجه رسالة تقدير وتضامن إلى بطلات وأبطال انتفاضة الاستقلال المباركة الذين يواجهون بشجاعة وصمود وتحدي آلة القمع المغربية الهمجية، وفي مقدمتهم أبطال ملحمة اكديم ازيك..
إننا نطالب الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والمنتظم الدولي عامة بالتدخل لإطلاقِ سراح الأسرى المدنيينَ الصحراويينَ في السجون المغربيةِ ووضع حد للانتهاكات الجسمية لحقوق الإنسان التي يتعرض لها المواطنون الصحراويون العزل من طرف دولة الاحتلال المغربي، ووقف نهبها الممنهج للثروات الطبيعية الصحراوية وكافة ممارساتها وأنشطتها غير القانونية على الأراضي الصحراوية. كما ندين الاستهداف المتزايد من طرف دولة الاحتلال المغربي للمدنيين العزل، صحراويين وموريتانيين وجزائريين وغيرهم، باستعمال وسائل الدمار المتطورة.
إن جبهة البوليساريو، التي تؤكد دائماً استعدادها للتعاون مع جهود الأمم المتحدة الرامية إلى تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية،لا يمكنها بأي حال من الأحوال التعامل مع أي مقاربة تهدف إلى القفز على الشرعية الدولية ومصادرة الحق الراسخ للشعب الصحراوي، غير القابل للتصرف، في تقرير المصير والاستفلال.
إننا ندعو مجلس الأمن الدولي إلى تحمل المسؤولية، ووضع حد لحالة الجمود والتي يتحمل بعض أعضائه المسؤولية الكاملة عنها، من خلال التغاضي المكشوف والتشجيع المخجل للممارسات العدوانية الاستعمارية المقيتة لدولة الاحتلال المغربي. إننا ندعو مجلس الأمن الدولي إلى تمكين بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية، المينورسو، من تأدية مهمتها التي كلفها بها، وبالتالي إلزام دولة الاحتلال المغربي فوراً برفع كل القيود والشروط التي تحول بها دون تطبيق خطة التسوية الأممية الإفريقية لسنة 1991، الوحيدة التي حظيت بموافقة الطرفين، الصحراوي والمغربي، ومصادقة مجلس الأمن الدولي.
كما نطالب الاتحاد الإفريقي بتكثيف الجهود لإنهاء آخر حالة استعمار في القارة الإفريقية، مجددين استعداد الجمهورية الصحراوية للعمل على حل النزاع القائم مع جارتها المملكة المغربية، كبلدين عضوين في المنظمة القارية، بالتقيد الصارم بمبادئ القانون التأسيسي للاتحاد، في ظل احترام الحدود الموروثة غداة الاستقلال والاحترام المتبادل وحسن الجوار.
كما ندعو الاتحاد الأوروبي إلى الالتزام والتقيد بأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني عامة، وبشكل خاص قرارات محكمة العدل الأوروبية بخصوص الوضع القانوني للصحراء الغربية، باعتبارها والمملكة المغربية بلدان منفصلان ومتمايزان، ولا يحق لأي طرف كان التوقيع على أي اتفاق، في أي مجال، مع الطرف المغربي، يمس الأراضي أو الأجواء أو المياه الإقليمية الصحراوية.
وإذ نجدد شديد الإدانة للموقف الخياني المخجل الذي تبناه رئيس الحكومة الإسبانية، بيذرو شانتشيس، والذي يدعم الاحتلال العسكري المغربي اللاشرعي لأجزاء من تراب الجمهورية الصحراوية، فإننا نتوجه بتحية التقدير والشكر والعرفان إلى كل الشعوب الإسبانية وحركتها التضامنية، ومن خلالها إلى الحركة التضامنية مع كفاح شعبنا في أوروبا والعالم. ونحيي بالمناسبة التظاهرة السنوية الرافضة لاتفاقات مدريد التقسيمية، التي شهدت يوم أمس مشاركة واسعة، بما في كوكبة رائعة من الشباب الصحراوي.
وبهذه المناسبة، لا يمكن إلا أن نتقدم باسمكم جميعاً بأسمى عبارات الشكر والتقدير والعرفان إلى الجزائر الشقيقة، حكومة وشعباً، بقيادة السيد الرئيس عبد المجيد تبون، على مواقف الدعم والتأييد والمساندة الراسخة إلى جانب كفاح شعبنا العادل. وإذ نحيي أعضاء الحركة التضامنية العالمية، ومنهم شباب حاضرون معنا اليوم، فإننا نؤكد على علاقات الأخوة والصداقة والجوار والمصير المشترك التي تربطنا مع الشقيقة الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
أيتها الشابات أيها الشبان،
الأخوات والإخوة،
الحضور الكريم،
لقد لجأت دولة الاحتلال المغربي إلى تصعيد حربها التوسعية الظالمة، واختارت التحالفات المشبوهة وفتحت المجال للأجندات الأجنبية التخريبية التي تهدد السلم والاستقرار في كامل المنطقة، وكثفت من حملاتها المسعورة الهادفة إلى المساس من الوحدة الوطنية الصحراوية وزعزعة جبهتنا الداخلية، بأخبث السبل والوسائل، بما فيها توظيف المخدرات لدعم وتشجيع عصابات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية.
لكن دولة الاحتلال المغربي فشلت وستفشل دائماً في المساس من إرادة ومعنويات شعبنا وتصميمه على تصعيد معركة الحرية والكرامة. فالشباب الصحراوي اليوم أكبر دليل وأقوى ضمانة تؤكد فشل تلك المقاربة الاستعمارية. فكل ما حل جيل صحراوي جديد إلا وازداد تمسكاً وإصراراً ووعياً وفهماً وإدراكاً واستعداداً للتضحية والعطاء.
فالشباب الصحراوي ليس مجرد شباب عادي أو على الهامش، بل هو حامل رسالة وصاحب قضية، منخرط بقناعة راسخة في مهمة نبيلة سامية، قوامها الحرية والكرامة والعدالة والشرعية والسلام، مؤمن بتحقيق الانتصار ومصمم على بلوغه بكل السبل المشروعة، وفي مقدمتها الكفاح المسلح.
وإذا كان جيش التحرير الشعبي الصحراوي يفتح ذراعيه لتلقي دفعات الشباب المقدام، للتدريب والتكوين وتدعيم صفوفه بالقدرات والكفاءات، فإن المجتمع ينتظر من أبنائه المساهمة الفعالة للارتقاء به إلى مصاف المجتمعات المتطورة، في كل الميادين والمجالات، مع التمسك بمقومات هويته الوطنية.
ولا يمكن هنا إلا إن نتذكر بفخر وتقدير ذلك الدور المحوري الذي لعبه الشباب، في سياق البرامج التي وضعها التنظيم الوطني الصحراوي، وخاصة حملات محو الأمية والتثقيف الشعبي، التي جسدت تكاملاً فريداً داخل المجتمع، وانخراطاً جماعياً قل نظيره في مجهود وطنيشامل، لم يقتصر على التعليم والتكوين والواجهات الثقافية والفكرية والرياضية والاجتماعية والاقتصادية وعلى واجهة دعم جيش التحرير الشعبي الصحراوي، بل إن ذلك المجهود ساهم أيما مساهمة في اختزال سنوات طويلة في تاريخ الشعوب والأمم.
حري بشبابنا، في مثل هذه المحطة، أن يستحضر مثل هذه التجارب الثرية الناصعة، بكل ما تحمله من دلالات الخلق والإبداع وتحدي المستحيل، وروح الاستعداد للتضحية والعطاء والقدرة على التعاطي مع أصعب الظروف، واكتشاف وتجميع وتجنيد واستثمار الطاقات والمواهب والكفاءات والإمكانيات لتحقيق أفضل النتائج.
وإننا من خلال نظرة على البرنامج الثري والعميق لهذه الندوة، لنتوسم تحقيق هذا الهدف، مما سيجعلها مساهمة نوعية، وخاصة فيما يتعلق بمراجعة وتطوير سياسات الشباب في قادم الأيام، وخصوصاً في هذا الوقت الذي تعكف فيه اللجنة الوطنية التحضيرية للمؤتمر السادس عشر للجبهة على بلورة التصورات والمقترحات والآراء والخطط والاستراتيجيات والبرامج التي ستقدم للمؤتمر، بعد عرضها على القاعدة الشعبية، من خلال الندوات على مختلف المستويات، والشاملة لكامل الجسم الصحراوي.
وفي سياق التعامل مع متطلبات المرحلة الراهنة والتطورات المتسارعة على مستوى القضية الوطنية وعلى الساحة الجهوية والدولية، فإننا على كامل الثقة بأن شبابنا متابع بدقة لهذه التطورات ومدرك تمام الإدراك لحجم المسؤوليات والتحديات الكبيرة والكثيرة الناجمة عنها.
لا يخامرنا أدنى شك في أن شبابنا، كما كان دائماً، سيكون في مستوى تحمل المسؤولية وتعزيز التواصل بين الأجيال، باعتباره خطوة طبيعية وضرورية لاستكمال مسيرة التحرير وبناء الدولة الصحراوية المستقلة السيدة على كامل ترابها الوطني.
كل التوفيق والنجاح للندوة الثالثة لسياسات الشباب.
كفاح، صمود وتضحية لاستكمال سيادة الدولة الصحراوية.
( واص ) 090/105/500