نيويورك (الأمم المتحدة)، 29 ماي 2024 (واص) - أكد عضو الأمانة الوطنية، ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو، الدكتور سيدي محمد عمار، على أن الصحراء الغربية، بوصفها قضية تصفية استعمار، هي أساساً مسألة تتعلق بتحديد الشعب الصحراوي لوضعه السياسي من خلال عملية ديمقراطية يتم فيها التعبير عن إرادته بطريقة حرة وحقيقية.
وجاء هذا التأكيد في رده على سؤال حول "إمكانية التوصل إلى حل مقبول لجميع الأطراف المنخرطة في النزاع" في الصحراء الغربية خلال المقابلة المطولة التي أجراها ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو مع الموقع الإسباني "الثورة الجديدة".
وأستهل الدبلوماسي الصحراوي الرد بالإشارة إلى أنه من الواضح أن دعوة مجلس الأمن الدولي إلى "حل مقبول للطرفين" أصبحت شعاراً تردده جهات مختلفة، كما لو أن خطة التسوية المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية لم تكن هي الحل المقبول للطرفين بامتياز، مؤكداً على جملة من العناصر الأساسية.
أولاً، الصحراء الغربية، من وجهة نظر قانونية، ليست "منطقة متنازع عليها"، كما يدعي بعض "الخبراء" ووسائل الإعلام في كثير من الأحيان. إن استمرار المغرب في القول إن الصحراء الغربية "تنتمي" إليه وأنه، في الواقع، احتل الإقليم عسكرياً لا يحول القضية إلى "نزاع حول من له السيادة"، لأن محكمة العدل الدولية، وهي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، أثبتت بشكل قاطع في عام 1975 أن السيادة على الصحراء الغربية ملك للشعب الصحراوي.
ووفقا لقرار الجمعية العامة 1514 (د-15) وغيره من القرارات ذات الصلة، فإن الصحراء الغربية، بوصفها قضية تصفية استعمار، هي أساساً مسألة تتعلق بتحديد الشعب الصحراوي لوضعه السياسي بتقريره بحرية لما يريد أن يفعله بسيادته: مواصلة ممارستها في سياق الجمهورية الصحراوية، اعتماد ترتيب سياسي آخر من اختياره أو نقل سيادته طواعيةً إلى طرف آخر. والواقع أن خطة التسوية التي اتفق عليها الطرفان في عام 1988 تحت رعاية الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية، والتي تنص على إجراء استفتاء تقرير المصير على أساس الاستقلال والاندماج كخيارين للتصويت عليهما، هي الإطار لتنفيذ هذه العملية.
ثانياً، صحيح أنه بعد رفض المغرب مواصلة تطبيق خطة التسوية واتفاقات هيوستن لعام 1997، دأب مجلس الأمن على دعوة الطرفين، جبهة البوليساريو والمغرب، إلى الدخول في "مفاوضات دون شروط مسبقة وبحسن نية بغية التوصل إلى حل سياسي عادل دائم ومقبول للطرفين ويكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره".
ومما لا شك فيه، يضيف الدبلوماسي الصحراوي، أن المفاوضات المباشرة بين الطرفين ضرورية للتوصل إلى حل سلمي ونهائي للنزاع، مثلما كانت المفاوضات التي تُوجت بخطة التسوية المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية. ومع ذلك، فإن دعوة الطرفين إلى الدخول في مفاوضات للتوصل إلى "حل سياسي مقبول للطرفين ... ويكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره" يتعارض مع المبادئ والقواعد التي تحكم حق الشعوب المستعمَرة في تقرير المصير.
وفي هذا السياق، شدد على أن جميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وفقهها القانوني، بما في ذلك فتوى محكمة العدل الدولية بشأن الصحراء الغربية، تؤكد أن جوهر حق الشعوب المستعمَرة في تقرير المصير هو الاختيار الحر من خلال عملية ديمقراطية يتم فيها التعبير عن إرادة الشعب المعني بطريقة حرة وحقيقية.
وهذا يعني أن إرادة شعب الصحراء الغربية، الوحيد الذي له الحق في تقرير المصير، يجب التعبير عنها دون أي تدخل أجنبي من أي نوع. ويجب أيضا أن يكون التعبير حقيقياً ومباشراً من خلال العمليات الديمقراطية المعتمدة دولياً التي يشكل الاستفتاء واحدة منها كعملية مستخدمة على نطاق واسع في عمليات تصفية الاستعمار.
وأشار ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو إلى أن هناك حجة منتشرة على نطاق واسع مفادها أن الاستفتاء في الصحراء الغربية لا يمكن إجراؤه لأنه سيؤدي إلى "لعبة محصلتها صفر" يفوز فيها أحد الطرفين بكل شيء ويخسر الطرف الآخر كل شيء. وهذه الحجة هي التي أدت إلى حد كبير إلى ما يسمى ب "الحل المقبول للطرفين"، كما لو كان الأمر يتعلق بصفقة محايدة وليس بالحق في تقرير المصير. ومع ذلك، من المهم التأكيد على أن خياري الاستفتاء (الاستقلال والاندماج) قد قبلهما الطرفان رسمياً وصادقت عليهما الأمم المتحدة نفسها.
وعلاوة على ذلك، يضيف الدبلوماسي الصحراوي، فإن الاستشارة الشعبية التي أجريت في تيمور الشرقية في عام 1999 على أساس خيارين متعارضين، أي "القبول أو الرفض"، يمكن وصفها أيضا استناداً إلى نفس المنطق، بأنها لعبة محصلتها صفر. ومع ذلك، لم تتم إثارة أي حجة من هذا القبيل لمنع إجراء الاستشارة. وعلى أية حال، فإن الفائز الوحيد كان هو الشعب التيموري الذي مارس حقه في تقرير المصير برفضه اقتراح الحكم الذاتي الخاص داخل إندونيسيا في استشارة حرة وديمقراطية.
وفي الختام، خلص ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو إلى أن السبب الجذري للمأزق الذي يواجه اليوم عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في الصحراء الغربية يرجع أساساً إلى المقاربة المتناقضة بطبيعتها لتقرير المصير التي تنطوي عليها قرارات مجلس الأمن وما يصاحب ذلك من "غموض بناء"، الذي هو في الواقع غموض هدام، الذي تروج له بعض الأطراف من أجل التهرب من مسؤولياتها فيما يتعلق بحل النزاع في الصحراء الغربية. كل هذا، بالطبع، دون أن ننسى عدم الرغبة الواضحة من جانب دولة الاحتلال المغربية في التحرك نحو حل سلمي وعادل، مع الاستمرار في الوقت نفسه في محاولاتها لترسيخ الأمر الواقع في الصحراء الغربية المحتلة.
وبالتالي، وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها المبعوث الشخصي للأمين العام للصحراء الغربية لاستئناف العملية السياسية، فإن الجمود والتوتر سيستمران ما لم يتم كسر هذه الحلقة المفرغة من التناقضات والكيل بمكيالين والغموض المتعمد التي لا تفعل أكثر من مساواة الجلاد بالضحية باسم "العملية" و "الواقعية السياسية" ذات العواقب الوخيمة على العدل والسلم الدولي، كما أظهرت الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط، من بين أمور أخرى.(واص)