مدريد (اسبانيا) 04 يونيو 2021 (واص)- نشر موقع "الكونفيدينثيال" الاسباني حوارا مع كبير الباحثين في معهد الدراسات الاسبانية “رويال إنستيتوتو إلكانو”، البروفيسور هيثام أميرا-فيرناديز، تناول فيه الأزمة الأخيرة التي تشهدها العلاقات المغربية الاسبانية، معتبرا أن احابط الرباط ناتج عن عدم تغيير تغريدة ترامب لوضع المغرب الذي ما يزال دولة احتلال في الصحراء الغربية.
وفي ما يلي ترجمة كاملة لنص الحوار الذي أجراه الصحفي، لوكاس بروتو:
“هل سيختار المغرب عدم التصعيد؟ فمع ارتفاع الحالة المزاجية، يمكن أن يقع حادث”
اتهم كبير الباحثين في معهد الدراسات الاسبانية “رويال إنستيتوتو إلكانو” (Royal Instituto Elcano)، البروفيسور هيثام أميرا-فيرناديز، دونالد ترامب بالتسبب في إحباط المملكة العلوية، وحذر من العواقب التي قد تترتب عن الهجمة الدبلوماسية الأخيرة للمغرب.
بعد أكثر من 15 يومًا من بدء الأزمة التي أثارها المغرب في سبتة، لم يقلل هذا البلد من قسوة خطابه ضد إسبانيا ذرة واحدة، وهذا لا يشكل مفاجأة كبيرة في “حد ذاته”، فقبل كل شىء، للرباط تاريخ طويل في إزعاج شركائها وجيرانها. ويضاف إلى هذا الهجوم الدبلوماسي، هجوم آخر ضد ألمانيا، بدأ أوائل مارس الماضي بتعليق مفاجئ للعلاقات وازداد كثافة الأسبوع الماضي عندما قطع المغرب تعاونه الأمني مع برلين.
الجبهات المتعددة التي فتحتها المملكة العلوية ورفضها خفض التوتر على الرغم من الدعم المطلق من الاتحاد الأوروبي للسلطة التنفيذية الإسبانية تجعل المرء يتساءل عن المدى الذي تريد حكومة الدولة المغاربية الوصول اليه؟
وقد حذر أميراه فرنانديز، كبير الباحثين في معهد “رويال إلكانو” المتخصص في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في مقابلة مع موقع “إيل كونفيدنثيال” من ان “للمغرب الكثير مما قد يخسر إذا استمر في تكريس نفسه لتوليد الأزمات واستدعاء سفرائه للتشاور”.
فبالنسبة لهذا المحلل الشهير، كان الإعلان الذي أصدره دونالد ترامب في 10 ديسمبر 2020، والذي اعترف فيه للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية، الخطيئة الأصلية التي تنبع منها الى حد كبير الأزمات الدبلوماسية الحالية مع المملكة العلوية. إن إحباط الرباط من حقيقة أن التحرك غير المسبوق من قبل القوة الرائدة في العالم لم يغير “الوضع الراهن” تجاه بقية المجتمع الدولي، كان بدوره أصل ردود فعله المفرطة تجاه العالم.
سؤال:. لا يبدو أن المغرب ينوي وقف هجومه الدبلوماسي. ما الذي يأمل في تحقيقه الآن مما لم يحققه من قبل؟
جواب: المشكلة الأساسية هي توقعات المغرب التي زادت بشكل كبير بعد قرار دونالد ترامب الاعتراف له، من جانب واحد، بسيادته على الصحراء الغربية. وبما أن هذه التوقعات لم تتحقق، فهناك رد فعل قوي من الرباط في علاقاتها مع العالم الخارجي. هناك إحباط لأننا لم نشهد سيلًا من (المواقف الناشزة) الشبيهة بموقف ترامب. تم افتتاح بعض القنصليات، لكن عددها قليل والأغلبية تأتي من دول أفريقية ذات نفوذ سياسي ضئيل. لكن لم يكن هناك اعتراف آخر من جانب الديمقراطيات الكبرى أو أي من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
من ناحية أخرى، من المتوقع أن تصدر محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي في المستقبل القريب حكمًا استئنافيًا بشأن الاتفاقيات التي أبرمتها الكتلة مع المغرب، ولا سيما بشأن اتفاقيات الصيد والتجارة. ومن المرجح أن يؤكد هذا القرار قرارين سابقين، من خلال النص على أن القانون الدولي لا يعترف بسيادة المغرب على أراضي الصحراء الغربية. المغرب يمارس ضغوطا تحسبا لهذا الحكم غير المواتي لمصالحه. أو ربما يعتقد أن الضغط قد يتسبب في تغيير هذه المحكمة لحكمها، ولا يبدو ذلك محتملًا.
سؤال: إلى اي مدى يمكن ان تواصل الرباط شد الحبل؟
جواب: المغرب معتاد على التعامل بخشونة حتى مع البلدان التي هي أكبر شركائه على جميع المستويات. لقد فعلها مع فرنسا قبل بضع سنوات عندما قطع التعاون القضائي معها، وأيضا مع الولايات المتحدة الأمريكية، بإلغاء العمليات العسكرية المشتركة انذاك. وهو الآن يقوم بذلك مع إسبانيا التي يقيم معها علاقات وثيقة للغاية تهم البلدين.
أعتقد أنه كان هناك سوء تقدير من جانب السلطات في الرباط عندما اعتقدت أنه من خلال فتح أبوابها في سبتة، قد تغير موقف الحكومة الإسبانية. لم يكن الأمر كذلك. علاوة على ذلك، فإن رد الفعل الذي حدث من الاتحاد الأوروبي كان قوياً للغاية منذ البداية، باستخدام مصطلحات مثل “الابتزاز”. تعتبر قضية الهجرة قضية مهمة للسياسة الداخلية للعديد من البلدان الأوروبية ولم يتم النظر إلى الخطوة المغربية بشكل إيجابي. لقد رأى المغرب مدى انتقاد الرأي العام الدولي لقراره، مع ردود الفعل القاسية الصريحة من خارج إسبانيا.
سؤال: ما هي العواقب التي يمكن أن تترتب على هذا التقدير الخاطئ من جانب المغرب الذي تتحدث عنه؟
جواب: يتم اتخاذ القرارات من قبل نواة صغيرة جدًا من الأشخاص حول القصر، والذين قاموا بوضع بعض الحسابات، اعتقدوا من خلالها أنهم حققوا ما أراده المغرب لأكثر من نصف قرن: اعتراف دولي بسيادته على الصحراء الغربية. لم يكن الأمر كذلك. وهذا ما قادهم الى انتهاج سياسة خارجية تسببت في اثارة توترات أكبر مع شركائهم الدوليين، وفي ازمة داخلية كذلك. المغرب الآن لديه أزمة مفتوحة مع إسبانيا وألمانيا، بالإضافة إلى علاقات سيئة للغاية مع الجزائر وموريتانيا. إنه التوتر مع العالم الخارجي. لقد شهدنا توترات داخلية في الأسابيع الأخيرة بشأن قضية غزة. لم يكن قرار ترامب بسبب قلة اهتمام العالم بالصحراء الغربية، بل بسبب إسرائيل، ولم يترك مجالًا للشك في ذلك عندما ربط الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية بتطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل في تغريدات نشرها في 10 ديسمبر.
خلال الحرب الأخيرة على غزة، تلقى المغاربة صورا ومقاطع فيديو حية لمدنيين فلسطينيين يتعرضون للقصف دون توقف. أظهر الكثيرون غضبهم من أن بلادهم تعمل على تطبيع العلاقات مع إسرائيل دون أي تقدم يحسن من أوضاع الفلسطينيين. إنه موضوع قريب جدًا من مشاعر الشعب المغربي، وليس هذا فحسب بل إن رئيس الوزراء المغربي سعد الدين العثماني قام بالاشادة بحماس والجهاد الإسلامي في غزة لمقاومتهما إسرائيل. وقد وصل المغرب إلى سلسلة من التناقضات والتوترات التي لم نشهدها من قبل، وهذا لأن ترامب لم يحل أي شيء، بل عقد كل شيء في شمال إفريقيا وغرب البحر الأبيض المتوسط. فكيف يمكن الخروج من هذه الدائرة المفرغة؟ الجواب في الرباط، وطريقة فرض الأمر الواقع لم تنجح منذ ما يقرب من نصف قرن.
سؤال: هل تغير الموقف الأمريكي مع وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض؟
جواب: من خلال عدم عكس إعلان ترامب، فإن إدارة بايدن، “بحكم الأمر الواقع”، تؤيده. لكن السؤال هو ما إذا كان سيدعم هذا الاعتراف بحقائق محددة. يبدو أن افتتاح القنصلية في الداخلة لم يحدث. العمليات العسكرية المشتركة للأسد الأفريقي لن تحدث في نهاية المطاف في أجزاء من الصحراء الغربية، كما أعلنت السلطات المغربية. وهذا سيزيد من الإحباط في الرباط: الشعور بأنهم لم يحققوا كل ما كانوا يأملون من وراء تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
سؤال: ما هي الخيارات المتبقية للمغرب للخروج من هذا المستنقع الدبلوماسي؟
جواب: المغرب بحاجة إلى مساعدة أصدقائه وشركائه. وأهمها أسبانيا. إنه بحاجة إلى المساعدة للتخلي مباشرة عن أسلوب الرقص الذي يسلكه في صراع الصحراء الغربية. إذا كان المغرب يريد حسم الصراع فان ذلك لن يتحقق بواسطة التغريدات، بل من خلال عملية سياسية ومفاوضات مع الطرف الآخر.
تدرك الأمم المتحدة أن هذا صراع بين طرفين رئيسيين هما المملكة المغربية وجبهة البوليساريو. يتحدث المغرب عن خطة للحكم الذاتي، لكنه لم يقدم اقتراحًا يمكن أن يكون بمثابة أساس للمفاوضات مع البوليساريو والسكان الصحراويين وليستفيد كذلك من الضمانات والدعم الدوليين، أي مشروع حقيقي يقدم حلا سياسيا. مسار فرض الامر الواقع كما قلت لم ينجح منذ ما يقرب من نصف قرن. إنها شطحات لن تحل أي شيء وستستمر في استنزاف طاقة المغرب وموارده وسمعته في الخارج.
سؤال: في ضوء الجدول الزمني المعقد الذي ينتظرنا هذا العام ، مع قرار محكمة العدل الأوروبية واجتماع جديد لمجلس الأمن حول الصحراء الغربية، هل تتوقع أن التوترات يمكن أن تزداد أكثر؟
جواب: المغرب لديه الكثير ليخسره إذا استمر في تكريس نفسه لإحداث الأزمات ودعوة سفرائه للتشاور. في مقابل ماذا؟ لإطالة التوتر أملاً في حدوث تغيير في هذه الدول؟ كيف ينوي المغرب الحصول على هذا الضمان؟ يجب أن تكون هناك عملية سياسية مع مفاوضات وضمانات ودعم خارجي وحسن نية. لكن هذه المكونات غير موجودة في الوقت الحالي. وبالمثل، فإن ما يحدث هو دعوة للاستيقاظ لإعادة تنشيط القناة الدبلوماسية، وهذه المرة، ينبغي القيام بأفعال جدية. لأن الخطر الآخر الذي يمكن أن ينشأ هو أن هذا التوتر، هذا البحث عن العدو الخارجي، هذه الحاجة إلى صرف انتباه الرأي العام، يمكن أن يؤدي إلى صراع عسكري في غرب البحر الأبيض المتوسط. أثارت الجزائر والمغرب العديد من الإنذارات في الآونة الأخيرة. إن علاقتهما متدهورة للغاية والتي ساءت بعد قرار دونالد ترامب. “للوهلة الأولى” لا يبدو أنه يمكن أن يكون هناك نزاع مسلح ، ولكن عندما تُتخذ القرارات بسرعة وتكون الحالة المزاجية مرتفعة جدًا، يمكن أن تقع الحوادث بسهولة. وليس من المستبعد أن تؤدي إحدى هذه الحوادث إلى تصعيد مع الجزائر حيث سنتحدث في ذلك الوقت عن أشياء مختلفة تمامًا.
لقراء الحوار باللغة الأصلية، إضغط على العنوان أدناه:
¿Desescalará Marruecos? “Con los ánimos a flor de piel, puede producirse un accidente“
090/500/60 (واص)