Skip to main content

الصحراء الغربية : خمسون عاما من الصمت المطبق على مجزرة الزملة

Submitted on

لقد قامت الحكومات الاسبانية في عهد فرنكو  والديمقراطية [التي تلتها]، [سواء ]اليمينية [منها] واليسارية بإسكات الصرخات التي خلفها التعذيب، صرخات وأنات عائلات القتلى والجرحى المطالبين بحقهم في الاستقلال بطريقة سلمية.
 
فيتوريا-جاستيز (إقليم الباسك) ، 17 يونيو 2020
 

خيسوس غاراي
جمعية أصدقاء و صديقات الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية

ترجمة: محمد ليمام محمد علي سيد البشير
لا تبدوا شوارع العيون فارغة كعادتها في الساعات الأولى للظهيرة. مجموعات صغيرة من الشباب الصحراوي يركبون سياراتهم او سيرا على الاقدام يقومون بإثارة مناوشات صغيرة بين الفينة والأخرى اثناء مرورها من امام المقرات الحكومية او اثناء مقابلتها لدوريات للشرطة او مع مجموعات أخرى من الصحراويين المشاركين في المظاهرة التي نظمتها الحكومة الاسبانية، مطالبين بالاستقلال ومنددين باحتلال ارضهم.
خلال صبيحة اليوم السابق كانت تلك المجموعات غفيرة بشكل جلي، استجابة منها للدعوة التي أطلقتها حركة تحرير الصحراء التي تم تأسيسها حديثا، وقد اجتمعت الأغلبية من كبار السن والشباب الان في ساحة حي الزملة (خط الرملة بالنسبة للإسبان) الالاف من سكان مدينة العيون واخرون قدموا من بلدات أخرى خاصة من الشمال، من الساقية الحمراء. ولم يكن احد يتوقع هذه المشاركة الغفيرة، بما في ذلك السلطات الاسبانية، لكنهم كانوا هناك منتظرين.
خرج زعيم الحركة محمد سيد إبراهيم بصيري "بصيري" محذرا ان: "الامر خطير. القضية معقدة والوضع محفوف بالمخاطر لكن ستتم معاجلة الأمور من خلال الحوار. اصمدوا ولا تتخاذلوا" وقد صمدت الجموع. كانت "القضية: بانتظار رد على الاقتراحات المرسلة الى الحكومة الاسبانية.
كانت طالب المتظاهرين واضحة: الحق في الاستقلال، ومساعدة الإدارة الاسبانية في تحقيق انتقال سلمي اثناء العملية الانتقالية وإنهاء امتيازات شيوخ معينين (اعيان القبائل)، وتحسن الظروف الاجتماعية لكافة السكان الأصليين والاعتراف بالحركة المؤسسة حديثا كشريك في العملية التفاوضية.
في صباح ذلك اليوم، كان قرار الحاكم الاسباني للمقاطعة بيريث دي ليرما قد استقر بالفعل على رفض التفاوض، الا ان الجموع ظلت صادمة ومترقبة، حيث كانت دورية صغير للشرطة الإقليمية ترابط امام مقر التظاهرة بتحدي. نعم لقد قام قائد الدورية بإطلاق بضعة اعيرة نارية، الا ان المتظاهرين كانوا بالآلاف، شباب وشيبة، نساء وأطفال قاموا بنصب خيامهم، وكانوا مستعدين للبقاء هناك طالما كان ذلك ضروريا.
 
وفجأة ظهرت فرقة من الفيلق  [الثالث]"خوان دي اوستريا" بقيادة النقيب اروتشا، والذي جاء بأمر واحد أي تفكيك المخيم. بعد اطلاق النيران بشكل عفوي على الحشود، قاموا بتفريقهم مستعملين اعقاب بنادقهم وهدم مخيمهم.
لم يكن بصيري، زعيم حركة التحرير متواجدا بالمخيم عندما هاجم الفيلق. حيث تم توقيفه في ذلك الصباح الباكر من قبل الشرطة، ليختفي بعدها بأسابيع قليلة مثل حبة رمل وسط الصحراء.
صمت. خلال خمسين عاما، قامت الحكومات الاسبانية [سواء منها في عهد] فرنكو والديمقراطية، اليمينية واليسارية بإسكات الصرخات التي خلفها التعذيب، صرخات وأنات ذوي القتلى والجرحى بالزملة. بالنسبة لكافة تلك الحكومات، هؤلاء القتلى والجرحى ومئات الافراد، ضحايا القتل والتعذيب والاختفاء ليست لهم أسماء، ولا أرقام، انهم لا شيء. انهم عدم بالنسبة للحوكومات الاسبانية. وعندما تطالب عائلاتهم بردود على تساؤلاتها كان الجواب دائما هو الصمت.
الا ان التاريخ لا يمكن حجبه تحت السجاد، ولا بتغيير التشريعات، كما لا يمكن ان يختفي بالتقادم. كما لا يمكن لأحكام المحكمة العليا الاسبانية ان تتستر على مسؤولية الدولة الاسبانية التي كانت ولا زالت الى اليوم القوة الإدارية المسؤولة عن الصحراء الغربية. ولذلك، فهي مجبرة على تطبيق العدالة.
بدرو سانشيز، بابلو اغليسيا، ارانتشا غونزاليس، فيرناندو مارلاسكا. ان التاريخ والشعوب تناشدكم اليوم: ماذا حصل؟ كم ومن هم الأشخاص الذين تم اغتيالهم، جرحهم، اعتقالهم؟ من الذي أطلق النار ومن الذي أعطاه الامر بذلك؟  لماذا؟ ما عقوبة المذنبين؟ متى وكيف سيتم انصاف الضحايا؟ الجواب على هذه الأسئلة فقط هو الذي قد ينقذكم. اما صمتكم فهو وصمة عار على حبينكم. مثل من سبقوكم، ستبدون امام التاريخ شركاء في مأساة ما كان لها ان تحدث. مأساة لن تمحيها سوى العدالة وجبر الضرر.