تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

إفريقيا تحتفل الخميس بيومها العالمي وسط تنامي تحديات متعددة

نشر في

الجزائر، 24 ماي 2023 (واص) - تحتفل الشعوب الإفريقية والعالم أجمع غدا الخميس ب"يوم إفريقيا العالمي"،  المصادف هذه السنة للذكرى الـ 60 لتأسيس منظمة الوحدة الإفريقية في 25 مايو 1963 (الاتحاد الإفريقي حاليا)،  وسط تنامي التحديات في القارة السمراء على غرار الأمن و التنمية وغيرها من الملفات التي تستدعي مزيدا من الجهود والتعاون لتحقيق أهداف التكتل الاستراتيجية.
وتتركز الأهداف الرئيسة للاتحاد الإفريقي في جملة من القضايا، منها تخليص القارة السمراء من الآثار المتبقية للاستعمار والفصل العنصري، على غرار ملف الصحراء الغربية، آخر مستعمرة في القارة السمراء، وتعزيز الوحدة والتضامن بين دولها، وتنسيق وتكثيف التعاون من أجل التنمية، وصون سيادة الدول الأعضاء وسلامتها الإقليمية، وتعزيز التعاون الدولي ضمن إطار الأمم المتحدة.
ومنذ التوقيع في 25 مايو 1963 على الميثاق التأسيسي لمنظمة الوحدة الإفريقية في العاصمة الاثيوبية، أديس أبابا، والتي تحولت الى الاتحاد الافريقي عام 2002، أصبح الاحتفال ب"يوم إفريقيا العالمي" تقليدا سنويا في القارة وحول العالم، وفرصة لإبراز الإنجازات الاجتماعية والاقتصادية لدولها.
وستحتفل الدول الـ 55 الأعضاء حاليا في الاتحاد الأفريقي ب"يوم افريقيا" هذه السنة تحت شعار "افريقيا، مستقبلنا"، وذلك اعترافا بالرؤية والخطوة المتخذة نحو "افريقيا متكاملة ومزدهرة ومسالمة، يقودها مواطنوها وتمثل قوة دينامية على الساحة العالمية".
كما يكون الاحتفال تخليدا لذكرى الأعضاء المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية، الذين كان حلمهم الكفاح من أجل افريقيا مستقرة وموحدة، في سلام مع نفسها، وعلى الأخص الكفاح ضد الاستعمار آنذاك.
وفي نهاية المطاف، حصلت جل البلدان الافريقية على الاستقلال في الخمسينيات حتى الستينيات ولاحقا في التسعينيات من القرن الماضي مع الكفاح ضد الفصل العنصري، لتبقى الصحراء الغربية المحتلة من قبل المغرب، آخر مستعمرة في افريقيا، لازالت الى غاية اليوم تنتظر تنظيم استفتاء تقرير المصير، وفق ما أقرته لوائح الامم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
الأمن والتنمية أبرز التحديات
و اذا كان "يوم افريقيا" يرمز الى نضال القارة الافريقية قاطبة من أجل التحرر من الاستعمار، و الى تصميم شعوبها على تحرير نفسها من سيطرة واستغلال الأجانب، فإن عديد الدول وجدت نفسها بعد سنوات من الانعتاق من المستدمر، أمام تحديات جديدة أبرزها اندلاع نزاعات مسلحة و الارهاب والتنمية و الامن الغذائي، استفحلت في القارة السمراء أكثر من غيرها مقارنة مع باقي قارات المعمورة، حسب المراقبين.
فمن الصومال الى جمهورية الكونغو الديمقراطية مرورا ببوركينافاسو والنيجر ومالي وآخرها السودان، تعيش شعوب هذه الدول حاليا على وقع الصراعات المسلحة أو عمليات ارهابية دامية أثقلت كاهلها وأجبرت الآلاف على النزوح والتشرد، فضلا عن ما خلفه ذلك من أزمات انسانية خانقة.    
كما يعتبر مشكل أزمة الغذاء الحادة أحد التحديات الكبرى في القارة السمراء، اذ كشفت الأزمة الصحية العالمية لكوفيد-19 بشكل كبير عن الضعف الاقتصادي للعديد من البلدان الافريقية ونقاط الضعف في نظمها الصحية والغذائية، وفقا لموقع "افريقيا بيزنس"، وذلك على الرغم من امتلاك افريقيا نسبة 65% من الأراضي الزراعية الموجودة في العالم، حسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
ويرجع الخبراء هذا الخلل وأسباب عدم قدرة افريقيا على تحقيق التنمية الاقتصادية، الى "مشكلة عدم الاستقرار، فضلا عن كون إفريقيا أرضية لتنافس استراتيجي دولي حول الموارد والأسواق وغيرها".
وأمام هذه الأزمات، فإن العديد من الاطراف الافريقية والدولية نادت بجعل افريقيا "مكانا أكثر ازدهارا وسلاما وصحة، وأكثر انصافا للجميع" وهو الموقف الذي تبنته الجزائر انطلاقا من انتمائها الافريقي وفي إطار اهتمامها ومساعيها لتنفيذ رؤيتها الهادفة الى الانفتاح على القارة الافريقية، ومد جسور التعاون والتكامل بين دولها، وصولا لتنفيذ طموحات أجندة الاتحاد الافريقي 2063 في الوصول إلى تحقيق الوحدة المنشودة.
الصحراء الغربية، قضية تفرض نفسها بإلحاح في "يوم افريقيا العالمي"
وبمناسبة الاحتفال ب"يوم افريقيا"، فإن الصحراء الغربية المحتلة من طرف المغرب، وباعتبارها آخر مستعمرة في القارة الافريقية، تفرض نفسها بإلحاح مرة أخرى في هذا الحدث، سيما في ظل الديناميكية الجديدة والزخم الكبير الذي اكتسبته القضية الصحراوية بعد استعادة المنظمة القارية للملف الذي لطالما سعى المخزن لتغييبه عن الهيئة الافريقية.
كما فرضت القضية الصحراوية نفسها بقوة منذ خرق المغرب السافر لاتفاق وقف إطلاق النار في 13 نوفمبر 2020، باعتدائه على متظاهرين مدنيين سلميين بالمنطقة العازلة بالكركرات، وهو ما لاقى ادانة واسعة وجعل القضية تحظى بمزيد من الدعم الافريقي والدولي.
وفي هذا السياق، أكدت وزارة الخارجية الصحراوية أن "تبوء الجمهورية الصحراوية لمكانتها داخل الأسرة الافريقية والدعم الثابت الذي تحظى به قضيتها، بالرغم من حجم المؤامرة الهادفة الى القضاء على الشعب الصحراوي ومصادرة حقوقه، يبرهنان على تمسك المنظمة القارية القوي بالمبادئ والاهداف السامية التي أنشئت من أجلها".
ولفتت الوزارة الى مواقف منظمة الوحدة الافريقية التي "جعلت التحرير هدفها الأسمى والدفاع عن حقوق الشعوب في تقرير المصير والاستقلال مبدأها الأول والرئيسي"، مشيرة في السياق ذاته الى اعتماد ذات المنظمة "قرارا تاريخيا، أجمعت فيه خلال قمة القاهرة سنة 1964 على قدسية مبدأ احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار"، وهو ما ينطبق على الاراضي الصحراوية المحتلة.
وأبرزت في سياق ذي صلة أن "كفاح الشعب الصحراوي من أجل التحرر ضد الاستعمار الاسباني أولا والتوسع والاحتلال المغربي بعد ذلك، يتوسط النضال الافريقي الرامي الى حرية الانسان والقضاء على كل أشكال الاضطهاد والميز العنصري وهدر حقوق الانسان والشعوب".
وعليه، فإن استكمال تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، العضو المؤسس والنشط في الاتحاد الإفريقي، يستوجب تطبيق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وأهمها حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير عبر تنظيم استفتاء في هذا الشأن، طال انتظاره.
ولن يتأتى ذلك الا بالضغط على المحتل المغربي، الذي بالرغم من التزامه باحترام سيادة وحدود الدول الاعضاء عند توقيعه على ميثاق الهيئة القارية، فهو يواصل التعنت والتنكر لقرارات الشرعية الدولية و التماطل في تنفيذها. (واص)
090/105/700.