واشنطن (الولايات المتحدة)، 24 مارس 2023 (واص) - قال مركز الدراسات الأمريكي " فورين بوليسي ان فوكيوس" إن اسبانيا بصفتها المستعمر السابق للصحراء الغربية، حافظت خلال فترة طويلة على نوع من الحياد تجاه الصراع في هذا الاقليم المصنف ضمن الأقاليم غير المستقلة، لكن حكومة سانشيز غيرت موقفها مؤخرا لصالح المغرب بسبب الضغوط و "للتغلب على المشاكل الثنائية" في الآونة الأخيرة.
وفي مقال نشره المركز الأمريكي حول اسباب تحول موقف مدريد نحو الاعتراف باحتلال المغرب للصحراء الغربية، سلط الضوء على الجوانب التاريخية و القانونية على القصة المأساوية لآخر مستعمرة في افريقيا، و التي لا تزال دون حل إلى غاية اليوم.
وأوضح المركز أنه بعد انتهاء استعمار إسبانيا للصحراء الغربية، و رغم أن محكمة العدل الدولية أكدت في 16 أكتوبر 1975، ردا على الإستشارة التي طلبها المغرب، أن الشعب الصحراوي له الحق في تقرير المصير، قام المغرب بغزو الصحراء الغربية.
ولفت المركز الى أن "الحكومة الإسبانية وعدت الشعب الصحراوي بالاستقلال، إلا أنها سلمت الإقليم إلى المغرب و موريتانيا تحت ضغط الرباط و واشنطن، لتقوم موريتانيا بعدها بالإنسحاب".
وأبرز في السياق أن "الأمم المتحدة لم تعترف أبدا بأن أيا من هذه الأراضي تنتمي إلى المملكة المغربية، إلا أن الرباط حافظت منذ ذلك الحين على احتلالها لمعظم الصحراء الغربية "، مشيرا الى الحرب التي اندلعت بين المغرب و جبهة البوليساريو، قبل التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار عام 1991، لتعود الحرب مجددا في 13 نوفمبر 2020، بعد فشل الجهود الدولية برعاية الأمم المتحدة في تسوية القضية الصحراوية.
ونوه المركز ذاته الى أن المغرب يعتبر الصحراء الغربية "قضية وجودية"، خاصة مع الأهمية الكبرى لثرواتها بالنسبة للإقتصاد المغربي، و منها الفوسفات الصخري، الذي يعتبر معدن مهم جدا، فضلا عن الموقع الإستراتيجي الهام للإقليم، و ثروته السمكية، لافتا الى أن احصائيات عام 2018 تؤكد أن أكثر من 75 في المائة من صيد المغرب للسمك مصدره الصحراء الغربية.
المغرب يلعب كل الأوراق من اجل إضفاء الشرعية على احتلاله للصحراء الغربية
كما نبه في السياق إلى أنه "و في ظل فشل الجهود الأممية في إيجاد حل للقضية الصحراوية، تلعب الرباط كل أوراقها للضغط على دول العالم من أجل إضفاء الشرعية على إحتلالها للصحراء الغربية، و هو ما حدث مع إسبانيا، التي غيرت حكومتها موقفها بعد حياد أستمر لسنوات طويلة، تلبية لمطالب الرباط، و من أجل التغلب على المشاكل الثنائية".
وأوضح في السياق، أن الخلاف اشتد بين الرباط ومدريد بعد أن رفضت إسبانيا اعتراف واشنطن بالسيادة المزعومة للمغرب على الصحراء الغربية، في عام 2020 ، وبعد استضافة مدريد للرئيس الصحراوي و الأمين العام لجبهة البوليساريو السيد إبراهيم غالي للعلاج من فيروس كورونا، ليتفاقم التوتر بين البلدين، بعد تدفق جماعي للمهاجرين المغاربة على مدينة سبتة بالجيب الإسباني، في مايو 2021، حيث حاول ما يقرب من 6000 منهم عبور الحدود.
وأشار إلى أن هذه الموجة من الهجرة غير الشرعية كانت "بسبب تخفيف المغرب لضوابطه الحدودية "، و هو ما أعتبرته حكومة سانشيز "محاولة من الرباط للتلاعب بمدريد لتقديم تنازلات تجاه قضية الصحراء الغربية".
وقال فورين بوليسي ان فوكيوس " في غضون أقل من عام غيرت الحكومة الإسبانية موقفها من الصحراء الغربية، و أنحازت إلى ما يسمى " مقترح الحكم الذاتي "، غير أن هذا الموقف المنحاز " لم يكن له أي تأثير واقعي على الصراع ".
وبخصوص الآثار المترتبة على إسبانيا، بعد تغيير موقفها ، أكد رئيس شركة شمال افريقيا لاستشارات المخاطر، جيف بورتر، أن" المخاطر تتعلق بالسياسة الداخلية، حيث يدعم غالبية الإسبان حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، بما في ذلك أعضاء حزب العمال الإشتراكي الحاكم".
كما لم يستبعد جيف بورتر، أن يسيء هذا القرار لسمعة إسبانيا في القارة الإفريقية، حيث تدعم معظم دولها حق الشعب الصحراوي في تنظيم استفتاء تقرير المصير.
وفي الأخير، أكد رئيس شركة شمال افريقيا لاستشارات المخاطر، ل " فورين بوليسي أن فوكيوس"، أن " النزاع لا يمكن حله من خلال التوسط في صفقات ثنائية معزولة بل لابد من مقاربة شاملة". (واص)
090/105/700