ولاية الداخلة ، 22 يناير 2023 (واص) - ألقى رئيس الجمهورية ، الأمين العام للجبهة السيد ابراهيم غالي ، كلمة خلال اختتام اشغال المؤتمر السادس عشر للجبهة ، وذلك بقاعة الشهيد الخليل سيدامحمد للمؤتمرات .
وفيما يلي نصها الكامل :
كلمة الأخ إبراهيم غالي، رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة، في اختتام أشغال المؤتمر السادس عشر للجبهة.
ولاية الداخلة، 22.يناير 2023
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوات والإخوة،
نخـتـتم اليوم أشغال المؤتمر السادس عشر للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، هذا الحدث التاريخي المتميز، في هذه المرحلة الفاصلة من كفاح الشعب الصحراوي من أجل الحرية والاستقلال.
بفضل من الله، تم تتويج هذا المنبر الديمقراطي بالنجاح المنشود، ثم بإرادة جماهير شعبنا في كل مكان، من خلال المؤتمرات والمؤتمرين، وعزمهم الصادق على جعل هذه المحطة نقطة تحول ضروري وملح، ينسجم مع متطلبات المرحلة التي يلخصها شعار المؤتمر، "تصعيد القتال، لطرد الاحتلال واستكمال سيادة الدولة الصحراوية".
لقد كان المؤتمر واضحاً في قراراته، وفي تحديد أولويات الفعل الوطني في المرحلة المقبلة، والتي يتقدمها ميدان الدفاع الوطني، ميدان جيش التحرير الشعبي الصحراوي، أولوية الأولويات، رأس الحربة في معركة الوجود والمصير والكرامة، الجدير بكل العناية والاهتمام، في جميع المناحي، مادياً وبشرياً، حتى يكون في أعلى مستويات الجاهزية.
فتحية إلى مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي، صانعي المجد الأباة الأشاوس، أولئك الرجال الأفذاذ الصناديد الذين امتشقوا البندقية، مرابطين على عهد الشهداء، بإيمان راسخ وشجاعة وقناعة لا تتزعزع، وكلهم عزم وتصميم على استكمال مهمة التحرير.
وتحيةٌ إلى جماهير شعبنا البطل في كل مواقع تواجدها، تحية إلى جماهير انتفاضة الاستقلال في الأرض المحتلة وجنوب المغرب، وبشكل خاص إلى الأسرى المدنيين الصحراويين في السجون المغربية، الذين يرسمون أروع لوحات الصمود والتحدي في وجه وحشية دولة الاحتلال المغربي وانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان ونهبها للثروات الطبيعية لبلادنا.
كما أقر المؤتمر إيلاء العناية اللازمة لبقية الميادين، في سياق تنفيذ برنامج العمل الوطني الصادر عنه، ومن منطلق جعلها مكملة ومحفزة لميدان الدفاع الوطني، على غرار السياسي التنظيمي وانتفاضة الاستقلال والجبهة الداخلية والدبلوماسية والقانونية والإعلامية والثقافية.
ولم يأتِ نجاح المؤتمر من فراغ، ولكنه نتاج لمجهود شعبي وطني وشامل لكامل الجسم الصحراوي، في كل مواقع تواجده، عبر مراحل متعددة، على مدار ثلاث سنوات من الفعل الوطني، وبشكل خاص منذ تشكيل اللجنة الوطنية التحضيرية للمؤتمر، مروراً بالندوات السياسية، ثم الندوة الوطنية التحضيرية، وصولاً إلى محطة المؤتمر، بما شهده من إغناء للتجربة الديمقراطية الصحراوية ومن نقاش عميق ومراجعات وتعديلات وقرارات تاريخية.
كما أن المؤتمر اختار هيئة عليا للجبهة والدولة بين المؤتمرين. وبهذه المناسبة، أود أن أعبر عن جزيل الشكر والتقدير لكل المؤتمرات ولكل المؤتمرين، بمساهماتهم واختياراتهم. فنحن جميعاً، كمناضلات ومناضلين، كمواطنات ومواطنين من الشعب الصحراوي ليس بيننا أي خلاف، ولكن الاختلاف ظاهرة صحية وهو ليس مظهر ضعف، بل هو مصدر قوة، مهما تعددت التصورات والأفكار.
فنحن مجتمعون وملتفون حول المبادئ نفسها والأهداف نفسها، في إطار الوحدة الوطنية، بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب. كما أننا على ثقة ويقين مطلق بأن الخلفية والدوافع وراء كل المداخلات وكل الآراء والمواقف إنما هي البحث والسعي الصادق لخدمة المصلحة الوطنية العليا. وفي الأخير، فإن واجبنا جميعاً هو الالتزام بمخرجات المؤتمر وثوابت الجبهة.
فأبواب الكفاح والنضال مفتوحة على مصراعيها، والأيادي ممدودة للجميع وبين الجميع، لأن القضية الوطنية بحاجة إلى كل أبنائها، والمهام أكثر وأكبر منا جميعاً، وفي خضم تجربتنا النضالية والديمقراطية الفتية ليس هناك فائز أو خاسر بيننا، لأن الفائز الوحيد هو الشعب الصحراوي والمنتصر الوحيد هو القضية الوطنية.
الأخوات والإخوة،
لقد سجلنا في هذا المؤتمر ذلك الحضور الكبير والنوعي للوفود الشقيقة والصديقة القادمة من كل أصقاع العالم، من كل القارات، من إفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية وغيرها، والتي استغرقت زهاء اليومين وهي تـتـنافس بحماس مشرف على نقل أقوى رسائل التضامن والدعم والمؤازرة مع كفاح شعبنا من أجل الحرية والاستقلال.
وأريد باسمكم جميعاً أن أوجه تحية وشكراً خاصاً إلى الشقيقة الجزائر، بقيادة أخينا الرئيس عبد المجيد تبون، بكل أحزابها وكل مكونات مجتمعها المدني وبجيشها المغوار، والتي جددت بكل وضوح وحزم وصرامة، وعلى أعلى المستويات، موقفها المبدئي الراسخ إلى جانب القضية الصحراوية، انسجاماً مع مبادئ ثورة الأول من نوفمبر المجيدة وميثاق وقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
وإننا لنوجه التحية إلى الأشقاء في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، ونؤكد لكل جيراننا استعدادنا للتعاون والتنسيق الدائم من أجل حماية السلم والاستقرار في المنطقة، والتي أصبحت تتعرض لتهديد حقيقي، جراء سياسات العدوان والتوسع التي تنتهجها دولة الاحتلال المغربي، بتدفق مخدراتها ودعمها وتشيجعها لعصابات الجريمة المنظمة العابرة للحدود والجماعات الإرهابية، إضافة إلى تحالفاتها المشبوهة وفتحها المجال لأجندات أجنبية تخريبية معروفة.
ولا يمكن إلا أن نحيي جنوب إفريقيا، بلد الكفاح من أجل الحرية وتصفية الاستعمار، بلد نلسون مانديلا، التي لا تنفك تجدد دعمها الراسخ اللامشروط لكفاح الشعب الصحراوي، وتؤكد بأن حرية إفريقيا لن تكتمل ما لم يتمتع الشعب الصحراوي بحقه المشروع في الحرية والاستقلال.
ونحن نحيي الحركة التضامنية في أوروبا عامة، وفي إسبانيا خاصة، وندين مجدداً موقف حكومة بيدرو سانتشث في إسبانيا، بدعمها سياسة العدوان والتوسع لدولة الاحتلال المغربي، بل والتغطية على انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان وحمايتها، كما حصل إثر فضيحة ماروك غيت وقرار البرلمان الأوروبي الأخير، فإننا نذكر بمسؤولية الدولة الإسبانية، القانونية والسياسية والأخلاقية، التي لا تسقط بالتقادم، تجاه تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية وتقرير مصير الشعب الصحراوي.
كما نجدد نداءنا إلى الاتحاد الأوروبي للانسجام مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقانون الأوروبي، بالامتناع عن توقيع أي اتفاق مع دولة الاحتلال المغربي يمس الأراضي أو الأجواء أو المياه الإقليمية للصحراء الغربية، وندعو فرنسا إلى لعب دور إيجابي، يخدم السلم والتكامل في المنطقة، بعيداً عن الانحياز إلى الطرف المغربي المعتدي والظالم.
الأخوات والإخوة،
منذ 13 نوفمبر 2020 أقدمت دولة الاحتلال المغربي على نسف اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجيشين الصحراوي والمغربي سنة 1991. وأمام التغاضي المخجل على مستوى مجلس الأمن الدولي، بتأثير من أطراف معروفة، فقد أبلغنا الأمم المتحدة بأن شعبنا، وفي إطار حقه المشروع الذي تكفله له المواثيق الدولية، قرر استئناف الكفاح المسلح، مع استعدادنا للتعاون مع جهود تصفية الاستعمار من آخر مستعمرة في إفريقيا، ورفضنا لأي مقاربة تقفز على حق شعبنا المقدس في تقرير المصير والاستقلال، وفق ميثاق وقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
كما نشدد على الاتحاد الإفريقي بضرورة اتخاذ موقف حازم لإنهاء حالة العدوان الصارخ الذي تمارسه دولة عضو في المنظمة القارية، هي المملكة المغربية، في حق جارتها العضو الآخر، أي الجمهورية الصحراوية، وبالتالي فرض تطبيق مبادئ وأهداف القانون التأسيسي للاتحاد، وخاصة احترام الحدود القائمة غداة الاستقلال، ومنع الاستيلاء على الأراضي بالقوة.
الأخوات والإخوة،
إن أمامنا تحديات كثيرة، خاصة وأن العدو عمد إلى الإمعان في سياسات التعنت والهروب إلى الأمام، بما في ذلك استهداف جبهتنا الداخلية بكل الأساليب الدنيئة، والتحالف مع قوى الاستعمار والاحتلال والاستعانة بخبراتها الإجرامية وأسلحتها الفتاكة.
وقد حدد لنا المؤتمر جملة من المحاور والأولويات، المنبثقة عن تقييم شامل للوضع الراهن بكل مخاطره ومتطلباته.
ومع التذكير والتشديد على ما هو مطلوب من الهيئة القيادية من التزام ومثالية وانضباط، لا بد من التأكيد على تلك المسؤولية الواقعة على عاتق كل مؤتمرة وعلى كل مؤتمر. إننا جميعاً مسؤولون عن إبلاغ رسالة المؤتمر وشرحها لجماهير شعبنا، وتوفير شروط نجاحها. مطالبون بأن نكون مثاليين وميدانيين وفي المقدمة دائماً في الحرص والسهر على تنفيذ مقررات المؤتمر، كل من موقعه، على جميع المستويات، وفي كل مواقع تواجد الجسم الوطني الصحراوي.
إن الهيئة القيادية، مهما كانت قدرتها وكفاءتها واستعدادها لن يكون بإمكانها إنجاح البرامج الوطنية في غياب وعي وانسجام وتجاوب الجماهير الشعبية، وهذه مسؤوليتنا جميعاً. فالجماهير الواعية أقوى من كل المؤامرات الاستعمارية.
وفي موعد متميز مثل هذا، لا بد أن نـتـذكر، بترحم وإجلال وتقدير شهداء ومفقودي شعبنا الأبرار، من أمثال محمد سيد إبراهيم بصيري، وشهيد الحرية والكرامة، قائد الثورة، الولي مصطفى السيد، والشهيد الرئيس محمد عبد العزيز، والشهيد الذي يحمل المؤتمر اسمه، امحمد خداد لحبيب.
وبهده المناسبة، نستحضر المقولة الخالدة لمفجر الثورة عن تجميع أسباب النصر والقوة والمنعة حين يقول " إن سر وجودنا، وسر مكاسبنا، وأسباب الوجود والمكاسب، أسباب الكرامة والاحترام، هي حقيقة واحدة اسمها الشعب".
إنه الشعب الصحراوي العظيم، بجيشه المغوار البطل، بوحدته الوطنية الجامعة الشاملة، بقيادة ممثله الشرعي والوحيد، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، بإيمانه الراسخ وعزمه المكين وإصراره الثابت على انتزاع حقه المشروع، غير القابل للتصرف وغير القابل للمساومة في تقرير المصير والاستقلال، وثقته المطلقة في النصر المؤزر الحتمي، باستكمال سيادة الجمهورية الصحراوية على كامل ترابها الوطني.
وحدتنا وحدة من حديد، وستظل سائرة
تصعيد القتال لطرد الاحتلال، واستكمال السيادة. (واص)
بعثة " واص " الى المؤتمر السادس عشر للجبهة