تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الدكتور سيدي محمد عمار: تقاعس مجلس الأمن هو ما أوصل عملية السلام إلى حالة جمود تام

نشر في

نيويورك (الأمم المتحدة) 07 نوفمبر 2022 (واص) - أكد عضو الأمانة الوطنية ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو، الدكتور سيدي محمد عمار، أن تقاعس مجلس الأمن الدولي المتكرر عن تحمل مسؤوليته هو الذي أوصل عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في الصحراء الغربية إلى ما هي عليه الآن من انحرافات وحالة جمود تام.
تم هذا التأكيد في مقال نُشر يوم السبت بصحيفة "الخبر" الجزائرية تناول فيه الدبلوماسي الصحراوي مضمون قرار مجلس الأمن الأخير والسبب الكامن وراء عدم تمكن المينورسو من تنفيذ ولايتها كاملة، ليؤكد في الختام أن الشعب الصحراوي لن يتخلى أبداً عن حقه غير القابل للتصرف وغير القابل للمساومة في تقرير المصير والاستقلال وسيواصل استخدام جميع الوسائل المشروعة، بما فيها الكفاح المسلح، للدفاع عن حقوقه المقدسة واستعادة السيادة على كامل تراب الجمهورية الصحراوية.
النص الكامل للمقال الذي نشرته صحيفة "الخبر" الجزائرية:
تقاعس مجلس الأمن هو ما أوصل عملية السلام إلى حالة جمود تام
السفير سيدي محمد عمار
ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو
تبنى مجلس الأمن الدولي بتاريخ 27 أكتوبر 2022 قراره 2654 (2022) الذي قرر بموجبه تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) لمدة سنة أخرى حتى 31 أكتوبر 2023.
ولا يختلف هذا القرار كثيراً، من حيث الجوهر، عما سبقه من قرارات حيث يكرر مجلس الأمن إشارته إلى جميع قراراته السابقة بشأن الصحراء الغربية ويعيد تأكيدها مع تأكيد التزامه بمساعدة الطرفين، جبهة البوليساريو والمغرب، على التوصل إلى حل عادل ودائم يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره. كما يعيد مجلس الأمن التعبير عن اعترافه بضرورة قيام المينورسو بتنفيذ ولايتها كاملة، فضلا عن ملاحظته بقلق بالغ انهيار وقف إطلاق النار والتأكيد على ضرورة تحسين وضعية حقوق الانسان في الصحراء الغربية.
ومع ذلك، فقد فشل مجلس الأمن مرة أخرى في تمكين بعثة الأمم المتحدة (المينورسو) من خلال تدابير عملية لضمان التنفيذ الكامل لولايتها كما حددها قرار مجلس الأمن 690 (1991) المؤرخ 29 أبريل 1991.
إن السبب الكامن وراء عدم تمكن المينورسو من تنفيذ ولايتها كاملة، والمتمثلة في إجراء استفتاء حر ونزيه لتمكين شعب الصحراء الغربية من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال، واضح تمام الوضوح ويتجلى في الحقيقتين التاليتين.
أولاً، غياب الإرادة السياسية لدى دولة الاحتلال المغربي في التقدم باتجاه الحل السلمي والعادل للنزاع، بما ذلك تراجعها عن التزاماتها ورفضها للتطبيق الكامل لخطة التسوية المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية للعامين 1990-1991، التي هي أساس ولاية المينورسو وسبب نشر البعثة في الإقليم. وموازاة مع ذلك، ماتزال دولة الاحتلال مستمرة، وفي منأى تام عن أي عقاب أو محاسبة، في المراهنة على تكريس و"تشريع" الواقع الاستعماري المفروض بالقوة في الأرضي المحتلة من الجمهورية الصحراوية.
ثانياً، غياب الإرادة من طرف بعض الأعضاء الفاعلين في مجلس الأمن في استخدام ما لدى المجلس من أدوات دبلوماسية وغيرها لإرغام دولة الاحتلال المغربي على الوفاء بالتزاماتها بموجب خطة التسوية الأممية الأفريقية التي تظل هي الاتفاق الوحيد الذي قبله الطرفان، جبهة البوليساريو والمغرب. وعلاوة على كونه الجهاز الرئيسي المسؤول عن حفظ السلم والأمن الدوليين بحكم ميثاق الأمم المتحدة، فمجلس الأمن بالتالي هو المسؤول بشكل تام عن المينورسو التي أنشأها تحت سلطته وعن ضمان تنفيذ البعثة لولايتها كاملة، وهو ما لم يقم به إلى حد الآن.
وقد أسفر تقاعس مجلس الأمن المتكرر عن انحراف عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في الصحراء الغربية عن مسارها الأصلي ودخولها في متاهات "الغموض الهدام" وما يرتبط به من تعابير مثل "الحل السياسي" و"الواقعية" و"العملية" وغيرها من المصطلحات التي تخفي وراءها محاولة "التكيف" مع الوضع القائم على حساب احترام الشرعية الدولية وحقوق الشعوب الثابت وغير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.
وقد قادت هذه الوضعية جبهة البوليساريو إلى اتخاذ قرارها يوم 30 أكتوبر 2019 بشأن إعادة النظر في مشاركتها في عملية السلام برمتها كتعبير عن الرفض التام لمسار كان هدفه وما يزال هو الإبقاء على الوضع القائم بدل تفعيل المرجعية القانونية التي تؤطر القضية الصحراوية كمسألة تصفية استعمار وترجمة ذلك لإجراءات ملموسة لتمكين المينورسو من تنفيذ ولايتها كاملة.
وبالتالي، فمن غير المتوقع عملياً إحراز أي تقدم في عملية السلام مالم تتم ممارسة الضغط الفعلي على دولة الاحتلال المغربي لكي تتخلى عن منطق القوة العقيم وتعي ضرورة الانخراط الجدي والمسؤول في عملية السلام لتحقيق حل سلمي ودائم للنزاع على أساس مبادئ الشرعية الدولية وبما يضمن استتباب السلم والأمن في المنطقة.
لقد أسفر العمل العدواني المغربي على الأراضي الصحراوية المحررة يوم 13 نوفمبر 2020 عن خرق ونسف وقف إطلاق النار الذي كانت تشرف عليه المينورسو منذ 1991. وهكذا، فإن مجلس الأمن مطالب بضرورة الوعي الجدي بخطورة التطورات على أرض الميدان واتخاذ إجراءات عملية للتعامل معها لأن تقاعس المجلس المتكرر عن تحمل مسؤوليته هو الذي أوصل عملية السلام ككل إلى ما هي عليه من انحرافات وحالة جمود تام.
كما أن مجلس الأمن مطالب وبإلحاح بإدراك العواقب الوخيمة الناجمة عن سياسة ""ترك الأمور على حالها المعهود" التي تقوم إلى حد كبير على فرضية مفادها أن حل النزاع الأقل تكلفة من الناحية السياسية، وبسبب اعتبارات جيوسياسية معينة، هو الحفاظ على الوضع القائم وترك الطرفين يحلان النزاع بمفردهما على أساس علاقات القوة بينهما، وهي فرضية خطيرة جداً لما لها من انعكاسات بالغة الخطورة على السلم والأمن في المنطقة برمتها.
إن الشعب الصحراوي ليس دعاة حرب، وقد صبر طويلاً وبذل كل ما في وسعه في سبيل إحلال السلام العادل والدائم في منطقتنا. كما أن الطرف الصحراوي يبقى مستعدا للتعاون مع جهود الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لتحقيق حل سلمي ودائم للنزاع بين الجمهورية الصحراوية ودولة الاحتلال المغربي طبقاً لمبادئ الشرعية الدولية وأهداف ومبادئ القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي.
وإلى أن يتم بلوغ الحل المنشود، فإن الشعب الصحراوي لن يتخلى أبداً عن حقه غير القابل للتصرف وغير القابل للمساومة في تقرير المصير والاستقلال وسيواصل استخدام جميع الوسائل المشروعة، بما فيها الكفاح المسلح، للدفاع عن حقوقه المقدسة واستعادة السيادة على كامل تراب الجمهورية الصحراوية.(واص)
090/105