نيويورك 15 أكتوبر 2022 (واص) - قدم الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة السفير نذير العرباوي أمس الجمعة أمام أعضاء اللجنة الرابعة لإنهاء الاستعمار للأمم المتحدة، عرضا وافيا لأهم الركائز القانونية، التاريخية والواقعية التي تقوم عليها قضية الصحراء الغربية قبل أن يقوم، وبحجج ودلائل قوية، بتفكيك أطروحات المغرب حول هذه القضية وأكاذيبه التي ما فتئ يختبئ وراءها لتشويه الحقائق وتضليل المجتمع الدولي.
وفي معرض مداخلته، نوه سفير الجزائر بالعدد الهائل من المواقف والبيانات الصريحة الصادرة عن العديد من ممثلي الدول وأصحاب الالتماسات المؤيدين لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، ومن ضمنهم حفيد رمز النضال والحرية القائد نيلسون مانديلا، والتي تبعث على التفاؤل والأمل على اعتبار أن ضمير الشعوب الحرة لازال حيا ونابضا، كلما تعلق الأمر بالقيم الإنسانية والمبادئ الأساسية ومقاصد وأهداف الأمم المتحدة.
وتأسف السفير العرباوي لعجز منظمة الأمم المتحدة إلى حد الآن عن استكمال المهام الموكلة لها لتصفية الاستعمار بالنسبة لـ17 إقليما من ضمنها الصحراء الغربية التي تعتبر آخر مستعمرة في إفريقيا، في الوقت الذي يتم فيه حشد المجتمع الدولي لرفض وإدانة ضم أراضي بالقوة في مناطق أخرى من العالم، إعمالا لسياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير.
وذكّر السفير العرباوي أعضاء اللجنة الرابعة للجمعية العامة بالطابع القانوني لقضية الصحراء الغربية بشكل لا لبس فيه، من خلال القرارات ذات الصلة، الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن، والتي أكدت جميعها الحق المشروع لشعب الصحراء الغربية في تقرير مصيره. كما ذكّر بالقرار الأخير للمحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، الذي أكد أن حق تقرير المصير والاستقلال للشعب الصحراوي هو واقع قانوني لا يقبل الجدل وأن الدول الإفريقية يجب أن تعمل من أجل تنفيذ هذا القرار.
وبخصوص محاولة المغرب اقتراح ما يسمى الحكم الذاتي كحل وحيد، حذر السفير العرباوي من هذه السابقة الخطيرة التي تهدد أساس الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة، على اعتبار أن منح أي مصداقية لهكذا مقترح سيعني، وللمرة الأولى منذ إنشاء الأمم المتحدة، إضفاء الشرعية على احتلال وضم إقليم والسيطرة على شعبه بالقوة. ولفت الانتباه إلى أن التعنت في انتهاج سياسة الأمر الواقع ومواصلة نهب موارد الشعب الصحراوي، بالإضافة إلى تخلي القوة الاستعمارية السابقة عن مسؤوليتها التاريخية كقوة قائمة بالإدارة، قانونا، لإقليم الصحراء الغربية، لا تعدو أن تكون بالنتيجة سوى تواطؤ مع عملية الاستيلاء بالقوة وضم إقليم آخر من قبل دولة أخرى خارج حدودها المعترف بها دوليًا.
أما بخصوص مساعي الوفد المغربي لإلصاق صفة "الانفصاليين" بالممثل الشرعي والوحيد لشعب الصحراء الغربية جبهة البوليساريو، اعتبر ممثل الجزائر الدائم هذا استهتارا بأبسط الحقائق الثابتة قانونيا وواقعيا، إذ أن الأمم المتحدة عبر الجمعية العامة وكذا مجلس الأمن، حددت طرفي نزاع الصحراء الغربية دون أي لبس، متسائلا في نفس الوقت "هل يعني أن الأمم المتحدة تتعامل مع مجرد مجموعة من الانفصاليين؟".
وحول أكاذيب الوفد المغربي بخصوص الوضعية الاقتصادية والإنسانية في الجزء المحتل من الصحراء الغربية، أشار السفير العرباوي أنه "إذا كان الوضع كذلك، فلماذا لا يسمح للآليات الأممية بمعاينة وضعية حقوق الإنسان؟ ولماذا اشترط المغرب على المبعوث الشخصي للأمين العام أن لا يتفاعل مع المجتمع المدني الصحراوي إذا كان يرغب في زيارة الصحراء الغربية المحتلة؟ بل أكثر من ذلك، ما الذي يخشاه المغرب من تنظيم استفتاء في الصحراء الغربية إذا كانت الصورة مثالية كما يدعي؟"
أما بخصوص الادعاءات الكاذبة التي تصف اللاجئين بالمحتجزين في تندوف، اعتبر السفير العرباوي هذا إنكارا لوجود شعب صحراوي، كما أنه يرقى إلى اتهام منظومة الأمم المتحدة برمتها لاسيما برنامج الغذاء العالمي والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين وكذا الاتحاد الأوروبي والمنظمات الإنسانية الدولية الأخرى التي تؤدي مهامها في مساعدة مئات الآلاف من اللاجئين الصحراويين في تندوف، بأنها شريكة ومتواطئة في الاحتجاز المزعوم للاجئين.
وفي الأخير، أكد ممثل الجزائر الدائم أن استئناف المفاوضات الجدية المباشرة بين الطرفين، جبهة البوليساريو والمغرب، دون أي شروط مسبقة، يبقى السبيل الوحيد من أجل حل سياسي عادل ودائم يمر عبر استفتاء حر ونزيه يضمن لشعب الصحراء الغربية حقه في تقرير مصيره، مع التأكيد مجددا بأن الجزائر، التي تتمتع مع الشقيقة موريتانيا بصفة الملاحظ، ستواصل، بكل شفافية، أداء واجباتها تجاه اللاجئين الصحراويين، ودعم جهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي، في إحياء عملية السلام وإنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية.
( واص ) 090/700/100