كاستريس (جزيرة سانت لوسيا)، 13 ماي 2022 (وص) - القى اليوم عضو الأمانة الوطنية وممثل الجبهة بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو، الدكتور سيدي محمد عمار، كلمة أمام المشاركين في الحلقة الدراسية الإقليمية لمنطقة المحيط الهادئ التي تنظمها اللجنة الخاصة المعنية بحالة تنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة (لجنة الأربعة والعشرين) التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة التي بدأت أشغالها يوم الأربعاء بمدينة كاستريس عاصمة جزيرة سانت لوسيا بمنطقة الكاريبي.
النص الكامل للكلمة كما توصلت بها وكالة الأنباء الصحراوية:
السيدة الرئيسة،
السادة الممثلون والمندوبون الموقرون للدول الأعضاء،
السيدات والسادة،
إنه لمن دواعي سروري أن أخاطب اليوم اللجنة الخاصة المعنية بحالة تنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة في سانت لوسيا باسم جبهة البوليساريو، الممثل الشرعي والوحيد لشعب إقليم الصحراء الغربية الخاضع لتصفية الاستعمار طبقاً لقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن ذات الصلة.
هذه أوقات حاسمة بالنسبة لعملية إنهاء الاستعمار من الصحراء الغربية بسبب العمل العدواني الذي ارتكبته دولة الاحتلال المغربية ضد الأراضي الصحراوية المحررة في 13 نوفمبر 2020، والذي أدى إلى انهيار ما يقرب من ثلاثين سنة من وقف إطلاق النار على النحو الذي اعترف به مجلس الأمن في قراره الأخير 2602 (2021)، الفقرة 14 من الديباجة.
في بياني اليوم سأتناول بإيجاز الوضع المتعلق بعملية إنهاء الاستعمار من إقليم الصحراء الغربية.
السيدة الرئيسة،
السيدات والسادة،
إن قضية الصحراء الغربية، وهي آخر إقليم خاضع لتصفية الاستعمار في أفريقيا، مدرجة في جدول أعمال لجنة الأربعة والعشرين منذ ديسمبر 1963. وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية والاتحاد الأفريقي حاليا فإن إنهاء الاستعمار من الإقليم لم يُستكمل بعد.
والسبب الرئيسي للتأخير في إنهاء الاستعمار من الصحراء الغربية واضح جداً. إنه الاحتلال العسكري المتواصل وغير الشرعي من قبل المغرب للإقليم منذ 31 أكتوبر 1975، وهو ما شجبته الجمعية العامة بقوة في قراريها 34/37 المؤرخ 21 نوفمبر 1979 و 35/19 المؤرخ 11 نوفمبر 1980، والقرارات الأخرى ذات الصلة.
وعلى الرغم من الخطابات المضللة التي تروج لها دولة الاحتلال المغربية والمدافعون عن أطروحتها، والتي كثيرا ما نسمعها في هذه اللجنة وفي أماكن أخرى، فإن هذه هي الحقيقة التي لا يمكن إنكارها.
فتضليل الرأي العام فيما يتعلق باحتلالها العسكري غير الشرعي للصحراء الغربية، كثيرا ما تدعي دولة الاحتلال المغربية أنها كانت وراء قرار الأمم المتحدة بإدراج الصحراء الغربية في قائمتها للأقاليم غير المحكومة ذاتياً. إن الوثائق الرسمية للجمعية العامة للأمم المتحدة تدحض بوضوح هذا الادعاء الذي لا أساس له من الصحة. ويكفي أن نشير إلى اجتماع اللجنة الرابعة للأمم المتحدة الذي عُقد في نيويورك في 9 ديسمبر 1963 والذي أعرب فيه الممثل المغربي رسمياً عن معارضته لقرار إسبانيا الاعتراف بالصحراء الإسبانية آنذاك كإقليم غير محكوم ذاتياً ونقل المعلومات عن الإقليم طبقا للمادة 73 (ه) من ميثاق الأمم المتحدة.
ومع ذلك، فإن دولة الاحتلال المغربية يمكن أن تنسب إليها الفضل (الذي تبين لاحقا أنه عار) في إدراج "مشكلة موريتانيا" في جدول أعمال الدورة الخمسين للجمعية العامة في عام 1960 على أساس أن المغرب له حقوق مشروعة في موريتانيا.
هناك العديد من الحقائق التاريخية الراسخة الأخرى التي تفضح مطالب المغربي الإقليمية في جميع جيرانه وغيرهم، وجميعها تحمل اسماً واحداً مكتوباً عليها. إنها نزعة التوسع التي يستخدمها نظام يعاني من أزمة شرعية داخلية عميقة بعد أن واجه انقلابين في يوليو 1971 وأغسطس 1972. فلصرف انتباه الرأي العام ودعم الأسس الهشة لحكمه، تبنى النظام المغربي سياسة التوسع كسياسة رسمية للدولة وكأداة لضمان بقائه.
هذه هي الحقيقة التي لا يمكن إنكارها والمفتاح لفهم سبب غزو النظام المغربي واحتلاله لإقليم الصحراء الغربية الخاضع لتصفية الاستعمار في عام 1975 وكذا استمراره في أعماله المزعزعة للاستقرار التي تهدد السلم والأمن في المنطقة بأسرها وخارجها.
السيدة الرئيسة،
السيدات والسادة،
لقد ازداد وضع الشعب الصحراوي الذي يعيش في الأراضي الواقعة تحت الاحتلال المغربي غير الشرعي سوءا بسبب جائحة كوفيد-19 في وقت تواصل فيه دولة الاحتلال تكثيف ممارساتها وسياساتها القمعية والاستعمارية.
وتشمل هذه الممارسات القمع المستمر للمدنيين الصحراويين ونشطاء حقوق الإنسان مثل حالة الناشطة في مجال حقوق الإنسان سلطانة سيد إبراهيم خيا التي تعرضت لجميع أنواع العنف الجسدي والنفسي بما في ذلك الاغتصاب والمحاولات المتكررة لاغتيالها. كما تشمل تلك الممارسات أيضا تغيير الطبيعة الديمغرافية للإقليم من خلال سياسات استيطانية مكثفة ومُحَفَزة تنتهك مبادئ القانون الإنساني الدولي وتدمير التراث الثقافي ونهب الموارد الطبيعية، من بين أمور أخرى كثيرة.
من الواضح أن جميع هذه الأعمال هي ممارسات استعمارية غير قانونية ومفروضة بالقوة، ومن ثم لا يمكن أن يكون لها أي تأثير على مركز الصحراء الغربية بوصفها إقليما خاضعا لعملية تصفية الاستعمار. إن ما يسمى بالكيانات "المحلية" التي أنشأتها دولة الاحتلال المغربية في الصحراء الغربية "لإظهار" واقع وهمي للإقليم وشعبه، لا يوجد إلا في مخيلة دولة الاحتلال، ليست سوى "كيانات" استعمارية تعيد إلى الأذهان نمطاً استعمارياً مألوفا تماما لدى بعضكم ولدى هذه اللجنة أيضا.
السيدة الرئيسة،
السيدات والسادة،
إن الطبيعة القانونية للصحراء الغربية كقضية تصفية استعمار مدرجة على جدول أعمال هذه اللجنة منذ عام 1963 واضحة تماماً.
ولذلك، وكما ذكرت في مناسبات سابقة، فإن السؤال المطروح على أعضاء هذه اللجنة يتعلق بما يلي: هل يسمحون باستمرار سياسة التوسع المغربية وسياسة الأمر الواقع في حالة الصحراء الغربية، وبالتالي يسمحون للاحتلال العسكري المغربي لأجزاء من الإقليم بأن يستمر دون عقاب، أم هل يظلون أوفياء للمبادئ التأسيسية التي تقوم عليها ولاية هذه اللجنة ذاتها، ومن ثم يدعون إلى الإنهاء الفوري وغير المشروط للاحتلال المغربي للسماح بإنهاء الاستعمار من الإقليم بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة؟
وبالنظر إلى المبادئ الأساسية التي هي على المحك في هذه الحالة فضلا عن خطورة الوضع الراهن وعواقبه الخطيرة المحتملة على السلم والأمن في المنطقة، فإن الخيارات واضحة تماماً.
فمن الواضح أن سياسة التوسع الإقليمي ومنطق القوة لا يمكن أن يكونا خياراً، وإلا لظلت شعوب وبلدان عديدة، بما فيها الدول الأعضاء الحاضرة هنا اليوم، تحت الحكم الاستعماري والاحتلال الأجنبي. وبالتالي، فإن الخيار الوحيد هو الدفاع عن مبادئ الشرعية الدولية وإنهاء الاستعمار من الصحراء الغربية من خلال التعبير الحر والحقيقي والديمقراطي عن الإرادة السيادية للشعب الصحراوي في ممارسته لحقه غير القابل للتصرف وغير القابل للمساومة في تقرير المصير والاستقلال.
إن هذا هو السبيل الوحيد الصائب للمضي قدما لتحقيق نهاية سلمية وعادلة لتصفية الاستعمار التي طال انتظارها من آخر مستعمرة في أفريقيا ولينتهي معها أحد أبشع الفصول وأكثرها وحشية في تاريخ قارتنا.
وأشكركم على حسن إصغائكم. (واص)
090/105