مدريد (اسبانيا) 30 ماي 2021 (واص)- أكد الكاتب والصحفي الاسباني الخبير في الشأن المغاربي وفي الصحراء الغربية، توماس باربولو، في حوار أجراه معه موقع "الصحراء الغربية 24” تم نشره اليوم، أن الابتزاز والهجوم المغربي على إسبانيا خلال الأسابيع الأخيرة جعل الرأي العام الاسباني يدرك أن المملكة المغربية ليست بلدا صديقا، وزاد من تفهم الشعوب الاسبانية للقضية الصحراوية.
وذكر السيد توماس باربولو أن اطلاع الاسبان على القضية الصحراوية "منذ أشهر كان شكليا، لكن الاعتداء المغربي الاخير على سبتة- مستغلا مئات القاصرين كضحايا تحت ذريعة تواجد الامين العام لجبهة البوليساريو بأحد المستشفيات الاسبانية – ساهم في مضاعفة اهتمام الرأي العام بهذا النزاع”.
واعتبر باربولو ان التهجم المغربي على الحكومة الاسبانية لاستقبالها رئيس الجمهورية والأمين العام لجبهة البوليساريو، السيد ابراهيم غالي، مجرد "مناورة للتشويش. لكن الحقيقة أن محمد السادس لا زال أكثر انشغالا بموقف الاتحاد الاوروبي الذي لم ينهج مسار دولاند ترامب وبقي صامدا دون الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية".
ولهذا السبب بالذات، يرى الكاتب الاسباني "افتعل المغرب صراعا دبلوماسيا مع المانيا دون جدوى، ولهذا ايضا اختلق نزاعا آخر مع اسبانيا"، معتبرا أن "كل هذه المناورات تستهدف الغاية نفسها: بأن ينتهك الاتحاد الاوروبي القانون الدولي ويعترف بالسيادة على الصحراء الغربية".
وأضاف باربولو في ذات السياق "أن وسائط الإعلام قد فهمت هذا القصد، ولهذا ادانته لكن البعض منها قرر الدفاع عن استراتيجية الرباط وهي تعرف لماذا اتخذت هذا الموقف"، في إشارة إلى بعض وسائل الاعلام الاسبانية التي تحاول الدفاع عن الموقف المغربي عبر الترويج للأكاذيب والدعايات المغربي ضد الرئيس الصحراوي، وجبهة البوليساريو.
وحول هذا الموضوع، أكد توماس باربولو أن التناول الاعلامي لهذه الأزمة بين المغرب واسبانيا متنوع ومتعدد، فمن جهة "هناك وسائط اعلامية ومتخصصة تقدم المادة الاعلامية بموضوعية وأخرى تعمل على تشويهها بغية التهجم على الحكومة. لكن بعيدا عن بؤس البعض يبقى الرأي العام الاسباني داعما وبالأغلبية للشعب الصحراوي ورافضا للضغوطات المغربية”، يقول الخبير الاسباني.
وفي نفس السياق أكد توماس باربولو "انه اصبح واضحا بالنسبة للراي العام الوطني الاسباني ان المغرب ليس بلدا صديقا. وبالطبع فمحمد السادس خلف عددا لا يستهان به من الانطباع بالبلاهة في الوسائط الاعلامية الاسبانية؛ حيث يمارس في الكثير من الحالات نفوذه عبر نشطاء مرتبطين بإسرائيل. اليوم وبعدما تعرضت له سبتة من تعدي لم يعد بمستطاع “اصدقاء المغرب” الدفاع عنه لان ذلك يضعهم في الطرف المعادي؛ وعوض الدفاع عنه عمدوا إلى مهاجمة جبهة البوليساريو وأمينها العام!”
ولكل ذلك رأي توماس باربولو "أن المغرب قد خسر معركة الرأي العام وبأن الشعب الصحراوي يمكنه استغلال هذه الفرصة من أجل إعطاء دفع جديد يؤدي الى اعتراف الاسبان بنضاله".
وفيما يتعلق بموقف الحكومة الاسبانية أمام هذه الاحداث وكذا مواقف مختلف القوى السياسية، أكد السيد توماس باربولو "إن شح المعلومات من أجل تقيم الاحداث بدقة يرتبط بكل ما يدخل في صميم اهتمامات المغرب. فللوهلة الاولى ردت الحكومة بشكل سريع وحاسم على التعدي المغربي. أما موقف الحزب الشعبي الاسباني وزعيمه بابلو كاسادو فيبدو غير مفهوم لنفيه حدوث هذا التجاوز المغربي"، وتسائل باربولو مستغربا هذا الموقف، حيث قال "لماذا؟ هل لأنه يعترف للمغرب بسيادته على الصحراء الغربية؟"
"إن تصرف زعيم المعارضة بابلو كسادو بهذا الخصوص يضعه موضوعيا إلى جانب الرباط، إنه موقف مخجل حقا حيال منتخبيه. إنه يدعم جهارا المغرب في الوقت الذي يقدم محمد السادس على عمل وحشي كما حدث في سبتة! فماذا ننتظر منه يا ترى؟"، يقول توماس باربولو.
وفي رده على سؤال حول التصريحات النارية للسفيرة المغربية باسبانيا، اعتبر السيد توماس باربولو "ان تصريحات السفيرة المغربية غير مقبولة في اي بلد، فهل تتصورون ماذا سيحصل لو أن سفير اسبانيا بالمغرب أقدم على تصريح مماثل؟ لاشك أنه سيطرد مباشرة"، ولذلك يرى الاعلامي الاسباني "إن هذه السيدة لم تعد تحظى بالمصداقية لتمثيل بلدها بإسبانيا وأتمنى أن تتمثل الحكومة الاسبانية ذلك وأن ترفض عودتها إلى مدريد”.
ويرى السيد توماس باربولو أن الضغوط المغربية التي تحاول التأثير على موقف الحكومة الاسبانية، بل وحتى على العدالة الاسبانية، مرفوض مشيرا إلى أن "محمد السادس تصرف بتجبر محاولا إذلال الاخرين بكل عجرفة، وأظن أنه من خلال هذا السلوك يود الظهور لرعيته كنموذج صلب؛ وبالمقابل يبدو تعامل إسبانيا مع هذه التهديدات التي تمس العدالة مستغربا".
واضاف السيد باربولو "ان العلاقات بين اسبانيا والمغرب معقدة جدا، فلقد تغافلت اسبانيا في العديد من المناسبات عن السلوكات والأهواء الفظة لمحمد السادس مقابل تعاونه في مجالي الهجرة والارهاب. ومن منظوري الخاص يجب أن ينتهي هذا رغم أني أرى الأمر صعبا”.
وأدان السيد توماس باربولو توظيف المغرب "العناصر الهشة من المجتمع المغربي بما في ذلك مئات الاطفال"، معتبرا أن ذلك يبين "بما لاشك فيه، وبالملموس وحشية محمد السادس”.
وفيما يخص علاقة المغرب بالاتحاد الأوروبي بعد هذه الأزمة، قال توماس باربولو أن "المغرب تأكد بأن تعديه على سبتة قد ألحق ضررا بصورته في اوروبا الى درجة وضعه المساعدات التي يتلقاها من بروكسيل والمقدرة بالملايين موضع الخطر"، ولذلك يضيف "عمد جاهدا على خلق الاعتقاد بأن لديه مشاكل مع اسبانيا فقط؛ لكن في المقابل كان تأكيد الاتحاد الاوروبي على كون سبتة وامليلية هي حدود اوروبية واضحا بما فيه الكفاية مما يعنى أن المغرب قد تلقى ضربة موجعة من حيث لا يدري" .
وفي سؤال عن مسؤولية الدولة الاسبانية عن استمرار الاحتلال المغربي للصحراء الغربية، أجاب باربولو أن اسبانيا أمضت "زهاء نصف قرن وهي تلتزم الضبابية إزاء هذه القضية وهو ما يدعو إلى القول بأنها كانت متواطئة مع المغرب في التقتيل الذي اقترف في الماضي والقمع الذي يمارس حاليا ضد الصحراويين".
واعتبر "أنه لا مجال لتبرير هذا الموقف أمام موت الشيوخ والنساء والاطفال وأمام المجازر المرتكبة: فإما أن تكون مع الجلاد أو تكون مع الضحية؛ فلا مجال للصمت هنا؛ لكني مع ذلك لا أظن بأن الموقف الإسباني سيتغير”.
واختتم السيد توماس باربولوحواره بالتأكيد على "ضرورة الاستمرار في شرح الاحداث التي تبين مسؤولية إسبانيا تجاه الصحراء الغربية، وذلك من خلال البحوث والتأليف والأشرطة والمواضيع وأنشطة المسرح والشعر. فبقدر ما يكون الرأي العام الاسباني أكثر وعيا، بقدر ما تكون الحكومات الاسبانية مجبرة على التحرز لئلا تفقد أصواتها”. (واص)
090/500/60 (واص)