ولاية اوسرد: 27 فبراير 2021، واص. القى رئيس الجمهورية الامين العام للجبهة السيد ابراهيم غالي اليوم، كلمة بمناسة الاحتفالات المخلدة للذكرى الخامسة و الاربعين لاعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، و التي اقيمت اليوم بولاية اوسرد.
نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوات والإخوة أعضاء الوفد الجزائري الكبير،
سعادةُ السفراء والقائمينَ بالأعمال بالسفارات الشقيقة والصديقة،
ممثلوا السلكِ الدبلوماسي، الأخوات والإخوة،
في هذا اليوم، 27 فبراير من سنة 1976، وبعد أربعة أشهـر من الغزو المغربي الغاشم لوطننا، أعلـن الشعب الصحراوي عن ميلاد دولته الفتية، الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، التي نحـتـفـل بذكراها الخامسة والأربعين، والتي شكلت تحولاً حاسماً، رسـخ الانتماء الوطني في واقع ووعـي ووجدان وممارسة الصحراويين، لأنـه جـسَّـد الحـلـم الذي راودهم عبر التاريخ، وشكـل مصدر افتخارهم بكيانهم الذي يصون حقوقهم ويجسـد آمالـهم في العيش بكرامة وسيادة كاملة، ويـتـرجم طموحاتهم في تحقيق مستقبل أجيالهم.
وقبل كل شيء، لا بد أن نقـف وقفة إجلال وتقدير ترحُّـم على أرواح شهيدات وشهداء شعبنا البطل، الذين ضـحـوا من أجل هذا الوطن المفدى، وفي مقــدمـتهم القائد المؤسـس، شهيد الحرية والكرامة، الولي مصطفى السيد، والرئيس الشهيد محمد عبد العزيز.
إن اندلاع كفاح الشعب الصحراوي المسلـح في 20 ماي 1973 ضد الوجود الاستعماري الإسباني، بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، جاء امتدادا وتـتويجاً لمقاومة شعبنا عبر العصور، والذي كان آخر تجلياتها انتفاضة الزملة 1970، بقيادة الفقيد محمد سيد إبراهيم بصيري.
وأمام تأكـد قيادة الجبهة من التهديدات الماثلة والمخاطر المحدقة والمخططات الرامية إلى وأْد المشروع الوطنيّ، على غرار اتفاقية مدريد المخزية، شرعت في خطوات جبارة، حكيمة ومتلاحقة، قطعت الطريق نهائياً أمام كل المؤامرات والدسائس الاستعمارية. ومن هنا جاء تكريس 1 الوحدة الوطنية لكل الصحراويين، أينما كانوا، في إطار تنظيمي واحد هو الجبهة الشعبية لتحرير الساقيةِ الحمراءِ ووادي الذهبِ، ثم تأسيس المجلس الوطني الصحراوي المؤقت.
وتـوجـت تلك الخطوات بـرد صارم وحاسم، من خلال الإعلان عن قيام الدولة الصحراوية في 27 فبراير 1976.
هذا الصرح الوطني الشامخ، الذي تأسـس في أجواء ذلك التـكالـب الاستعماري الحاقـد، ظل يتـعـَزز في خـضم الحرب التحريرية، لـتـتـبـوأَ الدولة الصحراوية مكانـتها الجهوية، القارية والدولية، وتمضي بإصرار في تكريس مؤسّساتها وهيئاتها، بسـلـطاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية.
ورغم قـصـر الفترة الزمنية وصعوبة الظروف الناجمة عن الاجتياح المغربِي لبلادنا، وما نجم عنه من حملات الإبادة والقمع والاختطاف والاعتقال والحصار والتشريد واللجوء والمـنفى، أصـر الشعب الصحراوي، بقيادة جبهة البوليساريو، على صـنع تجربة فريدة ومـتـميّـزةٍ، في إطارِ دولته الفتية. بالفعل، فقد تحـقـقت مكاسب كثيرة ومتنوعة، بالتركيز على الاستثمار في العنصر البشري، باعتباره الأولوية والضمانة الحقيقية لـبلوغ الأهداف الوطنية، وصولاً إلى بناء مجتمع عصري، مـنـفـتـح على العالم وتطوراته، مـتـمـسـك بـهـويـتـه، مـدرك للتحديات القائمة، ومـصـمـم على انتـزاع حقوقه.
إننا نـسـجـل بافتـخار التحولات النوعية التي شهـدها المجتمـع الصحراوي، بقيادة الجبهة الشعبية، خلال فترة وجيزة في تاريخ الشعوب والأمم، وخاصةً بالنظر إلى الوضعية الكارثية الناجمة عن زُهاء قرن من الاستعمار وسياسات تكريس الجهل والتـخلُّـف والتفرقة. نـسـجّـل النجاحات المعتبرة في قطاعات حيوية، مثل التعليم والصحة والشؤون الاجتماعية والإدارة وتسيير الشأن العام و الخدمات.
وإضافةً إلى الحرص على ضمان ظروف نـمـو المجتمع، فقد اعتمدت الدولة الصحراوية إلزامية وشمولية التعليم والقضاء على الأمية، تشهـد على نجاحها نسبة التمدُرس وآلاف الخـريجين في مختـلف الاختصاصات. أما السياسة الصحية، التي ركَّزت على الوقاية، فإن نتائِـجـها الملموسة تجسدت في التصدِّي للأوبـئة الفتاكة، والقدرة على التعاطِي مع الحالات الطارئة، على غرار جائحة كورونا.
ولا يفوتـني بالمناسبة أن أؤكـد مـجـدداً على ضرورة التـقيـد بالإجراءات المـقـررة والالتزام بالتدابير الوقائية إزاء هذا الوباء الذي لا زال العالم بأسـره يواجـه مخاطـره وصعوباته الجـمة.
الأخواتُ والإخوة،
نحتفل هذا العام بالذكرى الخامسة والأربعين لقيام الدولة الصحراوية في ظـل مسـتجـدات وتطُرات خطيرة، جراء قيام دولة الاحتلال المغربيّ بنسف اتفاق وقف إطلاق النار، واستيلائِها على أراضي صحراوية، كانت محررة إلى غاية 13 نوفمبر 2020.
إن هذا الفعل العدواني الغادر، الذي نجدد إدانـتـه بأشد العبارات، قد فرض على الشعب الصحراوي استـئـناف العمل العسكري المـسـلح، ليدخل بكفاحه التحرري الوطني مرحلة جديدة، في إطار الحق المشروع في الدفاع عن النفس، والتصدي للعدوان الغاشم على إرضه وعـرضه.
ولا بد في البداية من أن نتوجـه بتحية التقدير والإجلال والعرفان إلى أُسود جيش التحرير الشعبي الصحراوي، الذي كان حاضراً في الموعد، وسارع بالرد الميداني على العدوان المغربي الجديد، وها هو يمضي بعزيمة وإصرار واستعداد دائم للتضحية والعطاء في سبيل تحرير الوطن من الغزاة المـحـتـلين.
تحية لهؤلاء الأبطال الميامين الذين يرابطون اليوم في الجبهات الأمامية، يصنعون ملاحم المجد والخلود، يتـقـدمون صفوف الكفاح الوطني الذي يخوضه الشعب الصحراوي.
تحية إلى هذا الشعب البطل في كل مواقع تواجـده، في ميخمات العزة والكرامة، في الأرض المحتلة وجنوب المغرب، في الأراضي المحررة والجاليات، الذي جسّد أروع صور الوحدة الإجماع والالْـتـفاف حول طليعته الصّدامية، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، وتشـبّـثـه الراسخ بأهدافها ومبادئها. هذا الشعب الذي برهـن بالمـلـموس عن مـعـدنه الأصيل كشعب أبيّ، يرفض الظُّـلـم والضَّـيـم والاحتـقار، من خلال هـبّـة شعبية عارمة، وتجاوب شامـل واستـعداد كامل لكل الاحتمالات.
تحية إلى الشباب الصحراوي، الذي صنـع الحدث، مـجـسّداً روح التواصل وسـير الأجيال على درب الأبطال، مـتـقـدّماً جموع المـتـطـوعين للالتحاق بمراكز التدريب ثمَّ النواحي العسكرية وجبهات القتال والاندفاع، بكل شجاعة وحماسةٍ، إلى امتشاق البندقية لنـيل إحدى الحـسـنـيـيـن، النصر أو الشهادة. 3 تحية حارة وخاصة إلى المرأة الصحراوية، الأم والزوجة والأخت والبنت، التي قدمت للعالم أروع دروس الوطنية والإخلاص والتضحية والعطاء، بعرقها ودموعها وفـلـذات كـبدها، فداء للوطن الغالي.
الأخوات والإخوة،
نحن دعاة سلام ولسنا هواة حروب. ولا أَدلّ على ذلك من صبر الشعب الصحراوي ثلاثين عاماً وهو يـنـتـظر من المـجتـمع الدوليّ أن يـنـصـفه ويـمـكّـنـه من مـمارسة حقّه الطبيعيّ في الحرية والاستقلال. ومع مرور الأيام، لم نقـف فحسب على عدم تنفيذ الأمم المتحدة لـتـعـهّـدها للشعب الصحراوي يتنظيم استفتاء لتقريرِ المصير، بل عدمِ تحرّكها الجاد والصارم إزّاء العرقلة المتواصلة والتملُّـص المـمـنـهج لدولة الاحتلال المغربي من التزاماتها، رغم كون الأمم المتحدة شاهداً مباشراً على كل تـجـلَّـيات التعنت والتصعيد المغربي، ورغم كل تحذيراتنا المتكررة في مناسبات كثيرة.
ليس هناك حـل واقـعـي للنزاع في الصحراء الغربية يقوم على مصادرة حقوق الشعب الصحراوي المسالم، ومعاكسة إرادته السيدة، المكفولة بموجب ميثاق وقرارات الأمم المتحدة، في التمتـع بوطن حـر ومستـقـل، على غرار كل شعوب العالم. ليس هناك حل واقعي يقوم على انتهاك القانون الدوليّ والقانون الدوليّ الإنساني، ومكافأة الظالم المعتدي المغربي وتشجيعه على التوسّـع والعدوان والقمع وانتهاك حقوق الإنسان الصحراوِي، والاستيلاء على أراضيه ونهب ثرواته الطبيعية. إن هذا التغاضي غير المبرر والتماطـل المرفوض والدعم المفضوح من لـدن أطراف معروفة على مستوى مجلس الأمن الدوليّ، هو الذي شـجـع دولة الاحتلال المغربي على المـضي في تعنـتـها، والتـسـبّـب في التصعيد الخطير القائم اليوم، جراء انتهاء العمل باتفاق وقف إطلاق النار وعودة المواجهة العسكرية المسلحة.
وفي وقت نـجـدِد فيه مطالـبة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بِـتـحمّـل المسؤولية ووضع حد لهذه الغطرسة والعدوان المغرِبي على الشرعية الدولية، فإننا نـحـذر مرة أخرى من أن تمادي دولة الاحتلال المغربي في انتهاكاتها الجسيمة للقانون الدوليّ والقانون الدولي الإنساني، سوف يزيد من حـدّة التوتـر والاحتقان، وهو ما تـتـحـمّـل كامل تـبـعاته وتداعياته الخطيرة على السّـلم والاستقرار في كامل المنطقة.
إن الأمم المتحدة مـطالـبة بالتعجيل بتنفيذ تعـهّـدها بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، انسجاماً مع ميثاقها وقرارها منح الاستقلال للشعوب والبلدان المستعمرة.
كما أننا نطالب الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدوليّ وكلّ المنظمات المعنية بحقوق الإنسان لـتـحـمّـل مسؤولـيـتِها إزّاء حماية المدنيّـين الصحراويين في منطقة نزاعٍ مـسـلّـح، جراء هذه الحرب الظالمة التي فـرضها الاحتلال العسكري المغربي اللاشرعيّ لأجزاء من تراب الجمهورية الصحراوية.
ونحن نـسـجّـل الموقـف المـبـدئـيّ لمـنـظّـمـتنا القارية، المـصـرّة على استكمال تحرير إفريقيا، من خلال إنهاء آخر قضية تصفية استعمار في القارة، فإننا نطالب الاتحاد الإفريقيّ بالتحرك الصارم لوضع حد للانتهاك السافر لميثاقه التأسِيسي من قـبـل المملكة المغربية، عبر إنهاء احتلالها اللاشرعيّ لأجزاء من تراب جارتها، الجمهورية الصحراوية، العضو المؤسّس في الاتحاد.
نحنُ نـنـتـظر ألا يـنـجـر الاتحاد الأوروبي خلـف توجّـهات بعض الأطراف، وخاصة فرنسا وإسبانيا، التي تدوسُ نهاراً جهاراً على قـيـم ومبادئ الاتحاد وقرارات محكمة العدل الأوروبية، سواء من خلال الموقف المنحاز إلى السياسية التوسعية العدوانية لدولة الاحتلال المغربي، أو من خلال التوقيع معها على اتفاقات تـشـمـل، بشكل غير قانونيّ ولا أخلاقيّ، الأجزاء المحتلة من الأراضي أو المياه الإقليمية بالصحراء الغربية.
نأمـل بصدق أن تساهم فرنسا مع بقية أعضاء الاتحاد في تـبنّي توجّـه واضح، قائـم على تكريس القانون الدوليّ والقانون الدوليّ الإنساني والقانون الأوربي في الصحراء الغربية، ودعم الحل الديمقراطيّ الذي يمـكّـن الشعب الصحراوي من ممارسة حقـه المشروع في تقرير المصير والاستقلال.
ونجدد بهذه المناسبة نداءنا إلى الإدارة الأمريكية الجديدة، بقيادة الرئيس جو بايدن، للمساهمة في التعجيل بالحـل الديمقراطيّ العادل للنزاع المغربيّ الصحراوي، بتنفيذ مـقتضيات الشرعية الدولية، وتمكين الشعب الصحراوي من التـمتـع بحقّـه، غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال، حتى تكون الولايات المتحدة الأمريكية منسجـمـة مع تاريخها ومبادئها وقـيـم الديمقراطية وحقوق الإنسان، ودورها ومسؤولـيـتها في حماية السلم والأمن والاستقرار في العالم.
الأخواتُ والإخوة،
أودّ أن أرحـب أيـما ترحيب بكل الوفود الشقيقة والصديقة التي أبت إلا أن تـشارك الشعب الصحراوي أفراحـه بهذه الذكرى العزيزة، ذكرى قيام دولته، الجمهورية الصحراوية، سواء بوفود حاضرة معنا هنا، أو بالرسائل والأنشطة والفعاليات في شتّى بقاع العالم.
وفي هذا اليوم التاريخي، لا يمكن إلا أن نتقدّم بأصدق التحية إلى كافة الأشـقاء والأصدقاء عـبر العالم، الذين وقفوا ويقفون إلى جانب الشعب الصحراوي، كحلفاء للحرية والعدالة والسلام.
تحية أخوية حارة إلى الجزائر الشقيقة، شعباً وحكومةً، والتي تبـنـت بقوة وحزم وصرامة موقف الدعم والمساندة والتضامن مع كفاح الشعب الصحراوي، انسجاماً مع تاريخها ومبادئها وقـيـمها النضالية التي تـنـهـل من مـعـين ثورة الأول من نوفمبر المجيدة، وتـتـسق كلّ الاتساق مع الشرعية الدولية، المجـسدة في ميثاق وقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي. سنـظـل عاجزين عن التعبير عن ما تستـحـقّـه الجزائر العظيمة وشعبها الأبيّ من شكر وتقدير وعرفان، ولا ما هي جديرة به من إشادة وتنويه، لأن بلـد ثورة المليون ونصف المليون شهيد، مكة الثوار وقـبـلة الأحرار، قد حـجزت مكانـتها، بجدارة واستحقاق، في السـجـلّ الذهبيّ لتاريخ البشرية، وفي الذاكرة الجماعية، ليس فقط لحركات التحرر الوطني والشعوب المـضـطهـدة المكافـحة من أجل حريـتها وسيادتها، ولكن لكـل المدافـعين عن قـيـم النـبـل والكرامة والنـخـوة والشهامة، والعدالة والسلام، والتمسّـك بالمبادئ الإنسانية السامية، والدفاع عن الحقّ، بعـناد وتصميم، وكـرم وسخاء، لا تخشى في ذلك لـومة لائم، ولا تثنيها مناورات ومغالطات ودسائس الخصوم المـتـربـصين.
إننا لعلى ثقة بأن هذا البلد الشقيق، بقيادة السيد الرئيس عبد المجيد تبون، سيـشق طريقـه، بكل ثقة واقتدار واعتزاز، لبناء جزائر جديدة، قوية، مستقرة ومزدهرة، تضطـلع بدورها الرياديّ المستحق، على المستوى الإقليمِي والقاري والعالمي. ونشيد كذلك بالعلاقات الخاصة والوثيقة التي تربط الجمهورية الصحراوية بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، والتي تـؤطّـرها روابط راسخة ، لا انفصام فيها، من الأُخوة والصداقة والجوار والتاريخ والمصير المشترك بين الشعبين الشقيقين، الموريتاني والصحراوي.
تحية إلى الحركة التضامنية العالمية مع القضية الصحراوية، وبشكل خاص في أوروبا، مشيدين بمستوى التضامن المتميز للشعوب الإسبانية. وبهذه المناسبة، نؤكـد مجـدّداً على أنه لا يمكـن للدولة الإسبانية التـنـصـل من مسؤولـيـتها القانونية، السياسية والأخلاقية، باعتبارها القوة الاستعمارية المديرة لآخـر مسـتعمـرة في إفريقيا، والتي لن تـنـزاح عن كاهـلها إلا بعد تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقّـه، غير القابل للتصرُف، في تقرير المصير والاستقلال.
الأخوات والإخوة،
لقد آن لجيراننا في المملكة المغربية أن يستـوعبوا بأن الدولة الصحراوية، في ذكراها الخامسة والأربعين، هي حقيقة وطنية وجهوية ودولية لا رجعة فيها، لأنها التجسيد الميدانيّ لإرادة شعب بأكمله، لا يمكن تجاوزها أو القـفـز عليها. إن الدولة الصحراوية المستقـلة لن تكون أبداً حـجـر عـثـرة في طريق الطموحات المشروعة للشعوب المغاربية، والشعب الصحراوي أثبت بأنه مسالم وكريم، ومستـعـد لتقاسم فاتورة السلام، بعدالة وندية ومساواة، مع بقية دول وشعوب المنطقة. ومرة أخرى، ونحن نمد أيادينا للسلام الحقِيقيِّ، العادلِ والدائِمِ، ندعو الأشـقاء في المملكة المغربية إلى سلوك سبيل التـعـقـل والحكمة، ووضع حدّ لسياسات العدوان والتوسع والاحتلال، ومن ثمّ الانخراط مع الجمهورية الصحراوية وبقية دول المنطقة في مسار قوامه التعاون والتكامـل والاحترام المتبادل، لـتعـيش شعوبنا في ظـلّ السلام والاستقرار والازدهار.
الأخواتُ والإخوة،
إن الشعب الصحراوي، بقيادة الجبهة الشعبية لتحريرِ الساقية الحمراء ووادي الذهب، لم يجد بـداً من استئناف الكفاح المسلح، كحق تـكـفـلـه المواثيق الدولية، في إطار حربه التحريرية المشروعة، وفي مواجهة عدوان توسعيّ ظالم من دولة الاحتلال المغربي.
إنها مرحلة جديدة، أثبت كل الصحراويات وكل الصحراويين، في كل مواقـعهم، التجاوب الوطني الشعبي الشامل والمـنـقـطع النظير مع ما تقـتـضيه من استـنـفار، واستعداد لكل ما تتـطلـبه من عطاء وتضحيات.
وإضافةً إلى العمل الدبلوماسي والإعلامي والقانونيّ والحقوقيّ وغيرها، فإن جبهة الأرض المحتلة وجنوب المغرب هي واجهة مـحـتــدمة للمقاومة الوطنية، مـدعـوة للتجاوب مع هذه المرحلة الجديدة بفـعـلها النضالي البطولي، بركاناً ثائراً من الغضب تحت أقدام الغزاة، وخاصةً في ظـل التعصيد الخطير والمتواصل للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من طرف دولة الاحتلال المغربي، وما يـتـعـرَض له المواطنات والمواطنون الصحراويون العـزل من بطش وقمع وتنكيل وحصار، على غرار المناضلة سلطانة خية وعائلتها.
ومن هذا المنبر، نبعث برسالة تضامـن ومؤازرة معها و، من خلالها، مع جماهير شعبنا في الأرض المحتلة وفي جنوب المغرب، وخاصة مع الأسرى المدنيين الصحراويين في السجون المغربية وعائلاتهم. فمزيداً من الثبات الصمود والنضال.
إننا نخوض، باسم كل البشرية، معركة وجودية لفرض قـيـم العدالة والديمقراطية، وتكريس الشرعية الدولية، يخوضها شعب صبور بجيشه الجـسور، لا يعترف بالمستحيل، ولا يرضى عن النصر الحتمي بديلاً.
إن الدليل القاطع على تلك الحقيقة الدامغة ماثل لـلـعـيان، أمام العالم أجمع. فمرور زهاء خمسة عـقود من الصمود والكفاح والمقاومة المسـتـميتة والصبر والانتظار، لم تـغـير قيـد أَنـمـلـة من عزيمة شعبنا وتشبـثـه بأهدافه الوطنية، بل زادتـه إصراراً واستعداداً للمضي قـدماً على نهج الكفاح والوفاء لعهد الشهداء، حتى استكمال سيادة الجمهورية الصحراوية على كامل ترابها الوطني. فلا خيار لنا سوى الدفاع عن حقوقنا المشروعة، والكفاح لتحرير أراضينا المـغـتـصبة، وحماية مواطنينا من بطش الاحتلالِ الغاشم ووقف نهب ثرواتنا الطبيعية، والتجـنـد جميعاً، كل من موقعه، لنـدعـم، بكل السـبـل المتاحة، واجهات الكفاح المختلفة و، بشكل خاصّ، مؤسسة جيش التحرير الشعبي الصحراوي، رأس الحربة في معركتنا المصيرية.
الجمهورية الصحراوية عامل توازن واستقرار وتوازن في المنطقة،
الدولة الصحراوية حقيقة لا رجعة فيها،
الدولة الصحراوية هي الحل، كفاح،
صمود وتضحية، لاستكمال سيادة الدولة الصحراوية.