مدريد (إسبانيا)، 26 فبراير 2021 (واص) - نشر عشرات الصحافيين الإسبان من مختلف الوسائط الإعلامية المسموعة والمرئية والمكتوبة وشبكات التواصل الإجتماعي، بيانا يعلنون فيه إلتزامهم بمواصلة المرافعة الصحفية عن القضية الصحراوية وتعطلعات الشعب الصحراوي في الحرية والإستقلال. وجاء في البيان:
" إن تاريخ الصحراء الغربية مرتبط أساسا بتاريخ أسبانيا والسكان الذين يسكنون هذه الأخيرة. فمن جهة، ترك إستعمار الإقليم طوال حوالي قرن من الزمن للجهة المستعمرة رابطة مسئولية نتيجة وضعيته التي بقيت دون حل.
ومن جهة أخرى، فإن خيار المستعمر لبقاء المواطنين الصحراويين على الهامش لم يمنع من نسج روابط عاطفية وثقافية واقتصادية وعائلية وما الى ذلك مع أشخاص اسبانيين.
" إن تاريخ الشعب الصحراوي الحديث يرتبط بتاريخنا من خلال التقاطع في إزدواجية الأبعاد.
" وكصحافيين ومخبرين ومخبرات عن ما يجري في العالم، نحن واعون بالسياق الذي تندرج فيه تلك العلاقة، وما يحكم ما يجري بالصحراء الغربية الآن أيضا.
" والدولة الإسبانية تعود اليها المسئولية تجاه الشعب الصحراوي. واتفاقات مدريد الثلاثية لم تعط في أي وقت من الأوقات السيادة لا للمغرب ولا لموريتانيا. وكما تعترف المنظمات الدولية والعدالة الإسبانية ذاتها ، فإن الدولة الإسبانية مازالت تعتبر هي القوة الإدارية المسئولة عن مسار تصفية الإستعمار من الصحراء الغربية، الإقليم غير المستقل، مثلما تؤكد ذلك هيئة الأمم المتحدة. وفي هذا الإطار، أصدرت المحكمة الوطنية سنة 2014 قرارا قضائيا خلال المداولات برئاسة السيد فرناندو غراندي مارلاصكا غوميث تقول:
" لدى إنضمامها الى هيئة الأمم المتحدة، وتوقيعها على ميثاق الأمم، بسان فرانثيسكو بتاريخ 26 يونيو عام 1945، الذي تمّ نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 16 نوفمبر 1990، إعترفت بالحالة الإستعمارية للصحراء الغربية، الشيء الذي ترتبت عنه جملة من الواجبات، بما فيها الإقرار بصفة القوة المديرة.
" ودائما في هذا الإطار، صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على القرار 2072 بتاريخ 16 ديسمبر 1965، تعتبر فيه إسبانيا القوة المديرة للصحراء الإسبانية، يتحتّم عليها طبقا للفقرة - A- من البند 73: " أن تضمن احترام ثقافة الشعوب، وتقدمها السياسي، الإقتصادي، الإجتماعي والتربوي، وعدالة التعامل مع تلك الشعوب، وحمايتها من أي إستغلال...".
" غير أن إسبانيا تخلّت عن علاقتها مع مستعمراتها التي هيمنت عليها طوال عقود بشكل كامل، وهو ماض مظلم مازال على حاله. والقضية الصحراوية هي الحالة التي تبيّن بوضوح تلك الإنعكاسات لذلك الماضي الذي بقيّ يراوح مكانه دون حل وهو واضح لا غبار عليه. وبعدم البحث عن الحل، فإن الدولة الإسبانية مازالت منغمسة في صفحة سودار من تاريخ الإنسانية، والإستعمار، ولم تستطع الى حدّ الآن إغلاقها.
" لقد أنهت اسبانيا الحرب على الصحراويين عام 1975، ببيع الصحراء الغربية الى كل من المغرب وموريتانيا. واستمرّت الحرب الى غاية 1991، عندما تمّ توقيع وقف اطلاق النار تحت وعود الأمم المتحدة بتنظيم استفتاء لتقرير المصير ليختار الشعب الصحراوي شكل مستقبله، استشارة لم تر النور أبدا نتيجة العرقلة المغربية.
" والآن تعود الحرب الى الصحراء الغربية. والمغرب هو الذي خرق وقف اطلاق النار يوم 13 نوفمبر الماضي، بدخول عناصرمن الجيش المغربي الى المنطقة المنزوعة السلاح لتفريق متظاهرين سلميين مدنيين صحراويين. وعودة جبهة البوليساريو الى حمل السلاح، في أعقاب مرور 29 عاما توخيّا لإيجاد حل سلمي وديبلوماسي، يعدّ فشلا للإنسانية، وبالتحديد لمنظمة الأمم المتحدة وللحكومات المتعددة الأوجه على الصعيد العالمي، ولإسبانيا التي مازالت قانونيا القوة المديرة للإقليم.
" ان الصحراء الغربية إقليم غير مستقل مثلما تحدّد ذلك الأمم المتحدة، وحقه في تقرير المصير تكفله المحاكم الدولية. وعليه، فإن الإشعار الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بتأكيد السيادة المغربية على الصحراء الغربية خارج عن القانون ولا يمكن القبول به كحدث من قبل الأمم المتحدة نفسها ، وهي المنظمة المسئولة عن البحث عن حل مقبول من الأطراف يرتكز على الإختيار الحر للشعب الصحراوي. وترمب تصرّف هكذا ضدا للجميع، وضد طريقة للحكامة والتعامل العالمي الذي يجعل الكل شركاء في العالم الذي نعيش فيه.
" وعلى امتداد خمس وأربعين سنة، فرض العيش على الشعب الصحراوي في ظل ظروف جدّ قاسية باللجوء والإحتماء وتحت وطأة الإحتلال. وها هي المناطق المحتلة من طرف المغرب بمثابة " سجون بالهواء الطلق" بالنسبة للمواطنين الصحراويين. وتمّ خرق حقوقهم الأساسية: التجمعات، التعبير، الهوّيّة، الثقافية، الإجتماعية، الإقتصادية، السلامة الجسدية، والحياة نفسها، ناهيكم عن الإختفاء القسري، والإعتقالات الصورية، والمحاكمات دون ضمانات قضائية.
" ومنذ إنتهاء وقف اطلاق النار، عادت الأوضاع بالمناطق المحتلة الى دائرة الخطورة والقساوة في وجه المواطنين الصحراويين، وبخاصة بالنسبة للناشطين الحقوقيين المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين.
" وقد أوضحت تقارير منظمات مثل المنظمة العالمية ضد ممارسة التعذيب ، ومراسلون بلا حدود، أن منازل صحافيين صحراويين تعاني الحصار مثل إكيب ميذيا، وهيئة النشطاء، ومحاولات إعتقال بحق هؤلاء الصحافيين القاطنين بالمناطق المحتلة.
" يضاف الى ذلك، أن الهيئة الصحراوية المناهضة للإحتلال المغربي، التي تضمّ في عضويتها ناشطات معروفات عالميا أمثال أمنتو حيدار وأدجيمي الغالية، تحدّثت عن هذه الأوضاع.
" هذا بغضّ النظر عن التهديدات والشتم عن طريق شبكة التواصل الإجتماعي بحق هؤلاء الأشخاص الذين يهمّون بالإعلام والتواصل، وهي طرق معتادة.
" والى ذلك، لا يمكن نسيان أن 7 صحافيين صحراويين لا يتمتعون بحريتهم، موزّعون على عدة سجون مغربية. أربعة منهم من مجموعة ما يعرف بإسم مخيم أكديم إزيك: البشير خدّة( اكيب ميذيا، 20 سنة سجنا)، حسان الداه( التلفزة الصحراوية ، اكيب ميذيا، 25 سنة سجنا)، محمد الأمين هدّي( الإذاعة الوطنية، 25 سنة سجنا)، عبد الله لخفاوني( متعاون مع اكيب ميذيا، السجن المؤبّد). والثلاثة الباقون هم: محمد البمباري( 6 سنوات سجنا)، وليد البطل( 2 سجنا)، وفراجي خطري دادة( 20 سنة سجنا). وهذه الوضعية تخالف التشريع العالمي. على أن الحق في الإعلام، وحرية التعبير، والإتصال كلها مكفولة ومعترف بها من قبل عدة اتفاقات ومعاهدات ، وخاصة عندما يتعلق الأمر بمنطقة نزاع، كالصحراء الغربية. هكذا يشير التصريح العالمي لحقوق الإنسان في بنده 19، والمعاهدة العالمية للحقوق المدنية والسياسية في بندها 19، والمادة 34 للحق العالمي الإنساني.
" ان جميع المعاناة التي تلحق اليوم بالشعب الصحراوي منذ عقود زمنية هي نتاج عدم وفاء اسبانيا بواجباتها ومستحقاتها. وعليه، فان الدولة الإسبانية أمام الإمكانية والمسئولية لأخذ زمام المبادرة وقيادة حل يتطابق مع القانون الدولي. موقف شجاع يعيد اسبانيا الى خانة سياسة خارجية فعّالة تتناغم مع التصريح العالمي لحقوق الإنسان ، ومع ما تقرّه اللجنة الخاصة بتصفية الإستعمار التابعة للأمم المتحدة. سياسة مسئولة تنسجم مع دورها الدولي وتاريخها.
" وبعيدا عن المسئولية القانونية، فإن الروابط الحاصلة بين المجتمع الإسباني والصحراوي تتجلي في مجالات عديدة. ثقافيا، يتعلق الأمر بشعب شقيق، نتقاسم معه اللغة، الفن، ومجموعة واحدة. والمبادرات كمهرجان فيصحراء، آرتيفاريتي، وميكروفون من أجل الصحراء، عملت على الجمع بين الثقافتين الإسبانية والصحراوية طوال سنوات. هذه الروابط أيضا لها علاقة بالذاكرة التاريخية والديمقراطية: ومن الضروري التذكير، الى جانب المسئولية في فتح قنوات للخروج من ماضينا على مستوى اسبانيا، كما أن هناك قنوات بالصحاري. وهناك أجساد بصحبة بطاقة تعريف إسبانية مدفونة تحت تلك الأتربة.
" وما تزال الروابط التضامنية قائمة الى يومنا هذا. وبفضل برنامج عطل السلام، تكون عشرات الآلاف من العائلات الإسبانية قد احتضنت الأطفال الصحراويين على مدى عشرات السنين. عائلات ترى اليوم كيف أن أولئك الصغار يلبسون الزي العسكري من أجل الذهاب الخطوط الأمامية، أمام إنسداد الآفاق وإنعدام الفرص.
" وفيما يتعلق بالروابط الإقتصادية، فإن الصحراء الغربية أقليم غنيّ بالثروات الطبيعية، يتمّ نهبها من قبل المغرب والشركات المتعددة الجنسية، الكثير منها إسبانية، دون أن يستفيد منها المواطنون الصحراويون، ضدا لما يقرّه التشريع بشأن الأقاليم غير المستقلة، وهو النهب الدائم.
" إن السياسة الخارجية الإسبانية لا يمكنها فقط أن تهتمّ بشؤون الشركات الكبرى، بل يجب عليها أن تضع في الحسبان مسألة حقوق الإنسان.
" ومن الغرابة أن نلاحظ أنه في الوقت الذي يتمّ فيه التخلّص من الفترة الفرنكوية، والشروع في خوض مرحلة الديمقراطية كانت الصحراء الغربية في صلب تلك الفترة السياسية ، وهي كذلك الآن، وتاريخ السياسة الإسبانية يمرّ بمرحلة تأمّل، والصحراء الغربية تعود الى الواجهة مجددا.
" وفي تلك الحقبة الزمنية، لم يكن الحل على ما يرام، والمشكل ومعاناة شعب بأكمله إستمرّت طوال عقود.
واليوم، وإن جاء الأمر متأخرا، يمكن أن نجزم أن هذه هي اللحظة للبدء في البحث عن حلول متطابقة مع القانون الدولي.
" إذا كان المشكل سياسيا، فإن حلّه يكون سياسيا. وعلى الدولة الإسبانية أن تتحمل المسئولية ، وأن تكون عاملا فعّالا لإيجاد حل لهذا المشكل، وعلى المجتمع المدني والرأي العام هما عوامل أساسية للوصول الى هذا الهدف.
" وفي حال عدم التحرّك اليوم، سيبقى النزاع بالصحراء الغربية بمثابة رياح الصيف الحارقة والدين الذي يترتّب دفعه بالنسبة لكرامة اسبانيا.
" نحن واعون بالروابط التاريخية، والروابط الحالية. نحن واعون بالمسئولية مع الذاكرة والمستقبل. ولماذا نحن واعون، يتعيّن علينا أن نبيّن ذلك ساعة مدّ الأخبار والحديث عمّا يجري. لا يمكننا أن نسمح أن يكون صمت إعلامي سببا في إسدال ستار نسيان إضافي على هذا الشعب".
إذا كنت صحفيا وتريد الإنضمام الى هذه المبادرة، أكتب إلينا على: [email protected]