الشهيد الحافظ 09 يونيو 2020 (واص) - يخلد الشعب الصحراوي اليوم الثلاثاء ، الذكرى الرابعة والأربعين لاستشهاد مفجر ثورة العشرين ماي الخالدة الشهيد الولي مصطفى السيد ، وهو يقف على عظيم الإنجاوات التي حققتها جبهة البوليساريو والدولة الصحراوية بفضل حنكة وتبصر قائدها الفذ والبطل الشهيد الولي مصطفى السيد.
ويقف الشعب الصحراوي وقفة إجلال وترحم على روح هذا البطل وكافة شهداء القضية الوطنية من الشهيد البشير لحلاوي حتى الشهيد أمحمد خداد ، معاهدا إياهم على المضي قدما على الطريق الذي رسموه بدمائهم الزكية من أجل حصول شعبهم على حريته واستقلاله.
الولي مصطفى السيد مزداد سنة 1948 ، مناضل صحراوي قاوم الاستعمار الإسباني ويعتبر من مؤسسي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب وأحد أبرز الشخصيات الوطنية الصحراوية ، أعلن قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في 27 فبراير 1976 واستشهد بعدها في التاسع يونيو 1976 ، وهو من المؤمنين بحتمية انتصار الشعوب ووحدة القارة الإفريقية.
بعد تلقيه تعليمه الأولي في المدارس القرآنية جنوب المغرب توجه الولي مع عائلته إلى مدينة الطنطان جنوب المغرب ليلتحق بالتعليم الابتدائي الشيء الذي لم يدم طويلا حيث اضطر إلى العمل في الإنعاش الوطني كعامل بسيط ثم رقي ليصبح رئيسا لمجموعة من العمال ، عرف بدفاعه المستميت عن حقوقهم وهذا ما دفع بالمسؤولين إلى التخلص منه بحجة صغر سنه وضرورة أن يلتحق بالمدرسة بدلاً من الاستمرار في العمل.
في عام 1966 التحق بمعهد التعليم الأصلي والشؤون الدينية بمدينة تارودانت ثم تابع دراساته الثانوية بالرباط ومن ثم التحق بجامعة محمد الخامس عام 1970م ودخل كلية الحقوق فرع العلوم السياسية ، وفي سنته الدراسية الأولى حصل على الدرجة 19 من 20 ، ليكون بذلك أول طالب صحرواي ينال تلك الدرجة.
في مطلع السبعينات أجرى الولي مصطفى السيد اتصالات بالقيادات العربية والإفريقية من أجل تحرير الصحراء الغربية ، فقابل الزعيم الجزائري هواري بومدين ، كما عقد لقاءً مع الاتحاد الجزائري للشغل والذي استجاب لرغباته وساعده على تنظيم عدة مهرجانات شعبية ابتداء من شهر مارس 1972 بمختلف المدن الجزائرية ، ومع الزعيم الليبي معمر القذافي ثم القيادة الموريتانية طلباً للدعم والمساندة في تحرير الصحراء الغربية بالسلاح من براثن الاستعمار الإسباني ، كما كثف من اتصلاته بالجماهير والنخب في الصحراء الغربية، وفي دول إفريقيا ومناطق تجمعات الجالية المنحدرة من الصحراء الغربية في البلدان المجاورة أو في البلدان الأوروبية.
وتبعت تلك الخطوة بانطلاق أول رصاصة للجبهة من خلال عملية الخنكة التاريخية التي أذنت بقيام ثورة عشرين ماي الخالدة مستلهمة الدرس من تاريخ المقاومة الصحراوية وتجاربها مؤكدة شعارها" بالبندقية ننال الحرية".
وخلال سنتي 1974 و1975 م قام الشهيد الولي مصطفى السيد بجولات دولية لشرح القضية الصحراوية وتسليط الضوء على حقائق كفاح الشعب الصحراوي من خلال عقد ندوات صحفية وسياسية في باريس والجزائر وطرابلس وبيروت وغيرها. وعلى المستوى الداخلي كان الشهيد لا يتوقف عن عقد لقاءات مع الجماهير الصحراوية محرضاً وموجهاً ومبشراً ؛ وذلك من خلال لغته البسيطة والمقنعة التي يستطيع بها أن يتواصل مع الكبير والصغير والمتعلم والأمي على السواء ، فكان المفاوض الفذ المقنع سواء مع المناضلين أو مع الشيوخ أو مع الآخرين ، يعرف كيف يبلور أفكاره وينظم وقته ويسير التنظيم ويحسن إبداع أساليب العمل ، يتقن تصريف الأدوات وتنظيمها ، كما كان الأب الحنون لكل الأطفال الصحراويين والابن البار للشيوخ والعجائز.
بنى الشهيد الولي مصطفى السيد فلسفته في القيادة على "الريادة والصرامة والصراحة ونقد الذات" ليجسدها في الاتصالات المبكرة مع القوى السياسية في المغرب وموريتانيا ولبنان وفي إقناع القيادات السياسية في الدول المجاورة ( ليبيا ، الجزائر وموريتانيا) وكرسها في تأسيس جبهة البوليساريو ، إندلاع الكفاح المسلح ، تشكيل المجلس الوطني الصحراوي وإعلان الدولة الصحراوية رغم ضعف الإمكانيات وسط ظروف جهوية ودولية غاية في الصعوبة والتعقيد.
حظي الشهيد الولي مصطفى السيد باعتراف كبار شخصيات العالم ووجد لنفسه مكانة كبيرة بين رفاقه وفي قلوب كل الصحراويين الذين يسيرون على نهج الشهداء الذي كان الولي سباقا فيه ورياديا في سلوكه ؛ فقد قال فيه الأمين العام الأسبق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جورج حبش بأنه "وجد نفسه أمام شخصية لم ير لها مثيلا لا من قبل ولا من بعد ، بل اعترف له بالشخصية الفذة التي تمكنت من سلب لبه وجعلته يتلعثم في حديثه أمامه ، حسب الكاتبة الصحفية اللبنانية ليلى بديع.
ذلكم هو الولي المفكر والقائد الذي خاطر بروحه من أجل شعبه ووطنه وجسد مقولته "إذا أرادت القدرة الخلود لإنسان سخرته لخدمة الجماهير".
وصفه من درسوا فكره أنه كان إنسانا عبقريا ذا قدرات خارقة ، يمتلك رؤية وفكر رجل إستراتيجي من طراز رفيع ، كان يدرك عظمة الجماهير وقدرتها غير المتناهية على القيادة والعطاء والريادة والتواصل ، يمقت الترفع وكل مظاهر القيادة السلبية كما قال الكاتب الإسباني فيليبي بريونيس.
( واص ) 090/100