بريتوريا (جنوب افريقيا)، 26 مارس 2019 (واص)- القى اليوم الثلاثاء رئيس الجمهورية ، الأمين العام لجبهة البوليساريو السيد إبراهيم غالي كلمة أمام المشاركون في ندوة الصاداك للتضامن مع الشعب الصحراوي التي تحتضنها العاصمة الجنوب افريقية بريتوريا .
وفيما يلي النص الكامل للكلمة :
كلمة الأخ إبراهيم غالي، رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة، خلال ندوة الصادك للتضامن مع الجمهورية الصحراوية،
بريتوريا، جنوب إفريقيا، 26 مارس 2019
بسم الله الرحمن الرحيم
فخامة السيد سيريل رامافوسا، رئيس جمهورية جنوب إفريقيا، التي نشكرها على احتضانها لهذه الندو التاريخية، وعلى حفاوة الاستقبال وحسن الضيافة،
فخامة السيد هاج غينغوب، رئيس جمهورية ناميبيا، الرئيس الدوري لمجموعة الصادك،
أصحاب الفخامة والمعالي،
السيدات والسادة،
إنه لفخر عظيم لي شخصياً ولحكومة وشعب بلادي أن يتم تخصيص هذه الندوة الدولية من طرف مجموعة الصادك للتضامن مع الجمهورية الصحراوية وشعبها، هنا في بلد نلسون مانديلا، وفي قاعة أوليفر طامبو.
واسمحوا لي أولاً أن أعبر عن أصدق التعازي والمواساة والتضامن مع أشقائنا في الموزمبيق وزمبابوي ومالاوي، على إثر الفيضانات الخطيرة ونتائجها المؤلمة التي شهدتها المنطقة مؤخراً.
وإنني في البداية لأود أن أعبر عن جزيل الشكر والعرفان وكامل التقدير والامتنان لكل الدول الأعضاء في هذه المجموعة، زعماء وحكومات وشعوباً، على تفضلها بهذه المبادرة التاريخية التي تجسد الموقف الطبيعي والمنسجم مع تاريخ شعوب وبلدان هذه المنطقة ودورها المحوري في تحرير إفريقيا من الاستعمار ومن الأبارتايد. كما أتوجه بالشكر إلى كل الوفود المتضامنة، القادمة من كل قارات العالم.
والواقع أن بعد التضامن والدعم والمؤازرة والتأييد في هذه الندوة يشمل نطاقاً واسعاً من الأبعاد والدلالات، من الرسائل والمعاني الثمينة التي يؤطرها زخم نضالي ثوري تحرري في إفريقيا عامة، وفي هذه المنطقة خاصة، ينبع من القيم الإنسانية العالمية، وفي مقدمتها الحرية والكرامة والعدالة والسلام.
فالندوة رسالة للمطالبة بإحقاق الحق، عبر دعم الدولة الصحراوية، المجسدة لإرادة الشعب الصحراوي، وبالتالي دعم كفاحه وصموده، حتى تمكينه من ممارسة حقه المشروع، غير القابل للتصرف، في تقرير المصير واستكمال سيادته على الأجزاء المحتلة من بلاده. إنها تأكيد على وضوح القضية الصحراوية من وجهة نظر القانون الدولي، ومن ثم فهي دعوة لتطبيق ميثاق وقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، الداعية إلى تصفية آخر مظاهر الاستعمار في إفريقيا والعالم.
وفي هذا السياق، تأتي هذه الندوة تذكيراً بقرارات حاسمة، مثل قرار محكمة العدل الدولية سنة 1975، الذي ينفي أي سيادة مغربية على الصحراء الغربية، أو قرارات محكمة العدل الأوروبية سنتي 2016 و2018، التي تؤكد بأن الصحراء الغربية والمملكة المغربية بلدان منفصلان ومتمايزان، وتحرم أي استغلال للثروات الطبيعية الصحراوية بدون موافقة الشعب الصحراوي، عبر ممثله الشرعي والوحيد، جبهة البوليساريو.
فالندوة رسالة صريحة للمملكة المغربية وشركائها، وخاصة الاتحاد الأوروبي، للوقف الفوري للنهب والاستغلال غير الشرعي لثروات الشعب الصحراوي.
التضامن مع الجمهورية الصحراوية، العضو المؤسس في الاتحاد الإفريقي، والمساهمة في بناء مؤسساتها وتعزيز مكانتها وعلاقاتها الدولية، هو تأكيد على أن القضية الصحراوية شأن إفريقي بامتياز، وأن الأفارقة، دولاً وشعوباً، ملتزمون بدعم هذا الشعب الإفريقي المسالم في إنهاء مآسي الحرب واللجوء والشتات، وإقامة دولته المستقلة السيدة على كامل ترابها الوطني، على غرار كل الشعوب والبلدان المستعمرة.
كما أن الندوة تأكيد على ضرورة التقيد الكامل بالقانون الدولي الإنساني في الأجزاء المحتلة من الجمهورية الصحراوية، بوقف الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الصحراوي، وحماية حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها، ورفع الحصار المفروض على الأراضي الصحراوية المحتلة، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين الصحراويين في السجون المغربية، والكشف عن مصير المفقودين الصحراويين جراء الاجتياح العسكري المغربي لبلادنا منذ 31 أكتوبر 1975.
السيدات والسادة،
على غرار كل الشعوب المستعمرة، كانت خيارات الشعب الصحراوي وطموحاته واضحة وراسخة في نيل الحرية والاستقلال، عندما أعلن الكفاح المسلح ضد الاستعمار الإسباني، وواصله ضد المحتل الجديد، وأعلن عن قيام دولته السيدة. وفي سنة 1991، كانت الجمهورية الصحراوية تحتفل بذكرى تأسيسها الخامسة عشرة، وبسنتها العاشرة كعضو في منظمة الوحدة الإفريقية. ورغم ذلك، استجاب الطرف الصحراوي للنداءات الدولية، وقرر الانخراط في خطة التسوية الأممية الإفريقية، من أجل تنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي، الذي عرقلته المملكة المغربية على مدار سبع وعشرين سنة.
فندوة الصادك اليوم للتضامن مع الجمهورية الصحراوية هي نداء ملح للأمم المتحدة ولشريكها الاتحاد الإفريقي وللمملكة المغربية للتعجيل بتنظيم ذلك الاستفتاء، باعتباره الحل الديمقراطي العادل، والوحيد الذي حظي بمصادقة المجموعة الدولية، وموافقة طرفي النزاع في الصحراء الغربية. هل لي أن أذكر هنا، من جنوب إفريقيا، بالرسالة التاريخية التي بعثها الرئيس الأسبق تابو امبيكي إلى ملك المغرب محمد السادس، والتي ملخصها أن تعنت المملكة المغربية ورفضها لتنظيم الاستفتاء، هو تأكيد على صوابية الاعتراف بالدولة الصحراوية؟
ونحن نذكر بروح التفاؤل المعبر عنها من لدن عدد من الزعماء الأفارقة، عشية قبول عضوية المملكة المغربية في المنظمة القارية، نؤكد أن ندوة الصادك للتضامن مع الجمهورية الصحراوية رسالة إلى الاتحاد الإفريقي وإلى المغرب بأنه، بعد سنتين ونيف من انضمامه، أصبح مطالباً بإلحاح بتجسيد التزامه بالتقيد بمبادئ الاتحاد وقانونه التأسيسي وقراراته و، بشكل خاص، احترام الحدود الموروثة غداة الاستقلال.
هناك حالة تناقض بل انتهاك سافر للقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، تقتضي اتخاذ الخطوات اللازمة والعاجلة؛ فهناك دولة إفريقية، هي المملكة المغربية، العضو الوافد على المنظمة القارية، تمارس احتلالاً عسكرياً لا شرعياً لأجزاء من أراضي دولة إفريقية أخرى، هي الجمهورية الصحراوية، العضو المؤسس في الاتحاد الإفريقي.
وفي وقت نلح فيه على ضرورة الإسراع بتفعيل آلية الترويكا الإفريقية الخاصة بالصحراء الغربية، فإن الجمهورية الصحراوية مستعدة للتطبيق الفوري لقرارات الاتحاد الإفريقي، والدخول في مفاوضات مباشرة، بنية حسنة وبدون شروط مسبقة، لحل النزاع القائم مع المملكة المغربية، كبلدين جارين وعضوين في الاتحاد الإفريقي.
إن ندوة التضامن هذه هي رسالة بأن الجمهورية الصحراوية حقيقة وطنية وإفريقية ودولية لا رجعة فيها، وهي عامل توازن واعتدال واستقرار. والجمهورية الصحراوية مستعدة للعمل مع كل البلدان الإفريقية، وفي مقدمتها المملكة المغربية، في كنف التعاون والتكامل والاحترام المتبادل وحسن الجوار، في أفق تنفيذ أجندة 2063، خدمة للسلم والأمن والتنمية والازدهار في المنطقة، في إفريقيا وفي العالم.
نرى أنه من الضروري أن تتمخض هذه الندوة عن خطة وآلية للمرافقة والمتابعة في سياق التضامن مع الجمهورية الصحراوية، لتتويج جهود القارة الرامية إلى التخلص نهائياً من مظاهر الاستعمار والتمييز العنصري. وإن الشعب الصحراوي ليؤكد لكم تشبثه الراسخ بحقوقه وتمسكه بالكفاح، بكل السبل المشروعة، حتى استكمال سيادته على كامل تراب دولته المستقلة، مهما كلف ذلك من ثمن وتطلب من تضحيات. إن إفريقيا لن تستكمل حريتها واستقلالها ما لم يتحرر الشعب الصحراوي.
شكراً مرة أخرى، وعاش التضامن الإفريقي، وعاشت إفريقيا حرة، موحدة ومزدهرة، وعاش تجمع الصادك، والسلام عليكم.(واص)
مبعوث "واص" إلى بريتوريا