ولاية أوسرد 19 جانفي 2017 (واص) - ألقى اليوم الخميس رئيس الجمهورية ، الأمين العام لجبهة البوليساريو السيد إبراهيم غالي كلمة خلال إشرافه على اختتام الأيام التكوينية لأطر التنظيم السياسي بولاية أوسرد .
وفيما يلي النص الكامل للكلمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة والأخوات، أمناء وأمينات، مناضلي ومناضلات الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب
نختتم اليوم الدورة التكوينية الخاصة بالأمناء على المستويات الجهوي والمحلي والأساسي، والتي كانت في غاية الأهمية من حيث المحتوى، ومن حيث كونها مناسبة للشروع في مرحلة جديدة من عمل جهاز التنظيم السياسي، بعد العملية الانتخابية الأخيرة، تطبيقاً لمقررات المؤتمر الرابع عشر للجبهة.
الفترة بلا شك كانت مفيدة من حيث تعدد وتنوع موضوعات المحاضرات المختلفة ولكن أيضاً من خلال الأنشطة المرافقة، وخاصة الزيارات التي قمتم بها إلى بعض المؤسسات الوطنية.
الاطلاع والتعلم والتكوين والاستفادة عملية مهمة للإطار، وخاصة وأنها جاءت مباشرة بعد الانتخابات، لكن الأهم الآن هو العمل والشروع في انطلاقة متجددة والسعي للوصول إلى أفضل النتائج.
في هذا المقام، على جميع مناضلي الجبهة، وخاصة إطاراتها، استحضار مقررات المؤتمر الرابع عشر، والأولويات التي سطرها، والتي كان من بين أبرزها تفعيل التنظيم السياسي وتمكينه من القيام بمهامه الأساسية على أحسن وجه وفي أفضل الظروف.
المهام المنوطة بجهاز التنظيم السياسي كثيرة ومتنوعة، من قبيل التأطير والتوجيه والتحسيس وحشد الطاقات والتصدي الميداني لمختلف المظاهر السلبية ومواجهة الحرب المخابراتية التي يشنها العدو بمختلف الأساليب، بما فيها المخدرات والحرب النفسية الهدامة، في مسعى متواصل للنيل من معنويات شعبنا وصموده ووحدته، والمساس من مكانة وسمعة رائدة كفاحه الوطني، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب.
أنتم الآن على عتبة الولوج إلى معترك الجد والمثابرة عبر الانطلاق في العمل الميداني والالتحاق كلٌّ بمكان عمله، حيث الجماهير الشعبية التي هي الرأسمال الأول للمشروع الوطني الصحراوي، وهي الهدف وهي الوسيلة، لأنها ضامنة النصر والتحرير.
هذه الجماهير برهنت بكل جلاء على صدقها وإخلاصها واستعدادها الدائم لتقديم كل التضحيات، بلا كلل ولا ملل، في خدمة الأهداف الوطنية المقدسة، وأثبتت نضجها وقدرتها على التعاطي مع أقسى الظروف وتجاوز أصعب المحن.
هذه الجماهير الواعية تترقب حضوركم الميداني للأخذ بيدها وتوجيهها وتأطيرها في بوتقة النضال، وقيادتها، بكل مسؤولية وجدية وتواجد واستمرارية، لتنفيذ مقررات المؤتمر وتجسيد شعاره ؛ قوة، تصميم وإرادة، لفرض الاستقلال والسيادة.
الإخوة والأخوات، أمناء وأمينات، مناضلي ومناضلات الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب
مضت سنة 2016 حافلة بالأحداث، بأفراحها وأتراحها. فقدنا فيها الرئيس الشهيد محمد عبد العزيز، الرجل الذي قاد بصدق وإخلاص وتفاني وحكمة وتبصر مسيرتنا الكفاحية على مدار أربعين عاماً.
وكان المؤتمر الاستثنائي للجبهة محطة ساطعة، حيث برهن الشعب الصحراوي للصديق قبل العدو على نضجه وقدرته على الاحتكام إلى المبادئ والقانون وسمو المصلحة الوطنية والالتزام بعهد الوفاء والاستمرارية.
كما تم تخليد مناسبات وطنية كبيرة وذات دلالة عميقة، من قبيل الذكرى الأربعين لقيام الدولة الصحراوية، كتجسيد ميداني وأبدي لإرادة الشعب الصحراوي، والذكرى الأربعين ليوم الشهداء، المصادفة لاستشهاد القائد المفجر، الولي مصطفى السيد، وغيرها من المناسبات والفعاليات.
كما تميزت السنة الماضية بزيارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى مخيمات العزة والكرامة والأراضي المحررة، وما تركته من وقع صادم على دولة الاحتلال المغربي، كونها أكدت ميدانياً الوضع القانوني للصحراء الغربية.
وشهدت السنة تصعيداً مغربياً خطيراً، بعد أن امتنع المغرب عن التعاون مع المبعوث الشخصي للأمين العام وتهجم على الأمين العام نفسه، حيث قرر طرد المكون المدني والسياسي لبعثة المينورسو.
التطورات اللاحقة كانت انعكاساً لحالة من التوتر جراء وجود دولة الاحتلال المغربي في مواجهة مفوحة مع المجتمع الدولي، وتجلت في سلوكات مغربية متهورة، على غرار الخرق السافر للاتفاقية العسكرية رقم 1 وبالتالي لاتفاق وقف إطلاق النار في منطقة الكركارات.
لقد كان موقف الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب حيال ذلك صارماً، للوقوف في وجه محاولة جديدة لتشريع الاحتلال اللاشرعي. وقد خلق الموقف اهتماماً غير مسبوق بالقضية الوطنية، خاصة على مستوى مجلس الأمن الدولي الذي اجتمع حولها أكثر من أي وقت مضى، رغم أنه لم يتحمل بعد مسؤوليته في التدخل الحاسم، بسبب الموقف الفرنسي المنحاز للأطروحة الاستعمارية المغربية.
قرار محكمة العدل الأوروبية أواخر العام المنصرم كان ضربة أخرى، عمقت من واقع العزلة التي تعيشها دولة الاحتلال المغربي، وخاصة من خلال عناصر أساسية. ومن بين هذه العناصر انعدام أي سيادة للمغرب على الصحراء الغربية، وكون جبهة البوليساريو هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي ومؤهلة للمرافعة عنه في المحاكم الدولية، وأن أي استغلال للثروات الطبيعية للصحراء الغربية بدون استشارة الشعب الصحراوي مخالف للقانون وأن الشركات الأوروبية ملزمة بتطبيقه.
العدو يتخبط في أزماته الداخلية، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ويعاني من عزلة واضحة على مستوى جهوي ودولي، ويوجد في مواجهة مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، في ظل وضع ضاغط لا نستبعد معه، كما هي عادته، لجوءَه إلى المناورة أو حتى المغامرة.
الإخوة والأخوات، أمناء وأمينات، مناضلي ومناضلات الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب
شهدت نهاية السنة المنصرمة العديد من جولات التفتيش والزيارات الميدانية والندوات والملتقيات التي شملت كل ساحات الفعل الوطني، مثل زيارة النواحي العسكرية لجيش التحرير الشعبي الصحراوي وجولة الحكومة على مختلف قطاعاتها وجولات قطاعية على مستوى الحكومة وأمانة التنظيم السياسي، إضافة إلى ندوة العلاقات الخارجية التي كانت متميزة هذه السنة.
ومن أبرز ما ميز سنة 2016 هو الإجراءات المتخذة على مستوى جيش التحرير الشعبي الصحراوي للرد على التصعيد المغربي أو للتصدي للظواهر المهددة للسلم والاستقرار، وخاصة محاربة مخدرات دولة الاحتلال المغربي التي ترمي إلى إغراق المنطقة بها، وتشجيع عصابات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية.
وقد وقفنا على خلاصات مهمة، لا بد من أن نضعها نصب أعيننا ونحن نعد برنامج 2017. المرحلة المقبلة يجب أن يكون عنوانها تعميق الاستنفار وحالة التأهب والاستعداد. وتوجه من هذا النوع يتطلب التحلي بخصال الجدية والمثابرة والصدق والتفاني والوفاء.
إننا ندخل سنة جديدة، سنة 2017، جعلها الله لنا جميعاً سنة للنصر والتحرير واستكمال سيادة دولتنا على كامل ترابها الوطني. إن ذلك يتطلب تجنيداً شاملاً وعملاً دؤوباً على جميع المستويات وفي جميع المجالات والجبهات، السياسية والعسكرية والاجتماعية والدبلوماسية والإعلامية والقانونية القضائية وغيرها. إنها سنة مهمة وحـُــبْـلَى بالتحديات التي تقتضي منا الاستعداد لمواجهتها ورفعها، بمزيد التضحية والعطاء، لنتقدم بالقضية إلى الأمام ونقرب يوم النصر الحتمي.
وبالمناسبة علينا استحضار بعض مهام المرحلة الراهنة، مثل مواصلة عملية تفعيل هيئات وهياكل التنظيم السياسي والاجتهاد في إيجاد صيغ عملية لتأطير شامل لكل مكونات المجتمع، وخاصة الشباب والرجال.
وبحكم التحديات، فإننا مطالبون كذلك بحشد كل قدراتنا البشرية والمادية للارتقاء بكل جبهات كفاحنا، خاصة أن كل الاحتمالات أصبحت واردة اليوم، في ظل تزايد مظاهر التعنت والتصعيد والاستفزاز والاستهتار بالشرعية الدولية من طرف دولة الاحتلال المغربي، وسعيها المتواصل للالتفاف على مكاسبنا السياسية والدبلوماسية من خلال هجمة شرسة، يقودها ملك المغرب نفسه، تحت حماية مخجلة من فرنسا.
وفي هذا السياق، يتعين علينا تسخير كل مقدراتنا لرفع درجات الاستعداد القتالي لجيش التحرير الشعبي الصحراوي ليكون في مستوى من الجاهزية والاستعداد للتعاطي الحاسم مع كل التغيرات والتطورات. جيش التحرير الشعبي الصحراوي الذي نوجه إليه تحية التقدير والإجلال وهو الذي برهن على روح التضحية والمسؤولية والتأهب والتحدي، كما كان الحال في وقفته التاريخية إزاء التحرك الاستفزازي للجيش المغربي في منطقة الكركارات.
كما تبرز معطاة الأرض المحتلة ودعم انتفاضة الاستقلال ومرافقتها كجبهة صراع محتدمة مع العدو، حيث لم تتوقف، وخاصة منذ 21 ماي 2005، عن التعمق في صفوف كل فئات المجتمع والانتشار والتمدد وإبداع الأساليب النضالية التي ترسخ كل يوم قدرتها على الفعل والبقاء. وهنا لا يفوتنا أن نخص بالتحية والتقدير بطلات وأبطال الانتفاضة ونؤكد لهم رسالة التضامن والمؤازرة من كل بنات وأبناء الشعب الصحراوي، في كل مواقع تواجده.
ونوجه بالمناسبة تحية تقدير خاصة إلى معتقلي اقديم إيزيك، ضحايا محاكم الاحتلال التي لا فرق بينها، عسكرية أو مدنية، فهي كلها محاكم احتلال عسكري مغربي لا شرعي. ومن خلالهم نوجه التحية إلى كل المعتقلين السياسيين الصحراويين الأبطال في السجون المغربية، ونطالب الأمم المتحدة بالتدخل العاجل لإطلاق سراحهم جميعاً، بلا شرط ولا تأجيل.
الإخوة والأخوات، أمناء وأمينات، مناضلي ومناضلات الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب
لقد حققنا مكاسب كثيرة ولله الحمد على كل المستويات الوطنية والجهوية والقارية والدولية، ويجب أن نعمل معاً على حمايتها ومضاعفتها. المجهود على مستوى الساحة الوطنية يجب أن يتواصل ويتعزز، في ظل التجاوب الشعبي الملحوظ، سواء تجاه جيش التحرير الشعبي الصحراوي أو تجاه جهاز التنظيم السياسي أو على مستوى الإدارة والتسيير. وفي هذا السياق تأتي ضرورة الإسراع في معالجة الاختلالات ونقاط الضعف، لتقوية مؤسساتنا وترقية تسييرنا والانتقال باستمرار نحو الأفضل.
إننا نثني على التعاطي الإيجابي بين الحكومة والمجلس الوطني، كآلية للتسيير والتقييم والرقابة. وهي تجربة ديمقراطية متميزة، تتم في ظل واقع استثنائي، في خضم حرب التحرير الوطني. ونحن عازمون على تشجيعها وتطويرها، في سياق يأخذ دائماً بعين الاعتبار ما يعتري واقعنا من خصوصية وظروف موضوعية، والتحلي بالوعي والمسؤولية والانضباط باعتبارنا، قبل كل شيء، مناضلين في الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب.
نثمن مرة أخرى هذه الدورة التكوينية ونتائجها ونؤكد دعمنا ومرافقتنا للمجهود الذي تقوم به أمانة التنظيم السياسي، باعتبارها الحاضن المؤطر لكل إطارات ومناضلات ومناضلي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، في كل ساحات الفعل والنضال، في الداخل والخارج، في الأرض المحتلة وجنوب المغرب والمواقع الجامعية، في الأراضي المحررة ومخيمات العزة والكرامة، في الجاليات والريف الوطني والشتات.
كما نهنئها على نجاحها في الإشراف على تنظيم هذه الدورة التي نختتمها اليوم، من خلال فروعها في ولاية آوسرد المضيافة وفي بقية المؤسسات الوطنية.
نهنئ مجدداً كل الأمينات والأمناء الذين نجحوا في الانتخابات الأخيرة، فنجاحهم هو نجاح لكل المناضلات والمناضلين. وبعد عملية الترسيم النهائي وتحديد مواقع العمل، لا يبقى سوى التشمير عن سواعد الجد والانطلاق، على بركة الله، بإرادة وعزيمة والتزام في خدمة المشروع الوطني الذي هو التحرير والاستقلال والسيادة، في خدمة الشعب والوطن، متمنين لكم التوفيق والنجاح في مهامكم المقبلة.
وهذه مناسبة لنقف وقفة ترحم وتقدير وإجلال ووفاء على أرواح شهدائنا البررة، أولئك الأمناء المحافظون على العهد وعلى القضية، وفي مقدمتهم رموز الكفاح والمقاومة الصحراوية عبر العصور، من أمثال محمد سيد إبراهيم بصيري، قائد انتفاضة الزملة التاريخية، والولي مصطفى السيد، شهيد الحرية والكرامة، قائد الثورة الصحراوية، وصولاً إلى أخينا ورفيقنا وأميننا العام ورئيسنا الشهيد محمد عبد العزيز، تغمدهم الله بواسع رحمته، وجازاهم عنا جميعاً خير الجزاء.
قوة، تصميم وإرادة، لفرض الاستقلال والسيادة، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. (واص)
090/105.