تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

مختطف صحراوي سابق يكشف ظروف وفاة زميل له و عن تعرضه للتعذيب و سوء المعاملة

نشر في

العيون المحتلة 25 نوفمبر 2001 (واص)- كشف المختطف الصحراوي السابق " فضلي سيدي أحمد فراجي الدهوم " عن الظروف المأساوية التي أدت إلى وفاة زميل له بسجن سري بإقليم الراشدية شرق المغرب سنة 1982، وعن تعرضه للتعذيب و سوء المعاملة بعد اختطافه رفقة مواطنين صحراويين سنة 1979 بسبب اتهامهم بنشاطهم في تنظيمات جبهة البوليساريو، حسبما جاء في شهادة مكتوبة للمختطف توصل المكتب التنفيذي لتجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان بنسخة منها

 

وفيما يلي النص الكامل لهذه الشهادة:
 

"أنا المواطن الصحراوي " الدهوم فضيلي " من مواليد تاريخ 01 يناير 1949 بالطانطان / جنوب المغرب، كنت عاملا منذ 1973 بشركة " سيمكا " Simca لصنع السيارات بمدينة باسي الفرنسية، توجهت بتاريخ 06 أكتوبر 1979 إلى مدينة الطانطان من أجل قضاء العطلة رفقة عائلتي هناك.
فوجئت حوالي الساعة الرابعة مساء بتاريخ 06 ديسمبر 1979 باختطافي من منزلي الكائن بزنقة " تاجكانت " رقم 15 بالمدينة المذكورة من طرف 04 عناصر من الشرطة بزي مدني ، قاموا بإرغامي على الصعود بالقوة داخل سيارة تابعة للشرطة المغربية.

 

و بداخل مخفر الشرطة قضيت عدة ساعات محتجزا قبل أن يتم نقلي عبر سيارة مدنية إلى مركز الشرطة بمدينة القنيطرة، التي قضيت داخله 03 أيام عانيت خلالها من التعذيب و سوء المعاملة قبل نقلي إلى مخفر الشرطة المركزي بمدينة أكادير المغربية، حيث خضعت للاستنطاق و التعذيب النفسي و الجسدي لمدة 03 أيام على خلفية انتمائي و انضمامي لتنظيمات جبهة البوليساريو بالجاليات الفرنسية و تعاوني مع قياديين و مع عائلاتهم المتواجدين بالصحراء الغربية و مناطق جنوب المغرب، إذ قامت الأجهزة الاستخباراتية المغربية باستنطاقي حول علاقتي بجبهة البوليساريو و عن المعلومات التي أحملها معي ذهابا و إيابا للمناضلين الصحراويين المنتمين للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب.

 

و بعد ذلك تم إرجاعي رفقة العاملين الصحراويين بفرنسا " محمد سالم الخالف " و " نفعي البرديسي " في ظروف جد مهينة عبر سيارتين مدنيتين إلى مركز الشرطة بمدينة القنيطرة، حيث قضينا حوالي 45 يوما تعرضنا خلالها أيضا للتعذيب و سوء المعاملة بعد تعصيب أعيننا و تكبيل أيادينا للوراء و منعنا من النوم و الغطاء و الفراش و النظافة و الفسحة قبل أن ينقلنا عناصر الشرطة في صباح مبكر إلى السجن السري " الكرامة " بالقرب من إقليم الرشيدية / شرق المغرب.

 

و بهذا السجن السري، ظللنا لمدة 27 يوما معصوبي الأعين و مكبلي اليدين إلى الوراء في زنزانة نخضع خلالها للتعذيب الجسدي و النفسي و الممارسات المشينة من قبل عناصر القوات المساعدة تحت إشراف العقيد " محمد عبروش "، الذي قام رفقة مجموعة من الضباط بتوزيعنا على 03 زنازين انفرادية عقابية لمنعنا من اللقاء و الحديث فيما بيننا من جهة و لإخضاعنا لسوء المعاملة و سوء التغذية من جهة أخرى.

 

و قد أدت هذه المعاملات السيئة و المهينة إلى تدهور أوضاعنا الصحية و النفسية بشكل خطير ساهم في وفاة المختطف الصحراوي " نفعي البرديسي " حوالي الساعة 07 صباحا بتاريخ 16 أكتوبر 1982 بسبب التعذيب و سوء التغذية و الإهمال الطبي بعد إصابته بمرض الكوليرا حسب ما أفاد به الطبيب المدعو " مولاي علي " المنحدر من إقليم الرشيدية.

 

و ظلت جثة " نفعي البرديسي " البالغ من العمر 45 سنة بالزنزانة التي توفي بداخلها لمدة تجاوزت 48 ساعة قبل أن ينقل عبر سيارة " لاندرو فير " إلى جهة مجهولة من أجل دفنه و التخلص من جثته التي باتت تتعرض للتحلل.

 

و بعد هذه الوفاة أصيب المختطف الصحراوي " محمد سالم الخالف " باضطرابات نفسية خطيرة جعلته يصرخ كل وقت طارقا باب الزنزانة و حائطها بالقوة، و هو ما جعل المسئولين على السجن السري يقدمون على إقفال الزنزانة عليه و منعي من الاتصال به لمدة 05 سنوات تأثرت أنا الآخر من خلالها بعدما وجدت نفسي أتعرض للضغط و لسوء المعاملة.

 

و في سنة 1987 فوجئت بإدارة السجن تقوم بفتح الزنزانة عن زميلي " محمد سالم الخالف "، الذي بات نحيفا و تغير شكله بالكامل و لا يعرف شيئا عن نفسه و مكان تواجده ، كما عمدت إلى السماح لنا باللقاء مع تحسبن المعاملة و التغذية و الفسحة إلى حد ما، و هو ما ساهم بعض الشيء في تحسين الوضع النفسي لنا كمختطفين بتنا نطرح تساؤلات عديدة عن أسباب لجوء المسؤوليين إلى تغيير هذه المعاملة.

 

و ظللنا على هذه الحالة لمدة 04 سنوات متتالية دون أن نعرف مصير قضية اختطافنا و التهم الموجهة ضدنا إلى أن فوجئنا شهر يونيو بإخبارنا بالإفراج عنا من هذا السجن السري بدون محاكمة و بدون أن نتمكن من معرفة الأسباب والظروف التي جعلت الدولة المغربية تقدم على الإبقاء علينا مختطفين لمدة تجاوزت 12 سنة.
 

و بتاريخ 22 يوليوز 1991 أفرج عني رفقة زميلي " محمد سالم الخالف " بعد ترحيلنا إلى الرباط المغربية، حيث قضينا حوالي 05 أيام بإحدى فنادقها تحت مراقبة عناصر الاستخبارات المغربية، الذين قاموا بمرافقتنا للقاء ب " حافظ بن هاشم " أحد المسئولين عن الاختطافات التي طالت المواطنين الصحراويين، و الذي قام بتهديدنا بالسجن مرة أخرى إذا ما حاولنا أن نسير على نفس الطريق الذي كنا قد سرنا عليه و نحن عمال في الجالية الصحراوية بفرنسا.

 

و خرجت من هذا السجن السري و أنا أعاني من عدة أمراض، كأمراض القلب و البواسير و الصدر و الروماتيزم و بتت أنسى بسرعة ، كما عانيت من المراقبة و المضايقات من طرف البوليس السري المغربي ، إضافة إلى حرماني من الاستفادة من وثائقي الشخصية بهدف السفر إلى فرنسا قصد تسوية وضعيتي كعامل بشركة " سيمكا " لصنع السيارات، خصوصا و أنني أصبحت بدون عمل.

 

و أرغمت بعد مرور سنوات و استفادتي من تعويض مادي لا يستجيب و القوانين الدولية المعمول بها في هذا المجال على السفر إلى الخارج، و تحديدا إلى فرنسا من أجل التسوية المادية و الإدارية و القانونية مع الشركة التي كنت أشتغل معها، و التي امتنعت عن الاعتراف بحقوقي كاملة لديها.

 

إنني أخيرا أعتبر شن الدولة المغربية لحملة واسعة من الاختطافات ضد الجالية الصحراوية العاملة بالخارج، يأتي بهدف انخراطها في تنظيمات جبهة البوليساريو و محاولة منها لمنع أفراد هذه الجالية من التواصل الاتصال بالعائلات الصحراوية بمناطق جنوب المغرب و بمدن الصحراء الغربية. (واص)
090/091 واص