تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الرئيس محمد عبد العزيز: في القرن الحادي والعشرين، الحكومة المغربية تقدم المدنيين للمحاكمة العسكرية (نص كلمة)

نشر في

استوكهولم (السويد) 16 نوفمبر 2011 (واص)-أكد السيد محمد عبد العزيز، رئيس الدولة، الأمين العام لجبهة البوليساريو اليوم الأربعاء، بأن الحكومة المغربية، " في القرن الحادي والعشرين، تنوي تقديم ثلاثة وعشرين من المعتقلين المدنيين والنشطاء الحقوقيين الصحراويين، مضربين عن الطعام منذ الحادي والثلاثين أكتوبر 2011، إلى محكمة عسكرية، على خلفية نشاطهم السياسي والسلمي ومشاركتهم في مخيم اقديم إيزيك".
 

جاء في ذلك في كلمة ألقاها الرئيس، عبر الهاتف، أمام المشاركين تظاهرة حملت عنوان " ورشة مع الرئيس الصحراوي"، نظمت في مقر البرلمان السويدي في استوكهولم صباح الأربعاء، بحضور أكثر من مائة مشارك من برلمانيين ممثلين لعدة أحزاب وشخصيات سياسية وأساتذة جامعيين وصحفيين وممثلي منظمات غير حكومية، إضافة إلى شبكة التضامن السويدية مع الشعب الصحراوي.

 

وفي ما يلي النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية

------------------------------

كلمة الرئيس محمد عبد العزيز، رئيس الدولة، الأمين العام للجبهة، والتي وجهها إلى المشاركين في تظاهرة " ورشة مع الرئيس الصحراوي" في مقر البرلمان السويدي، 16 نوفمبر 2011

 

"السيدات والسادة أعضاء البرلمان السويدي المحترمين،

 

السيدات والسادة الضيوف الكرام،

 

سعداء جداً بأن نكون معكم، ممثلين للشعب الصحراوي، في هذه الورشة المنظمة في البرلمان السويدي. وأود بداية أن أتوجه بجزيل الشكر إلى كل الجهات والأشخاص الذين أشرفوا على تنظيم هذا الحدث، خاصاً بالذكر معهد أولوف بالم وجمعية إيماوس وجمعية سلام كريستينا السويدية.

 

ليس من الغريب أن تحتضن السويد مثل هذا الحدث، وهي التي عودتنا على مواقفها المبدئية المتزنة، لصالح حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال والتصدي لعمليات النهب والسرقة المفضوحة التي تتعرض لها ثرواته الطبيعية.

 

قضية الصحراء الغربية واضحة وبسيطة، فهي قضية تصفية استعمار مسجلة لدى الأمم المتحدة على هذا الأساس منذ 1965، مع ستة عشر إقليماً آخر، وتجد حلها في إعطاء الكلمة للشعب الصحراوي، ليقرر مصيره بكل حرية شفافية.

 

بعد تأسيس جبهة البوليساريو في 10 ماي 1973، كحركة تحرير وطنية ضد الوجود الاستعماري الإسباني، أكد كل من تقرير بعثة تقصي الحقائق الأممية إلى الصحراء الغربية وقرار محكمة العدل الدولية، الصادرين سنة 1975، على ضرورة تطبيق القرار 1514 حول حق الشعوب والبلدان المستعمرة في الاستقلال.

 

لكن عدم التزام إسبانيا بتنظيم استفتاء تقرير المصير وإقدام المملكة المغربية على احتلال عسكري لا شرعي للصحراء الغربية عام 1975، كان هو السبب في نشوب النزاع بين المعتدي، المملكة المغربية، والضحية، الشعب الصحراوي، ممثلاً بجبهة البوليساريو.

 

في سنة 1991، وقع طرفا النزاع على خطة التسوية الأممية الإفريقية وصادق عليها مجلس الأمن الدولي، والرامية إلى تنظيم استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي، وتم الشروع فعلاً في تنفيذها، قبل أن تتراجع الحكومة المغربية، على إثر إعلان الأمم المتحدة عن لائحة المصوتين في الاستفتاء، ليعلن المغرب سنة 2004 عن نواياه الحقيقية بالتنصل من التزاماته ورفض الاستفتاء وأي حل لا يشرع احتلاله اللاشرعي للصحراء الغربية.

 

لم يكن أمام الشعب الصحراوي سوى مواصلة مقاومته، وهذه المرة عبر حركة احتجاجية سلمية أطلق عليها انتفاضة الاستقلال، في 21 ماي 2005، سرعان ما واجهتها سلطات الاحتلال المغربي بقمع وحشي لا زال مستمراً، كان من ابرز تجلياته الهجوم العسكري الغادر على مخيم اقديم إيزيك في حق زهاء ثلاثين ألف مواطن، بمن فيهم الأطفال والنساء والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، في 8 نوفمبر 2010.

 

السيدات والسادة،

 

هل تعلمون بأن الحكومة المغربية، في القرن الحادي والعشرين، تقيم جداراً عسكرياً رهيباً، بطول 2700 كلم، يقسم الصحراء الغربية، أرضاًَ وشعباً، ويفصل بين العائلات الصحراوية، مدجج بعشرات الآلاف من الجنود وأطنان المعدات والجدران الرملية والحجرية والأسلاك الشائكة وملايين الألغام، بما فيها المضادة للأفراد المحرمة دولياً، والتي تفتك بالبشر والحيوان والبئية؟

 

هل تعلمون أن الحكومة المغربية، في القرن الحادي والعشرين، تنوي تقديم ثلاثة وعشرين من المعتقلين المدنيين والنشطاء الحقوقيين الصحراويين، مضربين عن الطعام منذ الحادي والثلاثين أكتوبر 2011، إلى محكمة عسكرية، على خلفية نشاطهم السياسي والسلمي ومشاركتهم في مخيم اقديم إيزيك؟

 

هل تعلمون أن الحكومة المغربية، بتواطؤ مفضوح من قوى دولية معروفة، تقوم بنهب ثروات الصحراء الغربية، رغم النص الواضح للاستشارة القانونية التي قدمها الأمين العام المساعد الأسبق للأمم المتحدة، السيد هانز كوريل، سنة 2002، بعدم شرعية أي استغلال لتلك الثروات، في غياب موافقة واستفادة الشعب الصحراوي؟

 

هل تعلمون أن الحكومة الفرنسية، الدولة الأوروبية العضو في مجلس الأمن الدولي، هي التي حالت، مع الأسف الشديد، دون إدراج ملف حقوق الإنسان في مأمورية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية، المينورسو، رغم شهادات المنظمات الدولية، بما فيها المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، على الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها وترتكبها دولة الاحتلال المغربية في حق المدنيين الصحراويين العزل؟

 

هل تعلمون أن الحكومة المغربية، بدعم وتواطؤ من أطراف دولية معروفة، هي التي تعرقل جهود الحل السلمي العادل، من خلال محاولتها فرض مقاربة استعمارية أحادية الجانب، ترمي إلى تكريس واقع الاحتلال، ومصادرة رأي وإرادة الشعب الصحراوي والقفز على حقه، غير القابل للتصرف، في تقرير المصير والاستقلال؟

 

السيدات والسادة،

 

الجمهورية الصحراوية، تأسست سنة 1976، اعترفت بها أكثر من 80 دولة عبر العالم، وهي عضو مؤسس للاتحاد الإفريقي، الذي لا يضم المملكة المغربية، نتيجة تمردها على ميثاقه وميثاق الأمم المتحدة. الدولة الصحراوية اليوم حقيقة جهوية ودولية لا رجعة فيها، وتجسيد ميداني لإرادة الشعب الصحراوي.

 

ورغم ظروف اللجوء والتشريد بسبب الغزو المغربي لبلادنا، والصعوبات الناجمة عن نقص المساعدات الإنسانية، ورغم التعرض للتهديد الإرهابي، الذي تجلى في اختطاف متعاونين أوروبيين في مخيمات اللاجئين الصحراويين، إلا أننا في جبهة البوليساريو والحكومة الصحراوية عازمون على تعزيز تجربتنا المتميزة في المنطقة، لبناء مجتمع عصري، على أسس العدالة والديمقراطية والمساواة بين الجنسين، والتعايش بين الأديان والثقافات والحضارات.

 

حين تنصل المغرب من استفتاء تقرير المصير، قررت جنوب إفريقيا الاعتراف بالجمهورية الصحراوية، واعتبر رئيسها السابق، السيد تابو امبيكي، أن قرار الحكومة المغربية يعني إنكارها لحقوق الشعب الصحراوي، غير القابلة للتصرف، وتنصلها من التزاماتها الدولية. وأضاف السيد امبيكي، في رسالة إلى ملك المغرب، في أغسطس 2004  :" إن عدم اعترافنا بالجمهورية الصحراوية، في ظل هذه الظروف، سيعني أننا متواطؤون مع إنكار حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير".

 

لا يخامرنا أدنى شك في أن السويد والشعوب الأوروبية عامة لا يمكنها أن تكون متواطئة مع الظلم والاحتلال وإنكار حقوق الشعوب. وإننا لننتظر منها مواقف شجاعة وحاسمة، أقلها حماية مواطنينا إزاء القمع الذي تمارسه الحكومة المغربية في الأراضي التي تحتلها من الصحراء الغربية، ووقف نهبها لثرواتنا الطبيعية، والاعتراف بالدولة الصحراوية وتمتيع جبهة البوليساريو بالوضع الدبلوماسي، كممثل شرعي ووحيد للشعب الصحراوي.

 

شكراً لكم، وتمنياتي بالتوفيق لملتقاكم".(واص)

088/090