مدريد20 يونيو 2011 (واص)- لاحظ كارلوس رويث ميكيل- استاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بجامعة سانتياغو دي كومبوستيلا- بان مشروع الدستور المقدم للشعب المغربي، ليس بالدستور بل عبارة عن "مهزلة ممنوحة " ومعدة من طرف مستشاري الملك، مبرزا في مقال نشره يوم السبت انه جاء على مقاس النظام وترك الملك في مكانه وبسلطاته لكن في ثوب جديد بحسب المراقبين .
"لا ندري إن كان ما يسمى بالدستور هو من أجل كل المغاربة أم لا، ولكننا نعرف يقينا بأنه لم يكن نتاج تفكير كل المغاربة و إنما نتيجة عمل مجموعة قليلة و محدودة جدا من المغاربة، معينين تعيينا من طرف الملك . و الدليل على ذلك أن هذا النص الدستوري تمت صياغته من قبل لجنة استشارية للملك، تم الإعلان عن تشكيلها في خطاب للملك يوم 9 مارس الماضي." يوضح الكاتب الاسباني .
ونبه أستاذ القانون الدستوري بان " النص الدستوري كنص ليس مجالا للمناقشة من طرف الأحزاب أو النقابات، و بناء عليه فإننا لا نجد أنفسنا أمام دستور حقيقي ، يلتزم بالشروط النظرية للدساتير و إنما أمام دستور ممنوح من طرف حاكم مطلق."
و في تشريحه لمحتوى الدستور توقف عند افتقار دستور ملك المغرب لشرطين لابد من توفرهما الأول أن يكون مصدره الأمة و الثاني أن يقر فصل السلطات
في مشروع الدستور المغربي ليست هناك "سيادة وطنية" فالملك له سلطته المطلقة "كالموجه الأمين و الحكم الأسمى و المؤتمن على الخيار الديمقراطي و على حسن سير المؤسسات الدستورية" .
و حتى لا يبقى أي التباس في المسألة، يضيف الكاتب الاسباني ، يؤكد الخطاب الملكي بشكل جلي و واضح بأن الضمانة و الحكامة هي وظائف سيادية حصرية للملك . إلا أن المسألة "تصبح أكثر خطورة"، حين يخلق ما يسمى بالدستور الجديد سلطة تيوقراطية جديدة بثوب قديم " المجلس العلمي الأعلى" الذي يرأسه الملك ، و الذي من شأنه أن يجعل من الفتاوى و التأويلات الفقهية للملك بخصوص الإسلام تشريعات تسمو فوق البرلمان و فوق الدستور.
و يضيف الكاتب المملكة التيوقراطية ذات الحكم المطلق في المغرب لم تتغير قيد أنملة، ومن يقول عكس ذلك فهو كاذب، السلطة التنفيذية مستمرة في يد الملك "سيتم الارتقاء بالمكانة الدستورية للوزير الأول إلى رئيس الحكومة و بالجهاز التنفيذي الذي سوف يتم تعيينه من الحزب الذي تصدر إنتخابات مجلس النواب ، تجسيدا لإنبثاق الحكومة عن الاقتراع العام المباشر"، و رغم ذلك فنحن أمام شخصية لا تمتلك سلطات فعلية ، لأن السلطة الفعلية سوف تظل في يد الملك بنص الدستور
و حسب نفس الخطاب، فالملك يحظى بسلطة تعيين الوزراء و فصلهم باقتراح من رئيس الحكومة، علاوة على تعيين الوظائف العمومية السامية ، بإقتراح كذلك من رئيس الحكومة، مثل الولاة و العمال و السفراء و مسئولي الإدارات الأمنية الداخلية و كذلك المؤسسات الوطنية الإستراتجية، و إضافة إلى ما سلف فإن المهام العسكرية تبقى من الإختصاص الحصري للملك الذي يعتبر القائد الأعلى للجيش و رئيس الدولة.
و حتى لا يبقى أي التباس حول الموضوع ، يقول الملك في خطابه " المجلس الوزاري ينعقد برئاسة الملك ، بمبادرة منه أو بطلب من رئيس الحكومة"،و يعلق الكاتب "لست أدري إن كان هناك من يفكر في واقع الأمر، في أن أحدا ما داخل مجلس الوزراء يمكنه أن يعارض ما يقره أو يقوله الملك".
و يختم الكاتب الاسباني، السلطة فوق التشريعية تبقى بيد الملك، خطاب الملك يكرر ما هو وارد في الدستور المغربي الساري به العمل حاليا، من حيث أن الدستور يقر القوانين. ما كان يخفيه الدستور الحالي هو أن الملك يمتلك أهم سلطة تشريعية تفوق السلطات التشريعية للبرلمان، وتتمثل هذه السلطة في إصدار "الظهائر الملكية"، التي تحتل مكانة أسمى من القوانين، إذ أنه لا أهمية لكون البرلمان المنتخب إفتراضيا بطريقة حرة يصدر قوانين، إذا كان الملك بإستطاعته أن يقرر عكس ما تقره هذه القوانين وذلك من خلال "الظهائر الملكية" .
و واضح أيضا من خلال مشروع الدستور بأن الغرفة الثانية للبرلمان "مجلس المستشارين" تحمل طابعا نقابيا فاشيا. الخلاصة "أن المملكة تبقى كما كانت سلطة تيوقراطية يبقي الملك السلطة الدينية بين يديه علاوة على كل السلطات المدنية". (واص)