تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية ، الأمين العام للجبهة خلال اختتام اشغال الجامعة الصيفية للأطر الصحراوية

نشر في
النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية ، الأمين العام للجبهة خلال اختتام اشغال الجامعة الصيفية للأطر الصحراوية

ولاية بومرداس ، 24 يوليو 2024  (واص) -   ألقى رئيس الجمهورية،  الأمين العام للجبهة السيد إبراهيم غالي كلمة خلال إشرافه على اختتام الجامعة الصيفية لإطارات جبهة البوليساريو والدولة الصحراوية  التي احتضنتها ولاية بومرداس الجزائرية ، تطرق فيها إلى آخر تطورات القضية الوطنية داخليا وخارجيا وأوجه الكفاح الوطني .

نص الكلمة : 

كلمة السيد إبراهيم غالي، رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة، في اختتام أشغال الجامعة الصيفية لإطارات جبهة البوليساريو والدولة الصحراوية.
بومرداس، 24 يوليو 2024
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
...................
السيدات والسادة،
نجتمع بهذا الحضور الكريم في هذه البلدة الجميلة، بودواو، في هذه الولاية المضيافة، بومرداس، في هذا البلد العظيم، جزائر الشموخ والإباء، لنختتم الطبعة الثانية عشرة من الجامعة الصيفية لإطارات الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. 
وإذ أرحب بكل الضيوف الكرام الحاضرين معنا، ممثلين للسلك الدبلوماسي المعتمد في الجزائر، ولمختلف تشكيلات الطيف السياسي والمجتمع المدني الجزائري، فإنني أود بداية أن أتوجه بأصدق عبارات الشكر والتقدير والعرفان إلى كل المنظمين والمشرفين والمساهمين في إنجاح هذا الاستحقاق، موجهاً تحية خاصة، باسمكم جميعاً، إلى سلطات وجماهير ولاية بومرداس، وفي مقدمتهم السيدة الوالي، وخاصاً بالذكر اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، برئاسة الأخ سعيد العياشي، نيابة عن الشعب الجزائري الشقيق قاطبة.
وفي الوقت الذي أهنئ فيه الإطارات الصحراوية على تتويج فترة التكوين المكثفة والمفيدة دون شك، فإنني أتوجه بشكر خاص إلى الأساتذة الأجلاء، المحاضرين الأكفاء، الذين لم يبخلوا بفكرهم وعلمهم وخبرتهم، ولكن أيضاً بوقتهم الثمين، في مستهل عطلتهم السنوية.
إنها تجربة فريدة ومتميزة حقاً، تتقاطع فيها وتمتزج أسمى قيم الأخوة والصداقة والتضامن مع أرقى تجليات تثقيف وتكوين وتنوير وبناء الإنسان. 
كيف لا ونحن التجسيد الميداني لعلاقة تاريخية متجذرة بين شعبين وبلدين شقيقين، أين تستقي الثورة الصحراوية، ثورة العشرين ماي، من الثورة الجزائرية، ثورة الأول من نوفمبر، أروع دروس الصمود والمقاومة والكفاح والبطولة والشجاعة والتضحية والعطاء، على درب النصر الحتمي المؤزر.
كيف لا ونحن نرى جموع إطارات جبهة البوليساريو وهي تتلقى صنوف الفكر والعلم والمعرفة على يد صفوة من خيرة أبناء الجزائر، ورفاقهم الصحراويين، من أساتذة وباحثين ومختصين في شتى المجالات. وتكفي نظرة متأنية على برنامج الجامعة والمحاور التي وُفِّـقَ المنظمون في اختيارها لنقف على جودة الموضوعات وعمقها وتنوعها وشموليتها واتصالها الوثيق براهن الوضع في منطقتنا وفي العالم.
الحضور الكريم، 
نختتم هذه الفعالية في وقت يخوض فيه الشعب الصحراوي حربه التحريرية الوطنية، في ظل تطورات ميدانية متلاحقة، ناجمة عن قراره السيد باستئناف الكفاح المسلح، رداً على الانتهاك المغربي السافر لاتفاق وقف إطلاق النار في 13 نوفمبر 2020. 
إنها مرحلة أخرى من كفاحنا المرير، عنوانها التصدي بكل السبل لمؤامرات ومناورات دولة الاحتلال المغربي الرامية إلى الالتفاف على قرارات الشرعية الدولية والتنصل من التزاماتها والاتفاقات التي وقعتها، وبالتالي السعي لتكريس واقع احتلال لا شرعي في بلادنا.
الضربات الموجعة والمتواصلة التي تتلقاها قوات الاحتلال المغربي على يد مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي فرضت نفسها كمعطاة ميدانية، لها وقعها المؤثر، مادياً ومعنوياً، على الاحتلال وجيشه واقتصاده، رغم كل محاولاته الإنكار والتجاهل.
وفي الوقت نفسه، يتواصل زخم الانتصارات والمكاسب التي تحققها القضية الوطنية، بحضورها الدائم على الساحة الدولية، وتعزيز مكانة بلادنا كعضو مؤسس في الاتحاد الإفريقي، وتأكيد واقع أن الجمهورية الصحراوية حقيقة وطنية وجهوية ودولية لا رجعة فيها، وعامل توازن واستقرار في المنطقة والعالم.
هذه التطورات تعكس رسالة صارمة من الشعب الصحراوي، بقيادة ممثله الشرعي والوحيد، جبهة البوليساريو، بأنه لا يمكن القبول، لا اليوم ولا غداً، بأية مقاربة أو مناورة ترمي إلى القفز على حقه المقدس في تقرير المصير والاستقلال، وهو يتشبث بالدفاع عنه بكل السبل المشروعة، وفي مقدمتها الكفاح المسلح.
تلكم أيضاً هي رسالة جماهير شعبنا في الأرض المحتلة وجنوب المغرب التي ترفع تحدي المقاومة والتصعيد، رغم صنوف القمع والحصار والتضييق، ورغم سياسات الترهيب ونهب الثروات والاستيلاء الممنهج على أراضي المواطنين العزل وممتلكاتهم. فتحية إلى بطلات وأبطال انتفاضة الاستقلال، وفي مقدمتهم أسود ملحمة اقديم إيزيك وكل رفاقهم الأسرى المدنيين الصحراويين في السجون المغربية الرهيبة.
الحضور الكريم، 
ومن هنا، فإننا نلح من جديد على الأمم المتحدة للتعجيل بتنفيذ التزامها باستكمال تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، آخر مستعمرة في إفريقيا، وفرض تطبيق ميثاقها وقراراتها، وحماية المدنيين العزل تحت نير الاحتلال. على الأمم المتحدة الإسراع في تمكين بعثة المينورسو من استكمال مهمتها المتمثلة في تنظيم استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي، وفق خطة التسوية الأممية الإفريقية لسنة 1991، الاتفاق الوحيد الذي حظي بقبول وتوقيع طرفي النزاع، جبهة البوليساريو والمملكة المغربية، ومصادقة مجلس الأمن الدولي بالإجماع.
وفي هذا السياق أيضاً، نطالب منظمتنا القارية، الاتحاد الإفريقي، بفرض التطبيق الصارم لمبادئ وأهداف قانونه التأسيسي، وخاصة احترام الحدود الموروثة عند نيل الاستقلال.
كما نطالب الاتحاد الأوروبي بالامتناع عن توقيع أي اتفاق مع دولة الاحتلال المغربي، يمس أراضي الصحراء الغربية أو أجواءها أو مياهها الإقليمية، باعتبار ذلك انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقانون الأوروبي، ومساهمة مباشرة في ما يتعرض له الشعب الصحراوي من تقتيل وتشريد وقمع وحصار ونهب لثرواته الطبيعية.
وفي وقت نذكر فيه بالمسؤولية القانونية للدولة الإسبانية تجاه الصحراء الغربية وشعبها، والتي لا تسقط لا بالتقادم ولا بتشجيع رئيس الحكومة بيدرو سانتشث للأطروحة التوسعية المغربية التي لا تسلم منها إسبانيا نفسها،  فإننا نتطلع إلى موقف فرنسي من النزاع الصحراوي المغربي أكثر حكمة وانسجاماً مع الشرعية الدولية ومع تاريخ فرنسا ومكانتها ودورها في منطقة المتوسط وشمال إفريقيا.


الحضور الكريم، 
يجري هذا الاختتام في شهر مميز، الشهر الذي شهد استعادة السيادة الوطنية الجزائرية، كتتويج لعقود من الكفاح البطولي المستميت لشعب أبي وثورة شامخة، مرغت أنف الاستعماريين الطغاة في وحل الهزيمة والاندحار. وإننا ونحن نجدد التهنئة للشعب الجزائري الشقيق، لا يفوتنا أن نسجل كذلك، بفخر واعتزاز، ما قطعته الجزائر الجديدة اليوم، بقيادة السيد الرئيس عبد المجيد تبون من خطوات جبارة، على كافة الصعد وفي كافة المجالات. ورغم أنها فترة وجيزة، بدأت تباشيرها مع الحراك المبارك والتحام الشعب الأبي وجيشه الهمام، إلا أنه من الصعب جداً حصر كل تلك المكاسب والإنجازات. بيد أنه قد يكون من الممكن إجمالها في تحولات كبرى وإصلاحات عميقة وشاملة ومشاريع عملاقة وآفاق واعدة واستعادة وتعزيز المكانة المستحقة للجزائر على الساحة الجهوية والقارية والدولية. إنها حقائق دامغة ووقائع قائمة، يقر بها العدو قبل الصديق، تجعل من الجزائر قوة إقليمية ودولية، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً، فاعلة وحاسمة في المنطقة والعالم.
ونحن في الجمهورية الصحراوية، إذ نهنئ الشعب الجزائري ونهنئ أنفسنا، نجدد إرادتنا الصادقة في توطيد علاقات الأخوة والصداقة والتعاون لخدمة السلم والاستقرار ومواجهة التحديات والمخاطر التي تشهدها منطقتنا.
وفي هذا السياق، لا بد من التأكيد مرة أخرى بأن الخطر المحدق الأول الذي يهدد شعوب وبلدان المنطقة يأتي من دولة الاحتلال المغربي. فلم يتوقف الأمر عند سياسات العدوان واحتلال أراضي الجيران، في سياق نهج توسعي لا يعترف بالحدود الدولية، والتي مست الجزائر وموريتانيا ولا تزال الجمهورية الصحراوية تعاني من تبعاتها. ولم يتوقف الأمر عند الإغراق الممنهج والمتزايد للمنطقة بمخدرات المملكة، أكبر منتج ومصدر لمخدر القنب الهندي في العالم، وما لذلك من آثار وخيمة على شباب ومجتمعات واقتصادات بلدان المنطقة. ولم يتوقف الأمر عند دعم وتشجيع عصابات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية التي تعيث خراباً في الجوار. فنظام الاحتلال المخزني المغربي اليوم خطر حقيقي محدق كونها عمدت إلى فتح الباب على مصراعيه أمام الأجندات التخريبية للكيان الصهيوني في منطقتنا، بالارتماء الكلي في أحضانه وتسهيل تمرير مخططاته وعقد التحالفات العسكرية والأمنية معه، والانخراط معه نهاراً جهاراً في سياساته العدوانية وجرائمه ضد الإنسانية في حق الشعب الفلسطيني الشقيق.
وبالمناسبة، لا يمكن إلا أن نحيي الموقف الجزائري إلى جانب القضية الفلسطينية، ونحن نسجل بارتياح قرار محكمة العدل الدولية المطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. لم تكن الجزائر في الحقيقة بحاجة إلى من يؤكد صوابية موقفها الداعم، بلا تردد ولا تنازل، لكل القضايا العادلة في العالم. غير أن هذا القرار التاريخي هو، على الأقل، شهادة حق وإنصاف للشعب الفلسطيني أولاً ولكل من يقف، مثل الجزائر ومثل جنوب إفريقيا وغيرها، مع كفاحه العادل، مثلما يقفون مع كفاح الشعب الصحراوي. 
ونحن نجدد آيات الشكر والعرفان لكل حلفاء وأصدقاء شعبنا في العالم، نؤكد بأن ما ينطبق على فلسطين ينطبق بالضرورة، بالقانون وبالتاريخ على الصحراء الغربية. قضيتان متماثلتان، بلدان تحت الاحتلال، شعبان محرومان من حق تقرير المصير والاستقلال، يعانيان من بطش وجبروت ووحشية قوات احتلال غاشم ظالم. فالاحتلال والتقتيل والقمع الوحشي والاستيطان ونهب الخيرات ممارسة استعمارية بامتياز، سواء قام بها الكيان الصهيوني أو قام بها النظام المخزني المغربي.


لا أحد يمكنه إرغام الشعوب على التخلي عن حقوقها المشروعة وأوطانها المسلوبة. وإن قرارات مجحفة وظالمة بالاعتراف بسيادة مزعومة لكيان الاحتلال الصهيوني على أراضي فلسطينية وعربية أو بسيادة مزعومة لنظام الاحتلال المخزني المغربي على الصحراء الغربية هو سلوك عدائي، مناقض لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها ومنتهك للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومتعارض مع مسؤوليات وواجبات مجلس الأمن الدولي. إنه فعل متهور، لن يقود إلا إلى خلق مزيد من الحروب والدمار، كما تشهد على ذلك الأوضاع المأساوية في غزة الجريحة، وحالة الاحتقان في كامل منطقة الشرق الأوسط.
ولا يفوتنا هنا أن نعبر عن إدانتنا للجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي يرتكبها كيان الاحتلال الصهيون في حق أشقائنا الفلسطينيين، ونجدد موقفنا إلى جانب حق الشعب الفلسطيني الثابت في قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
الحضور الكريم، 
اختارت هذه الطبعة من الجامعة الصيفية اسم عضو الأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو، الشهيد اباعالي حمودي، الذي قدم لشعبه وللعالم أرقى دروس الشجاعة والإقدام والتضحية في سبيل قضية عادلة، حتى آخر قطرة من دمه، كما قال هو نفسه في قسم امتشاق مهمته الوطنية.
الشهيد أباعالي حمودي ليس فقط مثالاً آخر لأولئك القادة الذين تقدموا الصفوف، وقضوا شهداء بررة في ساحة الوغى، ولكنه نموذج للإنسان الصحراوي عامة، وبشكل خاص للمقاتل الصحراوي الصنديد الذي لا يهاب المنايا ولا يخشى الخطوب، سلاحه إيمانه بالله ثم بعدالة قضيته وإخلاصه للشعب والوطن ووفائه لعهد الشهداء والتزامه باستكمال مهمة التحرير.
ذلكم هو جيش التحرير الشعبي الصحراوي البطل، صانع الأمجاد والبطولات الخالدة، حامي الحمى والذائد عن حرمة الوطن وكرامة الشعب. إنه جيش التحرير الشعبي الصحراوي الذي سيبقى، كما كان جيش التحرير الوطني الجزائري، رأس الحربة في معركة التحرير، الجدير بكل الثقة، المستحق لكل التبجيل، الأهل لكل الاحترام والتقدير والاعتبار. 
هذا المثال على التفاني والالتزام والاستعداد للتضحية والعطاء هو الذي يجب أن يكون حاضراً بقوة لدى كل واحدة وكل واحد من الإطارات الصحراوية. لقد أتممتم اليوم فترة من التكوين المركز، وأنتم مطالبون بالاستثمار الأمثل فيها، لأنكم مقبلون على مسؤوليات جسام في تنوير الجماهير وقيادتها في معركة التحرير، وتعزيز مسيرة البناء المؤسساتي للدولة الصحراوية، حاضراً ومستقبلاً.
أجدد في الأخير خالص الشكر والعرفان للجزائر عامة، لولاية بومرداس المضيافة، للجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، لكل الضيوف الكرام، لكل المشاركين في هذه الطبعة، لوسائل الإعلام الحاضرة، لجنود الخفاء ولكم جميعاً.
الله يرحم الشهداء وتحيا الجزائر
عاشت الجمهورية الصحراوية، 
عاش التضامن بين الشعبين الجزائري والصحراوي. (واص)