جنيف (سويسرا)، 02 مارس 2024 (واص) - شدد السفير أبي بشراي البشير، ممثل جبهة البوليساريو بسويسرا ولدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف، على أن إستفتاء تقرير المصير، كان وسيبقى هو الحل السياسي الواقعي المتفق عليه والوحيد الذي ينسجم مع ميثاق الأمم المتحدة، كما تنص على ذلك جميع قرارات مجلس الأمن الدولي الأخيرة، مشيرا إلى أن المغرب يحاول أن يقدم تلك الصيغة المتكررة في قرارات المجلس الأخيرة كما لو كانت تعني مقترحه المولود ميتا المتعلق بالحكم الذاتي، والأبعد ما يكون عن الواقعية، وعن أن يكون متفقا عليه وهو في تناقض صارخ مع ميثاق الأمم المتحدة الذي يتأسس على مبدأ تصفية الإستعمار.
الدبلوماسي الصحراوي وفي حوار مع يومية الشروق الجزائرية، أكد على أن الإستفتاء هو الحل السياسي الواقعي لأنه بمعزل عن موقف الجبهة المتمثل في الإستقلال التام وموقف المغرب المتمثل في ضم الإقليم بشكل تام، يتيح للشعب الصحراوي المالك الحصري لحق إقرار الوضع النهائي للإقليم، إتخاذ القرار الديمقراطي المناسب له، بالإضافة إلى كونه الحل الوحيد المتفق عليه والموقع بين الطرفين بموجب إتفاق السلام الأممي-الإفريقي سنة 1991، وهو بعد ذلك الصيغة الوحيدة التي تنسجم مع ميثاق الأمم المتحدة في تقرير المصير والحق في الإختيار.
إن ما يسمى بالحكم الذاتي المقترح من طرف المغرب والمدعوم من بعض الدوائر الغربية النافذة، يضيف السيد أبي بشراي، ليس سوى مصادرة لحق تقرير المصير من خلال إعطاء الإحتلال سيادة دون الرجوع للشعب الصحراوي وتكريسا للأمر الإستعماري الواقع، مؤكدًا في هذا الصدد أن مجلس الأمن الدولي لا يمتلك ولم يُبدي الإرادة لفرض تطبيقه، في مقابل إستمرار الإحتلال في مشروعه الإستيطاني البعيد المدى، والذي يبدو من الواضح اليوم أنه يراهن على تعميقه من خلال جملة الإستثمارات الإقتصادية الإستراتيجية في المدن المحتلة وتوريط الدول والشركات والمستثمرين الأجانب.
كما جدد السفير الصحراوي التأكيد على أن المغرب بمحض إرادته لن يذهب إلى الإستفتاء، بل ولن يذهب إلى أي حل أيا كان، دون حصول واحد من عاملين: الأول، ضغط دولي كبير، وهو مستبعد الآن، لأن المخزن باع روحه بالجملة وبالتقسيط للدوائر النافذة في العالم، وبالتالي حجز لنفسه مع إسرائيل مقعدا في عربة المؤمن عليهم من كل ضغط أو مساءلة. والثاني، رفع وتيرة الفعل الوطني الصحراوي خاصة فيما يتعلق بإنتفاضة الشعب الصحراوي السلمية في المدن المحتلة من الصحراء الغربية ومناطق واد نون لإجهاض مسار الإستيطان والاستثمار وزعزعة الصورة التي يبيعها المخزن للعالم كخطوة ضرورية للفت إنتباه العالم لكي يمارس ضغطا على المحتل.
وفي معرض رده على سؤال حول غياب أي تحرك من الامم المتحدة رغم إدراجها لقضية الصحراء الغربية كتصفية إستعمار، يقول أبي بشراي، الوضعية القانونية للإقليم كإقليم غير مستقل ذاتيا، وطبيعة النزاع كنزاع تصفية استعمار، وخارطة الطريق الشرعية لحله عن طريق تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير عن طريق استفتاء حر، كلها أمور واضحة لا خلاف عليها، وإلى عهد قريب، لم يكن حتى المغرب يعترض عليها. لكن، للأسف الشديد، الشرعية ليست هي المقياس بالنسبة لمن يتحكمون في إدارة العالم، وليس هناك من دليل أكبر مما يجري في غزة وفلسطين عامة هذه الأيام، مضيفاً أن عدم تنظيم الاستفتاء إلى حد الساعة راجع لأن المغرب المحسوب على الغرب تقليديا، والذي إزداد قربا منه مع اتفاقيات آبراهام لا يريد الاستفتاء، لمعرفته بالنتيجة، ومجلس الأمن الدولي، وإن لم ولن يستطيع تغيير طبيعة النزاع، لكنه لا يمتلك الإرادة الحقيقية للتوجه نحو فرض التسوية العادلة، ويراهن على إستمرار تسيير النزاع بتوالي المبعوثين واستمرار التمديد للمينورسو وهو تماما ما يحتاجه المغرب للإستمرار في مخططه الإستيطاني الاقتصادي الهادف إلى فرض الأمر الواقع.
وفيما يخص مستقبل المعركة القانونية على مستوى أوروبا، جدد السفير أبي بشراي البشير، التأكيد على أن جبهة البوليساريو تتطلع بتفاؤل لقرار جديد من محكمة العدل الأوربية ينتصر لحق الشعب الصحراوي وسيادته على ثرواته الطبيعية، بإعتبار أن نفس هذه المحكمة هي التي أصدرت قرارات تاريخية بما فيها قرار ديسمبر 2016 وفبراير 2018، وهي لا تستطيع أن تتناقض مع نفسها. من ناحية أخرى، فالقرار محل الطعن الصادر عن المحكمة العامة سبتمبر 2021، شكل نقلة نوعية كبيرة في الموضوع من خلال الأمر بإلغاء الإتفاقيات الموقعة مع المغرب بسبب شموليتها للصحراء الغربية، ومن خلال تأكيده على الشخصية القانونية لجبهة البوليساريو ورفض لأي مشاورات تجريها المفوضية كبديل عن شرط موافقة الشعب الصحراوي عن طريق ممثله الشرعي والوحيد.
كما أكد أيضا على أن نتائج القرار المرتقب ستكون هامة بالنسبة للشعب الصحراوي، وستشكل عنصرا إيجابيا في موازين القوى مع الاحتلال. فالنتائج ستكون سياسية من خلال تكريس الحق في تقرير المصير وتمثيل جبهة البوليساريو وأهليتها للترافع على المستوى الدولي، ودبلوماسية من خلال ما سيعقبها من أزمة دبلوماسية بين المغرب وشركائه في الاتحاد الأوربي ولكن الأهم أيضا هو أنها ستشكل ضربة قوية لإقتصاد الإحتلال المغربي للصحراء الغربية الذي يتغذى من الأموال الأوروبية وسيفتح بابا للتضييق قانونيا على الإستثمارات الأوروبية في الإقليم، وستشكل عائقا كبيرا أمام سياسة الاستيطان المغربية التي تتم بسبب الإغراء الاقتصادي الذي تقدمه هذه الاستثمارات والأنشطة الاقتصادية بالنسبة لمواطني المملكة المغربية لإقناعهم بالاستقرار في الصحراء الغربية.
السفير، أبي بشراي، وفي سياق حديثه عن مكاسب الجمهورية الصحراوية بعد 48 عاما من ميلادها، أوضح أنه وبالإضافة إلى المكسب القانوني الكبير فيما يتعلق بملء الفراغ القانوني المترتب عن إنسحاب إسبانيا دون تصفية الإستعمار، والمكسب السياسي الذي أظهر للجميع الهدف النهائي للكفاح الوطني الذي تقوده الجبهة ألا وهو الإستقلال الوطني وبسط سيادة الشعب الصحراوي على كامل تراب الصحراء الغربية، فثمة مكسبان كبيران آخران هما: المكسب الدبلوماسي، والمتمثل في العدد الكبير من الاعترافات الدولية المحصلة بالجمهورية الصحراوية عبر العالم والتي تجسد الإنضمام لمنظمة الوحدة الإفريقية 1984 وبعدها المشاركة كعضو كامل الحقوق في تأسيس الإتحاد الإفريقي 2002 أبرز تجلياتها. بالإضافة إلى المكسب المؤسساتي العملي، والمتمثل في إتاحة إعلان الجمهورية، الفرصة للبوليساريو في الشروع في وضع القواعد القوية للدولة الصحراوية العصرية التي يطمح لها الشعب الصحراوي وإقناع العالم بأنها، بالفعل، دولة ليست قابلة للحياة فحسب، بل هي ضرورية للحفاظ على أمن واستقرار منطقة شمال غرب إفريقيا.
وإختتم، ممثل جبهة البوليساريو بسويسرا ولدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف، حواره قائلا، أن البوليساريو بقيادة الزعيم المؤسس الولي مصطفى السيد، وفي قراءة ذكية، سريعة وقانونية للتطورات، وبعد إنسحاب آخر جندي إسباني من الإقليم يوم 26 فبراير وحصول الفراغ القانوني، فيما يتعلق بالسيادة في ظل إجهاض مسار تقرير المصير، قرر إعلان الجمهورية لملء ذلك الفراغ بسيادة الشعب الصحراوي صاحب الحق المتأصل بالأمس واليوم وغدا، والتجسيد عمليا لتقرير المصير من طرف الشعب على الأرض في إنتظار أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته في ذلك.(واص)