كوبنهاغن (الدنمارك)، 15نوفمبر 2023 (واص) - ضمن فعاليات ندوة بلدان الشمال الأوربي حول الصحراء الغربية التي عُقِدت يوم الثلاثاء بمقر البرلمان الدنماركي، ألقى الدكتور سيدي محمد عمار، عضو الأمانة الوطنية، ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو، كلمة تناول فيها بعض العناصر الضرورية لإقامة عملية سلام حقيقية في الصحراء الغربية.
وفي بداية مداخلته، ذكر ممثل الجبهة بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو أن يوم انعقاد الندوة يصادف الذكرى ال48 "لاتفاقات مدريد" سيئة السمعة التي سلمت إسبانيا بموجبها الصحراء الغربية إلى كل من المغرب وموريتانيا في انتهاك لالتزاماتها كدولة قائمة بإدارة الإقليم وفي تجاهل تام لحق الشعب الصحراوي، وهو ما يجعل "اتفاقات مدريد" بمثابة وصمة عار على القوة الاستعمارية السابقة وعلى المتورطين في هذه المؤامرة وتداعياتها.
وللإجابة على السؤال حول ما هو ضروري لإقامة عملية سلام حقيقية في الصحراء الغربية، أشار الدكتور سيدي محمد عمار أولاً إلى أنه منذ ما يقرب من 60 عاماً اعترفت الأمم المتحدة بالوضع الدولي للصحراء الغربية كقضية تصفية استعمار مع التأكيد على حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال وفقاً لقرار الجمعية العامة 1514 (د-15) لعام 1960.
وهكذا، وطبقاً لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي ذات الصلة، فإن حق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير والاستقلال حق غير قابل للتصرف ولا يمكن أن يتأثر بمرور الوقت أو بالحقائق الناشئة بالقوة في الإقليم من قبل دولة الاحتلال المغربية منذ عام 1975.
ويضيف الدبلوماسي الصحراوي أنه، وبالنظر إلى أن جوهر الحق في تقرير المصير هو الاختيار الحر، فمن المهم جدا التأكيد على أنه لا يمكن القيام بممارسة حقيقية لحق تقرير المصير في حالة الصحراء الغربية بدون قيام الشعب الصحراوي، والشعب الصحراوي وحده، بالاختيار الحر لمستقبله السياسي في ظل الظروف المُثلى من الحرية والعدالة والشفافية ودون أي قيود عسكرية أو إدارية.
وأكد ممثل الجبهة بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو أن موقف جبهة البوليساريو في هذا الإطار يكمن في وجوب أن تقوم ممارسة حق تقرير المصير على خيار الاستقلال الذي كان دائما ومنذ البداية مطلب الشعب الصحراوي تحت قيادة ممثله الشرعي والوحيد، وقد تعزز هذا المطلب الوطني المشروع من خلال عقود من المقاومة ضد الاستعمار والاحتلال بلغت ذروتها مع إعلان الجمهورية الصحراوية في فبراير 1976.
كما أشار إلى أن إيجاد حل سلمي وعادل ودائم لقضية الصحراء الغربية بما يتماشى مع مبادئ القانون الدولي ذات الصلة ليس أمراً ملحاً فحسب، بل ممكناً أيضا، ولكن يجب أن تكون هناك إرادة سياسية حقيقية من جانب المغرب للابتعاد عن الحلول المفروضة بالقوة وكذلك الاستعداد للعمل مع الطرف الصحراوي من أجل التوصل إلى حل سلمي وعادل ودائم لصالح الشعبين والمنطقة بأسرها.
وفي هذا الإطار، أكد الدكتور سيدي محمد عمار على أن الشعب الصحراوي ملتزم بقوة بالسلام وقد قدم تضحيات وتنازلات هائلة من أجل نجاح عملية السلام التي تقوم بها الأمم المتحدة في الصحراء الغربية، مشدداً على أن السلام الذي يطلبه الشعب الصحراوي هو السلام الذي يقوم على أسس متينة من العدالة والقانون الدولي، وليس السلام المفروض بالقوة الوحشية لأنه لا يمكن أبدا أن يكون سلاماً عادلاً ودائماً.
كما أكد على ضرورة أن يدرك أولئك الذين يهتمون حقا بالاستقرار في شمال أفريقيا أن دعم النظام الاستبدادي في المغرب، ولأي أسباب سياسية واقتصادية، ليس ضماناً للسلم والاستقرار الإقليميين، وأن استمرار احتلاله لأجزاء من الصحراء الغربية لا يزال يشكل مصدراً كبيراً لانعدام الأمن وعدم الاستقرار في المنطقة بأسرها وخارجها.
وبهذا الخصوص، شدد الدبلوماسي الصحراوي على أنه ينبغي على مجلس الأمن الدولي أن يدرك أن الموقف السلبي الذي أدار به عملية السلام في الصحراء الغربية على مدى العقود الماضية لم يؤدِ إلا إلى تفاقم الوضع وإعاقة البحث عن حل سلمي ودائم. وما يجعل الوضع أكثر إثارة للقلق هو مقاربة "عدم التدخل" التي يتبعها بعض الأعضاء المؤثرين في مجلس الأمن، وهي مقاربة خطيرة للغاية، خاصة بعد انتهاك دولة الاحتلال المغربية لوقف إطلاق النار لعام 1991 في 13 نوفمبر 2020 وإشعالها لفتيل حرب جديدة في الصحراء الغربية.
كما شدد أيضا على ضرورة أن يدرك مجلس الأمن والمجتمع الدولي ككل أن استفتاء تقرير المصير لا يزال هو الحل الوحيد القائم على أساس التوافق، وهو الحل الذي قبله الطرفان، جبهة البوليساريو والمغرب، ووافق عليه مجلس الأمن بالإجماع. ولهذا السبب، فإن المطلوب هو التمكين الكامل لبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) من الوفاء بولايتها وإجراء الاستفتاء في ظل ظروف من الحرية والشفافية الكاملتين.
وفي الختام، أكد ممثل الجبهة بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو أن ممارسة الشعب الصحراوي لحقه في تقرير المصير والاستقلال من خلال عملية ديمقراطية وحرة هو الخيار الوحيد للتوصل إلى حل عادل ودائم لقضية الصحراء الغربية. (واص)