مدرسة 9 يونيو ، 15 أبريل 2023 (واص)- ألقى رئيس الجمهورية ، الأمين العام للجبهة السيد إبراهيم غالي كلمة خلال إشرافه على الجلسة التأسيسية للمجلس الإستشاري ، تطرق فيها إلى الدور الهام للمجلس الاستشاري كمؤسسة دستورية ، بالإضافة إلى تطرقه إلى أوجه الكفاح الوطني .
وفيما يلي النص الكامل للكلمة :
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ رئيس المجلس الاستشاري الصحراوي،
الأخوات والإخوة أعضاء المجلس،
الحضور الكريم،
نتشرف اليوم بافتتاح الجلسة التأسيسية للمجلس الاستشاري الصحراوي في حلته الجديدة التي أقرها المؤتمر السادس عشر للجبهة. وكما هو معلوم، فإن الهدف الأساسي من عملية التعديل التي مست المجلس هي الاستثمار في خزان الحكمة والتجربة الذي يمثله المجلس بأعضائه الموقرين في العهدات السابقة، عبر تدعيمه، توسيعاً وتنويعاً، بزخم جديد من الكفاءات والمؤهلات الوطنية من كل قطاعات وهيئات الدولة والحركة، من أجل تحقيق أعلى درجات النجاح في مهمته النبيلة، جنباً إلى جنب مع بقية الهيئات والمؤسسات الوطنية.
إن مثل هذه الخطوات إنما تندرج في سياق سعي دؤوب لبناء مؤسسات الدولة الصحراوية، وتعزيز الرصيد المتنامي في تسيير الشأن الوطني، على مختلف الواجهات، وتوطيد الممارسة الديمقراطية في كنف تجربة وطنية متميزة، تجمع كل تلك الانجازات والطموحات، في وقت تستعر فيه حرب التحرير الوطني لاستكمال سيادة الجمهورية الصحراوية على كامل ترابها الوطني.
فنحن اليوم أمام هيئة سامية، هيئة وطنية دستورية تداولية، تمارس مهمتها الاستشارية في الفترة ما بين المؤتمرين. وكغيره من الهيئات، تتحدد مهام المجلس الاستشاري انطلاقاً من مبادئ وأهداف الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، والتي يحدد أبرزها دستور الجمهورية الصحراوية، من قبيل تكريس الاستقلال الوطني واستكمال السيادة الوطنية على كامل التراب الوطني الصحراوي، والدفاع عن الوحدة الوطنية وقدسية الشعب، وصيانة قيمه وحماية هويته ومقومات الشخصية الوطنية، واحترام الحريات الأساسية للإنسان وغيرها.
وفي هذا السياق، تأتي الأهمية البالغة والدور البارز للمجلس الاستشاري الصحراوي، كونه معني بتدارس الأوضاع والقضايا الوطنية العامة في كافة الميادين، بدءاً من المشاركة الميدانية والمتابعة المستمرة مع السلطات على المستويات الوطنية والجهوية والمحلية والبلدية، وصولاً إلى المساهمة في الدبلوماسية الشعبية والحضور الدائم في الاستحقاقات الوطنية المختلفة.
الأخوات والإخوة،
إن القضية الوطنية تشهد تطورات في غاية الأهمية، خاصة بعد قيام دولة الاحتلال المغربي بنسف اتفاق وقف إطلاق النار، واضطرار الطرف الصحراوي لاستئناف العمل المسلح. ولقد كان المؤتمر السادس عشر للجبهة حاسماً بصيغ التعاطي مع متطلبات المرحلة، وشدد على تجنيد كل الطاقات الوطنية من أجل تصعيد معركة التحرير على كل الجبهات، وبشكل خاص واجهة الكفاح المسلح.
وفي هذا الوقت الذي نترحم فيه على كل شهداء القضية الوطنية الذين خضبوا درب التحرير بدمائهم الزكية الطاهرة، لا يمكن أن تمر السانحة دون أن نتوجه، بكل تقدير وإجلال، بتحية خاصة إلى مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي، أولئك المغاوير الأشاوس الذين يتقدمون معركة الشعب المصيرية من أجل الحرية والاستقلال، ويواصلون عملهم القتالي البطولي، وكلهم عزم وإصرار على استكمال مهمة التحرير.
كما لا يفوتنا أن نحيي بحرارة بطلات وأبطال انتفاضة الاستقلال، حيث جماهير شعبنا البطل ترفع التحدي وتواجه بإرادة فولاذية وعزم راسخ وصمود منقطع النظير كل سياسات وممارسات دولة الاحتلال المغربي، من قمع وحشي وتنكيل وحصار خانق، متوجهين بتحية خاصة إلى كل الأسرى المدنيين الصحراويين في السجون المغربية وعائلاتهم، ونرفع لهم، باسمكم جميعاً، رسالة التضامن والمؤازرة، مؤكدين لهم شعار كل الصحراويات وكل الصحراويين؛ المضي على عهد الشهداء حتى النصر والتحرير، ولن تنام لنا جفون وأبناؤنا في السجون.
وكما أكد المؤتمر، فإن الطرف الصحراوي على كامل الاستعداد للتعاون مع جهود الأمم المتحدة لحل النزاع بين الشعب الصحراوي والمملكة المغربية، ولكن في سياق يحترم إطاره القانوني الواضح، كقضية تصفية استعمار. فجبهة البوليساريو، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي، وهي تدخل سنة الذكرى الخمسين لتأسيسها، تجدد التزامها الصارم وتشبثها الراسخ بالهدف الأسمى الذي يجسد إرادة كل الصحراويات وكل الصحراويين، ألا وهو تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه، غير القابل للتصرف ولا للمساومة ولا للتقادم، في تقرير المصير والاستقلال، على غرار كل الشعوب والبلدان المستعمرة.
وفي هذا السياق، ندعو المجتمع الدولي عامة، وبصفة خاصة مجلس الأمن الدولي، إلى تحمل مسؤوليته والقيام بدوره، في سياق تطبيق ميثاق وقرارات الأمم المتحدة، والتعجيل بتمكين بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية، المينورسو، من تنفيذ المأمورية التي أوكلها إليها بموجب خطة التسوية الأممية الإفريقية لسنة 1991، الأساس الوحيد للعملية السلمية في الصحراء الغربية، والوحيد الذي حظي بموافقة وتوقيع طرفي النزاع، جبهة البوليساريو والمملكة المغربية، ومصادقة مجلس الأمن الدولي.
كما نؤكد بشدة على أن الأمم المتحدة ملزمة بحماية المواطنين الصحراويين في الأراضي المحتلة وحقوقهم الأساسية، والوقف الفوري لكل أشكال الاستغلال اللاقانوني المكثف للثروات الطبيعية الصحراوية من طرف دولة الاحتلال المغربي. وهنا، نذكر الاتحاد الأوروبي بقرارات محكمة العدل الأوروبية باعتبار الصحراء الغربية والمملكة المغربية بلدان منفصلان ومتمايزان، ولا يمكن التصرف في ثروات الصحراء الغربية إلا وفق إرادة صاحب السيادة الوحيد عليها، الشعب الصحراوي، عبر ممثله الشرعي والوحيد، جبهة البوليساريو.
إن دولة الاحتلال المغربي، إزاء فشلها الذريع في فرض منطق التوسع وتشريع احتلالها العسكري اللا شرعي لأجزاء من تراب الجمهورية الصحراوية، وبالنظر إلى أوضاعها المتردية، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، لجأت، في فعل عبثي متهور، إلى الاستعانة بقوى خارجية معروفة بممارساتها العدوانية الاستعمارية الظالمة، ومن ثم تمرير أجندات أجنبية خطيرة، تنضاف إلى إغراق المنطقة بالمخدرات المغربية وغيرها، ودعم وتشجيع عصابات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية، وخلق التهديد الجدي الداهم للسلم والاستقرار في كامل المنطقة. ونحن نحذر مجدداً من سياسات مملكة الاحتلال التوسعية العدوانية، نؤكد على استعدادنا الدائم للتعاون والتنسيق مع بلدان المنطقة للتصدي لهذه المخاطر واستتباب السلم والاستقرار في المنطقة.
كما أنتهز السانحة لأتوجه بالتحية والشكر والتقدير إلى كل أشقاء وأصدقاء وحلفاء الشعب الصحراوي، المناصرين للحق والعدالة والسلام في العالم، وفي مقدمتهم الجزائر الشقيقة، بقيادة السيد الرئيس عبد المجيد تبون، التي ما انفكت تجدد موقف الدعم والمساندة، بدون شروط، لكفاح الشعب الصحراوي العادل، انسجاماً مع مبادئ ثورة الأول من نوفمبر المجيدة ومقتضيات ميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي.
ورغم كل التحديات والصعوبات، ها هو الشعب الصحراوي يخلد سنة الذكرى الخمسين لتأسيس تنظيمه الطلائعي، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، واندلاع الكفاح المسلح من أجل الحرية والاستقلال، ليؤكد للعالم أجمع أنه لا تراجع في كفاحه التحرري الوطني، وبأنه سيمضي قدماً على درب الوفاء لعهد الشهداء، بكل السبل المشروعة، وفي مقدمتها الكفاح المسلح، كحق تكفله الأمم المتحدة للشعوب المستعمرة، حتى استكمال سيادة الجمهورية الصحراوية على كامل ترابها الوطني.
الأخوات والإخوة،
لا يفوتني في هذا المقام أن أعبر عن جزيل الشكر والتقدير والتثمين إزاء المجهودات الجبارة التي تم القيام بها خلال العهدات السابقة لهذا المجلس الموقر، مشيداً بالدور التاريخي للآباء الأعيان، وهي المساهمات المحمودة والمطلوبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، في سياق عمل هذه الهيئة المحترمة.
إننا واثقون من أن المجلس الاستشاري الصحراوي سيضطلع بمهمته على أحسن ما يرام، ومتيقنون من مساهمته الأكيدة، ليس فقط بإمداد مؤسسات وهيئات الدولة والحركة بالاستشارات المتبصرة والأفكار النيرة والآراء السديدة، ولكن بالمشاركة الميدانية لأعضائه في الرفع من مستوى الأداء، على جميع واجهات الفعل الوطني.
فالأعضاء الجدد والأعضاء السابقون كلهم مناضلات ومناضلون في الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، وسيعملون على تضافر الجهود والجمع بين الخبرة والحكمة والتبصر والتجربة والكفاءات والمؤهلات، في تكامل وانسجام، في سياق فعل نضالي وطني مخلص وهادف، يروم المساهمة الفعالة في الجهد العام من أجل تطبيق مقررات المؤتمر السادس عشر للجبهة، والتجاوب مع متطلبات المرحلة والتصدي لتحدياتها.
وفي هذه الأيام الفضيلة، وقد ولجنا العشر الأواخر من شهر رمضان المعظم، نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة، وأن يتقبل صيامنا وصيام جميع المسلمين، وأن يعيد علينا رمضان وشعبنا قد بلغ مراده في الحرية والكرامة واستكمال سيادته على كامل ترابه الوطني، إنه سميع مجيب.
شكراً والسلام عليكم.
تصعيد القتال، لطرد الاحتلال واستكمال السيادة. (واص)
090/105/500.