ولاية أوسرد، 06 نوفمبر 2023 (واص) - ألقى رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة السيد إبراهيم غالي كلمة خلال إشرافه على اختتام أشغال الندوة الوطنية للصحة التي احتضنتها ولاية أوسرد ،أشاد فيها بمجهودات اطقم المنطومة الصحية الصحراوية ، متطرقا إلى آخر تطورات القضية على كافة المستويات .
وفيما يلي النص الكامل للكلمة:
كلمة الأخ إبراهيم غالي، رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة، في اختتام أشغال الندوة الوطنية للصحة،
ولاية اوسرد، 06 نوفمبر 2023
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوات والإخوة،
نسعد اليوم بحضور اختتام أشغال الندوة الوطنية للصحة، ندوة الشهيد سلامة الشيخ عبد الحي اهويدي، ونحن نسجل بارتياح انعقاد مثل هذا الاستحقاق، وخاصة لجهة البحث الدؤوب عن تحقيق أفضل النتائج واكتشاف أنجع الأساليب لتطوير ميدان حيوي وحساس مثل ميدان الصحة العمومية.
ولا يخفى على أحد المكانة المتميزة التي احتلتها المنظومة الصحية في اهتمامات وخطط وبرامج الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب والدولة الصحراوية، منذ البدايات الأولى للثورة.
هذه مناسبة لتحية كل الجهات التي أشرفت على عملية التحضير لهذه الندوة، وبشكل خاصة تحية إلى الأطقم العاملة، في كل مواقعها، وإشادة بمجهوداتها المتواصلة، على غرار التعاطي مع جائحة كورونا. والشكر موصول إلى سلطات وجماهير ولاية آوسرد المضيافة.
ورغم أن هذا الميدان قد فرض نفسه كحالة استعجالية لا تحتمل التأجيل، بالنظر إلى الواقع الصحي المزري الذي عاشه شعبنا جراء الغزو العسكري الهمجي المغربي بشكل خاص، إلا أنه شكل، إضافة إلى قطاعات أخرى مثل التعليم والإدارة، ميداناً استراتيجياً قاراً في مؤتمرات الجبهة وبرامج الحكومة الصحراوية، وحظي بالمتابعة الدائمة والعمل الدؤوب، بغية تحسينه وتطويره باستمرار.
وإنها لمناسبة لنوجه عبارات الشكر والتقدير والعرفان إلى الرعيل الأول من أطقم قطاع الصحة العمومية الصحراوية، بمن رحلوا وبمن لا زالوا يواصلون تقديم الواجب الوطني، والذين واجهوا بكل عزم تحدي التأسيس ومتاعب البناء، في غياب التجربة والمؤهلات، جراء سياسات التخلف والتجهيل التي انتهجتها السلطات الاستعمارية الإسبانية زهاء قرن من الزمن.
ولا شك أن جملة العروض والنقاشات التي شهدتها هذه الندوة قد رسمت صورة متكاملة عن تاريخ وتطور قطاع الصحة العمومية، ووقفت على تلك المحطات العصيبة التي عايش فيها شعبنا واقع الحرب واللجوء والتشريد، وضرورة التصدي لمخاطر الأوبئة الفتاكة، في ظل شبه انعدام للإمكانيات البشرية والمادية.
ولا شك أيضاً أن شعبنا يقف اليوم، بكل فخر واعتزاز، على نتائج باهرة وتقدم في قطاع الصحة العمومية، وهو أمر لا يتجلى فحسب فيما تحقق من بناء للمؤسسات والمرافق الصحية وانتظام وتطور الخدمات والرعاية الطبية والتزايد المضطرد للخريجين في شتى التخصصات، ولكن أيضاً في نجاح التجربة الصحراوية المتميزة في مجال الوقاية، والتي شكلت ويجب أن تبقى حجر الزاوية في سياسة بلادنا الصحية.
إننا نثمن ما شهدته الندوة من نقاشات عميقة ومساهمات بناءة، هادفة إلى التحسين المستمر في الأداء وضمان الخدمات ومواجهة التحديات والصعوبات والمعالجة الموضوعية الناجعة لمختلف جوانب التسيير بما يعزز المكاسب ويقلص الأنقاص.
وقطاع الصحة بالفعل يحتاج إلى هذه الرؤية الشاملة التي تفرض مساهمة الجميع، كما يبين شعار الندوة، ويتطلب ذلك التنسيق والتعاون المستمر على مستوى المؤسسات والهيئات، وخاصة لجهة توعية المجتمع وتحسيسه وضمان انخراطه الدائم والفاعل في إنجاح مختلف البرامج الصحية.
ولكن، وكما قلنا لزملائكم في الندوة الوطنية التخصصية للتربية والتعليم، فإن ثقل المهمة على منتسبي القطاع، في إطار من روح المسؤولية والوفاء لعهد الشهداء، للقضية الوطنية ولهذا الشعب الأبي. إن الأمر الطبيعي هو أن تتعزز المساهمة الميدانية الدائمة والمنتظمة لكل الخريجين في قطاع الصحة، في كل الاختصاصات، في مختلف مواقع الاحتياج لأن ذلك، وقبل أن يكون التزاماً مهنياً، يمثل الحد الأدنى من الواجب الوطني المقدس.
الأخوات والإخوة،
في مثل هذا اليوم، منذ ثمانية أربعين سنة، نظمت دولة الاحتلال ما تسميه المسيرة الخضراء، الحمراء بدماء الأبرياء والسوداء في تاريخ البشرية، كغطاء دعائي لاجتاحها العسكري الهمجي للتراب الصحراوي في 31 أكتوبر 1975، في تطبيق مقلوب لقرار محكمة العدل الدولية وفي إمعانٍ صارخٍ في انتهاك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
إنها ثمانية وأربعون سنة من الممارسات الاستعمارية الفظيعة، والتي لا تجد توصيفاً غير إرهاب الدولة الممنهج، بكل تجليات الفعل الإرهابي، في حق الآلاف من المدنيين الصحراويين الأبرياء العزل، من تقتيل بأبشع الصور، بذفنهم أحياء ورميهم من الطائرات العمودية واغتيالهم المباشر بالرصاص وغيره، وتحت التعذيب الرهيب وتسميم الآبار وإبادة الثروة الحيوانية والشروع في الإبادة الجماعية بحملات تقتيل للإفراد والجماعات، أكدتها بالدليل الدامغ بعض المقابر الجماعية المكتشفة، وبقصف تجمعات بشرية في مخيمات صحراوية بقنابل النابالم والفوسفور الأبيض المحرمة دولياً.
ثم إن دولة الاحتلال المغربي أقامت جداراً عسكرياً يقسم الصحراء الغربية أرضاً وشعباً، مدججاً بملايين الألغام، بما فيها المضادة للأفراد المحرمة دولياً، وما لذلك من آثار مدمرة على البشر والحيوان والبيئة، وصولاً إلى عمليات الاغتيال باستخدام الوسائل المتطورة، بما فيها الطائرات المسيرة، راح ضحيتها مدنيون أبرياء من صحراويين وموريتانيين وجزائريين وغيرهم.
الأمم المتحدة مسؤولة ومطالبة بتنفيذ التزامها وميثاقها وقراراتها بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، آخر مستعمرة في إفريقيا، وتمكين شعبها من حقه في الاستقلال، على غرار كل الشعوب والبلدان المستعمرة. وإن دولة الاحتلال المغربي تتحمل تبعات غزوها العسكري الهمجي للصحراء الغربية، وتتحمل تبعات وعواقب خرقها السافر لاتفاق وقف إطلاق النار في 13 نوفمبر 2020، وتتحمل مسؤولية جرائمها البشعة التي ارتكبتها في حق الشعب الصحراوي، بما في ذلك المئات من حالات الاختطاف والاختفاء القسري والاعتقال التعسفي والمحاكمات الصورية والأحكام الجائرة، كما هي حالة مجموعة اقديم إيزيك.
كل ذلك، إضافة إلى الحصار الخانق الذي تفرضه على الأراضي الصحراوية المحتلة ونهبها المكثف لثرواتها الطبيعية واستيلائها على الأراضي والممتلكات، وبشكل خاص عمليات القمع الوحشي للمظاهرات السلمية، بما في ذلك سحل النساء والاعتداء بشتى الأساليب الخسيسة وحصار المنازل الصحراوية تعريض العائلات لصنوف الخطر والتهديد والمعاملة الحاطة من الكرامة البشرية، ناهيك عن الوضعية المزرية للأسرى المدنيين الصحراويين في السجون المغربية.
نحن نمد الأيادي إلى إخوتنا المغاربة لنعمل معاً على وضع حد لهذا الظلم الجائر الذي يتعرض له الشعب الصحراوي من قبل نفس النظام المخزني المستبد الذي يعيث بطشاً وفساداً في حق الشعب المغربي الشقيق، وأن نعمل معاً من أجل إحقاق الحق وإنهاء الاحتلال المخزني اللاشرعي للصحراء الغربية، والتعاون للعيش في كنف الاحترام المتبادل وحسن الجوار مع كل شعوب وبلدان المنطقة.
الأخوات والإخوة،
لا يفوتني باسمكم جميعاً أن أتوجه بشكر وتقدير وعرفان إلى كل الأشقاء والأصدقاء الذين وقفوا مع شعبنا في هذا الميدان الحساس، بدءاَ من الجزائر الشقيقة التي سارعت، منذ اللحظات الأولى للنزاع، إلى تقديم كل أنواع المساعدة الطبية واحتضنت المرضى الصحراويين في مستشفياتها، قامت بإرسال البعثات الطبية وتوفير الأدوية واللقاحات وفتح الباب أمام التكوين في هذا القطاع.
التحية موصولة إلى جمهورية كوبا الصديقة، بما قامت وتقوم به لدعم القطاع الصحي الصحراوي، والذي لم يتوقف عند تكوين الأطباء والمختصين في مختلف المجالات في معاهدها وجامعاتها، بل تجلى في المساهمة الدائمة والحضور الميداني عبر بعثاتها الطبية متعددة التخصصات.
لا شك في الأخير أن مخرجات هذه الندوة ستصب في صالح إحداث نقلة نوعية في قطاع الصحة العمومية، في مختلف جوانبها ومستوياتها وارتباطاتها وعلاقاتها، وخاصة في كل ما له صلة بتحسين الأداء ومن ثم نوعية الخدمات الصحية الموجهة للمواطنين وانتظامها وشموليتها.
الأخوات والإخوة،
في هذه اللحظات التي نترحم فيها على كل شهداء القضية البررة الكرام، وفي مقدمتهم شهيد الحرية والكرامة، الولي مصطفى السيد، والرئيس الشهيد محمد عبد العزيز، ونتوجه بالتحية والتقدير إلى مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي الأبطال الميامين، ونبعث برسائل التضامن والمؤازرة إلى جماهير شعبنا في الأرض المحتلة وجنوب المغرب وهي تتعرض لحملة شعواء، تقودها عبثاً سلطات دولة الاحتلال المغربي، بقواتها ومخابراتها وأجهزتها القمعية، للترهيب والترويع، فإننا نؤكد بأن كل تلك الممارسات الفظيعة والانتهاكات الجسيمة، وكل الدعايات المغرضة والأكاذيب المفضوحة التي لجأت إليها دولة الاحتلال المغربي لم ولن تثني الشعب الصحراوي، بقيادة ممثله الشرعي والوحيد، الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، عن المضي في كفاحه العادل وتصعيده بكل السبل المشروعة من أجل حقوقه الثابتة، غير القابلة للتصرف أو التقادم أو المساومة، في تقرير المصير والاستقلال.
تصعيد القتال لطرد الاحتلال واستكمال السيادة
كل التوفيق والنجاح. شكراً والسلام عليكم. (واص)