تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

رئيس الجمهورية يشيد بنضال المرأة الصحراوية في كافة الجوانب (رسالة)

نشر في

ويندهوك (ناميبيا) 02 نوفمبر 2015 (واص)- أشاد رئيس الجمهورية السيد محمد عبد العزيز، بنضال المرأة الصحراوية في كافة الجوانب، و ذلك في رسالة وجهها إلى الندوة الدولية "حق النساء الصحراويات في المقاومة" التي تنعقد بالعاصمة الناميبية ويندهوك.


و أكد رئيس الجمهورية بأن المرأة الصحراوية ستظل في طليعة المقاومة الصحراوية من خلال مشاركتها في كافة الجوانب النضالية للشعب الصحراوي، مثمنا الدور الريادي الذي تلعبه في بناء و إدارة و تسيير مخيمات اللاجئين و كذا مشاركتها الفعالة في انتفاضة الاستقلال بالمناطق المحتلة من الصحراء الغربية.


و فيما يلي النص الكامل للرسالة:


" رسالة من الرئيس محمد عبد العزيز، رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، يلقيها السيد أمحمد خداد

إنه لشرف عظيم لي أن أكون بينكم لأنقل إليكم رسالة من السيد محمد عبد العزيز رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وجبهة البوليساريو،

اسمحوا لي أن أعرب عن امتناني لمنظمة النساء الإفريقيات لاستضافة هذه الندوة المهمة والتي تأتي في الوقت المناسب، وأتقدم بالشكر والاحترام إلى ناميبيا، مضيفتنا، ولشعبها الذي لديه تاريخ طويل من التضامن مع الصحراء الغربية، وهو الالتزام الذي يجسده كفاحنا المشترك من أجل الاستقلال ومناهضتنا المشتركة للاستعمار. كما نرحب بحضور الاتحاد ألإفريقي الذي يبقى ملتزما بإنهاء الاستعمار في القارة الأفريقية وتعزيز السلام والاستقرار وقبل كل شيء تمكين الشعوب الأفريقية لتكون سادة مستقبلها.

السيدات والسادة الأصدقاء،
إن بلدي، الصحراء الغربية، هو آخر مستعمرة في إفريقيا. وقد أكدت محكمة العدل الدولية في عام 1975 أنه لا توجد هناك علاقات سيادة بين المغرب والصحراء الغربية، وليس هناك أي بلد في العالم يعترف بسيادة المغرب على أي جزء من الصحراء الغربية. ونحن ننتظر استفتاء لممارسة حقنا في تقرير المصير، وهو حق أعطي لنا بموجب القانون الدولي، ووعدنا بالاستفتاء من قبل المجتمع الدولي من خلال قرارات مجلس الأمن الأممي.
على الرغم من ذلك، ولما يقرب من 25 عاما، فإن جهود الأمم المتحدة لحل النزاع حول الصحراء الغربية لا تزال تواجه طريقا مسدودا بسبب تزايد تعنت المغرب وتخلي مجلس الأمن الأممي عن مسؤولياته، ويرجع ذلك إلى حد كبير لتكتيكات العرقلة المتعمدة من قبل فرنسا لصالح المغرب. ففرنسا، الصوت الرائد في مجال الديمقراطية، ترفض أن يصوت الصحراويون بحرية. وفرنسا، الصوت الرائد في ميدان حقوق الإنسان، ترفض كذلك وباستمرار الدفاع عن حقوق الإنسان للصحراويين وهو ما يناقض المبادئ ذاتها التي تدعي التمسك بها. وقد ساهم هذا النفاق في معاناة بلدي.
نحن الآن نواجه أزمة، إذ لا يمكن السماح للنزاع أن يستمر إلى ما لا نهاية. والإطار الحالي للأمم المتحدة لم يقدم شئيا، مما يستوجب التعاطي مع المسار الأممي بشعور أكبر بالإلحاح. إن هناك شعور متزايد بالإحباط لدى الصحراويين في الصحراء الغربية ومخيمات اللاجئين جراء عدم إحراز أي تقدم نحو عملية تقرير المصير.

السيدات والسادة الأصدقاء،
ستمر أربعون سنة مرت منذ الغزو والاحتلال غير الشرعي المغربي لأجزاء من الصحراء الغربية. ومنذ ذلك الوقت والصحراويون، الذين فروا من الصحراء الغربية أثناء الحرب، ما زالوا يعيشون في مخيمات اللاجئين في الخيام وفي ظروف قاسية. وإنها حقا لمأساة إنسانية أن جيلا من لاجئ صحراوي قد ترعرعوا في هذه المخيمات. وعلى الرغم من قناعتنا، يؤلمني أن أقول لكم أن الأزمة الإنسانية الأخيرة التي نجمت عن هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات قد دمرت مخيمات اللاجئين في الداخلة والسمارة والعيون وغيرها من الأماكن. إن الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها بقائنا كالغذاء والمياه والصرف الصحي غير متوفرة في حين أن المستوصفات والمستشفيات والمدارس والمحلات التجارية وحظائر الماشية قد دمرت تماما. ونتيجة لذلك، فإن الشعب الصحراوي الذي ظل يعاني إلى حد الساعة هو الآن بصدد مواجهة تحديات أكبر.
أما في الأراضي المحتلة من قبل المغرب فإن السلطات هناك تستمر في انتهاك حقوق الإنسان الأساسية للصحراويين، وقد خلقت قوات الأمن المغربية مناخ من الخوف والمعاناة. فحالات الاختفاء والتعذيب والترهيب والاعتقالات وسوء المعاملة في الأسر والأحكام البشعة والحرمان من المحاكمة العادلة فهي أمور معتادة تحدث كل اليوم.
و النساء إنما هم جزء من الآلاف الذين انتٌهكت حقوقهم خلال العقود الماضية من قبل المغرب، بما في ذلك الذين ألقي القبض عليهم في عام 2010 وحكم عليهم بأحكام قاسية على إثر استخدام المغرب للقوة لتفكيك مخيم كديم إزيك الاحتجاجي. ولا تزال مئات المعتقلين في عداد المفقودين بعد أن اختفوا في السجون السرية في المغرب. والجريمة الوحيدة التي أرتكبها هؤلاء النشطاء، في الحاضر والماضي، هي مطالبتهم السلمية بالحق في التصويت على مستقبل بلدنا. وعلاوة على ذلك، فقد قاد المغرب حملة لمنع إنشاء آلية لمراقبة حقوق الإنسان ضمن بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورصو) التي تعتبر بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة الوحيدة بدون مكون لمراقبة حقوق الإنسان. وهذه محاولة أخرى من طرف المغرب للإبقاء على الوضع القائم في الصحراء الغربية.

وعلى الرغم من معاناتنا على أيدي المحتلين المغاربة، فالروح الصحراوية لا تزال قوية كما كانت دائما. وتظل المرأة الصحراوية في طليعة هذه المقاومة بمشاركتها في كل جوانب نضالنا. ففي مخيمات اللاجئين تلعب النساء دورا رياديا في بناء وإدارة وتسيير المخيمات. فهن الراعي والمسؤول عن كل جوانب الرعاية. وأنا فخور أن أقول لكم إن النساء الصحراويات لا يقفن خلف الرجال وإنما جنبا إلى جنب معهم في كفاحنا ضد الاحتلال. وبرسوخ العزم، تقوم النساء بالاحتجاج على احتلال بلادهم، مرددين المطالبة بالحرية والاستقلال. وعندما تنتهك قوات الأمن المغربية حقوق الإنسان، يبرز فعل مقاومة النساء. وعندما يستغل المغرب مواردنا الطبيعية، يبرز فعل مقاومة النساء. وليس للمرأة الصحراوية مجرد دور فحسب في مقاومتنا ضد الاحتلال، وإنما هي، وفي نواح كثيرة، أساس مجتمعنا. وهذا ما يجسده بشكل واضح عمل ومهمة الاتحاد الوطني للمرأة الصحراوية—الذي أنشئ في عام 1974 وهو عضو في منظمة المرأة الأفريقية منذ 1980—وهو المنظمة التي تعمل على تحسين حياة المرأة من خلال المساهمة والمشاركة في عمليات صنع القرار السياسي، فضلا عن وضع استراتيجيات في الميادين الاجتماعية ومجالات الصحة والأسرة والتعليم والثقافة. إن الدعوة إلى التحرر التي تطلقهن نسائنا هي في كثير من الأحيان أعلى صوتا من التي يطلقها رجالنا. ونسائنا يتوجهن إليكم ولندوة من هذا النوع لتقوية عزمهن.

السيدات والسادة الأصدقاء،
إن تقرير المصير واستقلال الصحراء الغربية ليسا هدفين للشعب الصحراوي وحده، فهما جزء من النضال المشترك لجميع الأفارقة والنضال ضد الظلم والاستغلال ومن أجل تخليص هذه القارة العظيمة من آخر بقايا الاستعمار.
إننا لنشكركم، إخوتنا الأفارقة، على الدعم الذي قدمتموه لنا، وندعوكم لدعمنا أكثر من أي وقت مضى اليوم وغدا. وإننا لنتطلع أيضا للاتحاد الإفريقي لمواصلة جهوده الحازمة لتخليص القارة من وصمتي الاستعمار والاستغلال، كما نشيد بقرار رؤساء دول الاتحاد الإفريقي خلال القمة الأخيرة المنعقدة في جوهانسبورج الذي دعا الجمعية العامة لتحديد موعد لاستفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية.
إنكم عندما تقفون إلى جانب الصحراء الغربية إنما تقفون إلى جانب جميع ولائك الذين ناضلوا من أجل إنهاء الاستعمار من قارتنا العظيمة. فليس هناك فرق بين جزيرة روبن، حيث قضى نيلسون مانديلا 18 سنة من 27 سنة التي مضاها في السجن، وسجون المملكة المغربية حيث يقبع حاليا العشرات من الصحراويين من غير سبب ومن دون الإجراءات القانونية الواجبة. وليس ثمة فرق بين الألم والعرق والدموع التي سكبها الشعب الناميبي في سعيه لتحقيق حريته والألم والعرق والدموع التي يسكبها الشعب الصحراوي الآن. فالصحراء الغربية هي جنوب أفريقيا، والصحراء الغربية هي ناميبيا والصحراء الغربية هي الجزائروأنغولا وكينيا وغانا وزيمبابوي. والصحراء الغربية هي أفريقيا. إنه لا يمكن فصل نضالنا ضد الاستعمار عن بقية التاريخ الأفريقي. إنهاء الاحتلال المغربي هو نضال جميع الأفارقة لأنه يؤثر علينا جميعا. وبروح القادة الأفارقة مثل سام نجوما ونيلسون مانديلا وكوامي نكروما وجومو كينياتا وجوليوس نيريري وغيرهم، فإننا معا سننتصر.
وشكرا جزيلا لكم." (واص)


090/110