تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الناشط الحقوقي الصحراوي اعلي سالم التامك يؤكد "نجاح المفاوضات المرتقبة بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو يبقى رهينا باحترام المغرب لإرادة الشعب الصحراوي وعدم التنصل والتنكر للشرعية الدولية".

الرباط27/5/2007(واص) أوضح الناشط الحقوقي الصحراوي والمعتقل السياسي السابق في السجون المغربية ان "نجاح المفاوضات المرتقبة بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو يبقى رهينا باحترام المغرب لإرادة الشعب الصحراوي وعدم التنصل والتنكر للشرعية الدولية". وذلك في مقابلة اجرتها معه اسبوعية الوطن المغربية ونشرتها السبت , نوردها كاملة:- سؤال:-بعد عودتكم مباشرة من جولة في الدول الأوربية والإفريقية بادرتم إلى تشكيل لجنة تحضيرية في أفق عقد جمع عام تأسيسي لتجمع المدافعين عن حقوق الإنسان بالصحراء في أي سياق جاءت هذه المبادرة ؟ جواب : إن تشكيل لجنة تحضيرية يعد مبادرة مهمة من سكرتارية تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان، وذلك من أجل التحضير للمؤتمر الأول. هذا التجمع ليس وليد اليوم وإنما كان قائما منذ سنة 2000، و لكن لم تتم هيكلته بشكل رسمي بسبب سياسات المنع و المصادرة الممنهجين ضد حرية التعبير وتأسيس الجمعيات الصحراوية التي تفضح الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالصحراء الغربية، مثلما هو الحال بالنسبة للعديد من اللجان و الجمعيات ذات الأهداف المشتركة و التي شكلت النواة الأولى للحركة الحقوقية بالصحراء الغربية. لقد شكل أعضاء تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان، المعروفين على المستوى الدولي، دوما شاهدا حيا على الفظاعات الجسيمة التي عرفتها و تعرفها المنطقة كما كان دورهم بارزا منذ اندلاع الانتفاضة في 21 ماي 2005، حيث فضحوا ما تعيشه المنطقة يوميا من قتل خارج نطاق القانون، واختطافات وممارسة للتعذيب وإحداث العاهات المستديمة والاغتصابات والمحاكمات الصورية للمدافعين الحقوقيين والسجناء السياسيين وانتهاك حرمات المنازل وعسكرة المنطقة ومحاصرتها، بما في ذلك المؤسسات التعليمية و إتلاف الممتلكات وضرب وتعذيب القاصرين، إضافة إلى منع المنظمات والمراقبين والصحفيين الدوليين من الدخول إلى الإقليم، بل كانوا هم أنفسهم عرضة للتعذيب و الاعتقال و المحاكمات الصورية والمنع من دخول المنطقة والتهجير والطرد في اتجاه موريتانيا والمغرب ....، و هكذا، تأتي هذه المبادرة لتشكل إضافة جديدة و مقاربة نوعية للشأن الحقوقي بالصحراء الغربية. سؤال : اعتبر منبر إعلامي أن مبادرة تأسيس هذا التجمع تدخل في إطار ما أسماه "قيادة الداخل تتشكل"، هل هذا يعني وجود قيادة بالداخل وأخرى بالخارج؟ وكيف تفسرون ظهور بوادر خلاف بين النشطاء الحقوقيين الصحراويين؟ جواب: إن ما يسمى بقيادة الداخل والخارج، يندرج في إطار الحملة الشرسة للدولة المغربية ضد المناضلين الصحراويين المناصرين لجبهة البوليساريو، والتي من جملتها تسويق مفاهيم، مثل " بوليساريو الداخل" و غيرها، وهذه تسميات فضفاضة تظل محكومة بخلفية سياسية تهدف إلى خلق شرخ في كفاح الصحراويين العادل والمشروع، و المتمثل أساسا في الدفاع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره بقيادة جبهة البوليساريو، ممثله الوحيد والشرعي والتاريخي. أما ما أ سميتموه ببوادر خلاف بين الفاعلين الحقوقيين الصحراويين، فيندرج ضمن الحملة الممنهجة السالفة الذكر، والتي تهدف إلى ضرب الحركة الحقوقية الصحراوية في العمق و الإجهاز على مكتسباتها التي حققتها بفضل التضحيات الجسام لمناضليها مجتمعين. و يبقى الاختلاف في معالجة وتدبير قضية حقوق الإنسان بالصحراء الغربية ضروريا وصحيا، لأنه يشكل عاملا أساسيا في إ غناء هذه التجربة و إبرازها، فالحركة الحقوقية الصحراوية هي حركة منفتحة وذات رؤى متباينة. ومختلف فعالياتها ومكوناتها تتوفر على تجربة نضالية مهمة وجديرة بالاحترام، بالرغم من الإكراهات الذاتية والموضوعية، وأخيرا فحقوق الإنسان ليست مجردة. سؤال : رحب المغرب وجبهة البوليساريو بالقرار ألأممي الأخير واعتبره المغرب نصرا دبلوماسيا، ما هي قراءتكم لمضمون هذا القرار؟ وهل تعتقدون أن المفاوضات المباشرة بين الطرفين قد تفضي إلى نتائج إيجابية؟ جواب: إن الدولة المغربية عودتنا دائما في تعاطيها مع مستجدات النزاع بالصحراء الغربية، بالتعامل مع الرأي العام المغربي بنوع من التبليد والاستغباء، والدليل على ذلك ما كانت تسميه سابقا بالاستفتاء التأكيدي ... . أما بخصوص قرار مجلس الأمن 1754 فمضمونه واضح، فقد جاء مخالفا لما كانت تطمح له الدولة المغربية التي قادت حملة دولية واسعة للترويج لمقترح الحكم الذاتي في محاولة لفصل القضية الصحراوية عن سياقها التاريخي والقانوني والأمي واعتبارها قضية داخلية وهي ليست كذلك، فقد ركز القرار على: - جميع القرارات السابقة بشأن الصحراء الغربية. - الدخول في مفاوضات دون شروط مسبقة وبحسن نية مع أخذ التطورات الحاصلة على مدار الشهور الأخيرة في الحسبان من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين بما يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره في سياق ترتيبات تتماشى مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومقاصده. - يطلب من الأمين العام أن يضع هذه المفاوضات تحت رعايته. إذن على أي أسس ارتكز المغرب في تأويل القرار ألأممي، ليعتبره انتصارا دبلوماسيا، إن الانتصار الحقيقي هو انتصار العدل والإنصاف والشرعية الدولية، التي ما فتئت تؤكدها قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي بقيت منذ سنة 1966 تلح وباستمرار على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. فرأي الصحراويين هو الذي يشكل العنصر الأساسي والحاسم في أية تسوية لهذه القضية، و بالتالي فنجاح المفاوضات المرتقبة بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو يبقى رهينا باحترام المغرب لإرادة الشعب الصحراوي وعدم التنصل والتنكر للشرعية الدولية. وعليه فالمفاوضات ليست هدفا في حد ذاتها، بل هي مجرد وسيلة لتحقيق حل عادل ونهائي ودائم للنزاع، ينسجم مع الشرعية الدولية ويضمن استتباب السلم والأمن بالمنطقة. سؤال : وجهت تصريحات السفير الأمريكي بالرباط بانتقادات شديدة ذهب البعض إلى حد اعتبارها متناقضة للموقف الأمريكي الرسمي ما رأيكم؟ جواب: إ ن تصريح السفير الأمريكي بالرباط جاء لوضع حد لمجموعة من المغالطات، لطالما ارتكز عليها الخطاب الرسمي المغربي، كاعتبار النزاع القائم هو نزاع بين الجزائر و المغرب، و ذلك بهدف التشويش والتنكر للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب. لذلك فالسفير الأمريكي وضح جانبا من قرار مجلس الأمن، مؤكدا أن المفاوضات المرتقبة هي بين طرفي النزاع المملكة المغربية و جبهة البوليساريو التي اعتبرها ممثلا وحيدا وشرعيا للشعب الصحراوي. وعليه فالموقف الأمريكي الرسمي من قضية الصحراء الغربية هو واضح، و الدليل على ذلك اتفاقية التبادل الحر الموقعة بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية سنة 2004 التي لا تعترف بسيادة المغرب على إقليم الصحراء الغربية . سؤال : كيف توفقون بين موقفكم الداعي إلى تقرير المصير وبين انتمائكم إلى منطقة غير متنازع عليها؟ جواب : إن مبدأ تقرير المصير هو من المبادئ الأساسية التي ظلت الجمعية العامة للأمم المتحدة تطالب به في جميع قراراتها الصادرة منذ 1966، المتعلقة بقضية الصحراء الغربية، باعتبارها قضية تصفية استعمار و تسويتها لا يمكن أن تمر إلا بتمكين الشعب الصحراوي من اختيار مستقبله السياسي بكل حرية. والمملكة المغربية نفسها عبرت في السابق عن احترامها لتقرير المصير، لكن ليس بالشكل الذي يتم الترويج له الآن. وهنا نستحضر الموقف المغربي والتناقض الذي يختزله. فقد سبق لوزير الخارجية المغربي " محمد الشرقاوي" في الدورة 21 للجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1966 أن أكد على دعم المغرب لاستقلال الصحراء الغربية، حيث قال: "إن الاستقلال ينبغي أن يكون حقيقيا، يضع مستقبل الإقليم بين أيدي سكانه الأصليين من أجل تقرير مصيرهم بكل حرية". كما صرح الملك الراحل الحسن الثاني في الدورة 37 للجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1983، بالقول: "إن المغرب يقول لكم انه يريد الاستفتاء وأنه مستعد لأن يتم تنظيمه غدا إذا أردتم، المغرب مستعد لتقديم كل التسهيلات لدخول المراقبين ولوقف إطلاق النار كيفما تكون تلك الاستشارة عادلة ونزيهة، وأخيرا فإن المغرب يلتزم بصراحة أمامكم باحترام نتائج ذلك الاستفتاء". أما المدن التي لا تدخل ضمن نطاق النزاع فهي أصلا مدن صحراوية، غير أن قوى الاستعمار فرقت فيما بينها، كما اعتبر ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1963، أن الحدود الموروثة عن الاستعمار، هي حدود طبيعية. ويبقى ما تعرض له المواطنون الصحراويون من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان و مشاركة هذه المدن في المعارك النضالية والمظاهرات السلمية المطالبة بتقرير مصير الشعب الصحراوي يؤكد بالملموس المصير المشترك لكل الصحراويين أينما تواجدوا. سؤال : أحداث المواقع الجامعية الأخيرة فجرتها اختلافات بين الطلبة الصحراويين وفصائل أخرى، ما تقييمكم لهذا الوضع؟ جواب : إن ما تعرفه المواقع الجامعية المغربية من احتقان، يأتي في ظرفية سياسية يحاول فيها النظام المغربي لتمرير "مخطط الحكم الذاتي" الرامي إلى الالتفاف على الحق التاريخي للشعب الصحراوي في تقرير المصير، كما يأتي في ظل القمع والتعذيب الذي يطال المواطنين والطلبة الصحراويين بالمواقع الجامعية المغربية، لذلك كان من الطبيعي انخراط الطلبة الصحراويين في الاحتجاجات السلمية المنددة بهذه الانتهاكات. غير أن السلطات المغربية واجهت هذه الحركة الاحتجاجية بالقمع الممنهج الذي أسفر عن إصابة العشرات من الطلبة الصحراويين بجروح متفاوتة الخطورة، استدعت إجراء عمليات جراحية للبعض منهم ، كحالة المناضلة الصحراوية " سلطانة خيا " التي فقدت عينها اليمنى بسبب التعذيب من قبل عناصر من الأمن بمراكش، وبالرغم من ذلك لم تتناول، مع الأسف، الصحافة المغربية، خاصة المتميزة منها، ما تعرضت له من عمل إجرامي. بل باشر البعض منها حملة شعواء في محاولة لتحوير وجهة الصراع الحقيقية للنضال الوطني الصحراوي والتشويش على بعده التحرري وإعطائه بعدا عنصريا وشوفينيا والتركيز على مصادمات هامشية عرضية والإمعان في النفخ فيها والتسويق لها، لكن على العكس من ذلك، فالصحراويون لا يمتلكون ذاكرة مثقوبة بل يسجلون بكثير من الإجلال والعرفان، ويحترمون، مواقف القوى الديمقراطية الجذرية (النهج الديمقراطي والجمعية المغربية لحقوق الإنسان ...) وذوي الضمائر الحية من الشعب المغربي، الذين قدموا تضحيات جسام (شهداء واعتقالات ونفي...) دفاعا عن حق الشعب الصحراوي في الوجود. وكان حريا ببعض وسائل الإعلام التي تحترم نفسها وتنسجم مع دورها المهني، أن تتطرق إلى حملة القمع الشرسة ضد المواطنين الصحراويين والاعتقالات والمحاكمات الصورية التي يتعرض لها الطلبة والسجناء السياسيين الصحراويين. بدلا من إثارة الأحقاد ومحاولة التأثير على علاقات الجوار والود والاحترام المتبادل بين الشعبين الشقيقين المغربي والصحراوي. (واص)